\\ جيسيكـآ ..!
كنت أدور حول نفسي في الأسابيع الماضية , لم يظهر ذلك الفتى الغامض .. أقصد نايجل
يا إلهي لم أعتد بعد على اسمه
و لكن أين هو الآن ؟
منذ آخر لقاءٍ لنا لم أره و لم ألمحه في حيّنا أبداَ , حتى تلك الفتاة الحمقاء لم تره و إلا لصرخت : الفتى الوسيم !!
تباً لها , لو سمعتها تتغزل به فسوف ..
- جيس , أ تحدثين نفسكِ ؟
لا أعلم لماذا يُثار غضبي بكل سهوله بمجرد أن يقول لي أحدهم جيس تلك , لا أستسيغها و حسب .. المشكلة أن لا أحد يفهم
التفت لأوجه جَم غضبي و حنقي من كل شيء على ذلك الذي قطع خلوتي بأفكاري : ألا تفهم , اسمي جيسيكا وينر , تريد اختصاره فقل جيسي و إما , فلا تحادثني مطلقاً !
احمر وجهي فور رؤيتي لمن حدثني , لقد كان رئيس القسم الذي أتدرب فيه , مايكل .. يا لحماقتي
قال بابتسامة : أعتذر جيسيكا و لكن لم يكن لدي الوقت لأقول الـ .. ياء !
عضضت على شفتي فور وصول سخريته إلي و قلت : أنا أيضاً أعتذر , و لكني لا أحب أن تحذف الياء من اسمي
ازدادت ابتسامته اتساعاً و تمتم : لك ذلك – بث في صوته شيئاً من الجدية و هو يردف - ألم تنتهي بعد ؟
أجبته بارتباك و أنا ألتفت للحاسوب : بعد قليل
تنهدت بقوة عندما خرج مرة أخرى تاركاًَ إياي في تلك الغرفة المليئة بالمستندات
نهضتُ من مكاني و توجهتُ للنافذة أراقب السيارات , نيويورك مدينة لا تهدأ أبداً
نايجل , اخرج من عقلي , دعني أرى حياتي و عملي , لا .. لا تخرج و لكن عُد إليها ,
نايجل عُد أيها الغامض .
طلبت قهوة حتى أستطيع التركيز , أود العودة للمنزل اليوم باكراً و أسأل كايسي عما فعله في المدرسة و أنام
ركزت في التقارير التي أمامي , لأتمكن من إعادة صياغتها بشكل مثير و جذاب
أصعب شيء وضع عنوان لمقالٍ ما
أغلقت الـ Lap Top الخاص بي , وضعته في الحقيبة ثم حملتها خارجة و بيدي الأخرى قبعتي التي لا تفارقني , وضعتها على رأسي بحيث تكون مقلوبة للخلف , مظهري يبدو صبيانياَ أكثر , هكذا يقول لي كايسي و لكني أرى العكس فهذا مظهر عملي و ليس صبياني >> أ و هناك فرق ؟!
أفضل دائماً العودة لمنزلي مشياً على الأقدام منذ تلك الواقعة , ربما شيء ما بداخلي يتمنى لو أرى أحد هؤلاء الرجال المتشحين بالسواد , حتى لو كانوا يطاردون نايجل و لكن المهم أن أرى أحدهم
- أنظري أمامكِ جيسيكا
جفلتُ فور سماعي الصوت الذي لا أدري من أين أتي و لا كيف وصل إلي , على الرغم من تركيزي في إيجاده , فـ صُدمتُ عندما وجدني هو !
شعرتُ به و هو يحمل حقيبة الحاسوب عني , يمسك بيدي و نعبر الشارع سوية , لابد أنه حلم , لا أصدق
التفتت له بكامل جسدي و رفعت وجهي لأراه جيداً
كان يبدو على ملامحه التعب و الإرهاق و شعره لم يعد طويلاً أبداَ , بل أصبحت خصلاته قصيرة للغاية , بدا لي أنه يحتاج للنوم بشدة و لا أدري لم راودني هذا الخاطر , ما الذي حرمه النوم ؟
تلمست وجنته بحركة جريئة لم أتوقع أن تصدر مني يوماً , هاتفة بقلق اشتعل في صدري : ماذا بك نايجل ؟
لم يجبني مما زاد قلقي و لكنه تمتم و على شفتيه شبه ابتسامة : تعالي معي , لا أستطيع التحدث معكِ هنا
انتبهت أننا في الشارع و أنا أضع يدي على كتفه فسحبتها بإحراج على الفور
لم يبتسم كما توقعت أن يفعل , بدا أنه انشغل بأمر ما و هو يدير وجهه في المارة أو في الطريق , لم أدري , تسللت يده لتمسك بيدي و مشينا .. توقفنا أمام سيارته , فتح الباب لي بصمت و اتجه ناحية المقود
بعد فترة عرفت إلى أين نتجه , فعلى الرغم من أني أعرف طريق منزله لكن لم يخطر لي أن أذهب إليه ؟
وصلنا لتلك البوابة الكبيرة ليخرج نايجل من جيبه بطاقة إلكترونية
و يمررها من بين تلك الفتحة الضيقة لأسمع صوتاً إليكترونياَ : مرحباً سيد ناي
احمر وجهي عندما سمعت الاختصار الذي وضعته لاسمه , بينما ابتسم هو و تمتم : لقد أعجبني الاسم , نـاي
قال الاختصار و هو يمدده بصوته المرهق المبحوح مما ذاد من قلقي ليصل للذروة .
