\\ نـآيجـل ..!
ابتسمتُ لردة فعلها الغير متوقعة تماماً , حقيقة توقعت أن تخجل كما حدث تلك المرة حين قبلتها على الرغم أنها صرخت علي و لكنها خجلت ! , هذه المرة مختلفة تماماً لقد صرخت علي أولاَ , تباً لم تتورد وجنتاها بذلك اللون الأحمر الجميل , حسناً
قلت بنبرة حالمة رداً عليها : مجنون بحبكِ ؟ , جيسيكا لقد أحببتك منذ أول مرة وقعت عيناي عليكِ , لقد أنقذتني , جيسي لا تكوني قاسية عليّ هكذا .. لو لم أكن أحبك لما لجأتُ إليك في هذا الوقت !
بدت لي مذهولة تماماً مما تسمع ثم تمتمت بنبرة تحمل الشك : تمزح
ضحكت في سخرية ثم أشحت بوجهي قائلاً : أجل معكِ حق , أنا أمزح معكِ
حينها أمسكت جيسي بوسادة من وسائد الأريكة و قذفتها نحوي , لولا سماعي لصوت اهتزاز الأريكة لأصِبتُ بقذيفةٍ مباشرة
التفتُ إليها و أنا أمسك بالقذيفة .. أقصد الوسادة و لكني ذهِلتُ
كنتُ على وشك الابتسام و إخراج لساني و قول الـ نا نانا نانا نا و لكني صمتتُ تماماً .. تمـاماً
لم أتخيل يوماً أني سأراها في هذه الحالة , الدموع بللت وجنتيها و لم يُخفي هذا البريق الغاضب في عينيها
اقتربت منها بهدوء ثم همست و أنا أمد يدي لأمسك بذراعها : جيـ..
بترت كلمتي عندما ضربت يدي فجأة , صارخة : دعني !
استدارت و غادرت الغرفة وسط صدمتي
حينها شعرت أن يونا معي , تحثني ألا أتركها ترحل بهذه السهولة
و انطلقت ورائها , خارجا من الغرفة و من أسوار عزلتي التي أسرتني طوال الفترة الماضية
خرجت لألحق بفتاتي , أجل هي فتاتي و ستصبح كذلك شاءت أم أبت !
لم أتخيل أن تختفي جيسي كما اختفت يونا بلمح البصر , مازلت لا أصدق أنها غادرت عالمنا
و بهذه السهولة
لم أنتبه وسط شرودي بأطياف يونا الراحلة إلا و قد أمسكت بإحدى يديّ جيسي رغم مقاومتها , أدرتها تجاهي و رفعت يدي الممسكة بيدها لأشدها نحوي أكثر
تمكنتُ حينها من القبض على يدها الأخرى و أصبحت أسيرة ذراعاي .. من جديد
شعرت بصدي دقات قلبي تدق على عمودها الفقري , أنفاسها اللاهثة , دموعها التي بللت كميّ قميصي
كلها كانت عوامل لانهياري , لا أتحمل أن تكون في تلك الحالة , أسندتُ رأسي على كتفها و همست : جيسيكا ... لم أكن أمزح أبداً , أنا أريدكِ , أنتِ لي وحدي , لن أسمح لأي شخص أخر أن يسرق هذا الحضن مني ثم .. إني أشفق لو تزوجتِ شخصاً أخر ألا يحتمل فضولك
شعرت بضحكها المكتوم فأطلقتها لتضربني على صدري هاتفة : يا لك من شرير نــــاي
ضممتها إلي و أنا أتمنى بشدة أن أقع في النوم و لا أصحو , لا أريد لهذا الحلم أن يهرب مني , هل هو حُلم ام حقيقة ؟
نظرت لملامح جيسيكا المبتسمة و أكدتُ في نفسي :" بل هي حقيقة , حقيقة رائعة "
همستُ : لم أسمع جواباً
سعلت جيسيكا حتى احمر وجهها , فقلقت و اقتربت منها قائلاً : أنتِ بخير ؟!
