عرض مشاركة واحدة
  #203  
قديم 10-09-2010, 12:33 AM
 


جلس الاثنان على مقعد بعيد نسبياً

و بعد فترة من الصمت سألت روكسان بعفوية : ماذا يعجبك بي ؟

حدث ماكس نفسه : حتى الآن لا شيء و لكنكِ .. – أكمل بصوتٍ أعلى – فتاة غامضة

ابتسمت بتهكم مردفةً : و هل تحب الغموض ؟

هز رأسه نافياً : بالعكس , أحب أن يكون كل شيء واضح لي – صمت لهنيهة قبل أن يستطرد – هل كنتِ واضحة من قبل ؟ - ضحك – أم أنكِ تحيطين نفسك بهذه الهالة دائماً .. أيتها المدللة

ضحكت روكسان لإضافته و زمت شفتيها استنكاراً : لستُ مدللة أبداً – أكملت و قد سكن الحزن عينيها – صدقني لستُ مدللة

صمت ماكس ليفسح لها المجال للحديث و لكنها لم تتحدث

فقال : لقد هجرتني صديقتي منذ فترة ... و لا أدري ما السبب ؟

أمالت روكسان رأسها لليمين قائلةً : ربما أخطأت في حقها أو ما شابه .. لن تتركك بدون سبب و خاصةُ أنك ابن رجل ثري

عض ماكس على شفتيه و يبدو أن هذه عادته عندما يتوتر

فكر : يا لها من فتاة , لم تكن القصة جيدة كفاية

قال مباشرة : و هل أخطأتِ أنتِ في حقه ؟

رفعت روكسان حاجبيها ثم رمشت بعينيها و هي تنظر له محاولة فهم مقصده , و بالأخير سألت باستفسار : من .. ؟

أصدر ماكس صوتاً ينم عن التفكير ثم قال : اسمه ليون .. أليس كذلك ؟

وقفت روكسان من جلستها بحدة و قالت بصوتِ كالفحيح : ليون , من ؟

أخذ ماكس نفساً و هو يلعن تسرعه ملايين المرات و لكنه مجبر على إجابتها : صديقك السابق

حينها نهضت روكسان عن المقعد بحدة هاتفة به : من أخبرك عنه ؟

جفل ماكس لصراخها و قال بارتباك : معرفتك لن تشكل فارقاً

ضربت بقدمها الأرض كالأطفال و هي تهتف به : هو .. هو من أخبرك ؟ .. ذلك الرالف اللعين كان يعلم بالأمر

وقف ماكس واضعاً يديه على كتفي روكسان قائلاً بحنان : اهدئي الآن و أفهميني ما الأمر ؟ .. كان والدكِ قلقٌ عليكِ حقاً روكسان , لهذا

أبعدت يديه عنها و هي تصرخ : لهذا أخبرك أن ترافقني , أليس كذلك ؟

احمر وجه ماكس قليلاً فأجابها و هو يشيح بوجهه : بلى – صمت لفترة ليُكمل بصدق – لكني معجب بك روكسان .. حقاً

صدت روكسان بوجهها عنه قائلة ببرود : العب على فتاةٍ غيري , لا أحتاجك ماكس

أمسك بيدها ليمنعها من المغادرة , فالتفتت له بحدة و قد ظهر الغضب في عينيها الجميلتين

ضحك ماكس و هو يشد بقبضة يده على معصمها : تبدين شرسة حقاً بتلك النظرات الرهيبة !

ظهر تعبير ساخر على ملامحها قبل أن تهمس في نبرة غضب : دعني ماكس و إلا فستندم حقاً هذه المرة

لم يدعها ماكس و إنما اقترب منها أكثر فأكثر حتى لم يعد يبعد عنها إلا بوصات قليلة ليهمس بنبرة مشاكسة : لنرى ماذا ستفعلين و نحن في مكان عام

اتسعت ابتسامة روكسان الساخرة و استعدت لتلقينه درساً قاسياً

فهو لن يقترب منها أو من الشركة إن كسرته هنا – اتسعت ابتسامتها عندما فكرت بمكر - لأرى كيف سينظر في عيني عندما أشبعه ضرباً .. في مكان عام !

