[مكان أخر , أول مرة نذهب إليه و بالتأكيد جميعنا يتمنى ألا تطأه قدمه,المشرحة !]
:. الساعة الرابعة عصـراً .:
دخل رجل ذا شعر طويل , أزرق اللون , يصل لأخر عنقه و قد وضع على عينيه نظارةٍ سوداء كـ لون ملابسه كلها
دخلت بجواره فتاة حسناء , صينية الملامح و كانت ترتدي السواد أيضاً و قد جعلت بعصض خصل شعرها الأسود القصير في ضفيرة تنسدل على جانب وجهها بنعومة
قال ذلك الرجل الغامض موجها كلامه لها : كايون , اسأليهم أنتِ , أنا لا أحتمل هذا !!
علا الحزن نظرات كايون ثم وجهت حديثها لحارس المشرحة قائلة بهدوء مخيف : نريد أن نرى جثة الفتاة التي ماتت في حريق المخزن
زم الرجل شفتيه بينما أجاب الحارس : تفضلا معي , و لكن من أنتما ؟
تكلمت كايون بالنيابة عن الرجل : نحن نريد أن نتأكد منها فقط .
لم يسأل الحارس من جديد بل فتح لهم الثلاجة و تركهم و خرج
تصلبت ملامح كايون و أشاحت بنظرها بعيداً بينما تقدم ذلك الرجل و لمس بأصابعه بعد أن خلع عنها القفازات شعر سيرا المحترق , هربت دمعة من تحت نظارته السوداء , لم يمسحها , أمسك الخصلات الشقراء التي تحول لونها الذهبي للبني الغامق قليلاً
تقطع شعرها بين يديه ليصرخ : سيريــنـــآآآآآآ .. سيــريـــنـــآآآآآ
و أخذ يردد اسمها بانهيار تـام
دخل الحارس فجأة إثر الصـراخ
بينما تسمرت كايون بصدمة و هي ترى رئيسها في هذه الحالة المزرية
هل كان يحبها لهذة الدرجة ؟!
ظل كلاً من الحارس و كايون ينظران للرجل و هو يبكي و قد بدأ صوته يرتفع
و يهمهم بكلمات غير مفهومة أحياناً و لكن ما كانوا يميزونه هو اسمهـا
اسمهـا فقط . .
اسم سيرينا !
لاحقـاً :~
كانا يجلسان في تلك السيارة السوداء , الرجل الغامض و الصينية الحسناء
بدت السيارة كشبح يطير وسط الطرق في أول ساعات النهار
تنهدت كايون و همست : سيد كندريك ؟ . .
لم يجبها , بل لم يقم بما يدل على أنه سمعها من الأساس
زمت شفتيها و قامت بحجز جناح في أكبر فنادق نيويورك و تركت تعليمات للسائق بالتوجه إليه .
- غادري السيارة ! .
التفتت كايون له و قالت بتعجب : ماذا .. ؟
أعاد كلمته ببرود أكبر : غادري السيارة , كايون ..
لم تنفذ كايون كلمته ففتح باب السيارة في سرعة و انطلق يعدو
و .. اختفـى بين الزحام .
خرجت كايون وراءه و لسوء حظها لم يكن له أي أثر
ضربت الأرض بقدمها هاتفة بحنق : ياإلهـي .. أين سيذهب ؟ . . , حقاً لـ سيدي تصرفاتٍ غريبة !
استندت على السيارة و هي تستعيد مشهد سيدها و هو راكع بجوار تلك الجثة
عقدت يديها على صدرها و هي ترفع عينيها للسـماء متمتمة بأسى : متى ينتهي كـل هذا .. مـتــى ؟!!
[ اليوم هو الخامس من مارس , الساعة الآن السابعة صباحاً , منزل رالف جرازياني]
توقفت تلك الدراجة النارية السوداء ذات الطلاء الأسـود أمام ذلم المنزل الفخم
ترجلت صاحبتها و خلعت خوذتها لترميها على الدراحة بإهمال
ابتعدت عنها بخطوات واثقة لتسمع صوت ارتطامها بالأرض
لم تظهر على ملامحها أي علامة للاهتمام حتى
ضغطت على جرس الباب و تراجعت خطوة للوراء منتظرة من يفتح لها
فتحته إحدى الخادمات والتي تراجعت بحدة للخلف مصدرة شهقة عنيفة
تحولت ملامح الفتاة للملل و أزاحت الخادمة التي صرخت بذعر هاتفة : شبـح
ثم وقعت أرضاً فاقدة الوعي .. تماماً
علا الإنزعاج وجه الفتاة و تجاوزت الخادمة مغلقةً الباب
- أتيتِ أخيراً
قالت تيا الجملة و قد استندت بظهرها لباب المكتب الواقع على يسار الباب الرئيسي للمنزل
أدارت روكسان رأسها حيث تقف تيا و رفعت حاجبيها دهشة : من أنتِ ؟
تقدمت تيا نحوها معرفة إياها : أنا تيا ! .
