اتسعت عينا يونا ذعراً و هي تتبع مسار تلك الفقاعات التي ملئت المحيط حولها
حركت قدميها في حركة رشيقة و سريعة لتلحق به
عندما اقتربت منه هتفت : آنجــل
لكنه لم يرد , حينها وجهت جهاز الاتصال خاصتها ليصل لـ نايجل أيضاً و قال بكلمات سريعة : نايجل تعال فوراً لقد ثقب خزان الأكسجين الخاص بـ أنجل
ضحك نايجل ثم قال : اهدئي يونا حتى أفهم ما تقولين , لدق قاربت على الوصول للسطح , أين أنتما الآن
قالت يونا و قد تحولت نبرتها للرعب التام مع رؤيتها لمؤشر الأكسجين ينخفض درجةً تلو الأخرى : الأكسجين سينفذ من عبوة أنجل و هو فاقدُ للوعي , تعال بسرعة
صرخ بها نايجل : اصعدي به للسطح
لم تجبه يونا , لم تملك الوقت لذلك و هي تحرك جسد أنجل معها و دموعها تتسابق على وجنتيها بغزارة حارقه على الرغم من برودة المياه التي تسبح فيها
لم تتحمل هذا الانخفاض السريع للأكسجين و مازال السطح أمامها بعيداً و نايجل ليس بمجال بصرها
لفت ساقيها حول خصر أنجل و أخذت نفساً عميقاً ثم فكت عبوة الأكسجين الخاصة بها
تحرك جسدها قليلاً بفعل الأكسجين المندفع لكنها سرعان ما وضعتها بدلاً من عبوة أنجل
ثم حاولت غلق الثقوب التي في عبوته قبل أن تضعها بدلاً من عبوتها
حررت ساقيها من خصره و عادت لحمله مرة أخرى صعوداً و هي تأخذ أنفاسها ببطء حتى لا تبدد الأكسجين
رأت نايجل أخيراً , فسلمته أنجل و أشارت أن يصعداً بسـرعة
لم يتحدثا طوال فترة الصعود , و لكن نايجل كان يسبقها كثيراً
و الأكسجين بدأ ينفذ , الرؤية تغيم أمام عينيها و جسدها يحتاج كل ذرة من الهواء بفعل المجهود الذي بذلته
وصل نايجل للسطح أخيراَ و نزع عبوة الأكسجين الخاصة بأخيه لكي يتنفس جيداً
ساعده الرجلان في الصعود إلى سطح المركب بأن أخذ منه أحدهما أنجل
و بعد أن اطمأن أن أخيه بخير , انتبه لغياب يونا
استخدم جهاز الاتصال المثبت بخوذته ليصل إليها و لكنه أكتشف أنها قد أغلقته
أصابه الجنون فارتدى خوذته و اتناول علبة أكسجين جديدة و ثبتها بدلاً من علبته و أخذ أخرى معه
و قفز مرة أخرى ليخترق جسده حاجز الماء البارد و يبحث عنها و هو يهتف بنفسه بغضب جامح : تباً لي , كيف لم أنتبه لها , يا إلهي رحمتك .
أخذ يبحث عن أي شيء قد يوصله إليها و لكنه لم يجد
فقد اختفت يونا تماماً
صعد مرة أخرى إلى السطح ليفاجأ بالعاصفة التي على المركب
رأى أنجل بين يدي الرجلان يحاولان منعه من القفز و هو لا يرتدي لا خوذة و لا قناع أكسجين و لاأي شيء
كل ما يريده هو البحث عنها
أمسك بكتفي نايجل و صمت و هو يرى وجهه فيه..متألماً , خاسراً
خرجت الكلمات من بين شفتيه و كأنها تخشى الحقيقة : أين يونا ؟
لم يرد عليه نايجل ليجلس هذا الأخير على الأرض بلا حراك , بلا كلمات
و بلا أي رد فعل .. سوى الصمت !
عاش بعدها و الندم رفيق روحه الجديد
فلولاه لكانت يونا حية الآن بين أخويها " يوري و سيجي "
و لربما كانا تزوجا كما فعل نايجل و جيسيكا و لديهما الآن طفلة أو طفل صغير
و لربما ..
يكفي لم يعد يفيد هذا الكلام , لم يعد يفيد
إنه يمزق روحي , يصهرها كما تفعل النار بالحديد
كـفى .. كــفـى فتح عينيه الزرقاوات المرهقتين فجأة ,و كأنه يستيقظ من حلم فظيع لا بل من كابوس بشـع
حرك يده ليغلق عينيه من الألم المفاجئ الذي اجتاح عقله
لاحظ قناع الأكسجين الذي يغطي أنفه و اللون الأبيض الذي لا يرى سواه بالمكان
ارتفع صوت جهاز دقات القلب بجواره منبئاً بأنه قد استيقظ
لم يمت
لم يذهب إليها
لن يراها قريباً
و انحدرت الدموع ساخنة على وجنتيه
دخل الطبيب و من وراءه نايجل الذي ما أن رآه حتى خرج من الغرفة و كأنه لا يود رؤيته
لمحه أنجل من بين دموعه و تمنى لو يخرج صوته ليناديه
و تمتد ذراعاه و تحتضنه
ليشكي و يصرخ .. و يبكي
و لكن جسده المنهك لم يطيعه ليفعل أي شيء
أي شـيء ..! I want the courage to face my future
And go back to the current me
__________________ أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد! |