الحلقة الأولى
الحضارة
المصرية
تعتبر الحضارة المصرية من اعرق الحضارات..
*تيجان مصر:
عاش المصريون القدماء أول الامر في جماعات مستقلة عن بعضها البعض ثم اضطروا إلى التعاون فيما بينهم لتنظيم شؤونهم، فتاسست في مصر مملكتان: إحداهما في مصر العليا، والثانية في مصر السفلى. وابتداء من سنة3200ق.م. ظهر في مصر العليا ملك قوي هو(مينـــــا)، الذي وحد البلاد كلها تحت سلطته.
*فرعون:
دلت لفظة فرعون أول الامر على الصرح الكبير أو القصر الملكي، ثم ما لبثت أن دلت على الملك نفسه، كما نلاحظ في النقوش المصرية القديمة فرعونا وسط امراتين فالمرأة التي على الجانب الايمن للفرعون ترمز إلى مصر العليا والمرأة التي على يساره ترمز إلى مصر السفلى. وهما تتوجان بالتاج المزدوج، الذي يرمز إلى مصر الموحدة.
*شيخ البلد:
من نبلاء مصر القديمة، يساعد الفرعون في تصريف شؤون المملكة طائفة من الموظفين السامين: وزراء، حكام الأقاليم، قادة جيش.
*الكاتب:
من يحسن القراءة والكتابة والحساب، ويجتاز الإمتحان بنجاح، يوظف في دواوين الدولة ويتقاضى اجرة عالية.
*الجيش:
لم يكن لمصر قبل غزو الهكسوس جيش دائم، إنما كان المقاتلون يُدعون للخدمة عند الحاجة، وكانت اسلحتهم بسيطة( سيوف، رماح )، وفي عهد الدولة الحديثة أصبح لمصر جيش دائم مكون من جند محترفين أغلبهم من المرتزقة والأجانب، وقد تطورت اسلحتهم( عربات حربية ).
-أهمية وادي النيل
-الدولة المصرية
*مصر هبة النيل:
توفرت في مصر عدة عوامل جعلتها منطة مناسبة لقيام الحضارة وازدهارها.
تقع مصر شمال القارة الإفريقية، فتربط بين قارتين عن طريق شبه جزيرة سيناء من ناحية الشرق وإفريقيا من الجنوب والغرب، كما تطل على بحرين كبيرين: البحر الأحمر في الشرق، والبحر الأبيض المتوسط في الشمال، مكن هذا الموقع الممتاز سكانها من سهولة الإتصال بالشعوب المجورة لها، وساعدهم على التبادل التجاري والحضاري، وفي الوقت نفسه جعلها عرضة لاطماع الغزاة.
ومصر كغيرها من مناطق شمال إفريقيا، تعرضت للجفاف في نهاية العصر الحجري الحديث، فتحولت إلى صحراء قاحلة، ولكن وجود نهر النيل، الذي يقطعها من الجنوب إلى الشمال وما يوفره من المياه ويرسبه من طمي كل سنة إثر موسم الفيضان، حول جزءا من تلك الصحراء إلى منطقة خصبة صالحة للزراعة، يمكن ان نلاحظ فيها قسمين هامين هما: الوادي الضيق، والدلتا الواسعة. جذبت تلك الظروف الملائمة الناس إليها منذ العصر الحجري الحديث، فاستقروا بجوار النهر وبنواقرهم على حواف الأراضي الصالحة للزراعة.
*ثلاثة آلاف سنة من التاريخ:
لما كان مصدر الحياة في مصر القديمة هو نهر النيل، وقوام الحياة هو الزراعة التي تتطلب التعاون، فقد اتحدت القرى والمدن لتكوّن مملكتين: إحداهافي الشمال( مصر السفلى )، واخرى في الجنوب( مصر العليا ). كانت مملكة الجنوب كثيرة السكان، ولما ضاق بهم الوادي اجهت انظارهم إلى مملكة الشمال الأقل سكانا والأخصب أرضا.
وبعد محاولات عديدة تمكن الملك(مينـا) من توحيد البلاد في مملكة واحدة سنة3200ق.م. وبهذا يكون الملك مينا أول من اسس حكومة مركزية خضع لها كل سكان مصر.
قسّم المؤرخون تاريخ مصر القديم، حسب تطور الدولة المصرية منذ نشأتها حتى سقوطها، إلى ثلاث مراحل:
أ-الدولة القديمة3200ق.م-2160ق.م:
تميزت بتدعيم وحدة البلاد، التي حققها الملك مينا، بالقضاء على محاولات الإنفصال.
ب-الدولة الوسطى2160ق.م-1780ق.م:
امتازت بالإزدهار الحضاري في مرحلة اولى، وتعرضت في اواخر عهدها إلى فوضى واضطراب، نتج عنها احتلال الهكسوس للبلاد، الذي دام حوالي قرنين.
