عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-15-2010, 01:01 AM
 
بريد الجمعة (اللحظات العصيبة)

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عاماً .. نشأت فى أسرة مترابطة بين أب يعمل عملاً حراً وحالته المادية ميسورة وأم ربة بيت وشقيقة تصغرنى بعامين.
ولقد كانت شقيقتي هذه تفوقنى جمالاً وخفة وحباً للناس وقبولاً منهم وتملأ أى مكان توجد فيه دائماً بهجة ومرحاً.
كما كان لي ابن عم يكبرني بعامين يدرس بكلية الطب‏,‏ وعلي قدر كبير من الاخلاق والطيبة والرقة والوسامة‏.‏ وكان ابن عمنا هذا يزورنا كثيرا فولدت بذرة الحب الصامت داخلي تجاهه واحببته كثيرا‏,‏ لكني نجحت في كتمانه وإخفائه عن الجميع‏,‏ حين عرفت أنه حب من طرف واحد‏.‏
ومضت بنا الأيام هادئة يزورنا ابن عمي في المناسبات المختلفة ونرحب به ونجلس معه كلنا‏,‏ ويمضي الوقت بهيجا سعيدا والحب الصامت ينمو في أعماقي ويتوحش‏,‏ وأنا أكابده واجاهد لاخفائه لكيلايشعر به أحد‏..‏
الي أن فوجئت ذات يوم بأمي تبلغني بأن ابن عمي قد اتصل بأبي وحدد معه موعدا يجيء لمقابلته مع ابيه لأمر مهم‏..‏ ولم يكن ذلك أمرا مألوفا في علاقته بنا إذ كان يستطيع زيارتنا في أي وقت ويعرف الأوقات التي يوجد فيها أبي بالبيت فيأتي بلا موعد سابق‏..,‏ فخفق قلبي بشدة حين عرفت بقدومه مع ابيه لمقابلة أبي‏,‏ وتساءلت هل تكون السماء قد استجابت لدعائي فغرس الله حبي في قلبه بعد كل هذه السنوات؟‏.‏
وترقبت موعد زيارته بقلق واضطراب‏..‏ وجاء ابن عمي مع ابيه في الموعد المحدد وصافحت عمي وصافحته ثم دخل الجميع الي الصالون‏,‏ واختلوا ببعضهم البعض لفترة من الوقت‏,‏ وقلبي يكاد يقفز بين ضلوعي من سرعة الخفقان‏,‏ ثم خرجت أمي من الصالون وهي تطلق زغرودة مدوية‏,‏ فكدت أفقد الوعي من الفرحة‏.‏ وقبل ان انطق بأية كلمة أو أسألها عن سبب ابتهاجها‏,‏ فوجئت بها تقول لي أنا وشقيقتي ان ابن عمنا قد قرأ الفاتحة مع أبي وطلب يد‏..‏ اختي‏!‏
وانفجرت دموعي بغير وعي مني علي الفور‏,‏ وتوجهت لأختي بالتهنئة وأنا في شدة الاضطراب وأنا لا ادري بما أقول أو أفعل‏,‏ ولا أعرف هل أدركت شقيقتي وأمي حقيقة مشاعري في هذه اللحظة العصيبة أم ان ابتهاجهما بالخبر قد غطي لديهما علي كل شيء آخر‏..‏ لكن الموقف قد انقضي الي حال سبيله علي اية حال‏,‏ وفسر الجميع دموعي علي انها دموع الفرح والابتهاج لأختي الحبيبة‏,‏ وفي الأيام التالية لذلك جاهدت نفسي كثيرا لكيلا تبدو علي آثار الصدمة والحزن وخيبة الأمل‏,‏ لكني بالرغم من ذلك وجدت نفسي استسلم لنوبات متتالية من الحزن والاكتئاب‏,‏ وأميل للعزلة والانطواء‏,‏ وأفقد اهتمامي بالحياة وكل الأشياء‏,‏ وخلال ذلك تقدم لي أكثر من شاب يريد الارتباط بي‏,‏ وكلما تقدم لي أحدهم أجد نفسي تلقائيا أعقد مقارنة بينه وبين حبيبي‏..‏ أو خطيب أختي الحبيبة فتنتهي المقارنة دائما لغير صالحه‏,‏ وأرفضه للفارق الشاسع بينه وبين المثال الذي أحببته وأردته لنفسي‏!.‏
