الملك المظفر سيف الدين قطز
(توفي 24 أكتوبر 1260) هو ثاني سلاطين المماليك الأتراك، تولى الملك سنة 657 هـ. يعتبر أبرز ملوك الدولة المملوكية على الرغم أن فترة حكمة لم تدم سوى عاماً واحداً، لأنه استطاع أن يوقف زحف المغول الذي كاد أن يقضى على الدولة الإسلامية وهزمهم هزيمة منكرة في معركة عين جالوت، ولاحق فلولهم حتى حرر الشام.
مصدر اسمه
اسمه الحقيقي هو محمود بن ممدود أمير من أمراء الدولة الخوارزمية قبض عليه المغول إثر تحطيمهم الدولة الخوارزمية وباعوه في سوق النخاسة في بلاد الشام كعبد دليل لكنه تميز عن غيره من العبيد بنخوة وأنفة صادرة من كونه تربى أميرا في القصور ونظرا لشراسته في مواجهة آسريه المغول أطلقوا عليه اسم قطز وهو الكلب الشرس باللغة المغولية. أما كنيته سيف الدين فقد لقب به إثر اعتلاءه عرش المماليك في مصر. و لقبه الملك المظفر فقد ناله عن جدارة واستحقاق بعد تغلبه العظيم على التتار في معركة عين جالوت لتكون المعركة التي كسرت هجومهم الشرس الذي كاد يقضى على الدولة الإسلامية بكاملها.إلا أن ألقاب ملوك دولة المماليك كان الملوك أنفسهم يختارونها و يطلبون المناداة بها قبل التنصيب و لقب المظفر منهم إذ اختاره قطز لنفسه وأرسل به( فارس الدين أقطاي) ليبلغه للفقيه ( العز بن عبد السلام ) لينادي له من علي منبره و كذلك فعل (العز) لقناعته بعدم أهلية (نور الدين علي) للحكم.
من هو؟
قام الأمير عز الدين أيبك بتعيين قطز وصياً على العرش. اغتيل أيبك عام 1257 م، فعين ابن أيبك -والذي كان طفلاً- حاكماً لمصر، قام قطز بخلعه وإقناع بقية أمراء ووجهاء الدولة بأنه فعل ذلك للتجهيز والتوحد ضد الخطر المحدق بالدولة المملوكية بشكل خاص والمسلمين بشكل عام. كان الوضع النفسي للمسلمين سيئا للغاية وكان الخوف من التتار مستشريا في جميع طبقات المجتمع الإسلامي وقد أدرك قطز ذلك وعمل على رفع الروح المعنوية لدى المسلمين. استمال قطز منافسيه السياسيين في بلاد الشام وحاول ضمهم إلى صفوفه وكان ممن انضم معه بيبرس البندقداري الذي كان له دور كبير في قتال التتار فيما بعد.
كان المشهد الأخير من قصة بطل معركة عين جالوت حزينا مثيرا للشجن والتأمل، فبينما كان السلطان المظفر سيف الدين قطز في طريقه إلى القاهرة التي كانت تنتظره بالزينات وتستعد لاستقباله بما يليق، كان القدر يخفي له مؤامرة نفذها شركاؤه في النصر الذين استكثروا عليه أن يرى نشوة النصر في عيون مستقبليه، ويستشعر عظمة ما صنع لأمّته، فلقي حتفه على يد بيبرس في الصالحية في (16 من ذي القعدة 658هـ = 23 من أكتوبر 1260م). ويبدو للناظر في حوليات التاريخ التي احتفظت بتفاصيل حياة هذا البطل أنه قد جاء لأداء مهمة عظيمة ومحددة، فما إن أداها على خير وجه حتى توارى عن مسرح التاريخ بعد أن خطف الأبصار وجذب الانتباه إليه على قِصر دوره التاريخي، لكنه كان عظيما وباقيا، فاحتل مكانته بين كبار القادة وأصحاب المعارك الكبرى.
والتاريخ لا يعتد بحساب الأزمان والأيام، وإنما يعتد بحجم التأثير الذي يتركه الرجل وإن كانت حياته قصيرة؛ فكثير من خلفاء المسلمين وحكامهم أمضوا عشرات السنين دون أن يلتفت إليهم التاريخ أو ترتبط حياتهم بوجدان الناس ومشاعرهم، والدليل على ذلك أن عمر بن عبد العزيز تبوأ مكانته المعروفة في التاريخ بسنتين ونصف قضاهما في الحكم، وبقي ذكره حيا في القلوب، وعنوانا للعدل والإنصاف.
