09-19-2010, 01:03 AM
|
|
فرسان الاسلام حينما أمر أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى اللهعليه وسلم قائد جيوشه خالد بن الوليد بالتوجه إلىالعراق لمواجهة جيوشالفرس ،طلب خالد أن يمده بجنود إضافيين من المسلمين بعد أن استشهد عدد كبير منأفراد جيشه في حرب الردة. فأمده أبو بكر بالقعقاع بن عمرو التميمي ،فقيل له : أتمد رجلا انفض عنه جنوده برجل ؟ فقال أبو بكر : لا يُهزَم جيش فيهم مثل هذا ، وكانالقعقاع أحد فرسان العرب وشعرائهم وشهد أكثر الفتوحات الإسلامية في العراقوالشام. وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما : ما أعددت للجهاد ؟ فقال : طاعةالله ورسوله والخيل. وفي موقعة ذات السلاسل التي كان يقود الفرس فيها قائدهمهرمز تقابل المسلمون والفرس في كاظمة ، وخرج هرمز من بين صفوف جنده ونادىبالنزالفمشى إليه خالد بن الوليد. واحتضنه خالد فهجم جند فارس يريدون قتل خالدوتخليص هرمز من قبضته. ولكن القعقاع لم يمهلهم فقد حمل عليهم بسيفه وصال وجال فيرقابهم ، والمسلمون خلفه ، فانهزم جند فارس وفروا من أمامهم فطاردهم المسلمون وركبواأكتافهم إلى الليل. ولما حقق خالد انتصاراتهعلى قواد الفرس وغادر الحيرة قاصداالأنبار خلف على الحيرة فارس العرب القعقاع بن عمرو لحمايتها من أية غارات محتملةمن الفرس. ولم تدم إقامةالقعقاع في الحيرة ، فما هي إلا أيام حتى استدعاه خالدليقود هجوم المسلمين على الروم في معارك اليرموك ومعه عكرمة بن أبي جهل ، وقد حققالجيش الإسلامي في اليرموك نصرا ساحقا على الروم. دائما فيالمقدمة إننا نرى القعقاع في كل موقعة يشتد فيها القتال سواء مع الفرس أوالروم ، فهو كما قال عنه أبو بكر لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمرو التميمي. فقدأرسلعمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين إلى قائد جيوشه في الشام أبي عبيدة بنالجراح أن يرسل الجند الذين جاؤوه من العراق مع خالد بن الوليد إلى سعد بن أبيوقاصليكونوا عونا له في فتح بلاد فارس. وكان عددهم ستة آلاف منهم خمسة آلاف منربيعة ومضر، وألف من اليمن. وكان أمير الجيش هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وعلىمقدمته القعقاع بن عمرو ، وحينما وصل القعقاع إلى القادسية أراد أن يكون وصوله نذيرشؤم على الفرس، وأن يبث الرعب في قلوبهم، ويوقع في ظنهمأن المدد الذي جاء لجيشالمسلمين من الشام جيش كبير العدد والعدة، فعهد إلى أصحابه وكانوا ألف جندي أنيقسموا أنفسهم إلى أعشار، بحيث يتقدمونعشرة عشرة مثيرين زوبعة من التراب وكأنالعشرة مائة، ونفذوا خطته. وكلما وصل عشرة إلى مشارف الفرس جاء بعدهم عشرة آخرون. ثم أثار الحمية في نفوسجنوده وتقدمهم إلى الفرس ونادى : من يبارز؟ فبرز إليه رجلمن الفرس. فقال له القعقاع : من أنت؟ قال: أنا بهمن جادويه (أحد قواد الفرس) فنادىالقعقاع : يالثارات أبي عبيدة وسليط وأصحاب الجسر، وكان الفرس قتلوا آلافالمسلمين في معركة الجسر. وهجم القعقاع على جادويه فقتله. ونشط فرسان المسلمينفأصابوا عدوهم. ثم استمر القتال إلى الليل وفي صباح اليوم التالي نادى القعقاع : من يبارز؟ فخرج إليه اثنان هما البيرزان والبندوان ، فانضم إلى القعقاع الحارث بنظبيان. فبارز القعقاع البيرزان فضربه بسيفه فأطار رأسه. وبارز ابن ظبيانالبندوان فضربه فأطار رأسه. وصاح القعقاع في المسلمين : باشروهم بالسيوف، فإنما يحصدالناس بها . ثم خرج الناس من كل ناحية وبدأ الطعان والضرب بالسيوف. وحمل بنو عمالقعقاع يومئذ عشرة عشرة على عدوهم ومعهم إبل مجللة مبرقعة تشبه الفيلة التييستعملها الفرس في حربهم ، ولقي أهل فارس من الإبل يوم (أغواث) أي في ذلك اليومالذي سمي بيوم أغواث أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة يوم أرماث القعقاعبن عمرو التميمي فارس لا ينام ولا يغمض له جفن، فهو في الليل عابد مجتهد في طاعةالله ، وفي النهار