وتخرج خطيب أختي في كليته وعمل بأحد المستشفيات الاستثمارية‏..‏ وتحدد موعد الزفاف وكادت أختي تطير فرحا بعريسها‏,‏ وتكاد تمشي فوق السحاب‏..‏ وأقيم حفل الزفاف‏,‏ وكان جميلا وبهيجا‏,‏ والفرحة تظل الجميع خلاله وانتقلت أختي إلي بيت الزوجية‏,‏ وراحت تنهل من نهر السعادة الذي وهبته لها الأقدار مع زوجها‏,‏ وبعد عام من الزواج رزقت بطفل جميل يجمع بين وسامة ابيه وذكاء أمه وخفتها‏,‏ وطارت أختي من السعادة بزوجها وطفلها الجميل وحياتها الموفقة‏,‏ ودرج الطفل علي الأرض ودخل عامه الثالث وأصبح بهجة العائلة كلها‏.‏
وفي صيف العام الماضي رافقت أختي وزوجها وطفلها الي المصيف لقضاء بضعة أيام‏..‏ وذات صباح خرجت الأسرة السعيدة من البيت وأنا معهم يتقدمنا زوج أختي حاملا الشمسية‏,‏ وأنا وأختي وطفلها من خلفه فعبر ابن عمنا الطريق قبلنا وتوقفنا ونحن ننتظر خلوه من السيارات فإذا بالطفل الصغير ينفلت من بين أيدينا لكي يلحق بأبيه ويهرول ناحيته‏,‏ ورأت أختي سيارة مسرعة تتجه نحوه فانطلقت إليه كالسهم لإنقاذه وإبعاده عن الخطر‏..‏ ودفعته بالفعل بعيدا عن السيارة لكنها لم تنج للأسف منها‏,‏ وانما اصطدمت بها صدمة مروعة وسالت دماؤها علي الطريق وتحولت البهجة الي حزن أليم‏..‏ ونقلت اختي الي المستشفي في حالة خطيرة‏..‏ لكن القدر لم يمهلها طويلا فاسلمت الروح بعد قليل وكان آخر مانطقت به هو كلمات توصيني بها بطفلها الصغير‏..‏ ثم صعدت انفاسها الطاهرة الي السماء يرحمها الله‏..‏ ويخيم الحزن علي حياتنا جميعا‏,‏ وتجف دموعنا من كثرة البكاء‏.‏ وتعتزل أمي الحياة والناس‏..‏ لفترة طويلة وتغلق عليها غرفتها بالأسابيع رافضة ان تغادرها أو تستقبل فيها أحدا‏..‏ وتصر علي ألا يضاء مصباح واحد في بيتنا الحزين‏.‏ ويمضي عام طويل ثقيل علي هذه المأساة المؤلمة التي غيرت كل شيء في حياتنا‏.‏
ثم يجيء زوج أختي منذ فترة قصيرة ليطلب يدي من أبي ويبرر طلبه له بحرصه علي ألا ينشأ ابنها بين أحضان غريبة‏.‏
ويعده أبي بأن يفاتحني في الأمر لكنه لايقوي علي ذلك ويكلف أمي بهذه المهمة‏,‏ فتبلغني برغبة زوج شقيقتي‏..‏ وتسألني عن رأيي فيه فلا أعرف بماذا اجيبها‏,‏ ولا أعرف هل أنا سعيدة بهذا الطلب أم حزينة له‏..‏ لأنه لايجيء إلا كأثر لهذه المأساة الأليمة‏.‏
لقد وعدت أمي بالتفكير في الأمر‏,‏ لكني لم أنس حتي الآن وجهها الحزين وهي تعرضه علي‏,‏ ولا دموعها الغزيرة وهي تحدثني بشأنه‏,‏ ومازلت حائرة في أمري حتي الآن‏..‏ ولم استطع الرد علي أمي بموقف محدد فبماذا تنصحني ياسيدي؟.

__________________



حسبنا الله ونعم الوكيل
رد مع اقتباس