من الرق إلى الإمارة
تروي المصادر التاريخية أن الاسم الأصلي لسيف الدين قطز هو "محمود بن ممدود"، وأنه ابن أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه الذي تصدى بعد أبيه لهجمات المغول، وحقق عدة انتصارات عليهم، واسترد منهم بعض المدن التي استولوا عليها، لكنه لم يجد عونًا من الدولة العباسية، فتركته يصارعهم دون أن تمد إليه يدًا، حتى نجحت جحافل المغول سنة (628هـ = 1231م) في القضاء على دولته التي كانت تقع في إقليم كرمان الحالي في جنوبي إيران، ثم لقي حتفه وحيدًا شريدًا على يد أحد الأكراد.
كان قطز من بين الأطفال الذين حملهم المغول إلى دمشق وباعوهم إلى تجار الرقيق، ومضت حياته مثل غيره من آلاف المماليك الذين حملت مواهب بعضهم إلى القمة وتولي السلطة، أو قد تقصر مواهبهم فتبلغ بهم إلى أمير خمسة، أو تعلو قليلاً فيصبح أمير طبلخانة.
وتقص علينا المصادر التاريخية أن قطز كان مملوكًا في "دمشق" ضمن مماليك ابن الزعيم، ثم انتقل إلى القاهرة، وأصبح من جملة مماليك عز الدين أيبك التركماني، وترقى عنده حتى صار أكبر مماليكه وأحبهم إليه وأقربهم إلى قلبه.
ظهوره على مسرح الأحداث
بعد نهاية الحكم الأيوبي في مصر اتفقت كلمة المماليك على اختيار شجرة الدر سلطانة للبلاد، في سابقة لم تحدث في التاريخ الإسلامي إلا نادرًا، غير أن الظروف لم تكن مواتية لاستمرارها في السلطنة، على الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة، فلم تجد بُدًّا من التنازل عن الحكم للأمير "عز الدين أيبك" أتابك العسكر الذي تزوجته وتلقب باسم الملك المعز.
ولم تسلس القيادة للسلطان الجديد في ظل ازدياد نفوذ زعيمهم "أقطاي" الذي تمادى في الاستخفاف بالملك المعز، ولا يظهر في مكان إلا وحوله رجاله ومماليكه في أبهة عظيمة كأنه ملك متوج، وبالغ في تحقيره للسلطان فلا يسميه إلا "أيبك"، وتطلعت نفسه إلى السلطنة، فاستشعر السلطان الخوف على عرشه بعد أن اشتد بغي أقطاي وكثرت مظالمه واستهانته بالرعية، فعزم على التخلص منه، وأعد خطة لذلك اشترك في تنفيذها أكبر مماليكه (قطز)، فكان ذلك أول ظهور له على صفحات التاريخ. ومن تلك اللحظة بدأ يشق طريقه نحو المقدمة.
الطريق إلى السلطنة
هيأت الأقدار الطريق لقطز لكي يصل إلى الحكم، فلم يكد يهنأ الملك المعز بالتخلص من غريمه أيبك ويقبض على بعض المماليك البحرية ويجبر بعضهم على الفرار من مصر، حتى دب صراع بينه وبين زوجته شجرة الدر، انتهى بمقتلهما، وتولى "نور الدين علي بن المعز أيبك" السلطنة، لكنه كان صبيًا يلهو ولا يصلح لمباشرة الحكم وتحمل المسئولية. وأصبحت مقاليد البلاد في يد "سيف الدين قطز" الذي بدأ نجمه في الظهور، وقام بنشر الأمن في البلاد والقضاء على المحاولات الفاشلة للأيوبيين لاسترداد مصر من أيدي المماليك، فزاد ذلك من قوة إحكامه على البلاد.
