عرض مشاركة واحدة
  #152  
قديم 09-26-2010, 09:11 PM
 
[ الساعة الآن العاشرة صباحاً , شركة جرازياني , مكتب رالف ]

المكان غارق في الظلام , ما عدا بعض الضوء الذي تسرب من بين الستائر السوداء الثقيلة , رائحة السجائر تملأ المكان و صوت أصابع تطرق على المكتب بنفاذ صبـر
فتح الباب بعض طرقتين صغيرتين و دخلت فتاة ذات بشرة سمراء و تضع نظارات سوداء على عينيها و قد انسدل شعرها ليحيط بوجهها لتختفي ملامحها

قال بصوتة البارد ذو النبرة العميقة المخيفة : تأخرتِ .
تصلب جسد الفتاة و انحنت بإحترام معتذرة : تقبل اعتذاري الشديد سيدي , لن تتكرر, أعدك
صرخ بصوته الجاف : لا أريد أعذاراً و لا وعود !
عاد و وضع سيجارته ذات الرائحة النفاذة في فمه و هو يكمل : من المحتمل أن تعود الصغيرة اليوم إلى المنزل .. سأدعكِ تلعبين معها , لا أريدك أن تسمحي لها بفعل ما تشاء , هل تفهمين ؟!

قال جملته الأخيرة و هو يرمقها ببرود

أجابته و مازالت عيناها سجينة الآرضية : علم سيدي .

استدار بكرسيه للجهة الأخرى فاستدارت خارجة من مكتبه , أوقفتها صرخته باسمها
- تيـا

التفتت ناحيته ليردف : إذهبي و تحري عن حالة هال .

لم يظهر أي تعبير على ملامح تيا بل عادت لتكرر جملتها ببرود تام : علم سيدي

استدارت مرة أخرى لتغادر الغرفة و قد تراقصت ابتسامة خبيثة على شفتيها !!

سرعان ما تلاشت هذه الابتسامة بمجرد أن أغلقت باب المكتب خلفها

عبرت الردهة بخطواتٍ سريعة واسعة قبل أن تنعطف مع أول ممر إلى اليسار و تضغط زر المصعد , انتظرته لثوانٍ فقط قبل أن تدلف إليه بسرعة و تلمس زر الطابق الأول – حيث تركت سيارتها البورش الزرقاء – و بمجرد أن أحكمت إغلاق باب سيارتها حتى انطلقت مصدرة صريراً عالياً و مزعجاً للغاية

بدأت تتمتم بشتى أنواع السباب و أفظعه على الإطلاق
و كل سبابها كان موجها لـ هـال

سمعت رنين هاتفها فأدخلت يدها لجيبها و أخرجته , قطبت حاجبيها عندما لم تجد أي مكالمة , تركت الهاتف بعصبية و أخرجت آخراً من أحد أدراج السيارة و ضغطت زر الرد قبل أن يغلِق المُتَصِل

- مرحباً

أجابت محدثتها بنبرة قريبة من صوت تيا : مرحباً

ابتسمت تيا بالرغم من سخطها و قالت : مرحباً كايو الحلوة

علقت الفتاة الأخرى : يبدو أن مزاجكِ رائقاً اليوم

عبست تيا و أجابتها بصوت أجش : لا أبداً , أنا ذاهبة لـ هال الآن

هتفت : ماذا ؟ .. هـااال !!

أكملت تيا حديثها متجاهلة تعليق الفتاة لإستيائها من هذه المهمة : أجل , ذاهبة لهال .. هال نفسه !!

أجابتها الفتاة و قد ظهرت نبرة الحزن جلية في صوتها : نحن ذاهبون لـ سيرينا .

اتسعت عينا تيا و قالت بذهول : لا يمكن .. كيف ستذهبون ؟

أجابتها بامتعاض : لا أدري , يريد السيد أن يراها , كما تعلمين مكانها كان خفياً علينا حتى البارحة فقط , و ما حدث لا يحتمل .

تخيلت تيا حال السيد و ظهرت غيوم سوداء فوق رأسها فتمتمت : لماذا يريد رؤيتها بعد كل هذه السنين , أليس من الأجدر أن يبحث عن الفتى ؟ . .

