الموضوع: هل نغضَب ..؟
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-01-2010, 09:49 PM
 
هل نغضَب ..؟

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمّد العربيّ الأمين
سيّد الخلق أجمعين .. أما بعد :

أحبّتي أُثير اليوم على قناة الحقيقة الدوليّة المعنيّة بالشؤون الأردنيّة قصّة الشاب " يونس " ..
ذلك الشاب الذي أراد له خالقه أن يحيا بـ كِليَه واحدة .
يونس يحيا حياة صعبة للغاية في إحدى القرى جنوب الأردن ، متزوّج ولديهِ أبناء ..
زوجتهُ مُصابة بسرطان في الغدّة الدرقيّة ..
يحيا حياته الحزينة بمرتّب شهري لا يتجاوز (170 ) دينار أردني
والدراسات تُثبت لنا أن خطّ الفقر في المملكة هو 500 دينار.
ذلك المرتّب الذي يدفع نصفه أجرة المسكن ، وما بالكم بهذا الذي يذهب إلى العاصمة عمّان سبعة مرّات في الشهر إلى المستشفى لمراجعة أوضاعه الصحيّة ..
أُصيب يونس بالفشل الكلوي ، وبحاجة إلى غسيل للكليَة ..
كيف وهو يعمل من أجل توفير الـ 170 دينار ..؟
الأطبّاء أخبروه بأنّه لن يستطيع العمل في حالةِ موافقتهِ على عمليّة غسيل الكلى ..
وهو لا يُريد من أجل لقمة عيش أطفاله ، فهل ندعهُ ينتظر الموت ؟
عرَضَت القناة قصّة يونس ، واتصّالاً هاتفيّاً من طفلهِ الصغير قائلاً :
أنا لا أُريد أن أحيا يتيماً .. كما عاشَ أبي من قبل .

بدأت الاتّصالات الهاتفيّة تنهال ومنهم الخيّرين الذين استعدّوا للتبرّع بكليتهم من أجلِ ذلك الشاب ..
هذهِ العملية ( زراعة الكليَة ) تُكلّف أربعين ألف دينار أردني .
من أينَ له هذا المال ؟

كما تعلمون أنّ الموافقة على المتبرّع تتم بعد اجراء الفحوصات الطبيّة له في حالِ حدوث تطابق مع المُتبرّع له .
ما أثار غضبي هو ذلك الإتّصال الهاتفي مع الناطق الإعلامي لوزارة الصحة الأردنية ، الذي يُخبر العالم أجمع أنّ التبرّع يحدث من الأقارب من الدرجة الأولى والثانية .. أمّا غير ذلك ممنوع
لماذا ؟
للحدّ من المُتاجرة بالأعضاء ..
كيف هذا يا وزارة الصحة ونحن نقول لكم انّهم مُتبرّعين وليسَ بائعين ..
وزير الصحّة لا يعلم أنّهُ لو كان مكان يونس لما تردّد لحظة في الموافقة على ذلك ..

ولكن نحنُ لا نشعُر ببعضنا البعض .. سأُخبركم لماذا ؟

الإنتخابات النيابية الآن على الأبواب في الأردن ، وحجم الدعاية لها تجاوز حاجز الخمسين مليون دينار أردني ، بما يُعادل ثمانين مليون دولار أمريكي .
وهذهِ الأموال إلى أين ؟؟
إلى الهواء الطَلق ..

وماذا عن يونس ؟؟
لو عرضتُ هذهِ القصّة أمام المُرشّحين للإنتخابات ، سأراهم يذرفون الدمع على يونس ..
وهم يُفكّرون بالمقعد النيابي ، وأسمع أصواتهم من الداخل قائلة :
الله لا يردّك يا يونس ..


هذهِ واقعة تُثير الغضب ، فـ لو كنت مكانه .. ماذا سيحدث لي ؟
صدّقني سأبكي بحرقة " بُكاء الرجال " يا يونس .



انتهى



بقلم / ياسر طَبَش
__________________
جِئتُ من أينَ ؟
" لا أدري "
ولَكنّي أتَيت
رد مع اقتباس