[ الساعة الآن الثالثة عصراً , ألاسكا , مبنى الدفاع المدني ]
هتفت تشيلسي بسخط : تباً لقد عاد الملل , أوه .. ماذا يفعل مارتن الآن يا ترى ؟
قطب بيتر حاجبيه و تمتم : الأمر لا يعنيكِ !
زمت تشيلسي شفتيها , ثم تمتمت بخفوت و كأنها خائفة أن يسمعها أحد : هل تعلم ما حال أنجل الآن ؟ .
أظلم وجه بيتر و قال بحزن : انه بخير الآن , على الرغم من أنه لم يفق بعد إلا أن حالته الجسدية بخير .
اعترضت تشيلسي هامسة : ما كان عليه أن يفعل هذا .
أردف بيتر : لقد فقط عقله بكل تأكيد .
- غبي !
التفت كلا من بيتر و تشيلسي لذلك الشاب الواقف ورائهما بالغرفة و قد علا الذهول وجهيهما لعدم شعورهما بدخوله
تلعثم بيتر مبرراَ : أ أنـ ـا لـ لـ لم أقصد أ أ
تحولت نظرة الشاب من الغضب إلى الملل و قال : أنا لست أنجل
هنا اتسعت عينا الاثنين و كل واحد يفكر في نفسه : لا يمكن .. لم أتوقع أن توأمه نسخة منه لهذه الدرجة !
رمق نايجل بيتر بنظرة طويلة و باردة شعر خلالها هذا الأخير بأن الدماء تجمدت في عروقه
ثم قال بهدوء : تشيلسي ..
ردت باحترام : نعم .
ابتسم بسخرية و هو يكمل و لم تغادر عينيه وجه بيتر : ستكونين المسئولة عن الفريق ريثما يعود أنجل .
رددت بعدم فهم : الفريق ؟!
صحح نايجل بخبث و هو يضيق عينيه ناظراً لـ بيتر : أقصد بيتر بالطبع –أكمل بنبرة أقل خفوتاً – بعدما مات بيل نقص العدد الافتراضي لفريقكم .
سألت و قد تألقت عينيها : هل سيعود مارتن إلى هنا ؟
قطب نايجل حاجبيه ثم هز رأسه نافيها ,مستكملاً حديثه : مارتن لديه مكانه في فريقي , مازال هناك خلل في فريقكم و أعتقد أنه إعانة ما ستأتي إليكم و لكن ليس من فرع منظمتنا في نيويورك , فنحن نحتاج لكل ذرة بشرية و إلكترونية هناك .
لم يجرؤ أي من تشيلسي أو بيتر من السؤال عن السبب
أكمل نايجل : بمجرد أن يفيق أنجل سيعود معي لـ نيويورك و أتوقع أن أبي سيبعث لكم من يدير المنظمة هنا في ألاسكا
بلع الاثنين ريقهما و قالا في وقت واحد : الـ الـ .. السيـد جـيـمـس !
لم يضحك نايجل على الرغم من أنه لو كان في وضعه العادي لسخر من خوفهما و لكنه لم يكن في مزاج للمرح .. أبداً
و اكتفى أن هز رأسه بالإيجاب , رن هاتفه فأجابه خارجاً تاركاً إياهم فاغري الأفواه
- مرحباً .
أجابه صوت قلق : مرحباً نايجل , كيف حال أنجل ؟
ابتسم و هو يجيبها بنبرةٍ مطمئنة : إنه بخير , لا تقلقي جيسيكا .
سألته مرة أخرى : متى تعود ؟
ابتسم ,عندما لمس اللهفة في صوتها و تمتم : جيسيكا .. أحبكِ .
أطلقت ضحكة قصيرة قبل أن يسمعها تأخذ نفساً و تجيبه : أنا أيضاً , أحبك كثيراً نايجل آيدو
عبس و أنبها : لِمَ الاسم كاملاً ؟
تنهدت و لم تتكلم لفترة فهمس : جيس !
هتفت بغضب : لا تقل جيس , أيــن اليــاااااء ؟
ضحك نايجل بصوتٍ عالٍ جذب من حوله من عملاء و أطباء , مستغربين من تبدل مزاجه من العبوس إلى البشاشة
تمتم عندما استعاد هدوءه : كم يسهل إغضابكِ جيسيكا ؟
زفرت جيسيكا و قالت بكذب : لم أغضب !
مازحها نايجل : أوه حقاً , لاحظت
جزت جيسيكا على أسنانها , صمتت لبرهة ثم قائلة بخفوت : نـايجل
احتفظ بابتسامته و هو يقول باستسلام : حسناً حسناً , كيف حال إيف ؟
تضايقت جيسي لتغييره الموضوع و قالت : هي بخير .. أريد أن أسألكِ .. هـ هل سيأتي أنجل إلى هنا ؟ .. أ .. أقصد إلى المنزل ؟.. أم أنه سيذهب معك للعمل ؟
تنهد نايجل و أجابها بنبرة شابها بعض الحزن لحال أخيه : كلا , لن أدعه يعود للمنظمة قبل وقتٍ كاف ليتمالك نفسه تماماَ – بدأ صوته يعلو قليلاً –لا أدري ما الذي دفعه لهذا , أي جحيم ألقى بنفسه به بل أي جليد , جيسي لقد حاول الانتحار , أراد أن يعرف كيف ماتت يونا , حاول أن يموت بنفس طريقتها ! .. في تلك المياه الباردة ... يا إلهي .
