عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10-29-2010, 01:43 PM
 
( الجزء الثالث )
إلى أن جاء فصل الشتاء وكان الثلج يتساقط بغزارة وكانت ماري جالسة في القبو وهي حزينة تنظر إلى سقف القبو الذي فيه فتحة دائرية ضيقة تراقب من خلاله سقوط الثلج, و كانت جالسة قربها صديقتها جوليت قالت ماري : كنت أنتظر أنا وجدتي فصل الشتاء وهبوط الثلج ولكن للأسف لقد ابتعدنا عن بعضنا وربما الآن جدتي في حالة سيئة. ثم نظرت ماري إلى الأرض وقالت وهي تكاد تبكي : لن أسامح نفسي إذا حصل لها أي مكروه. ردت جوليت : لاتقلقي سنخرج من هنا جميعا فنحن فكرنا في خطة رائعة ولكننا قلقون من تنفيذها ..أتعلمينماري أنا لم آتي إلى هنا برغبتي بل السيدة سلفينا كذبت علي كانت تعلم أنني مشردة لا مسكن لي ولهذا عندما رأتني وأنا أبيع الفحم اقتربت مني و أخبرتني أنها تود شراء كمية من الفحم لكن نقودها في المنزل وطلبت مني أن آتي معها إلى منزلها لتحضر النقود وعندما دخلت منزلها نظرت إلي بغضب وأنزلتني إلى هذا القبو. ردت ماري :عملك جميل أنا أريد أن أعمل بائعة مثلك. ردت جوليت:بإمكاني أن أخبر المرأة التي كنت أعمل عندها أن توظفك إذا خرجنا من هنا .. فأطفال كثر يعملون عندها بائعين .. إنها ثرية ولكن لا يبدو عليها ذلك منهم من يبيع الأزهار ومن يبيع الكبريت ومن يبيع الفحم و جميعهم أصدقائي. ردت ماري بفرح : حقا ! هذا رائع أنا بحاجة إلى العمل. ثم أخفضت رأسها وقالت وهي حزينة : لكن أعتقد أننا لن نخرج من هنا أبدا. ردت جوليت بابتسامة حزينة :لا تيأسي لم تنتهي الحياة هنا. ثم قالت ماري في حيرة : لا أعلم لماذا السيدة سلفينا تكره الأطفال كثيرا. أجابت جوليت بهمس : لقد وجدنا في خزانة السيدة دفتر مذاكراتها مكتوب فيه .. أنها عندما كانت صغيرة في المدرسة كان الفتيان والفتيات يسخرون منها ولهذا كتبت في مذكراتها بأنها ستنتقم من جميع الأطفال ولابد أن ذلك هو السبب. ردت ماري وعيناها تحمل الحزن واليأس : لا أعلم لماذا السيدة سلفينا بهذه القسوة .. لماذا لا تخطف أو تعذب إلا الأطفال الفقراء أو المشردين إنها حقا قاسية ما ذنبنا نحن !أخفضت جوليت رأسها وهي حزينة لأنها لم تستطع الإجابة.
وعندما أتى الليل كان توم يبكي بشدة وممكسا بطنه ويقول : فابيان أنا جائع لا أستطيع التحمل. رد فابيان : لا أعلم من أين أحضر لك الطعام .. روبن ألديك أي شيء يأكله؟ رد روبن : من أين لي طعام أنا أيضا جائع. غضب فابيان وقال: توم صغير لن يستطيع التحمل سيموت هكذا. ثم بدأ توم ينعس ونام في الأرضية الصلبة المؤلمة اقترب فابيان من توم ورآه يرتجف وهو نائم من شدة البرد نظر فابيان إلى ظهر توم الواضح من فنيلته البيضاء الممزقة وجبس ظهره وقال فابيان: مسكين توم ظهره متقشر وممتلئ بالأجراح لا أتحمل رؤيته هكذا سأفعل المستحيل لإخراجه من هذا العذاب. وكانت حرارة توم مرتفعة جدا قالت جوليت : لابد أن حرارته مرتفعة من شدة البرد وليس لديه غطاء يدفئه. عندما قالت جوليت ذلك خلع فابيان سترته وغطى بها توم وهو نائم نظرت ماري إلى فابيان وقالت تحدث نفسها وهي مبتسمة : إن فابيان كالأب تماما حنون ومتعاطف مع توم كثيرا كم هو طيب جدا.
ذاقوا الأطفال في ذلك القصر المخيف أشد العذاب فقد كانوا ينامون في القبو في أرض صلبة مؤلمة ومن دون غطاء يدفئهم في الشتاء وملابسهم الممزقة تزيدهم بردا وكان القبو الذين هم فيه محتجزون مليء بنفايات سلفينا وتطعمهم وجبة واحدة في اليوم وهي فضلات طعامها أو الطعام البائث مع العمل يوميا وحمل الأشياء الثقيلة على ظهورهم الصغيرة و تضربهم دائما إذا غضبت منهم هذه هي حياتهم في منزل السيدة سلفينا.
أما جدة ماري فهي تبحث عن ماري كل يوم في الثلوج ومن يدري ستموت أم ماذا فهي مريضة. وبينما كانت الجدة تبحث عن ماري وقعت على الأرض وأغمي عليها ولم يجدها سوى جارتها روز وقد أنقدتها قبل فوات الأوان ولكن مرض الجدة قد أشتد عليها فاصطحبتها الجارة روز إلى منزلها وأدخلتها غرفة نومها وعندما كانت الجدة مستلقاة على سريرها والجارة روز بقربها قالت الجدة لروز : لماذا جلبتني إلى المنزل اتركيني أذهب أريد البحث عن ماري ولن أرتاح حتى أجدها. ردت روز :لا تستطيعين النهوض الآن، أنت مريضة جدا والنهوض والبحث في الثلوج سيزيد مرضك ..قالت الجدة : لا يهم .. لن أترك حفيدتي تائهة في الشوارع. ردت روز بلطف لتهدئتها : لا تقلقي، ماري ستعود قريبا أنا متأكدة من ذلك.