ج-الدولة الحديثة1580ق.م-525ق.م:
امتاز عهدها الاول بطرد الهكسوس، والتوسع الخارجي نحو السودان جنوبا، وإلى سوريا وفلسطين شرقا. بينما تميز عهدها الأخير(1100-525ق.م) بالإنحطاط ودخولها تحت النفوذ الاجنبي.
*مصر مِلكٌ للفرعون:
عرفت مصر نظام الدولة منذ فجر التاريخ، وكان جهاز الحكم فيها يتكون من:
-الملك(فرعون):
كان صاحب السلطة العليا في البلاد، يحكم حكما مطلقا، ويملك مصر(ماءها وارضها وشعبها)، يقدس في حياته ويعبد بعد موته.
ولما كان الفرعون لا يستطيع الإشراف وحده على جميع شؤون الدولة فقد استعان بطاقم من الحكام والموظفين وعلى رأسهم الوزير.
-الوزيـــر:
كان يختار من اصحاب الكفاءة والدرايو والخبرة والواسعة، وتتمثل مهامه في الإشراف على المالية والمشاريع ومراقبة الواردات وإدارة جهاز الشرطة وتقديم التقارير إلى الفرعون. والوزير يمثل السلطة المركزية على مستوى العاصمة، تساعدهمجموعة من الحكام في من مهامه جمع الضرائب وحفظ الامن وتجنيد الجيش وإدارة المخازن.
-الكتّـــاب:
كانت لهم مكانة مرموقة بين موظفي الدولة بفضل إتقانهم الكتابة والقراءة والحساب.
-الجيـــش:
يتطلب موقع مصر قوة عسكرية هامة لحمايتها، وقد كان الجيش المصري في عهدي الدولة القديمة والوسطى غير نظامي، فتعرضت البلاد إلى اضطرابات داخلية وغزو خارجي، اما في عهد الدولة الحديثة فقد اصبح الجبش نظاميا ومتطور الأسلحة، مما ساعد على المحافظة على وحدة البلاد وحمايتها، ومكنها من التوسع خارج حدودها.
مظاهر الحضارة
أغلبية تشقى واقلية تنعم:
كان المجتمع المصري مقسم إلى طبقتين رئيسيتين:
*الطبقة المحظوظة:
و تتكون من الفرعون واسرته والنبلاء والكتاب والكهنة، وقد احتكرت هذه الأقلية السلطة والمال والمعرفة، فعاشت حياة سهلة ومترفة، تمتع الكهنة بنفوذ كبير بفضل وظيفتهم الدينية التي بوّأتهم مكانة مرموقة في نظر الحكام والمحكومين، وعادت عليهم بثراء واسع، مصدره الأراضي الزراعية التابعة للمعبد، وغنائم الحروب التي كان الفرعون يهبها لهم، والهدايا والقرابين التي كان الناس يتقربون بها إلى الآلهة.
*الطبقة المحرومة:
و تتكون من الفلاحين والحرفيين والعبيد، وتمثل الأغلبية الساحقة من المجتمع، وقد تحملت هذه الطبقة اعباء الاعمال الحرفية والفلاحية التي كانت اساس ثروة البلاد وازدهار حضارتها، كما سخرت لتنفيذ المشاريع العمرانية والإقتصادية، وعاشت حياة صعبة و بائسة.
-منجزات تثير الإعجاب:
نستنتج من الرسوم والنقوش والمباني ومخطوطات البرديات أن المصريين القدماء برعوا في الهندسة والحساب والكيمياء والطب...وقد كانت بيئتهم ومشاكلها عاملا في تطوير تلك العلوم، فمثلا قادتهم ظاهرة فيضان النيل إلى وضع التقويم، فقسموا السنة إلى فصول وشهور واسابيع، ومسحوا الأراضي وحسبوا كمية الإنتاج، وحددوا نسبة الضرائب، كما ان الامراض السائدة في البيئة قادتهم إلى اكتشاف العقاقير الضرورية للعلاج.
إن بناء الاهرامات و المعابد وتزيينها يتطلب براعة فائقة في علوم الحساب والهندسة ومزج الألوان والمواد المستعملة، كما ان تحنيط الموتى يتطلب معرفة دقيقة بعلوم الطب والصيدلة، وقد استغلت تلك الخبرة الطويلة لخدمة الطبقة الحاكمة كبناء المقابر و المعابد وصناعة الحلي والأثاث الفاخر.
-أوابد تشهد على تدين عميق:
قدّس المصريون القدماء الظواهر الطبيعية، فجسدوها في آلهة ذات اشكال إنسانية وحيوانية، وكان لها معابد خاصة بها، و اعتقدوا في عودة الأرواح إلى اجسادها، فعملوا على حفظها من التلف بتحنيطها، كما ىمنوا باليوم الآخر وبمبدأ الحساب والعقاب، لعبت الديانة دورا هاما في حياة المصريين، لذلك انعكست على منجزاتهم الحضارية، فغالبية الآثار التي تركوها ذات علاقة كبيرة بالدين كالمعابد والاهرامات والنقوش والموميات(الجثث المحنطة).