الحديث الثالث : في قضاء رمضان .
عن أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها و عن أبيها – أنها قالت :
" كان يكون عليّ الصوم من رمضان ،
فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان "
([1]) [ رواه البخاري و مسلم ]
*** *** ***
الحديث دليل على أن من أفطر في رمضان
لعذر من مرض أو سفر أو حيض أو نفاس أو غير ذلك ، أن عليه القضاء ،
و أنه لا يجب القضاء على الفور ، بل وجوبه على التراخي ،
فيجوز لمن عليه أيام من رمضان أن يؤخر القضاء إلى شعبان ؛ لفعل عائشة رضي الله عنها ،
و لو كان التأخير غير جائز لما فعلته رضي الله عنها و واظبت عليه ؛
لأن الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم على ذلك .
و المبادرة بالقضاء أولى من التأخير ؛ لأن ظاهر صنيع عائشة رضي الله عنها إيثار المبادرة ،
حيث اعتذرت عن تأخير القضاء بكونها لا تستطيع ،
و لو استطاعت لما أخرته إلى شعبان .
و المبادرة بالقضاء فيها مسارعة لإبراء الذمة . و الاحتياط في الدين ،
و قد ينسى الإنسان لا سيما إذا كانت الأيام قليلة .
و المبادرة بالقضاء داخلة في عموم الأدلة الدالة على المسارعة إلى عمل الخير .
قال الحق سبحانه و تعالى :
} وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ { ([2]).
وقال جلّ فى علاه سبحانه و تعالى :
} أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ { ([3]).
و لا يجب التتابع في القضاء بل يجوز القضاء متتابعاً و مفرقاً ،
لقوله جلّ مِن قائل سبحانه و تعالى :
} فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ { ([4])