فرسان التفاوض
بقلم
:
رشيد ولد بوسيافة.
موقف "بطولي" سجله رئيس السلطة الفلسطينــــــــية
محمود عباس سيذكره التاريخ لا محالة عندمـا دعــــــا
إلى تجميد الإستيطان مقابل الإستمرار في المفاوضات.
بهذه الطريقة يدافع الرئيس الفلسطيني عن حقـــــــوق
الشعب الفلسطيني الذي يُقتَّل ويشرد في بقـــاع الأرض
وتنتهك حرماته، وتغتصب ممتلكاته بينما همّ الرئــيس
عباس الوحيد هو تجميد مؤقت للإستيطان، لــــــــذلك لا
عجب أن يتبجح نتانياهو بالدعوة إلى مواصلة التفاوض
دون تقديم ادنى تنازل يؤدي إلى حفظ ماء وجه عباس
على الأقل.
هو خط استسلامي يمثله محمود عباس باقتــــــــــــدار،
مقتديا في ذلك بالنظام المصري الذي هاله عدم وجــود
صورة الرئيس حسني مبارك في مقدمة ركب التفاوض
فأوحى إلى أعرق صحيفة في الوطــــــــن العربي لتقوم
بعملية "تحسين الموقع" وتقديم مبارك كفارس مغوار
يتقدم أوبامـــــا فــــــــي حل معضــــــلات العصـــــــــر.
غـريب امر الساسة العرب الذين يتسابقون إلى التنازل
عــن الحقوق والتفريط في المبادئ تحت مسمى السلام
الـذي ترعاه إسرائيل بالقتل الجماعي للفلسطينيين فـي
مناسبة وغيرها.
والأكـيد ان محمود عباس عندما طالب بتمديد تجميـــد
عـمليات الإستيطان لم يفعل ذلك رغبة في حفـــــــــــظ
ممتلكات الفلسطينيين، كما لم يفعل ذلك رغبة منه في
إنهاء العملية إلى الأبد وإنما هو يطالب يتجميد مؤقت
يتمكن من خلاله من الذهاب إلى المفاوضات و هـــــو
مرفوع الرأس لأنه تمكن من إجبار إسرائيل علــــــــى
تجميد الإستيطان.
هذا الكلام ليس تحليلا أو استنتاجا، و إنما صدر عــن
المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينــــــة
الذي قال من باريس: "الرئيس عباس معني باستمرار
المفاوضات، لكنه يطلب من نتنياهو اتخاذ قـــــــــــــرار
باستمرار تجميد الإستيطان لخلق مناخ منـــــــــــــاسب
لاستمرار المفاوضات.
هكذا يفكر المسؤولون في السلطة الفلسطينية، وهكـذا
يبزنسون بحقوق الشعب الفلسطيني، لـــــــــــذلك ليس
مستبعدا أن تقرر إسرائيل تجميد الإستيطان لـــــــفترة
أخرى لإقامة الحجة على الجميع ثم تنتزع مـــا شاءت
من التنازلات والمباركات من عباس ورفاقه، وبعدهـــا
تعود إلى الإستيطان من جديد، لكن التطورات الحاصلة
تشير إلى أن مستقبل الفلسطينيين ليس بيـــــد السلطة
الفلسطينية، وإنما هو بيـــــــــــــد الفلسطينيين انفسهم
مدعومين بأحرار العالم الذين يواجهون الأخطار لكسر
الحصار.
تنويه:
نقلا عن جريدة الشروق اليومية.