ثم جاءت اللحظة الحاسمة ليقوم قطز بما ادخره له القدر من الشرف العظيم وتخليد اسمه بين كبار القادة والفاتحين، فكانت الأخبار السيئة تتوالى على القاهرة بسقوط بغداد وقتل الخليفة المستعصم بالله، وتحرك جحافل المغول نحو الشام التي تساقطت مدنها الكبرى في يد هولاكو. كانت هذه الأنباء تزيد القلق في مصر التي كانت تخشى عاقبة مصير الشام، في الوقت الذي كان فيه السلطان الصبي غافلاً، يقضي وقته في ركوب الحمير والتنزه في القلعة، ويلعب بالحمام مع الخدم!.
الاجتماع المصيري
أفاق الملك الناصر صاحب حلب ودمشق على الحقيقة المرة، وأدرك أهداف المغول، وهو الذي راسلهم ليضع يده في أيديهم ليساعدوه في استرداد مصر، فبعث بـ"ابن العديم" المؤرخ المعروف إلى مصر ليستنجد بعساكرها. فلما قدم إلى القاهرة عقد مجلسًا بالقلعة حضره السلطان الصبي وكبار أهل الرأي من الفقهاء والقضاة وفي مقدمتهم الشيخ "العز بن عبد السلام"، فسأله الحاضرون من الأمراء عن أخذ الأموال من الناس لإنفاقها على الجنود، فأجابهم بقوله: "إذ لم يبق شيء في بيت المال، وأنفقتم ما عندكم من الذهب والنفائس، وساويتم العامة في الملابس سوى آلات الحرب، ولم يبق للجندي إلا فرسه التي يركبها – ساغ أخذ شيء من أموال الناس في دفع الأعداء"، واتفق الحاضرون على ضرورة المقاومة والجهاد.
لم يعد أمام قطز بعد أن ازداد خطر المغول، وأصبحوا على مقربة من مصر سوى خلع السلطان الصبي، فانتهز فرصة خروج الأمراء إلى الصيد في منطقة العباسية بالشرقية، وقبض على الملك المنصور واعتقله بالقلعة هو وأسرته في (24 من ذي القعدة 657هـ = 12 من نوفمبر 1259م)، وأعلن نفسه سلطانًا، وبدأ في ترتيب أوضاع السلطنة، واسترضى كبار الأمراء بأنه لم يقدم على خلع السلطان الصبي إلا لقتال المغول؛ لأن هذا الأمر لا يصلح بغير سلطان قوي، ومنّاهم بأن الأمر لهم يختارون من يشاءون بعد تحقيق النصر على العدو، وبدأ في اختيار أركان دولته وتوطيد دعائم حكمه استعدادًا للقاء المغول.
رسل المغول
وبعد توليه السلطنة بقليل جاء رسل المغول يحملون رسائل التهديد والوعيد، ولم يكن أمام قطز: إما التسليم -مثلما فعل غيره من حكام الشام- أو النهوض بمسئوليته التاريخية تجاه هذا الخطر الداهم الذي ألقى الفزع والهلع في القلوب، فجمع قطز الأمراء وشاورهم في الأمر فاتفقوا على قتل رسل المغول؛ قطعًا لتردد البعض في الخروج للقتال، وإشعارا للعدو بالقوة والتصميم على القتال، وبعد قتل الرسل بدأ السلطان في تحليف الأمراء الذين اختارهم، وأمر بأن يخرج الجيش إلى الصالحية، ونودي في القاهرة وسائر إقليم مصر بالخروج إلى الجهاد في سبيل الله ونصرة الإسلام.
وفي هذه الأثناء كان الأمير بيبرس البندقداري قد قدم إلى مصر بعد أن طلب الأمان من الملك المظفر قطز، ووضع نفسه تحت تصرفه في جهاده ضد المغول، فأنزله السلطان بدار الوزارة، وأحسن معاملته، وأقطعه قليوب ومناطق الريف المجاورة لها.
اللقاء الحاسم في عين جالوت
سار السلطان قطز بجيوشه بعد أن هيأها للجهاد، وبذل الأرواح في سبيل نصرة الله؛ فوصل غزة، ثم اتخذ طريق الساحل متجهًا نحو بحيرة طبرية، والتقى بالمغول، وكانوا تحت قيادة "كيتوبوقا" (كتبغا) في معركة فاصلة في صباح يوم الجمعة الموافق (25 من رمضان 658هـ = 3 من سبتمبر 1260) عند عين جالوت من أرض فلسطين بين بيسان ونابلس، وانتصر المسلمون انتصارا هائلاً بعد أن تردد النصر بين الفريقين، لكن صيحة السلطان التي عمت أرجاء المكان "وا إسلاماه" كان لها فعل السحر، فثبتت القلوب وصبر الرجال، حتى جاء النصر وزهق الباطل.
