استيقظتُ مبكراً جداَ , بل لم أستطع النوم في تلك الغرفة من الأساس , أحسستُ أن نايجل يراقبني من مكانٍ ما
لم أشعر بالراحة , تسللت من الغرفة
وقفتُ بذلك الممر الطويــل , فكرتُ سأبحث عن غرفة نايجل
مشيت لبداية الممر من ناحية اليسار
ثم فتحت أول غرفة , وجدتها خالية
الغرفة الثانية , وجدتُ بها آلات موسيقية !
الغرفة الثالثة , فتحت الباب لأجده أمامي
ابتسمت و أنا أحييه : مرحباً نايجل , هل نمت جيداً ؟ , عليك أن توصلني للمنزل لأبدل ملابسي و اعود للعمل
لا أدري لِمَ اتسعت عيناه ذهولاً عندما رآني , ثم وقف بحدة صارخاً بوجهي : أي عمل .. أنتِ مجنونة !
لم أفهم لم غضب فقلت ببلاهة : لماذا ؟
ثم انتبهت لشعره الطويل , ملامحه المرهقة , نظرة عينيه الغريبة إليّ .. هذا ليس نايجل
تراجعت خطوة لكنه أمسك بذراعي , جذبني نحوه , قال بنبرة شوق عميق لم أتحملها : اشتقت لكِ يونا
قبلني بعنف , ضربته على ظهره كي يدعني .. تركني , سأل بابتسامة : ماذا حبيبتي ؟
لم أتحمل و بدأت دموعي بالانهمار , مد ذراعيه ليحتضنني و قد ظهرت علامات القلق على وجهه قائلاً : ماذا بكِ يو..
صرخت : كفى , لستُ يونا
توقف كل شيء , ظل ينظر لي بذهول , قال : إن لم تكوني يو..يونا
قبض بكلتا يديه على عنقي و هو يُكمل : فأنتِ شيطــان بوجهها
اختنقت و شعرت أن روحي ستغادر جسدي في تلك الثانية لا محالة
لم أميز أي شيء حولي سوى عينيه الزرقاوتين ذات النظرة الغريبة
و فقدتُ الوعي كنتُ نائماً بعمق , لم أحلم في تلك الليلة أبداً ثم سمعت صوت الباب يفتح بقوة لأنهض من سريري فجأة
صرخ أرثر : تعال لغرفة أنجل
حينها قفزت من السرير , لم أكن أرتدي سوى بنطالي الجينز و هرعت وراءه
دخلت غرفته لأجد اثنين من الممرضين يمسكان بـ أنجل و الطبيب الخاص به بيده حقنه , يبدو أن أخي قد دخل في إحدى ثوراته , انزعجت فقد اعتدت على هذا الأمر منذ فترة , ما الجديد ليوقظني آرثر من النوم
و حين وقعت عيني على جيسي ممده و ممرضة تحاول اسعافها , أسرعت إليها
قلت بقلق : ماذا بها ؟
أجابني أرثر : لقد حاول أنجل قتلها , نايجل أخبرتك أنه يجب أن يُعالج بأسرع وقت
سألتُ الممرضة مرة أخرى : ماذا بها ؟
ردت بعدم اهتمامٍ لي : لا تتنفس , سـ
لم أدعها تكمل كلامها , أبعدتها بحده و فتحت بداية قميصها ثم أعدتُ رأسها للخلف قليلاً و رفعت ذقنها بيدي اليسرى ثم أغلقت أنفها بيدي اليمنى و أخذتُ نفساً طويلاً , وضعت فمي على شفتيها و نفختٌ بقوة
و حين شعرت بصدرها يعلو ابتعدت لأعد خمس ثوانٍ بساعتي ثم كررت الأمر
أحسست بعدها أنها عادت للتنفس الطبيعي , لاحظت آثار يدٍ على رقبتها
شعرتُ بالألم , من المفترض أن يكون المكان آمناً لها
ثم تواجه الخطر على بعد أقدامٍ مني و لا أشعر , تباً
حملتها و توجهت لـ غرفتي , وضعتها على السرير برفق , رفعت سماعة الهاتف الداخلي و أخبرت الحارس أن يجهز سيارتي
