فتحت الصفحة لأكتب موضوع جديد ودون أن أفكر مسبقاً فى ماسأكتب ، ثم جلست حائراً بين أن أغلق الصفحة أم أبدأ برسم أى موضوع ، هناك الكثير جداً مما يستدعى الكتابة اليومية وهناك الكثير مما يملأ صفحة مفكرتى عن ماأرغب بالكتابة فيه وانتهى زمن أن أكتب فيه بدون أن أفعل ذلك وينتظر الباقى نفس المصير الذى يضايقنى أنى لم أستفد بتلك الفرص الضائعات ولكن المشكلة فى تضافر كل عوامل الإرهاق فى تضييع نفسى منى أحياناً حتى أنى لن أغلق الصفحة بدون كتابة موضوع جديد مهما كلفنى ذلك وحتى إن لم يكن على المستوى المطلوب ........
هو من أهم المحطات الإنقلابية فى حياتى القرائية وإليه يرجع الفضل فى أن تتحول نظرتى للأمور من تقبل دائم إلى تفكير مختلف عن الآخرين ، أفسح لى مجالاً عقلياً جميلاً جداً فى التفكير والنقد وبذاخة المرادفات والأفكار وتطويعها تبعاً لأسلوبه ورغبته وتفكيره ، مع أنى قرأت لكثيرين قبله منهم الغربيين حتى وبلغاتهم بسبب دراستى ولكن كان هذا الكاتب يحمل بين طيات كلماته ومقالاته وحتى روايته التى قرأتها الكثير من الفن المخفى الذى لم يصادفنى قبل قرائته ، شعور مخملى نارى يسرى بجسدك وأنت تقرأه مع غزارة فكرية شيقة ومعلوماتية تفوح إلى داخلك دون مجهود منك فى التلقى .... هو الكاتب العزيز والحبيب إلى قلبى "ابراهيم عيسى" !!
أستطيع أن أقول وبكل صراحة أننى انفلت بعد ذلك من طريقته ولم أعد أتقبله بعلمانيته الصرفة وعقلانيته التى لايقبل غيرها ، لم أعد أحبه بجرأته التى تصل إلى حد الوقاحة بعد ذلك فى استخدام الكلمات والتعبيرات وعدم احتراسه أبداً فى قلة قيمة من يتكلم عنه واستخدامه جميع الطرق فى اهانة من يتحدث عنهم ومع اتفاقنا إنهم يستاهلوا ذلك ولكن ذلك لم يكن بالأمر المُحبذ بالنسبة لى أبداً فى قرائته . ومع أنى لم أستسغ أبداً ولم أتفق مع نهجه فى أنك لاتستطيع أن تعرف من مقالاته إن كان علمانى أم مسلم أم سنى أم شيعى أم إخوانى أم صوفى !!!!!!
تركيبة غريبة جداً من البشر هو ... تشعر أنك تقرأ لشخص به كل الطوائف والأنواع لا يأبه بمن يُأبه لهم ولا يهتز لمن يجب الإهتزاز امامهم .... تضايقت بداية بصورة جيفارا التى كانت تحتل مساحة على حائطه وتضايقت أكثر من انتشارها على يديه بين يدى الشباب الذين لايعرفون بالأصل جيفارا !!!
ولكن اتفاقى على الشخص أو إختلافى معه لايستطيع أن يجعلنى أنكر أنه من أكثر الأشخاص الذين عرفتهم إخلاصاً لفكره وعمله ومعارضته الدائمة على المليان أو الفاضى حتى ولكنه مخلص حقيقى حتى وإن إختلفت معه كثيراً !!!!!
شعرت بألم فظ يجرح صدرى عندما علمت أن السيد بدوى رئيس حزب الوفد اشترى جريدة الدستور ب 17 مليون جنية وتصورت بالفعل أن هذه هى نهاية الدستور فلن يقبل أبداً رئيس حزب الوفد وصاحب قنوات الحياة الفضائية الذى يتبع سياسة المعارضة الناعمة أن تظل الدستور على حالها ومن ثم منذ أربعة أيام علمت أنه تمت إقالة ابراهيم عيسى من رئاسة تحرير الدستور !!!
ربما لا يعلم السيد بدوى قيمة عيسى ولا كيانه الصحفى ولايعلم أيضاً أن الدستور هو ابراهيم عيسى وعيسى هو الدستور . ربما لايعلم وربما يعلم ويقصد أن يحطم عيسى والدستور ولكن الحقيقة أن الدستور (الجريدة) هى من ستتحطم بدون عيسى وهناك ألف صحيفة تستطيع أن تستثمر نفسها فى عيسى ، مايؤلمنى فقط أن عيسى هو مؤسس الدستور منذ سنين السنين ، قرأتها أول مرة وأنا فى الثانوية العامة منذ حوالى 15 سنة ثم أوقفت الجريدة وحارب عيسى عشرات الجلسات وحارب قسوة الحياة وتلطيمها وثبت على مبادئه ونهجه ولم يرض بأن يكون ممن يسلكون الطريق السهل ومن ثم عادت الجريدة إلى الحياة عام 2005 وكانت الضربة القاصمة لجميع الصحف بلا استثناء كنت مواظباً على شرائها وكانت عدداً أسبوعياً يتيماً يوم الأربعاء وتعلمت معه أن الجريدة كلها يجب أن تُقرأ لم تكن بها مقالة عادية ، كانت جريدة شاملة ثقافية وسياسية وتاريخية وشديدة الدسامة ، كنت أتلمظ الأربعاء حتى عشقت الأربعاء طيب خاطر لها ولإبراهيم عيسى وحتى إن لم أقتنع ببعض ماكان يُكتب فيها !!
ابراهيم عيسى هذا أسس مدرسة صحفية جبارة عن طريق الدستور وخاض معارك بدمه وماله وجهده وعلى حساب راحته وأهله ومن ثم ياتى فى النهاية شخص .. مجرد شخص يملك من المال الملايين ليسد طاقة النور التى كانت تضىء الصحافة المصرية فى رأيى وينتزع عيسى إنتزاعاً ..... فسحقاً وسحقاً وألف سحق لكل يهوذا اسخريوطى !!