وأعاد هذا الظفر الثقة في نفوس المسلمين بعدما ضاعت تحت سنابك الخيل، وظن الناس أن المغول قوم لا يُقهرون، وكان نقطة تحول في الصراع المغولي الإسلامي، فلأول مرة منذ وقت طويل يلقى المغول هزيمة ساحقة أوقفت زحفهم، وأنقذت العالم الإسلامي والحضارة الإنسانية من خطر محقق.
وكان من شأن هذا النصر أن فر المغول من دمشق وبقية بلاد الشام إلى ما وراء نهر الفرات، ودخل السلطان قطز دمشق في آخر شهر رمضان وأقام بقلعتها، وفي غضون أسابيع قليلة تمكن من السيطرة على سائر بلاد الشام، وأقيمت له الخطبة في مساجد المدن الكبرى حتى حلب ومدن الفرات في أعالي بلاد الشام، وتمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد، وبعد أن اطمأن إلى ما فعل قرر العودة إلى مصر في (26 من شوال 658هـ = 4 من أكتوبر 1260م).
النهاية الأليمة
ولما بلغ السلطان قطز إلى بلدة "القصير" من أرض الشرقية بمصر بقي بها مع بعض خواصه، على حين رحل بقية الجيش إلى الصالحية، وضربت للسلطان خيمته، وهناك دبرت مؤامرة لقتله نفذها شركاؤه في النصر، وكان الأمير بيبرس قد بدأ يتنكر للسلطان ويضمر له السوء، وأشعل زملاؤه نار الحقد في قلبه، فعزم على قتل السلطان، ووجد منهم عونًا ومؤازرة، فانتهزوا فرصة تعقب السلطان لأرنب يريد صيده، فابتعد عن حرسه ورجاله، فتعقبه المتآمرون حتى لم يبق معه غيرهم، وعندئذ تقدم بيبرس ليطلب من السلطان امرأة من سبى المغول فأجابه إلى ما طلب، ثم تقدم بيبرس ليقبل يد السلطان شاكرًا فضله، وكان ذلك إشارة بينه وبين الأمراء، ولم يكد السلطان قطز يمد يده حتى قبض عليها بيبرس بشدة ليحول بينه وبين الحركة، في حين هوى عليه بقية الأمراء بسيوفهم حتى أجهزوا عليه، وانتهت بذلك حياة بطل عين جالوت.
وذكر المؤرخون أسبابًا متعددة لإقدام الأمير بيبرس وزملائه على هذه الفعلة الشنعاء، فيقولون: إن بيبرس طلب من السلطان قطز أن يوليه نيابة حلب فلم يوافق، فأضمر ذلك في نفسه. ويذهب بعضهم إلى أن وعيد السلطان لهم وتهديدهم بعد أن حقق النصر وثبّت أقدامه في السلطة كان سببًا في إضمارهم السوء له وعزمهم على التخلص منه قبل أن يتخلص هو منهم، وأيًا ما كانت الأسباب فإن السلطان لقي حتفه بيد الغدر والاغتيال، وقُتل وهو يحمل فوق رأسه أكاليل النصر.