تأففت كايو : لا أدري , و لكن أوامرة واجبة التنفيذ

حمل ثغر تيا ابتسامة ساخرة مجيبة إياها : بكل تأكيد , لا نقاش بهذا .. حسناًَ كايون اشتقت لكِ عزيزتي و لكن يجد علي الآن أن أتركك , لقد وصلت لمنزل البغيض

تمنت لها كايون حظاً سعيداً معه و كذلك فعلت تيا قبل أن تعيد الهاتف إلى ذلك المكان السري بالسيارة !

زفرت بضيق قبل أن تخرج من السيارة و تغلقهما بجهاز التحكم , استدارت لتلك البناية الكبيرة ذات التصميم المميز

تمتمت بتهكم : ذلك البغيض لدية ذوق رفيع , تباً له .

بعد خمس دقائق و حسب كانت تقرع جرس الباب

فتح لها رجل قد خطت الأيام معالمها في وجهه , نظر لها باستغراب و قال بصوت قوي فاجئها : من أنتِ ؟

جفلت , فقد توقعت صوت ضعيفاً كما بدا لها عمره ,لم تعرف لِم سرى التوتر في عروقها و تلعثمت في الإجابة , ثم رفعت يدها و عدلت نظارتها السوداء مجيبة إياه
بصوتِ بارد : أريد هال ! .

قطب حاجبيه قائلاً بهدوء : لماذا تأتي مبكراً دائماً ؟
أجابته بلا مبالاة : لأن عيوني لا تنام !

و كانت هذه هي كلمة السر فابتعد عن الباب بسرعة لتتمكن تيا من الدخول و من ثم أغلقه و سار امامها فتبعته

سألت ببرود : كيف هو الآن ؟

التفت لها و يده على مقبض الباب المفتوح : هو بخير الآن , نزف كثيراً لكنه سيتعافى خلال أسبوع , بنيته الجسدية قوية .

دخلت إلى الغرفة و كان نائمـاً ببنطاله فقط و قد التف حول كتفه اليسرى كثير من الشاش و الرباطات المعقمة و حول خصره كذلك

كان يبدو بريئاً جداً و خصلات شعره البرتقاليه تحيط بوجهه و عينيه مغمضين بسـلام

تمتمت تيا بداخلها : سحقاً لك , لو كان بيدي لأجهزت عليك و أنت هكذا .

تذكرت كلمات السيد و تأففت بداخلها : المنافسة الشريفة , كيف ينافسهم بشرف و هم كالثعابين ؟!!

قطبت حاجبيها و انطلقت خارجه و كان كل ما قالته لذلك الرجل : إلى لقاءٍ – أكملت بخفوت – قاتل .

أخيراً استقرت داخل سيارتها مرة أخرى لتنطلق بها لوجهتها الأخبرة

منزل رالف جرازياني لاستقبال القادمة الجديدة و التي لم تلتق بها قبل الآن !


[
الساعة الآن الواحدة ظهراً , مبنى الدفاع المدني , الطابق الثالث عشـر
]

* معمـل تيـم *


ارتسمت إمارات الجدية على وجهه و هو يحدق في الفـراغ , جالساً على مكتبه الأبيض و مازال كوب قهوته يطلق بخاراً ساخناً !

تيم .. لا تحاول
تيم لا تحـاول
لا تحـاااول !

هتف بانفعال : لماذا روكسان ؟ .. لماذا ؟ .. سأفعلها و سترين !!

ضرب بيده على المكتب بعصبية و عينيه قد ثبتتا على علبة زجاجية معقمة بعناية ظهر من خلالها شريحتين !!
تمتم بجدية و شـرود : سأفعلها !


[
نفس الطابق و لكن غرفة ليـو
]

كان مستلقياً على سريره و قد ارتدي بنطال من الجينز الأزرق و في فمه سيجارة قاربت على الإنتهاء
وضع يداه خلف رأسه و قد شرد ببصره للنافذة النصف مفتوحه و ستارتها التي تتمايل مع النسيم البارد

" لم أرها منذ عودتنا من ألاسكا .. يا إلهي .. لم أعد أطيق الصبر .. أريدها بين ذراعي الآن .. روكسان لماذا أنتِ قاسية هكذا .. لماذا ؟ "

بصق قطعة السيجارة المتبقية و دفن رأسه في الوسادة و تدلت يده خارج السرير بجوار عشرات من السجائر المنتهية !! .
__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!