09-21-2010, 10:33 PM
|
|
وضعية المرأة في التشريعات والمجتمعات العربية!! . بقلم: د. عبدالحميد الانصاري مر يوم المرأة العالمي سريعا -٨ مارس من كل عام- وهو يوم اقره المجتمع الدولي تقديرا لمكانة المرأة، واعترافا بدورها الحيوي في الاسرة وفي المجتمع وفي كافة المناشط المجتمعية، بل وفي صنع الحياة وجعلها اجمل وابهى.
يأتي هذا اليوم من كل عام، كاعتذار بسيط من المجتمع الدولي عن تقصيره في الوفاء بحقوق المرأة. هذا الكائن الجميل الذي يضحي كثيرا ويتحمل كثيرا ويتسامح كثيرا ولكنه يعطي الكثير بالرغم من كل المعاناة والقسوة والجحود والنكران.
لقد احتفى العالم بيوم المرأة العالمي، وكذلك العالم العربي، ولكن شتان بينهما، احتفى العالم بيوم المرأة من اجل تحسين اوضاعها وتمكينها وتذليل المعوقات والعقبات في طريقها والقضاء على التمييز ضدها، ولكن العالم العربي احتفل بيوم المرأة وفق ثقافة تقليدية درج عليها عقودا من السنين لا تضيف شيئا الى مكتسبات المرأة العربية.
العالم العربي احتفل بالمناسبة بطريقته الخاصة وطبقا لمفاهيمه ونظرته. الى الاخر الغربي، لقد كان هاجس الاخر الغربي هو الحاكم لطريقة تفكيرنا بيوم المرأة، فتبارى المتحدثون وعبر خطب حماسية وندوات جماهيرية- ليحدثوننا عن مكانة المرأة في الاسلام وعن حقوقها قبل ٤١ قرنا وقبل الحضارة الغربية التي لم تعط المرأة حقوقها السياسية الا مؤخرا وكل ذلك في تجاهل تام لاوضاع المرأة العربية المتردية وفي تجاوز للتشريعات العربية التي تكرس التفرقة بين الجنسين في كافة المجالات.
قفز خطباؤنا الى الماضي الزاهر وتجاوزوا الحاضر البائس ليبرروا تخلف وضعية المرأة العربية، وهي عملية مريحة للنفس ومقارنة خادعة للذات، تعفيها من المسئولية وتقنعها بأن وضعها هو الافضل ولكنها لا تضيف شيئا الى رصيد المرأة.
وفي اطار نشاط رابطة حقوق الانسان بكلية القانون بجامعة قطر للاحتفال بالمناسبة، حضرت ندوة عن حقوق المرأة، وتوقعت ان يكون الحديث عن وضعية المرأة في التشريعات العربية ولكن المحاضرين الفاضلين سرحا بعيدا وظنا ان واجبهما الدفاع عن الاسلام تجاه الهجمة الغربية بإعادة تأكيد ماقرره الاسلام للمرأة من حقوق لا تحظى بها المرأة الغربية!! حسنا هذه المقارنات الخادعة تريحنا ولكن ماذا عن وضعية المرأة في المجتمع التشريعي؟؟ والى متى سيستمر المتحدثون اسرى هاجس الاخر التآمري؟! المنهج التبريري والخطاب الدفاعي لن يحسنان وضع المرأة العربية مطلقا ولكنهما يدغدغان العواطف الجماهيرية فحسب.لا زالت المرأة العربية في التشريعات العربية وبالرغم من انتشار التعليم والتثقيف اسيرة النظرة الذكورية والثقافة التمييزية، ولا زالت مكاسبها (وان اصبحت وزيرة) هشة، معرضة للانتكاسة بارادة الرجل وحده.
العنف الموجه للمرأة في الساحة العربية في تصاعد والتشريعات ليست حازمة، فهي اما ان تبرر هذا العنف بانه نوع من التأديب الممنوح للزوج بحق القوامة او تبرره بالدفاع عن الشرف او تجعله جنحة خفيفة، وفي المناصب القيادية تأتي المرأة العربية في آخر القائمة مقارنة بالقيادات في دول العالم. ولا زال وجود المرأة العربية في البرلمان، هامشيا. معلقا بإرادة الرجل، ولن تنجح المرأة العربية في أي انتخاب نزيه في الدول العربية.
