10-05-2010, 11:23 PM
|
|
باب بيان ما أعد الله للمؤمنين في الجنة باب بيان ما أعد الله للمؤمنين في الجنة قال الله تعالى: }إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون([1])* ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آَمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَب([2]) وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ{[الحجر: 45-48]. وقال تعالى: }يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ([3])* يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ{[الزخرف: 68- 73]. وقال تعالى: }إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ([4]) * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{ [الدخان: 51-57]. وقال تعالى: }إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأرَائِك([5]) يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ([6]) * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ{ [المطففين: 22-28]. والآيات في الباب كثيرة معلومة. 1- وعن جابر t قال: قال رسول الله r: «يأكل أهل الجنة فيها، ويشربون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جُشاءٌ([7]) كرشح المسك، يُلهَمُون التسبيح والتكبير، كما يُلهَمُون النَّفَس». رواه مسلم([8]). 2- وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أُذُنٌ سمِعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتُم: }فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{[السجدة: 17]» متفق عليه([9]). 3- وعنه قال: قال رسول الله r: «أول زُمرَة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلُونَهم على أشدِّ كوكبٍ دُرِّيٍّ في السماء إضاءةً، لا يَبُولون ولا يتغَوَّطون، ولا يتفُلُون، ولا يمتَخِطون، أمشاطُهُم الذهب، ورشحُهُم المسك، ومجامِرُهم الأُلُوَّة -عُود الطيب- أزواجُهُم الحُورُ العين، على خلق رجلٍ واحدٍ، على صورة أبيهم آدم ستُّون ذراعًا في السماء» متفق عليه([10]). وفي روايةٍ للبخاري ومسلم: «آنيتُهم فيها الذهب، ورشحُهُم المِسْك، ولكل واحد منهم زوجتان يُرى مُخُّ سوقِهِما من وراء اللحم من الحُسن، لا اختلاف بينهم، ولا تباغُض: قُلُوبُهم قلبُ واحدٍ، يُسبحون الله بكرةً وعشيًّا». قوله: «على خلق رجلٍ واحدٍ» رواهُ بعضُهم بفَتْح الخاء وإسكان اللام، وبعضهم بضَمِّهما، وكلاهما صحيح. 4- وعن المغيرة بن شعبة t عن رسول الله r قال: «سأل موسى r ربَّه، ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجلٌ يجيء بعدما أُدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثلُ مُلْكِ مَلِكٍ من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيتُ ربِّ، فيقول: لك ذلك ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثلُهُ ومِثْلُهُ، فيقول في الخامسة: رضيتُ ربِّ، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسُك، ولذَّتْ عينُك. فيقول: رضيتُ ربِّ، قال: ربِّ فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردتُ، غرستُ كرامتهم بيدي، وختمتُ عليها، فلم ترَ عينٌ، ولم تسمع أُذُنٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ» رواه مسلم([11]). 5- وعن ابن مسعود t قال: قال رسول الله r: «إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها، وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة. رجلٌ يخرج من النار حبْوًا، فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيخيَّل إليه أنها ملأى، فيرجع، فيقول: يا ربِّ وجدتُها ملأى فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة، فيأتيها، فيُخيَّل إليه أنها ملأى، فيرجع. فيقول: يا ربِّ وجدتُها ملأى ! فيقول الله عز وجل له: اذهب فادخل الجنة. فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا، فيقول: أتسخر بي، أو تضحك بي وأنت الملك» قال: فلقد رأيتُ رسول الله r ضحِك حتى بدت نواجذه([12]) فكان يقول: ذلك أدنى أهل الجنة منزلةً) متفق عليه([13]). 6- وعن أبي موسى t أن النبي r قال: «إن للمؤمن في الجنة لخيمةٌ من لؤلؤة واحدة مُجوَّفة طولها في السماء ستون ميلًا. للمؤمن فيها أهْلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضُهم بعضًا» متفق عليه([14]). «الميل»: ستة آلاف ذراع. 7- وعن أبي سعيد الخدري t عن النبي r قال: «إن في الجنة لشجرةٌ يسير الراكب الجواد([15]) المُضمَّر السريع مائة سنة ما يقطعها» متفق عليه([16]). وروَيَاه في (الصحيحين) أيضًا من رواية أبي هريرة t قال: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغُرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدُّرِّيَّ الغابِر([17]) في الأُفُق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم» قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: «بلى والذي نفسي بيده رجالٌ آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين». متفق عليه([18]). 9- وعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: «لقابَ قوسٍ([19]) في الجنة خيرٌ مما تطلع عليه الشمس أو تغربُ» متفق عليه([20]). 10- وعن أنس t أن رسول الله r قال: «إن في الجنة سوقًا ([21]) يأتونها كلَّ جمعة. فتهُبُّ ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حُسْنًا وجمالًا، فيرجِعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حُسْنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلُوهُم: والله لقد ازددتُم حُسْنًا وجمالًا ! فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حُسْنًا وجمالًا!» رواه مسلم([22]). 