[ الساعة الآن الحادية عشـر , مبنى الدفاع المدني , مكتب تيم ]
شعر بأحد ما يدخل إلى المكتب , التفت ليرى ليو و قد تحركت عيناه في المعمل لتبحث عنها بكل تأكيد
لاحظ شحوب وجهه الزائد و تلك الهالات السوداء تحت عينيه
بدا الارهاق و التعب جلياً عليه
تنهد تيم و عاد لعمله و لكن ليو لم يمهله ليندمج فيه مرة أخرى عندما سأله : أين هي ؟ .. أيــن روكـسـان ؟
همز تيم كتفيه بمعنى لا أدري ثم قال : انتهت فترة عملها معي , و لا أدري بأي قسم التحقت .
جمدت ملامح ليو ثم قال : كيف لا تدري , ألم يعينها نايجل مساعدة لك ؟
اعترض تيم : كلا .. لم يفعل .. كانت مساعدة مؤقته فأنا لا أحتاج لمساعدين , إنما عينها لتبقى تحت ناظري لأعلم تطور حالتها .
لم يفهم ليـو إلام يُشير فسأل : ماذا تعني ؟ !
ذكره تيم بنبرةٍ محذرة : لا يجب أن يعرف العميل أكثر من حاجته .
هتف ليـو : لكنها روكسان من أسأل عنها , لا شخص آخـر .
زفر تيم و التفت إليه مزيلاً نظارته الطبية : و من هي لتسأل عنها ؟ , عميلة معنا و لا تحتاج لمعرفة أي شيء خارج نطاق عملك , ليو .
اتسعت عينا ليو بدهشة : أنت تعرف إذن ؟
هز تيم رأسه : كلا .
صرخ ليو و قد بدأ يفقد أعصابه شيئاً فشيئاً : أين هي إذن ؟ .
بادله تيم الصراخ : ليــو , لدي عملي الذي تعطله أنت بأسئلتك السخيفة حول روكسان , لا يهمني ان أعلم أين هي , انتبه لعملك و دعني لأرى عملي , من فضلك .
بهت ليـو و ظل واقفاً لـ لحظـآت يراقب تيم و هو يعود لـ عمله
ثم خـرج من المعمل بخطوات بطيئة
رأى آرثر قادماً نحوه محدثاً شخص ما على الهاتف
ثم توقف عنده و هو يقول : أ .. أجل ها هو أمامي الآن .
- كيف هـو ؟
أجاب أرثر بقلق و هو يتفرس بملامح ليو التي تغيرت كثيراً عن آخر مرة رآه فيها : يبدو لي مرهقاً – وجه كلماته لـ ليو – ماذا بك يا رجل .. اهتم بنفسك .
ألقى عليه ليو نظرة استهزاء ثم تركه و مضى
سأل أرثر : ماذا به , كاي ؟ .
أجابه كاي بعد تنهيدة طويلة : لا أدري , و لكن يبدو أن غياب روكسي قد أثر عليه .. هل تعلم أين اختفت .. حتى نايجل يرفض قول أي شيء , يبدو أنها ذهبت بمهمة خطيرة .. ألا تعلم شيء
ضحك أرثر قائلاً : كــاي , أيها الماكر – عاد ليطلق ضحكة أخرى مردفاً – أنا لا أعرف شيئاً , لا تورطني مع نايجل ثم أ نسيت القاعدة التي تذلنا بها دائماً
قالا في وقت واحد : لا أحد يعمل أكثر مما يجب , هكذا أفضل
أكمل كاي : و هذه هي الحقيقة , في عملنا يا رجل لا ..
بتر جملته عندما أدرك أن حواس راي كلها معه
فابتسم مكملاً : المهم , ارثر , اريد كل شيء جاهزا لدى عودتي مع راي
ابتسم أرثر هو الآخر متمتماً : ذلك الفتى , كاد يموت خوفاً ليلتها .
أنبه كاي مازحاً: لا تفعلها مرة أخرى , لقد توعدكما .
أرثر ببرود : ها ها ها .. ظريف .. قال توعدنا قال .. من هذا؟ ليعترض حتى .
قال كاي بنفسه : هل أنا ظريف حقاً , الجميع يقول هذا =_=" .
وصاه كاي : أرثر , تفقد ليو بعدما تنتهي .
طمأنه أرثر : سأفعـل , إلى اللقاء .
- إلى اللقاء
قالها كاي ثم وضـع هاتفه في جيبه و بدا بتناول الافطار بينما يختلس راي النظر إليه بين الحين و الآخـر
[ الساعة الآن الثانية ظهراً , منزل رالف جرازياني ]
الفتاتان جالستان في الصالة الكبيرة بجوار المكتب الخاص بـ رالف
قالت روكسان أخيراَ بعد فترة من الصمت : أخبريني يا . . تيا , أليس كذلك ؟
ظهر شبح ابتسامة على فم تيا و قالت : أجل .