ارتديت قميص لا أدري ما لونه , عُدت لحمل جيسيكا بعد أن اطمأن قلبي أنها تتنفس
خلال دقائق كنتُ أضعها على المقعد في سيارتي و أثبتها بحزام الأمان و أنطلق خارج أسوار ذلك القصر
على أنجل أن يتجاوز الأمر , سأسافر به للعلاج , المهم أن يعود لطبيعته
سمعتُ أنيناً مكبوتاً بجواري و .. خفت
خفتُ كثيراً ثم توقفت على الرغم من أصوات السيارات خلفي , لم أبالي
خشيتُ أن تزعج هذه الأصوات جيسي فـ ضغطتُ على زر خفي بجوار المقود فارتفع زجاج ذا لونٍ غامق فوق الزجاج الأصلي للسيارة ليعم الهدوء
همست : جيسيكااا .. جيـسي
فتحت عينيها الزرقاوتين و التفتت بوجهها علي ليميل شعرها البني القصير معها
ابتسمتُ لها فارتجفت , تحولت ملامحي للقلق العارم و سؤال واحد يتصاعد في عقلي : ما الذي فعله أنجل بالضبط ؟ , ما الذي فعله ؟
وضعت يدها على عنقها و هي ما زالت تنظر لي , لاحظتُ تحرك يديها بحثاً عن مقبض الباب و لكنها لم تجده
سعلت ليظهر صوتي : جيسيكا أنا نايجل , لا تخافي
امتلأت عينيها بالدموع ثم أجهشت بالبكاء مرة واحدة و هي ترفع قدميها لتسند رأسها عليها و تبكي
خُيّل إللي أنها ستبكي بلا توقف فأسندت رأسي بدوري للمقود و قلت : آسف جيسي , أنا أعتذر على كل شيء .
أكملت في نفسي : لقد زلزلت حياة تلك الفتاة البريئة , المرحة , الحيوية , المشتعلة بالطاقة و الحماس .. لن أسمح لنفسي بتحويلها لفتاة خائفة ,منطوية ,تخشى الموت في أي لحظة بجانبي , أين كان عقلي و قلبي يقودني ؟ , أين كان إحساسي بالمسؤولية ؟! , لقد رميت بكل القواعد و القوانين عرض الحائط في سبيل سعادتي
بمجرد أن شعرتُ أنها توقفت عن البكاء بدأت بالتحرك بعد أن أزحت شيئاً من الزجاج الغامق عن مجال رؤيتي
وصلنا لمنزلها بعد فترة من الصمت الخانق
قلت بمجرد أن أوقفت السيارة : أكملي حياتكِ جيسيكا و أعدكِ .. لن يتعرض لك أحد
ضغطت على زر و فور ضغطي عليه فتحت بابها و خرجت , تجري لبوابة البناية التي تسكن بها
كم آلمني هذا المشهد , جيسيكا تهرب مني , أصبحت مصدر خوف لها بدل أن أكون مصدر أمان
\\ بعد أسبوع
كنت أتسكع في الشوارع دون هدف , أخرجتُ هاتفي و اتصلت بأحد ما
ليجيب : مرحباً نايجل
أجبته بهدوء : مرحباً , كيف حالها اليوم ؟
رد علي بمرح : لا تقلق لقد عادت لطبيعتها , أنت لم تتصل من أربعة أيامٍ كاملة , لقد تحسنت فيها كثيراً
ابتسمتُ بألم و أنا أجيبه باقتضاب : جيد
شعرتُ بالألم , كم تمنيت لو أنني مايكل لأراها الآن , أنهيت الاتصال بقولي : أحادثك لاحقاً
ثم ألقيت به في جيب معطفي , لا أريد أن أضعف فأذهب إليها الآن , ربما أختطفها و أسافر بعيداً أو أتسلل لغرفتها ليلاً و أراقبها أثناء نومها أو ربما أنتحل شخصية مايكل ليوم و أخبره أن يأخذ أجازه .. لا لا ربما أخذ أجازة من عملي و ..