11- وعن سهل بن سعد t أن رسول الله r قال: «إن أهل الجنة ليتراءون الغُرَف في الجنة كما تتراءَون الكوكب في السماء» متفق عليه([23]). 12- وعنه t قال: شهدتُ من النبي r مجلسًا وصفَ فيه الجنَّة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: «فيها ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أُذُنٌ سمِعَت، ولا خطر على قلب بشر» ثم قرأ: }تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ{ إلى قوله تعالى: }فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ{ رواه البخاري([24]). 13- وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أنَّ رسول الله r قال: «إذا دخل أهلُ الجنة الجنة يُنادي منادٍ: إنَّ لكم أن تَحْيَوا، فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تصِحُّوا، فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تشِبُّوا فلا تهرَموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسُوا أبدًا» رواه مسلم([25]). 14- وعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: «إن أدنى مقعد أحدِكم من الجنة أن يقول له: تمنَّ فيتمنَّى ويتمنَّى، فيقول له: هل تمنَّيتَ؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنَّيتَ ومثلَه معه» رواه مسلم([26]). 15- وعن أبي سعيد الخدري t أن رسول الله r قال: «إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة ؛ فيقولون: لبيك ربَّنا وسعدَيْكَ، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتُم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربَّنا وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدًا من خلقِكَ ! فيقول: ألا أُعطيكم أفضل من ذلك فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ([27]) عليكم رضواني، فلا أسخِطَ عليكم بعده أبدًا» متفق عليه([28]). 16- وعن جرير بن عبد الله t قال: كنا عند رسول الله r فنظر إلى القمر ليلة البدر، وقال: «إنكم سترَونَ ربَّكم عيانًا([29]) كما ترون هذا القمر، لا تُضامُون في رؤيتِهِ([30])» متفق عليه([31]). 17- وعن صُهَيب t أن رسول الله r قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تُبيِّض وجوهنا؟ ألم تُدخِلنا الجنة وتُنجينا من النار؟ فيكشف الحجاب([32])، فما أُعطُوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم» رواه مسلم([33]). قال الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{ [يونس: 9، 10]. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد([34]). ([1]) وعيون: أي: أنهار. ([2]) النصب: التعب. ([3]) تحبرون: أي: تسرون. ([4]) في مقام أمين: يأمن صاحبه فيه من كل مكروه. والسندس: ما رق من الحرير. والاستبرق: ما غلظ منه. ([5]) الأرائك: السرر في الحجال ينظرون ما أعطوا من النعيم. ([6]) نضرة النعيم: بهجة التنعيم وحسنه، و«الرحيق»: خمر خالصة من الدنس. ([7]) ولكن طعامهم جُشاء «بضم الجيم وبالشين» أي: يخرج منهم بالتجشي. ([8]) مسلم (2835) (19)، وفي رواية: «يلهمون التسبيح والتحميد». ([9]) البخاري (6/230)، ومسلم (2824). ([10]) البخاري (6/230، 232)، ومسلم (2834) (15). ([11]) أخرجه مسلم (189). ([12]) النواجذ: الأنياب، أو آخر الأضراس. ([13]) البخاري (11/386)، ومسلم (186). ([14]) البخاري (8/479)، ومسلم (2838). ([15]) الجواد: الفرس. ([16]) البخاري (11/366)، و(6/233)، ومسلم (2828)، و(2826). ([17]) الغابر: الذاهب في الأفق، أي: السماء. ([18]) البخاري (6/233، 234)، ومسلم (2831). ([19]) قاب قوس: قدر ما بين المقبض والسية من القوس. ([20]) البخاري (7/11)، ولم يخرجه مسلم. ([21]) إن في الجنة سوقًا، أي: مجتمعًا يجتمعون فيه كما يجتمع الناس في الدنيا في أسواقها، يأتونها كل جمعة، أي: في مقدار كل جمعة، أي: أسبوع. «وريح الشمال»: هي التي تهب من دبر القبلة، وبها يأتي المطر، وكانوا يرجون السحابة الشامية. ([22]) مسلم (2833). ([23]) البخاري (11/366)، ومسلم (2830). ([24]) مسلم (2825)، واللفظ له، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة بنحوه (6/230)، و(8/396)، ومسلم (2824). ([25]) مسلم (2838). ([26]) مسلم (1/167)، رقم حديث الباب (301). ([27]) أحِلَّ: بضم الهمزة وكسر الحاء وتشديد اللام، أي: أنزل. ([28]) البخاري (11/ 363، 364)، ومسلم (2829). ([29]) «عِيانًا»: بكسر العين وتخفيف الياء، أي: معاينة، وهذه اللفظة ليست في «الصحيحين»، وإنما هي مما تفرد به أبو شهاب عبد ربه بن نافع الخياط عن إسماعيل بن خالد، قال الطبري: وهو حافظ متقن من ثقات المسلمين، وانظر: «فتح الباري» (13/357). ([30]) «لا تُضامون في رؤيته» بضم التاء وتخفيف الميم، أي: لا يصيبكم ضيم، أي: ضرر من زحام ونحوه حال رؤيته. ([31]) البخاري (2/27، 43)، و(8/45)، و(13/356، 357)، ومسلم (633)، وأخرجه أبو داود (4729)، والترمذي (2554). ([32]) أي: يكشف الله تبارك وتعالى الحجاب، وهو حجاب منه للعباد أن يروه، فيرفعه، فيرونه جل جلاله. ([33]) مسلم (181). ([34]) رياض الصالحين من أحاديث سيد المرسلين r للإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله بتحقيق الأرنؤوط ص 705- 711.
__________________ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين،
وحمد الله ثلاثاً وثلاثين،
وكبر الله ثلاثاً وثلاثين،
فتلك تسع وتسعون،
ثم قال تمام المئة:
لا اله إلا الله، وحده لا شريك له،
له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،
غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر».لا اله الا الله محمد رسول الله |