بمجرد أن دخلنا فوجئتُ بـ شاب ذا شعر أسود و عيون زرقاء وجهت إليَّ نظرة حادة
ارتبكت و لم أعرف ماذا أفعل , شد نايجل على يدي و أمسك بحمالة حقيبتي و قال و هو يمدها لذلك الشاب : أرثر , أمسك بهذا
أمسك به أرثر و تحولت نظرته الحادة لنظرةٍ متسائلة , عاد نايجل مرة أخرى ليشد على يدي , لم أفهم لماذا يفعل ذلك و لكني نظرت إليه فوجدته ينظر إلي ثم ينظر للأرض
فنظرت للأرض ليسرع هو بخطواته و نختفي من أمام ذلك الشاب
همس لي : ألا تفهمين , لم يكن عليكِ أن تنظري له هكذا ؟
قلت ببلاهة : لماذا ؟ , كان يـ
قاطعني بصود حاد : لا يجب أن يحفظ ملامحكِ , من المفترض ألا أُحضر الغرباء إلى هنا , لكني مضطر
رددت وراءه : مضطر !
حينها كنا قد وصلنا بطريقة ما لغرفة واسعة بها سرير كبير فسيح و أرائك مطلية باللون الذهبي كتلك الستائر المنتشرة بأرجاء الغرفة
قال بنبرةٍ مرهقة : جيسي , أعجز عن النوم
احمر وجهي و قلت بكلمات متلاحقة من توتري : و .. و ماذا .. ماذا أفعل ؟
أمسك بيدي و أجلسني على أريكة كبيرة بجوار الباب الذي دخلنا منه للتو
وضع رأسه على صدري فجأة ثم همس : دعيني استعير صدركِ , جيسيكا .
تخدرت أطرافي و لم أعلم ماذا أفعل , هل أدفعه بعيداَ عني و أهرب أم أحتويه بين ذراعي ؟ ..
ظللت لفترة صامته دون حراك ,
أساسا لم أملك ما أفعله ,
أخذت نفساً طويلاَ ثم همست أنا أيضاً : نايجل , ماذا حدث ؟
لم يرد علي , لا بد أنه قد نام , رفعت أصابعي و أخذت أمسح على شعره بهدوء و حنان كما كنت أفعل مع كايسي أيام الامتحانات
تحرك فجأة لأرفع يدي عنه , أخرج ما بدا لي كالصورة و رفعها إلي
رأيته و معه فتاة فائقة الجمال بتلك العيون الزرقاء الفاتحة و الشعر الأشقر الطويل و ابتسامتها الرائعة , كان يبدو لي سعيداً أيضاً
شعرتٌ بـ شيء من الألم في صدري و أردت أن أفهم حقاً ما الذي يحدث ؟
رفعت نظري من الصورة إليه , لتتعلق عيناي بعينيه , و كأنه قرأ سؤالي فقال : هذا , ليس أنا – ابتسم و أظنه فعل عندما رأى تعبير وجهي – جيسيكا لدي أخ توأم
صرخت بذعر : تمـزح , لا يمكن !
رفع حاجبه مستغرباَ : لماذا ؟
تمتمت و كأني أفيق من صدمة : أنت .. توأم !
نظرت للصورةِ مرة ً أخرى ثم إلى وجهه , قلتُ أخيراًَ : جيد أنك قصصت شعرك – تحولت ملامحي للإحباط – لكن لمـاذا ؟
أغمض نايجل عينيه مرة أخرى ثم عادت نبرته للهمس و لكنها هذه المرة محملة بالألم , كل الألم
- كنا في مهمة , أنا و أخي و هي
قاطعته : ما اسمها ؟ - عضضت على شفتي , لقد .. قاطعته -
لم يبدو لي أنه تضايق و هو يكمل بهدوء غريب : اسمها . . يونـا – صمت قليلاً ليردف - ماتت أثناء المهمة
حلّ الصمت ثقيلاً على الغرفة , شعرت به يدفن رأسه بصدري أكثر و كأنه يود الاختباء
مشاعر كثيرةٍ تحركت في داخلي , ليس هذا نايجل الذي أعرفه
أجل ليس معرفة طويلة , التقيته أربع مراتٍ فقط , لكن هذه الشخصية التي أمامي ليست أياً من شخصياته
لِمَ جاء بي إلى هنا ؟ , لماذا أنا ؟
- لقد منحته حياتها ... أعطته عبوة الأكسجين الخاصة بها و اختفت
بدت لي نبرته شاردة و كأنه في عالمٍ آخر , سألته : كيف .. اختفت ؟
أجابها بعد فترة صمت : لم أجدها عندما بحثت عنها , لم أنتبه إلا لأخي .. لم يخطر ببالي أن هذا ما سيحدث .
سألته مرة أخرى بحذر : هل وجدتم جثتها ؟
أومأ لي برأسه : أجل , وجدناها بعد أربعة أيامٍ من البحث المتواصل , لقد سبح جسدها في المحيط و لكن يبدو أن دوامة ما أخذته بعيداً , كاد أنجل أن يُجن في تلك الفترة , كل الدلائل كانت تشير لانعدام فرصة بقائها على قيد الحياة
قاطعته : أكان يحبها لتلك الدرجة ؟
أومأ لي ثم صمت , أحياناً ألعن فضولي , لو لم أقاطعه لما صمت الآن , ماذا أفعل ؟
طال الصمت كثيراً فأدركت أنه قد نام خاصةً أني لم أتوقف عن المسح على شعره
لاحظتُ جرحاً حديثاً في وجنته , مررت سبابتي عليه برفق فقطب بين حاجبيه لأزيل يدي فوراً محرجة
تنهدت , إلى متى سأظل جالسةً هكذا , لابد أن كايسي عاد الآن من الثانوية , أخرجتُ هاتفي من حقيبتي بهدوء لأجد أن هاتفي خارج التغطية ==" , تباَ ماذا أفعل الآن ؟ , أتمنى ألا يقلق كايسي عليّ
- لآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ
__________________ أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد! |