شعر ماكس بالتوتر من ابتسامتها الغريبة و لكن شيئاً من هذا التوتر لم يظهر على ملامح وجهه

وجهت روكسان لكمة له بيدها اليسرى ليتفاداها بسهولة و لكنها أعقبتها بلكمة أخرى بيمناها

لتتوقف عن الحركة تماماً و عينيها تتسعان شيئاً فشيئاً

عضت على شفتها السفلى و هي تصرخ في نفسها بندم : لا ! .. ليس هنا ! .. ليس أمام ذلك المتعجرف !.. تباً , نسيت أخذ الدواء

و مع أخر حروف أفكارها أطلقت أنيناً مكتوماً و هي تلف يمناها تلك حول خصرها و تبتعد بخطوتين عنه و هي منحنية من الألم

ليشعر ماكس بالقلق و يتجه نحوها قائلاً : أنتِ بخير ؟

نطقت كلمتها بصعوبة , بلسانٍ ثقيل و عينان بالكاد تبصران : ابـ..تـ..عـد

لم يبالي ماكس بصراخها الطفولي و هو يمسك بكتفها لتصرخ من الألم و تلتفت له هاتفة : ابتـعـد ..

لكنها تفقد قواها و تستند على صدره ..!

تشبثت بقميصه في ضعف هامسة : الدواء ..بغر..بغرفتي

أغمضت عينيها و هي تزم شفتيها بوجع و تدفن وجهها بصدره و أنفاسها تتردد بصوتٍ مسموعٍ له

مد ماكس يده اليسرى ليحملها و هو يحيطها بيده الأخرى , خارجاً من المتنزه وسط دهشة رواده الذين لم يحركوا ساكناً منذ أن دخل هذين الشابين

وضعها على المقعد الخلفي و ثبتها بـ حزامي الأمان

و انتقل لمقعد السائق بسرعة و بدأ القيادة

بعد فترة كانت خلالها وجهته الوحيدة شركة رالف , امتدت يد روكسان بهاتفها إليه

أخذه و نظر إليها من خلال المرآة الأمامية لتقول : تيا

بحث عن اسم تيا بين الأسماء , نظر إليها و هو يقول : لم أجده

لم تجبه إلا بعد فترة , تكلمت بنبرةٍ خافتة : المزعـ..

لم يهتم ماكس بأن تكمل جملتها إذ استنتجها على الفور و وجد الاسم " المزعجة "

اتصل فوراً ليجيبه ذلك الصوت الأنثوي الحاد : روكســان أين أنتِ ..؟

تكلم ماكس بإحراج : روكسان معي , و لكنها متعبـ

أغلقت تيا الهاتف بمجرد أن وصلها المعنى و بدأت تتحرك بسرعة و هي تتمتم : تلك المدللة , إلى متى سأتحملها !

بمجرد أن شعرت بأنها خارج نطاق أجهزة التجسس السمعية لرالف حتى أخرجت هاتفها الآخر و الذي هو نسخة طبق الأصل عن هاتفها الأساسي لتتصل على روكسان و
يجيب ماكس بارتباك : مرحباً

لم تهتم بإجابة ترحيبه إذ قالت : ماذا بها ؟

رد عليها بسرعة : إنها تتألم بشدة و لا أدري لماذا ؟ هل هي تعاني من مرضٍ ما ؟!!

أجابته بحزم : كلا .

سألها : أين منزلها بالضبط ؟

- لماذا ؟

- قالت أن دوائها هناك ؟

ابتسم ماكس بنصر و كأنه أثبت كذبها و لكن ما قالته كان منافي لما توقعه , كانت كلماتها جادة للغاية و هي تسأله : أين أنت الآن ؟

نظر حوله ليتأكد من الشارع ثم قال : أنا أقترب من تقاطع الشارعين بيكر و مانهاتن

-جيد توقف عند مطعم آل ثاندرز , إنه قريب منك

أغلقت تيا الهاتف دون أن تنتظر إجابة منه ثم أجرت اتصالاً آخر سريع

لتعود بعده للشركة في هدوء تام


__________________
أفضل تعـريف لذاتك ..
أنك لست أفضل من أحد ، ولسـت كأي أحد و لست أقل من أحد!