صرخت : تباً
أمسكتُ رأسي بـ كلتا يداي و أنا أحاول إبعاد هذه الأفكار عني , لم أهتم لكل تلك العيون التي تراقبني , ربما تظن أنني مجنوناً ما , تنهدت ثم رفعت رأسي لبعض الصبية , كانوا يراقبونني بترقب , ينقلون بصرهم بيني و بين السيارة التي أستند عليها
ابتسمت لهم فتراجعوا خطوة , قلت : أتريدون لمسها , تعالوا
ثم أخرجت جهاز التحكم الخاص بسيارتي و جعلتها تضيء من جميع النواحي حتى أصبحت كتلة متلألئة بالشارع
نسيت نفسي و أطفأتها بسرعة , ابتسمتُ بوجههم قائلاً : هل ألعب معكم – و أشرتُ على كرة السلة بيدٍ أحدهم –
أخذوني لملعبهم و بدأنا باللعب , اختُ الكرة من أحدهم و انطلقتُ بها , أوقعتُ بصبي صغير – كيف لم أنتبه إليه – و كلن جسدي كله بدأ بتسديد الرمية ليرتفع عن الأرض و يُدخل الكرة بالسلة و أظل معلقاً , فوق ..
شعرتُ أن هذا الوضع يشبه حالي كثيراً نزلت للأرض , التفتتُ لأجد صبيان أكبر من البقية يدخلان للملعب
سألاني : من أنت ؟
أجبت بابتسامة : مرحباً .. أنا نايجل , و أنتما ؟
أجابني الأول بضربة على كتفي : أنا نيو و هذا رفيقي كايسي
قال كايسي : هل أنت جديد بالمنطقة , لم أرك من قبل ؟
هز نيو كتفيه و هو يبتعد ليضع حقيبته بعيداً : و من يهتم ؟! , أريد أن ألعب معه
ابتسمت , فضوله يشبه فضول .. اتسعت عيناي و أنا أحدق بملامح الفتى ثم قلت : اسمك كايسي .. وينر ؟
جزءٌ مني تمنى أن ينفي بينما تمنى جزء آخر أن يؤكد ما قلت
أجابني و قد بدت على ملامحه الدهشة و الشك : أجل , كيف عرفت ؟
صمتتُ لثانية أتأمل ملامحه , يشبهها كثيراً نفس العيون الزرقاء و الشعر البني و النظرة الفضولية !
ضحكت و قلت : يا إلهي أنتما تتشابهان كثيراً , يا لها من فتاةٍ فضولية
سألني مرة أخرى بحزمٍ : لم تجب سؤالي ؟
جلستُ على الأرض قائلاً له : على مهلك , اجلس
فجلس على الفور لأكمل : جيسيكا تتدرب تحت يد صديق لي و قد اعتدت على رؤيتها عند زيارتي لمقر الصحيفة
- أكملت بلا مبالاة زائفة – الأمر ليس بالأهمية , و لكن شكك بي هو ما جعلني أتذكرها
ابتسم بخبث و لم أفهم ابتسامته إلا عندما قال : إذا كان الأمر هكذا فلا أستطيع القول إلا , رائع , حقيقة أنا أجمع الأشخاص لأنها تنوي الارتباط قريباً , و أخيراً وجدت صديق هذه الجيس
لو لم أكن في صدمة لكنت ضحكت على اختصاره لاسمها لكني وجدتُ نفسي أصمت محدقاً بوجهه كالأبله !