سألتها روكسان بنبرة باردة : متى يأتي , أ أبـي ؟
أجابتها تيا بشيء من السخرية : و منذ متى يعرف أحد متى يعود السيد إلى المنزل ؟
أطلقت روكسان ضحكة عالية مفتعله ثم صمتت فجأة و رددت : الـ سيد ؟ !
وقفت تيا من مجلسها ثم قالت ببرود : أنتِ تضيعين وقتي كثيراً , هيا إلى العمل , روكسـي ! .
اختفى الدم من وجه روكسان فجأة " هذا الاسم هو ما اعتاد ليو مناداتها به "
خرجت تيا من المكتب و معها ظرف كبير و الابتسامة على وجهها تتسع أكثر فأكثر
أعطت الظرف لـ روكسان قائلة : اقرئيه , ثم سننظر في الأمـر . . معـاً .
رمقتها روكسان للحظات قبل أن تفتح الظرف لتجد ستة أوراق تقريباً مع ثلاثة صور
واحدة لـ سفينة كبيرة و الأخرى لـ رجل في أواخر الثلاثين من عمره ذو شعر أسود و كان يرتدي نظارة أخفت معظم ملامحه و الثالثة كانت لامرأة في أوائل الثلاثين ذات شعر أشقر و عينان زرقاوات و تبتسم بمشاكسة على عكس صورة الرجل و التي كان يبدو فيها عابساً لسبب ما .
حركت تيا يديها في حركة سريعة فهمتها روكسان فقالت بعصبيه : هييي أنتِ يا خادمة رالف , هل تظنين أني أتيت من أجله ؟
هتفت بها تيا : أعلم أنكِ أتيت من أجل المال , و لكن لا تقلقي رالف سيتولى أمرك كما فعل دائماً , و بما أنكِ بحالة جيدة فستكملين التجربة
اتسعت عينا روكسان بذعر لثانية قبل أن تشير إليها تيا بيديها فهدأت ملامح روكسان و قالت بنبرة بثت فيها بعض الهدوء : لا يهم ذلك , ما دمت سأتمتع بنقود من يدعى " والدي " .
ابتسمت تيا و أشارت لها بإبهامها لنجاحها فيما طلبته منها بلغة الإشارة
أشارت لها روكسان بمعنى : أريد أن أفهم ما يحدث .
ابتسمت تيا و قالت : علينا الآن الذهاب لـ سيدي فهو في انتظاركِ منذ زمـن .
أطلقت روكسان زمجرة خافتة ثم تبعت تيا
استقرت الفتاتان في سيارة تلك الأخيرة و بمجرد أن أغلقت تيا الأبواب حتى قالت تيا :أنتِ رائعة , لدى ليو الحق فيما يفعله من أجلكِ .
سألتها روكسان ببرود : ماذا تقصدين ؟
انطلقت تيا بـ سيارتها مجيبة روكسان بهدوء شديد : أقصد يا عزيزتي أنكِ نجحتِ بالاختبار , لقد صدقتِ حقاً أن ما ظللتِ أنتِ و الزعيم تخططون له سيضيع هباءً بهذه السرعة .
رددت روكسان بعدم فهم : الزعيم ؟
أجباتها تيا : أجل , نـايجل أيدو , المسئول عن فريقك بقيادة كاي إدجار
اتسعت عينا روكسان و لزمت الصمت , ثم هزت رأسها و كأنها لا تفهم : لا أعرف عم تتحدثين , أول مرة أسمع هذه الأسماء , أتتوقعين أني متفقة مع عصابة ما لسرقة رالف أم ماذا ؟
ابتسمت تيا ثم أجابت بعد فترة صمت متجاهله عبارة روكسان الأخيرة : اسمعيني نحن الآن متوجهون لـ شركة جرازياني , حيث سنفحصك لنعلم كيف سنستفيد منكِ و أتوقع أنك قد تدربتِ على يد ميشيل كيف تتخطين جهاز كشف الكذب
و أتوقع أن المصل المضاد لـ بنتوثول الصوديوم (*)
يجري في دمك الآن .
أصاب روكسان الحنق لعدم علمها أي شيء عن تلك الفتاة بينما هي تعلم أدق التفاصيل عنها
بينما أكملت تيا متجاهلة روكسان : لذا لا تقلقي من أي شيء , سينهي الأمر على ما يرام
تمتمت روكسان : أتمنى .
حذرتها تيا بـ صرامة : روكسان , لا تخافي , كوني شجاعة .
لا تدري روكسان لماذا ظهرت تلك الابتسامة الواسعة على شفتيها و لكنها ابتسمت لـ تيا
شاعرةًَ أنها بدأت الحرب
و عليها خوض كل معاركها .. بكل شـراسـة ! .
(*) بنتوثول الصوديوم = مصل الحقيقة .