09-22-2010, 03:38 PM
|
|
الفصل الأول
((4)) وخزة
****************************** من الصعب علي أن احتمل السنة الأخيرة في الجامعة وسط الفراغ الذي أعانيه في البيت، الكل مشغول عني، هند تزوجت منذ أربع سنوات وترتكتني في البيت مع اختى البلهاء منال ذات التسع سنوات واخي الغبي سلطان ذي السبعة عشرة عاما.. لا أحد منهما يمكنه فهمي.. وامي دوما مشغولة برفيقاتها ومجاملات مجتمع حارتنا والحارات التي حولها.. وابي.. سي السيد.. الذي لا يشق له غبار في "التسفيل والسب والشتم" والحقيقة أنني أتوقع أن والدي يمكنه دخول موسوعة غينيس بجدارة لأنه يحفظ أكبر كمية ممكنة من الشتائم في القديم والحديث والمخترع مستقبلا..
حياتي شبه فارغة الا من الاختبارات التي أوشكت ان تبدأ.. والتي كنت افكر بجدية ان اغيب عن اثنين منها ..لا لشيء إلا كي أرسب فيها وأحملها معي لفصل جديد.. كنت أنوي فعلا أن أطيل مدة بقائي في الجامعة أكثر فأكثر..
لكن هناك مشكلة عويصة الآن.. انا قد تعودت أن تكون درجاتي عالية.. ومعنى الرسوب نزول المعدل الى اسفل سافلين واحط المنحطين.. وهذا ربما لم يكن يشكل لي اهمية كبيرة كما الآن.. الوضع الآن مختلف لأن الدكتور محمد قد عاد للسعودية بشهادة عالية ودرجات كالخيال.. لو سمع يوما عن رسوبي او عن معدلي المنحط ماذا عساه ان يقول؟..... " أقول بس انثبري وخلي عنك هالقصص الفاضية انتي اصلا ما تقدرين ولا عندك الشجاعة ترسبين وتغيبين عن اي اختبار" هكذا كنت اقول دائما لنفسي..
"ولا عاد من زين الحين المعدل اللي انتي خايفة عليه.. شوفي الناس كيف يجيبون درجات قال طالع من جامعة برلين بامتياز مع مرتبة الشرف.. ولا بعد .. دراسته كلها انجلش .. وانا عربي ويخب على وجهي.. "
"بس تعالي يا الخبلة.. وين انتي فيه؟ الحين امي تقول اول امس انه خاطب والبنت اللي خاطبها شايفة نفسها.. من ذي البقرة اللي تشوف نفسها على محيميد بو اربع عيون دافور الحسا وما حولها.. والحين صاير دافور برلين ويمكن ما حولها في رواية اخرى؟.. والله عجب في وحدة عندها الجرأة الكافية انها تشوف نفسها وتتدلع عليه بعد..!!"
" بس ليه ما تتدلع عليه؟ مش خطيبها ؟. ولا هي مش بنت زي هالبنات؟.. ولا هي مثل خشتك؟... ايه.. يقولون العز للرز..الله يعين بس"..
كانت هذه خزعبلاتي وانا في سيارة عم سعد.. الرجل المسن الذي يقود بي حافلة صغيرة أنا ومجموعة من زميلاتي الطالبات من وإلى الجامعة.. كان رجلا بدينا كثير الضحك.. وكنت غالبا أشرد قبل أن اعرف على أي شيء كان يضحك كل صباح حين اركب الحافلة وانا ألبس نصف عباءتي تقريبا لأني استيقظ كل يوم متأخرة وترفسني امي لاسرع واغسل وجهي قبل ان يصل عم سعد البدين..