تحليل واقعة قتل قطز :
يجب أن يتجرد التاريخ من كل ما هو رأي عاطفي و يكون حذر جدا فيما يتعلق بوجهات النظر الشخصية التي يفرضها المؤرخون بل يجب بالأحري أن لا يسهب المؤرخون في عرض وجهات النظر الشخصية و تلك هي أمانة التاريخ و المؤرخ ، و إذا تعرضنا لموضوع مابعد (مرج دابق) لوجدنا أنفسنا في حيرة شديدة ، هذه الحيرة لا تحسم إلا بتحييد الآراء الأسطورية القائمة علي الإعجاب الشخصي بشخصية ما و الميل الهوائي لنصرتها. و دخولا في الموضوع فبيبرس قتل قطز, نعم ، و لكن هل يعني ذلك أن بيبرس شخصية مجرمة علي الإطلاق؟ سيكون الجواب حتما بلا إذا ما سردنا تاريخ بيبرس و كذلك إنجازاته العسكرية و العلمية التي أسهمت في نهضة البلاد حين أصبح سلطانا بعد قتله الملك المظفر قطز . فأولا هروب بيبرس إلي بادية الشام كان للهرب من بطش صديقه قطز الذي قام بقتل القائد العام للمماليك البحرية (فارس الدين أقطاي)و هو الرئيس المباشر لبيبرس بأمر من السلطانة (شجر الدر) ! و قد هرب بيبرس إلي خارج مصر لإحساسه بالخطر علي حياته من بطش قطز في ذلك الحين .و بالفعل بطش قطز بـ(شجر الدر) أيضا ووطد الأمر لـ(علي نور الدين) ابن المعز أيبك الذي كان حدثا غير مؤهل للحكم و لكن قطز ظل يحكم بالفعل في وجود علي نور الدين حتى وصل المغول إلي العراق و قتلوا الخليفة العباسي (المستعصم) بل و قتلوا معه أكابر القوم و سبوا نساءهم و هنا فكر (المظفر قطز ) في الاستقلال بالحكم فأطاح دون إيذاء بعلي نور الدين و نادي له الفقهاء من علي المنابر بأمر السلطنة بعد عزل علي فأصبح (السلطان المظفر قطز) و اتخذ (سيف الدين أقطاي) وزيرا له وهو يحمل اسما شبيها لقائد المماليك البحرية الذي قتله من قبل . و أخذ حينئذ في الإعداد لحرب المغول (مما يعكس أيضا أنه لم يقتل لكونه مجرم) بينما شاركه هذه الفكرة في نفس التوقيت ولكن من مكان آخر الصديق القديم له وزميل الجيش والند له في قوات المماليك البحرية (ركن الدين بيبرس البندقداري) الذي كان يتحصن ببيداء الشام مع بضع مئات من أتباعه و منهم (سيف الدين قلاوون)الامر الذي كان يسبب القلق لإمارات الصليبيين والمغول أحيانا كثيرة حين يغير بيبرس بقواته علي مخازنهم و عتادهم مساعدا بذلك إخوانه من المسلمين الواقعين تحت وطأة الاحتلال أو الحصار و قد كان له دور في تعزيز قوة احتمال و صمود إمارة(ميافارقين) التي حاصرها المغول إلي أن سقطت في يدهم بعد ثلاث سنوات من الحصار . وهنا طلب بيبرس من قطز التوحد ثانية من أجل ملاقاة المغول و كان الأمر بالفعل أن انتقل بيبرس مع قواته إلي مصر من جديد و شارك قطز في خطة (عين جالوت) بفلسطين وتم النصر الساحق للمسلمين و أسر قائد جيوش المغول و صفي و تلميذ هولاكو خان (كاتبغا) و كانت جيوش المسلمين في طريق العودة إلي القاهرة لإقامة أفراح النصر و هنا بدأت قصة قتل المظفر قطز علي يد بيبرس و تلك هي الأسباب المتاحة من واقع الأحداث الثابتة,1- بعد تحقيق النصر علي المغول كان قطز قد وعد بيبرس بولاية حلب حال الانتصار و لكنه لم يفعل مما يقال أنه أثار حفيظة بيبرس فأسر النية بقتل قطز ، 2- إضافة إلي الثأر القديم الذي يبدو أن بيبرس لم ينسه و هو قيام قطز بقتل قائد المماليك البحرية و قائده (سيف الدين أقطاي) 3-إضافة إلي الندية الطبيعية التي كانت بينهما أيام كان كلا منهما قائدا لفريق ، فعلي المماليك المعزيين كان قطز و علي اللماليك البحرية كان بيبرس وكان من الصعب عليهما أن يأمن أحدهما الآخر نظرا لما عاشاه من تجارب الفتن و القتل الذي تورطا فيه كليهما مضطران. إلا أن كلاهما قد وقعا في الخطأ حينما قتل قطز فارس الدين اقطاي التركمان و أخطأ بيبرس حينما قتل قطز غدراً. ويجدر الإشارة هنا إلي أن ما فعلاه الملكين قد يشفع لكليهما بعض الشيء, ولكن يبقي التاريخ يذكر ذلك الحدث علي انه من اغرب ما قد يحدث لأثنين عظماء.