أشارت لي بيدها ثم توقفت بعدها بقليل , أخذت نفساً عميقاً ثم فتحت عينيها المليئتان بالدموع أثر سعالها و قالت بصوتٍ متحشرج : كلا , لا أستطيع
في البداية ظننتها تمزح ثم وجدتها حملت حقيبة يدها و تتوجه للدرج الكبير , توقفت و التفتت لي و قالت بارتباك : هل لك أن تخبر أرثر أن يحضر لي حاسوبي ؟
شعرتُ ببعض الغضب ثم هدأت نفسي بالعد تنازلياً من العشرة للواحد
نظرت إليها ببرود لأشعر بارتجافها و هذا ما أريد , أن أبث الخوف في أوصالها , هه يا لي من شرير حقاً
قلت ببرود و لا مبالاة : أجل سأخبره ليحضره و يوصلكِ لمنزلك أيضاً
أجابتني بعد برهة : لا داعي لـ
قاطعتها بصرامة و بلهجة حازمة اعتدتُ على استخدامها : أنا مَن أحضركِ إلى هنا و سأُعيدُك
جفلت لنبرتي , منعت نفسي من الابتسام بصعوبة و أنا أوجه لها نظرة غاضبة لثانية و أغيرها لنظرة استهزاء
أزلت عيني من عليها بصعوبة , كم أتوق لأشعر بملمس شعرها بين يداي , همسها باسمي .. كل شيء فيها يجذبني و أوله فضولها الغريب
سمعت صوت خطواتٍ على الدرج و انتبهت من شرودي , التفتت إلى حيث كانت تقف فلم أجدها
لم أحتج وقت لأجد نفسي أسرع على الدرج و لأول مرة أكون سعيد لأنه طويل , ابتسمتُ بسذاجة , يبدو أن موت يونا قد ذهب بباقي العقل الذي لدي لأجلس على سور الدرج متزحلقاً للأسفل !!
هتفت بضحكةٍ مجلجلة : جـيـسـي
استدارت لتتسع عينيها و هي تراني أنقض علها كما يفعل الأطفال
وقعنا أرضاً بعد أن احتويتها بين ذراعي لأقيها من قوة السقطة , سمعتُ تأوهها فسألتها بقلق : أنتِ بخير ..؟!
لتصرخ بغضب : أي مجنون أنت ؟
و كانت المرة الثانية التي تقولها و كذلك المرة الثانية التي أجيب : مجنونُ بحبكِ جيسيكا , لا تتركيني
وضعتُ رأسي على كتفها و مازلنا على أرضية القصر , لم أكن أريد النظر بوجهها , لم أخجل و لكنها رفضتني منذ قليل فكيف استطعت أن أطلب منها هذا مرة أخرى , يا لي من غبي
- نايجل أنتَ تخنقني
نهضت من فوري و قد أملت رأسي للأمام بحيث تغطي خصلات شعري عيني ثم تذكرت لقد قصصته !
فأشحت بوجهي عنها , لا أريد أن أنظر في عينيها , لماذا أشعر بالضعف معكِ جيسيكا ؟ .. لماذا ؟
شعرت بها تبتعد فقلت بتلك النبرة الحازمة نفسها : انتظري , قلت سأعيدكِ لمنزلك .
هتفت بنبرةٍ غاضبة : آرثــر
لمحت تعابير الخوف على وجهها , تمنيت لو استطعت إزالتها و لكن فات الأوان , فأنا أشعر بالغضب
أشعر بالغضب من كل شيء , موت يونا , وضع آخي , رفضها لي , أشياء كثيرة تجمعت لتضعني في تلك الحالة الشنيعة من الغضب
بمجرد أن انتبهت لوقوف أرثر أمامي قلت ببرود , أريد أن أتمالك نفسي لأفكر بطريقة صائبة : أريد الحقيبة
و من حُسن حظ أرثر أنه فهم أنها حقيبة جيسي إذ ذهب لإحضارها
أو ربما شعر بتلك الهالة الغريبة من الغضب التي تشع من كل أنش في جسدي , ففضل ألا يتحدث من الأساس
نزعت الحقيبة من يده نزعاً , لا أدري حتى ما الذي دهاني و جعلته يمسك شيئاً من أشياء جيسيكا !
مشيت بخطوات سريعة , لفح الهواء البارد وجهي بمجرد خروجي من بوابة ذلك القصر شعرت به يُبرد شيئاً نيران الغضب المتأججة في صدري
فتحت لها باب السيارة و انتقلت للجة الأخرى , جلستُ على مقعدي و وضعت حقيبة الحاسب على المقعد الخلفي
جلست بجواري و أغلقت الباب في صمت , لم تتحدث أبداً
لا أنكر أن هذا أزعجني .. أزعجني كثيراً , لم أعتد على جيسي الصامتة
و بمجرد أن وصلنا لبداية حيها قالت بصوتٍ منخفض : سأنزل هنا
قلت ببرود و لم ألتفت إليها : لماذا .. ؟
سعلت - ربما لتظهر صوتها – ثم أردفت بهدوء : هذه السيارة غير سيارتك السابقة , لا يجب أن تدخل بها هنا هكذا !