ولا زالت المرأة ممنوعة من القيادة في بعض الدول العربية، بل محرومة من إدارة أملاكها، ولا رأي لها في اختيار شريك حياتها »في دراسة ميدانية يمنية تشرتها السياسة الكويتية، أن »٢٥٪ من الفتيات في اليمن يتم تزويجهن مبكرا تحت تبريرات: الهروب من الفقر، الخوف من التمرد، وصونا للعفاف ودرءا للعنوسة« ولا زالت المرأة غائبة عن الأمانة العامة لمجلس التعاون ولا توجد قاضية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبالرغم من انتشار التعليم وزيادة الوعي ومظاهر الحداثة وزيادة مشاركة المرأة لا يزال المجتمع العربي محكوما بموروث ثقافي ينتقص من المرأة وينظر اليها كقاصر بحاجة الى ولي ووصي يراقبها ويوجهها ويحميها. ولقد عكست التشريعات العربية - وقد تمت بغيبة عن المرأة - هذا الإرث الثقافي التمييزي الذي يعلي من شأن الرجل وتسيده وحقوقه وامتيازاته على حساب الأنثى، التي عليها القبول بالحقوق الأقل والواجبات الأكثر. ولن يتسع المقام في هذه المقالة القصيرة لعرض أوجه المفارقة بين حق الرجل وحق المرأة في التشريعات العربية ولكننا نذكر بعضا منها:
١ - حق نقل الجنسية: تشترك جميع قوانين الجنسية العربية »عدا دول قليلة« في ظاهرة تمييزية ظالمة - وذلك من بين كل تشريعات العالم - وهي أنه في الوقت الذي تمنح الرجل حق نقل جنسيته لأولاده وزوجته غير المواطنة، فإنها تحرم المواطنة من نقل جنسيتها الى زوجها غير المواطن وأولادها.
٢ - حق الطلاق والتعدد والخلع: تقدس التشريعات العربية حق الرجل في الطلاق، وتعطيه السلطة المطلقة في هدم بيته وتشريد اولاده، بمجرد كلمة ينطقها وقد لا يقصدها، فالطلاق واقع - هازلا او لاعبا أو جاهلا أو ناسيا أو بدعيا محرما أو معلقا - وبالرغم من ارتفاع معدل الطلاق في المجتمع الخليجي »٥٣٪« وازدياد الانحرافات والمشاكل الاجتماعية الناتجة عنه، لا يرضى الشرع الخليجي أي تقييد لحق الرجل المطلق في الطلاق وفي التعدد أو أي مساس بهما
في المقابل تحرم التشريعات - في عدا مصر - حق المرأة في الخلع، إذ تجعله رهنا بإرادة الرجل وموافقته، فلو بذلت المرأة الكارهة لزوجها كل أموالها لتفتدي نفسها من سجن الرجل ما استطاعت إلا ان يشاء الرجل.
٣ - حق المرأة في الحضانة اذا تزوجت: الرجل اذا طلق زوجته وهو حاضن لأولاده فمن حقه ان يتزوج من يشاء، ولكن المرأة اذا طلقت وهي حاضنة لأطفالها فأنها تفقد حق الحضانة بمجرد زواجها.
وهكذا تعكس التشريعات العربية - كافة - نظرة تمييزية ضد المرأة، وصحيح أن الدساتير العربية تقرر المساواة ولكن التشريعات اللاحقة تكرس التفرقة لأنها أسيرة ثقافة مجتمعية غير سوية..
وستصدر الجامعة العربية الخميس المقبل ولأول مرة موسوعة وضع المرأة في التشريعات العربية وهو عمل إيجابي يستحق الإشادة اذ تكون وثيقة مرجعية للباحثين والمشرعين.
__________________ |