بطل مغوار ينتدبه سعد بن أبي وقاص للمهام الصعبة ، فقد أرقت سعدتلك الفيلة التي استعان بها الفرس في القتال. فسأل جماعة من الفرس ممن أسلموا عنكيفية قتل الفيلة. فقالوا إن مقاتلها في المشافر والعيون. فأرسل إلى القعقاع بنعمرو وشقيقه عاصم.. وقال لهما : “اكفياني الفيل الأبيض. وأرسل إلى حمال والربيلالأسديين : اكفياني الفيل الأجرب. وكانت الفيلة جميعها تتبع الفيلين: فأخذالقعقاع وعاصم رمحين ووضعاهما في عيني الفيل الأبيض فنفض رأسه وطرح سائسه أرضا ودلمشفره فضربه القعقاع بسيفه فسقط على جنبه. وكذلك فعل حمال والربيل مع الفيلالأجرب الذي ما إن ضربه الربيل في مشفره حتى وثب الى نهر العتيق وتبعته الفيلةتخترق صفوف الفرس وألقت على الأرض من عليها ، وظلت في طريقها حتى وصلت إلىالمدائن. ذكاء وحكمة ومرة أخرى ينفرد القعقاع برأيه ويقهر جنودالفرس. فبعد ثلاثة أيام من حرب القادسية وفي ليلة رابع يوم من الحرب خشي سعد أنيأتيه العدو من مخاضة في أسفل عسكره ، فأرسل جماعة من جنده إلى المخاضة حتىيؤمنوها ولما وصلوا لم يجدوا أحدا وفكروا في أن يهاجموا الفرس من خلفهم ، وفعلواوكبر المسلمون تكبيرة روعت الفرس بينما ظن الجيش الإسلامي أن الفرس هاجمواالجماعة التي أرسلت إلى المخاضة ، ولهذا فإن أفرادها يكبرون مستغيثين ، ورأى القعقاعجنود فارس يزحفون نحو المجموعة الإسلامية التي بدأت تناوش الفرس في المخاضة. فزحف عليهم القعقاع من دون أن يستأذن سعد بن أبي وقاص ورأى سعد القعقاع يزحف عليهمفقال : اللهم اغفرها له وانصره، فقد أذنت له ، وإن لم يستأذني. واستقبلالمسلمون الفرس بالسيوف ، وخالطوهم. فكان للسيوف قعقعة كأنها صوت مطارق الحدادين. وبات سعد ليلة لم يبت مثلها وانقطعت الأخبار عن سعد وعن رستم قائد الفرس ، وأقبلسعد على الدعاء حتى إذا كان وجه الصبح علم أن المسلمين هم الأعلون وأن الغلبة لهم. وكان الناس لم يناموا ليلتهم ، واشتد بهم التعب فسار القعقاع فيهم وقال : إنالدائرة بعد ساعة على من بدأ النوم ، فاصبروا ساعة واحملوا فإن النصر مع الصبر. فاجتمع إليه رؤساء الجند وحملوا على من يليهم ، واقتتلوا أشد قتال إلى الظهيرةوحينذاك بدأ الخلل في صفوف الفرس. وهبت ريح عاصفة أطارت سرير رستم ، ورمى رستمبنفسه في العقيق (نهر ضحل) ورآه هلال أحد رجال القعقاع بن عمرو فعرفه واقتحم النهروراءه ثم أمسك به وخرج به من النهر ثم ضرب جبينه بالسيف فقتله. لم تنتهمعارك سعد وقائد قلب هجومه القعقاع بن عمرو مع الفرس ، فبعد هزيمة الفرس في المدائنتجمعوا في جلولاء على بعد أربعين ميلا شمال المدائن وحفروا خندقا كبيرا واسعاأحاطوه بالحسك. وندب سعد بن أبي وقاص لحربهم هاشم بن عتبة وعلى مقدمة جيشه القعقاعبن عمرو، وبعد قتال مرير زحف القعقاع إلى باب الخندق فأخذ به وأمر مناديا فنادى:يا معشر المسلمين هذا أميركم قد دخل خندق القوم وأخذ به فأقبلوا إليه ، ولا يمنعنكممن بينكم وبينه من دخوله ، وحمل المسلمون حتى انتهوا إلى باب الخندق ، فإذا همبالقعقاع بن عمرو قد أخذ به. فهجم المسلمون على عدوهم ولم يفلت من الفرس إلاالقليل. وقتل منهم يومئذ نحو مائة ألف رجل. وعاش القعقاع حتى شهد الفتنةالتي حدثت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ومبايعة علي . ثم ما كان من مطالبةعلي بقتل من شاركوا في قتل عثمان وكان على رأس هؤلاء عائشة أم المؤمنين وكانالقعقاع مع علي بن أبي طالب ويرى مصالحة القوم. واختاره علي بن أبي طالب كرم اللهوجهه للسفارة بينه وبين أهل البصرة الذين تجمعوا للمطالبة بدم عثمان. وكان مماقاله القعقاع لهم : إن أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر واعتسافه كانت علامة شر وذهاب هذاالثأر فآثروا العافية ترزقوها ، وكونوا مفاتيح الخير ، ولا تعرضونا للبلاء، ولاتتعرضوا له فيصرعنا ويصرعكم. وأشرف القوم على الصلح، ولكن قوما لم يطمئنوا إلى حقنالدماء فأشعلوا الحرب.
__________________ |