قالت لي حصة: "شفيك اليوم وجهك معفوس وحالتك حالة؟ عدلي هالكشة الله يفشلك؟.." ذهبت الى الحمام مسرعة واكتشفت انني لم امشط شعري اصلا.. كنت في قمة الإحراج وهي تضحك علي.. لكن لا مشكلة على كل حال.. فأنا غالبا أضع الميك اب حين اصل للجامعة ولا املك الوقت الكافي لاضعه في البيت قبل ان يصل العم سعد الذي اكرهه في الصباح واحبه اخر النهار..
كنت ازين هندامي في اللمسات الأخيرة واضع عطري الذي احبه حين قالت حصة فجأة: "ايه صح ما دريتي؟.. بعد اسبوع مناقشة البحث عند الدكتور وجدي.. نعيمة تقول انها هي طلبت منه يقدم المناقشة علشان يمدينا نذاكر للاختبارات النهائية."
قلت: " هالحقيرة ذي اللي اسمها نعيمة يوم خلصت وحفظت كل شي قال ايش تبي تناقش.. اتحداك اذا ما اخذت ذا البنت الدرجة الكاملة!!.."
قالت حصة وهي تكشر بشفتيها: "من زينها يعني؟ ترا هي ولا شي وعد احسن منها واشطر منها"..
قلت: "بس وعد بقرة ما تعرف كيف تتفاهم مع الدكاترة.. يا بنتي ذي تتمايع وتتدلع ولا ظل دكتور الا وهذرت فوق راسه اعوذ بالله.."
قالت حصة وعيناها تلمعان بحماس: "يعني لو كان صوتك دلوع وتعرفين تقولين ياي وهاي كنت بتسوين مثلها؟"
قلت ضاحكة: "حبيبتي انا لو ابي اتدلع ما خليتها تعرف توقف قدامي اذا كانت هي توب وهاوية دلع.. ترى انا محترفة" قلت هذا وانا اغمز بعيني لها.. لم انطلقنا إلى الكافتيريا نضحك حين مرت بنا زميلة لنا اسمها عايدة..
قالت لي حصة وهي تشير لعايدة بعينيها: شرايك اقول لها تساعدنا في البحث تراها شاطرة واذا قلنا لها مارح تقصر ولان.." قاطعتها قائلة: "نعم نعم!! ذي وشكلها تساعدنا؟ ليه انتي اش شايفتها يعني؟ وبعدين ليه انتي مش واثقة من نفسك؟ ترا انا وانتي نطفرها هي واهلها.. وبعدين انا ما ادري على ايش انتي حيل تحترمينها.."
قالت وقد اغضبني دفاعها: "ليه ما احترمها ؟؟ بنت اخلاق والتزام و.." قاطعتها: "التزام ايش يا بلهة انتي؟.. ذي اكذب كذابة ومنافقة شفتها في حياتي.. ترا انتوا مغشوشين فيها حيل.."
قالت: "حرام عليك والله.." قاطعتها مجددا: "اقول سكري السالفة ولا تعركين مزاجي على هالصبح خلينا مروقين.."..
قالت: "انتي على طول كذا ما تحبين احد يناقشك ورأيك دايما هو الصح وغيرك الغلط" قلت: "ايه رأيي صح وغيري غلط.. عاجبك عاجبك.. مش عاجبك شوفي لك صديقة غيري"..
اندهشت حصة من كلامي وقالت: "شفيك اليوم نار؟ تحطين حرة الدكتور فيني".. قلت لها: "انا محترة من الدكتور ليه انتي ووجهك!!؟؟ عادي ترا كلها مناقشة وانا اللي كاتبة بحثي يعني ما رح اخاف"..
قالت: "انا ما اقصد الدكتور وجدي انا اقصد الدكتور الثاني اللي في بيت عمك"..
كنا ندخل الكافتيريا في تلك اللحظة، فوقفت فور ان سمعت جملتها.. احسست بوخزة في قلبي.. نظرت اليها دون كلام.. ثم قلت لها وصوتي بالكاد يخرج: "انا رايحة القاعة".. وتركتها ومضيت.. |