ظلت جيسيكا صامته تستمع لكل ما يقوله نايجل دون أن تقاطعه , شعرت أنه يود إفراغ غضبه و حنقه و بعضاً من حزنه إليها و هذا واجبها أن تسمعه بكل سكون حتى ينتهي
أكمل بعد فترة و قد عاد البرود لنبرته : أبي غاضب للغاية , لدرجة أنه لا يريد حتى أن يطمئن عليه .. ماذا أفعل جيسيكا ؟ .. ماذا أفعـل ؟
انساب صوتها الهادئ الواثق لأذنيه انسياباً و هي تخبره بأفكارها : أنجـل , لم يعش حياة طبيعية قط .. لو جاء و عاش هنا معنا و مع إيف ربما يشعر بطعم الحياة من جديد .. سأحاول أنا و إيف أقصى ما نملك لينسى
قاطعها نايجل : عليه أن يتعافى أولاً .
أكدت جيسي على كلامه : أجـل .
بعدما أنهى نايجل المحادثة أخذته قدماه حيث يرقد توأمه و أخوه الوحيد
توقف عند تلك الغرفة الطبية , وضع يده على الزجاج الفاصل بينه و بين جسد أخيه
استطاع أن يرى أنفاسه الدافئة و هي ترسم بقعاً من البخار على الجهاز التنفسي المحيط بأنفه و فمه
- لا تقلق عليه , سيكون بخير ..على الرغم من كمية المياه المرعبة التي أخرجناها من صدره إلا أنه على ما يرام الآن .
سمع نايجل صوت خطوات الطبيب الذي كان يحدثه ربما هو عائد لعمله الآن بعدما يأس من استجابته له
أخرج نايجل زفيراً طويلاً من بين رئتيه و همس : آه يا أخي .
[ الساعة الآن السابعة مساءً , شقة آني ]
دخل كل من كاي و ليو إلى الشقة ليجدا راي جالساً على الأرض بجوار الأريكة المقابلة لغرفة آني واضعاً رأسه بين ساقيه
رفع رأسه عندما أغلق كاي الباب الذي أصدر صوتاً نبه راي فرفع رأسه
بدا على وجهه أنه لم ينم إلا من وقتٍ قصير
سأل كاي بنبرة غاضبةٌ بعض الشيء : أين ذهبت ؟ .
نظر كاي ناحية ليو المتجهم , ملامحه الشاردة أنبأتهم أنه لا يبالي بحديثهم البتة
هتف راي مرة أخرى : لم تكن لتخسر شيئاً لو أخبرتني , أو تركت لي رسالة ..ماذا كنت سأفعل إن استيقظت آني مرة أخرى ؟
أجابه كاي ببرود : لو استيقظت لشعرت بها على الفور .
هنا صمت راي و هو يعضُ على شفته السفلى قهراً
سمع راي - و ربما ليو - صوت هاتف كاي النقال و هو يرن بنغمة غريبة
ظهرت الفرحة في عيني كاي و هو يمسك بهاتفه و يرد : مرحباً جو..
قاطعته جوان هاتفة : كاااي , أتسمعني ؟
لاحظ كاي تلك الضوضاء الآتية مع صوت جوان فأجابها بنفس نبرة الهتاف : أجــل .. أيـن أنتِ ؟
- أنا في المطـار !
دهش كاي و بدأ القلق يتصاعد في داخله فسألها بحذر : لماذا ؟
أجابته بنفس الهتاف و لذا كان صعباً على كاي معرفة ما هو شعورها تحديداً و هي تحدثه : أنا عائدة لـ فلوريدا , لدي بعض الأعمال هناك .
سألها و قد اجتاحه شعوراً بالخيانة : لِمَ لم تخبريني بالأمس ؟
لم تجبه فوراً و ازدادت حدة الضوضاء الواصلة لأذن كاي , ثم سمعها تقول :لم أعرف إلا من ساعات فقط , وجدت عمي رونالد قد جهز لي مقعداً على الطائرة المقلعة لفلوريداً بعد نصف ساعة .. أردت أن أودعك , كـاي
شعر كاي أنها لا تهتم إن عرف أم لم يعرف , ليست هذه جوان التي تخاف على غضبه , هناك شيء خاطئ .. هل قالت عمها رونالد ؟!
سألها : لا تسافري مع ذلك الوغـد جوان , أنا قادم إليك , لا تسافري
أجابته فوراً : لا تأتِ – صمتت لفترة و كأنها تعيد ترتيب ما ستقول – لا أستطيع التخلف , كثيرُ من العمل ينتظرني و قد تأخرت بما فيه الكفاية , هيا كاي لا تصعب الأمر عليّ .. إلى اللقـاء .. قريباً .
أغلقت قبل أن يتمكن من إجابتها و هذا ولد لديه الشعور بالخسارة , كأنه قد فقدها للأبد .
أبعد هذا الشعور عنه و هو يجلس بشرود و آلية على الأريكة
متناسياً ليو الذي اتجه لغرفة آني بمجرد أن وصل و راي المراقب لهما بعدم فهم تام بما يحدث من حوله .
'~,..ـانتهـى