ابتسمت بسخرية قائلة باستهزاء : مرحباً تيا .. هل أنتِ خادمة جديدة ؟
لم تتغير ملامح تيا الباردة بل رفعت نظارتها السوداء لتطوق شعرها الأسود القصير
و نظرت لها بعينيها السوداوتين في هدوء شديد , زفرت ثم أردفت : اتبعيني .
فتبعتها روكسان على الفور و قد ظهر بعض القلق على وجهها سمعتها تقول متأففةً : جعلتيني أنتظر منذ البارحة , أين كنتِ كل هذا الوقت ؟.
عضت روكسان على شفتيها مفكرة : لماذا أشعر أنني بلهاء , لا أفهم أي شيء مما تقوله هذه الفتاة .. من هي أساساً ؟ .. و لماذا تقول أنها كانت تنتظرني ؟ .. هل يعقل أن أبـ .. رالف كان يعلم بقدومي ؟ .. كلا لا يعقل .. لكن لما لا .. ربما كان يراقبني منذ البداية !! .. لا أعتقد أن نايجل غبي للدرجة التي تسمح لـ رالف بمراقبتي أو معرفة أي شيء عني ؟ .. يا إلهي , ماذا أفعـل ؟
- هل أنتِ منتبهة لما أقول ؟
جفلت روكسان : هاااه !!
أمسكت تيا بخصلات شعرها و هي تهز رأسها بنفاذ صبر : لم تسمعي حرفاً واحداً
حتى .. سحقاً لك و لذلك البغيض ! .
صرخت بها روكسان : بل سحقاً لك , من أنتِ حتى تحدثيني هكذا , أنا ابنة رالف .
قالتها ثم اتسعت عيناها و شعرت أنهما ستذرفان الدموع : هل أنا ابنته حقاً !
أغمضت عينيها و من ثم وضعت يدها على رأسها لتمسح على شعرها حتى تصل لأطرافه
فتحتهما بهدوء ثم تحركت ببرود و جلست على أحد المقاعد الموزعة بترتيب معين في غرفة المكتب
همست : أنا لا أفهم عما تتحدثين ؟ .
جلست تيا بالقرب منها و ابتسمت بخبث مجيبة إياها : أقصد أن لعبتك مكشوفة تماماً لنا يا صغيرة رالف .
بلعت روكسان ريقها و سعلت لتحاول اخراج صوتها الذي خرج خافتاً رغماً عنها : ماذا تعنين بـ لعبتي ؟ -رفعت نبرة صوتها بتحدي – لم أفهمك
زفرت تيا حانقة : يبدو أنكِ تنوين اللعب معي أنا أيضاً .
وقفت قائلة بتهديد : لتعلمي يا . . روكسي .. ألم يكن ليو يناديك هكذا ؟ !
نهضت روكسان واقفة بحدة و في عينيها استنكار لما يحدث , هتفت : عم تتحدثين ؟ .. ليـو ؟!
ابتسمت تيا و أردفت : لنفترض أنك لا تعلمين عن هذا الفتى أيضاً و لكن لن يصل أي شيء مما يحدث هنا إلى رئيسك يا فتاة , أنتِ لا شيء , و لن تكوني حجر عثرة في طريق مخططاتنا , أتفهمين الآن ؟ .. لا شيء سيوقفنا روكسان . . لا شـيء .
هنا اندفعت روكسان قائلة : بل سيتوقف كل هذا يا حلوة , افهمي هذا جيداً , و الآن أنا ذاهبة لغرفتي و .. أعلمي رالف أني هنا .
سمعت تيا تقول بنبرة أسف : مسكين أنت يا ليو .. أما كان الأفضل لكِ لو ظللتِ معه.
شدت على قبضتها و صعدت إلى غرفتها و الكلمات تتردد بوحشية في رأسها : ليـو , نايجل , المهمة , رالف و تلك الفتاة ماذا يحدث ؟ .. ماذا أفعـل ؟ ..
بينما ظلت تيا واقفة بالأسفل تستمع لخطوات روكسان التي بدت لها تائهة تماماً في هذا العالم القاسي
ثم أخرجت هاتفها و اتصلت برقم معين
- تم الأمـر يا سيدي
ثم أغلقت الخط و عادت تلك الإبتسامة الخبيثة بالظهور على وجهها مرة أخرى و هي تكتب رسالة ما على هاتفها و تبعثها .
انتهـى
For every evil under the sun
There's a remedy or there's none
If there's one try to find it
If there's none never mind it
.