والآن مع الجزء الثاني من الفصل الأول
"آه. . . أبي, أنا لا أعرف شيئا عن السيارات. ولا أستطيع إصلاحها إذا تعطل شيء فيها. ولا أستطيع دفع أجور ميكانيكي لإصلاحها. . . ".
"حقا يا بيلا, إه هذا الشيء يعمل بشكل ممتاز. لم يعودا يصنعون سيارات مثلها الآن".
هذا الشيء! فلت في تفسي. . . ثمة احتمالات هنا. . .لعله الاسم الذي يطلقونه عليها تحببا على الأقل.
"قلت إنها رخيصة, فكم هي رخيصة؟ بعد كل حساب, هذا هو الأمر الذي لا أستطيع المساومة عليه".
استرق تشارلي نظرة جانبية إلي و الأمل باد على وجهه:" يا عزيزتي, لقد اشتريتها بالفعل. . . اشتريتها من أجلك. اعتبريها هدية بمناسبة مجيئك".
أوه. . . مجانا!
"لم يكن عليك أن تفعل هذا يا أبي. كنت اعتزم شراء سيارة بنفسي".
"لا مانع عندي. أريدك أن تكوني سعيدة هنا".
كان يتظر إلى الطريق أمامه عندما قال هذه الكلمات. لم يكن تشارلي يرتاح للتعبير عن مشاعره علنا. لقد ورثت هذا الأمر منه. لذلك رحت أنظر إلى الطريق أمامي عندما أجبت:"هذا لطيف منك حقا يا أبي. شكرا لك. . . أشكرك فعلا".
لا حاجة للقول إن من المستحيل أن أكون سعيدة في فوركس. ما كان عليه أن يعاني معي. وما كنت لأرفض سيارة مجانية مهما يكن وضعها.
غمغم أبي وقد أحرجه شكري:" طيب! أهلا بك الآن".
تبادلنا عبارات قليلة عن الطقس الرطب. . . كان ذلك كل حديثنا, ثم رحنا نحدق من النوافذ صامتين.
كان المنظر جميلا طبعا. وما كان لي أن أنكر جماله. . . كل شيء أخضر اللون: الأشجار و جذوعها التي تغطي الطحالب و تتدلى من أغصانها, و الأرض المغطاة بالسراخس. بل إن الهواء نفسه كان يمر أخضر اللون عبر أوراق الأشجار.
كان ذلك كله أخضر أكثر مما يجب. . . يا له من كوكب غريب!
وصلنا أخيرا إلى منزل تشارلي. ما زال يعيش في المنزل الصغير الذي فيه غرفتا نوم و الذي اشتراه مع أمي أول أيام زواجهما. ما كان في زواجهما كله إلا تلك الأيام. . . أيامه الأولى. و أمام المنزل الذي لم يتغير أبدا كانت شاحنتي الصغيرة الجديدة تقف في الشارع. . . لا بأس, إنها جديدة بالنسبة لي. كان لونها الأحمر باهتا ولها مصدات كبيرة منحنية و مقصورة محدبة. فوجئت بأنني أحببتها. لم أكن أعلم إن كانت تسير فعلا لكنني رأيت نفسي جالسة فيها. كما أنها من تلك السيارات الحديدية الصلبة التي لا يلحق بها الأذى أبدا. . . سيارة تراها في الحوادث وقد أصابت الخدوش طلاءها بينما تتناثر من حولها قطع السيارة التي اصطدمت بها.
"لقد أحببتها يا أبي. شكرا لك!".
الآن, سيصبح يومي المخيف غدا أقل رعبا بقليل فلن أقف محتارة أمام خيار المشي مسافة ميلين تحت المطر إلى المدرسة أو قبول الركوب في سيارة رئيس الشرطة.
قال تشارلي بصوت أجش وقد أصابه الحرج من جديد:" يسعدني أنك أحببتها".
حملنا جميع امتعتي إلى الطابق الأعلى دفعة واحدة. أخذت غرفة النوم الغربية المطلة على ساحة المنزل الامامية. كانت الغرفة مألوفة لي فهي غرفتي منذ ولادتي. الأرضية الخشبية و الجدران الزرقاء الفاتحة و السقف المدبب و الستائر المصفرة المخرمة تحف بالنافذة من الجانبين. كان هذا كله جزء من طفولتي. لم يغير تشارلي شيئا في الغرفة وأنا أترعرع إلا أن وضع سريرا بدلا من المهد و أضاف طاولة للكتابة. تحمل هذه الطاولة الآن حاسوبا مستعملا يمتد منه خط الهاتف على الأرض إلى أقرب مأخذ في الجدار. كان الكرسي الهزاز من أيام طفولتي ما يزال موجودا في الزاوية.
في المنزل حمام صغير واحد عند قمة السلم كان علي أن أستعمله مع تشارلي. ولم يكن من السهل التآلف كثيرا مع هذه الحقيقة.
كم أفضل الأشياء في تشارلي هو أنه لا يتلكأ كثيرا في مكانه. لقد تركني وحيدة حتى أرتب أشيائي و أشعر بالاستقرار في الغرفة. إنه أمر فريد من المستحيل تماما أن يبدر من أمي. لطيف أن أظل وحدي الآن دون اضطرار إلى أن أبتسم أو أبدو سعيدة؛ ومريح أيضا أن أنظر مكتئبة من النافذة لأرى المطر المتواصل الغزير و أسمح لبعض الدموع بأن تفلت من عيني. لم اكن في مزاج مناسب لنوبة بكاء حقيقة فوفرتها حتى آوي إلى فراشي ويكون علي أن أفكر في الصباح الآتي.
في مدرسة فوركس الثانوية عدد مخيف من الطلاب يبلغ ثلاث مئة وسبعة و خمسين طالبا فقط ( ثلاثة مئة و ثمانية و خمسين الآن) . في مدرستي السابقة كان في الصف الاول الثانوي وحدة أكثر من سبعمئة شخص. لقد ترعرع جميع الاولاد هنا معا؛ و كان أجدادهم يلعبون صغارا معا أيضا. وسوف أكون الفتاة الجديدة القادمة من المدينة الكبيرة. سأكون فرجة في المدرسة؛ شخصا عجيبا.
لو كنت أبدو كما يجدر بفتاة من فينكس أن تبدو لكان بوسعي أن استخدم هذا لمصلحتي. لكنني لم أكن لأناسب أي مكان من ناحية مظهري الجسدي. يجب أن أكون شقراء رياضية لوحتها الشمس. . . لاعبة كرة طائرة أو ربما مشجعة فريق رياضي. . . أي كل تلك الأشياء التي تتناسب مع العيش في وادي الشمس.
__________________ أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد! |