شعرت بانفعال جارف يشتعل بعروقي و قد ارتفعت درجة حرارتي بفعل تسارع دقات قلبي
قلت بصوتٍ مختنق : تمنى لها حياةً سعيدة بدلاً عني
نهضتُ لأغادر , أشعر بقضبان هذا الملعب تحاصرني , أريد أن أهرب
أريد أن أهرب لأي مكان و أي زمانٍ غير هذا
بدأت بالحركة بالفعل عندما قال كايسي : هل تحبها , نايجل ؟
جفلت , تباً لماذا أشعر بكل هذا الضعف , لم أرد عليه و أكملت طريقي
سمعته يقول : أنا أمزح نـــاي
التفتتُ بحدةٍ إليه , تقدمتُ بخطواتٍ سريعة نحوه لأمسكه من ياقة قميصه و أصرخ بها : هل تمزح معي يا هذا ؟
ألم تعلمك أمك ألا تمزح مع الكبار
تمتم بارتباك : هيي هيي , اهدأ يا رجل , لم أكن أعلم أنك تحبها لهذه الدرجة
انتبهت أني سأخنقه إن استمر الوضع فتركته ليقع أرضاً
وقف و تحول هدوءه للانفعال و هو يقول : لماذا تركتها ؟
التفتتُ إليه بحده ليردف : لماذا ؟ , ألا تعلم كيف تعيش الآن , لم أر أختي تبكي من قبل ثم تبكي عليك أنت , سحقاً .. من أنت لتبكيها , من أنت لتحرك شيئاً في قلبها , من تكـون ؟
كل ما يقوله كان يشبه الصواعق التي تنزل على رأسي الواحدة تلو الأخرى , تراجعت خطوتين للوراء ثم قلت بهمس : ماذا تقول أنت ؟ أنا لم ..
صرخ بوجهي : هل تحبها أم لا ؟
صرخت بدوري : بلى أحبها .. - أكملت بخفوت - أحبها كثيراً
ضحك ذلك الفتى الآخر " نيو " ثم قال بسخرية : بدلاً أن تبحث عنه كايسي أتى هو بقدميه إليك , كم أنت محظوظ يا وينر .
ابتسم كايسي ثم أكمل : لماذا تركتها إذن ؟
لم أعلم أي تعبير ارتسم على وجهي حينها , لكني تذكرت آثار أصابع أخي على عنقها , كيف أعود إليها و أنا من سبب لها هذا , كيف ؟
- نايجل , أيا يكن ما حدث , فلا تدعا الغباء يفرق بينكما , أنتما تحبان بعضكما كثيراً كما يبدو لي , فلم تضيعان على بعضكما تلك اللحظات الحلوة ؟
رفعت وجهي إليه ثم قلت ببرود – أشعر أني أظهرتُ كثير من انفعالاتي اليوم , و لذا يكفي ^^ - : سنرى
التفتتُ لأغادر فقال باستياء : إن لم تعد إليها خلال يومين يا نايجل , فسأبحث عن شاب يناسبها
شعرتُ بالغضب من هذا الشاب المستهتر فالتفتتُ إليه و قد علا الغضب ملامح وجهي : ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟ , هل تلهو بي يا فتى ؟ - زفرت لأهدأ ثم قلت بتسرع و قد حزمت الأمر , لا حياة لي بدون جيسيكا و ليذهب الجميع للجحيم – : خذني لمنزلكم
علت الدهشة وجه كايسي , لم أستطع الضحك فرفعتُ حاجباً مستغرباً و عندما لم أجد منه استجابة
خطوتُ لأصل إليه و أمسك بيده قائلاً بعصبية : هيــــا Opening the door, I started walking
to the world that leads to you.
I have to grope
for everything.
The future is unseen.
But on the other hand, that's why it's so exciting.
I'll erase my anxieties
with love.
__________________ أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد! |