ابتسمت , فتاةُ غيرها ستسعد بتلقي التساؤلات حولي و حول السيارة الفخمة التي دخلت بها
قلت ببرود أكبر : حسناً
مددت يدي و أمسكت بالحقيبة و أعطيتها إياها , أمسكتها و خرجت من السيارة بدون أي كلمة
مشت أمامي و كان الضوء مسلط عليها , طرأت لي لعبة ما فبدأتُ أغلق ضوء السيارة بالتدريج لتظن أني أبتعد
و بمجرد أن أطفأته تماماً حتى جلست على الرصيف واضعة الحقيبة على قدميها و أسندت رأسها عليها
تعجبت منها و تصاعد قلق كبير في صدري : ما بها ؟
نزلت من السيارة دون أن أغلق الباب , وقفت أمامها سائلاً إياها بهدوء و قد خشنت نبرة صوتي قليلاً : يا أنسه , أنتِ بخير ؟
هزت رأسها بـ لا فأكملت بنفس الصوت الخشن : هل أستطيع أن أفعل شيء لكِ ؟
قالت بصوتٍ متحشرج , كانت تبكي : اذهب للبناية الرابعة , أول الشارع و ابحث عن كايسي وينر
حينها شعرت بالصدمة , فعدتُ لنبرتي و قلت : هل أنا السبب جيسيكا ؟
شهقت و رفعت وجهها إلي , محاولةً تبين ملامحي , و ظلت على هذا الوضع لما يقارب النصف دقيقة
وضعتُ يدي على شعرها و بعثرته قائلاً : لِمَ البكاء أيتها الطفلة ؟
نهضت فجأة و جرت مبتعدة عني و لكن صوت شهقاتها يرن في أذني فـ تبعتها
أوقفتها بالقرب من البناية التي تسكن بها و قلت بهدوء على الرغم من نفاذ صبري : جيسيكا , ماذا بكِ ؟ , أنا لم أفعل لكِ شيئاً – صمتتُ قليلاً و أنا أسترجع ما فعلته طوال اليوم و أكملت بشك- هل فعلت ؟
هزت رأسها دلالة للنفي فسألتها : ما الأمر إذن ؟
أشاحت بوجهها و ما زالت تمسح دموعها و قالت بجدية : نايجل إن لم تكن تريد أن نكون أصدقاء لا تمزح معي بهذا الشكل
قطبتُ حاجبي مفكراً ثم قلت لها بعدم فهم أو ربما ادعيت الغباء لتكمل هي حديثها : ماذا , لم أفهم ؟
أجابت بخفوت : طلبك للزواج !.. لا تمزح معي مرة أخرى
تحولت ملامحي للجدية فوراً , أمازالت تظن أني أمزح ! , هتفت بعصبية : لم أكن أمزح جيسي , أنا جاد تماماً في
هذا
صمتت , فأكملت : جيسيكا أنا لا أعرف إن كنتِ مرتبطة أم لا , كنت أنانياً في طلبي فاعذريني
حينها رفعت وجهها إلي و قد ابتسمت و هي تقول : هل أعيد جملتي تلك مرة أخرى ؟ - أكملت بمكر – إن كنت جاد , فـ علينا أن نلتقي أكثر من هذا , لنعرف طباع بعضنا البعض و نرى مدى توافقنا
ذكرني مكرها هذا بأحدهم , يتحدث بنفس الطريقة , صمتت بداخلي .. يونا
ضحكت ثم قلت لها و أنا أمسك بيدها : لقد تأخرت على كايسي
شهقت للمرة الثانية و صرخت : تبـاً , كايسـي
شعرت أنه ليس أخوها الصغير , أشفقت عليه , فربما تعامله كابن لها و ليس كـ أخ , تخيلته ثم تمنيت لثانية أن أكون مكانه , هززتُ رأسي بـ شدة باعداً تلك الأفكار ..الغبية نعود للقصر , حينما ضحك نايجل تلك الضحكة المجلجلة قبل أن ينقض على جيسيكا و يسقطها أرضاً
فتح أنجل عينيه على صوت تلك الضحكة السعيدة
نهض من سريره بسرعة نافضاً الغطاء الثقيل الذي كان يغطيه على الأرض
فتح باب غرفته الذي لم يفتحه منذ أن عاد من تلك المهمة
منذ شهرين
سمع كلمات جيسي : أي مجنون أنت ؟!
نظر من أعلى الدرج للأسفل , ليرى أخاه مع فتاة أخرى
لم تكن يونا لكن .. صوتها
تحرك لينزل الدرج : إنها يونا بلا شك , هذا صوتها ..صوتـهـا
هذا ما كان يدور برأسه قبل أن يتبين وجهها و هي تبتعد عن نايجل و تظهر له فتاة أخرى تماماً عما تخيلها
فتاةً ذات شعر بني ليس بالطويل كما كان شعرها
ترتدي بنطالاً من الجينز و قميصاً أبيض مخطط بالأزرق
توقف , ليست هذه فتاته الرقيقة , و ليست هذه ثيابها
جلس على الدرج و أسند جسده عليه , مغمض العينين و قد استقرت خصلات شعره الحمراء التي طولت كثيراً على وجهه لتخفي تلك الهالات السوداء تحت عينيه
بدا كأنه يفكر بأمر ما و سرعان ما فرت دمعة من بين أهدابه لنعرف فيم كان يفكر .. يونا
تنهد قبل أن يُردف : لماذا فعلتِ هذا بي يونا ؟ , لماذا لم تتركيني أموت حتى لا أشعر بهذا الألم .. يونا هذا مؤلم ..مؤلم جداً
__________________ أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد! |