11-13-2010, 01:49 AM
|
|
خلف الطاولة | | | | خلف طاولة بمقهى الحي خلف طاولة بمقهى الحي أخذت أتأمل عمود البخار المنبعث من فنجان قهوة الصباح . يتصاعد متمايلا يتحايل قصد بلوغ المرام . خاطبته بتحية رقيقة وابتسامة المجاملة . فلم يأبه بما فعلت . حاولت اعتراض سبيله ، فانحنى وراوغ وعاد لاستئناف طريقه عبر المسام . كتمت أنفاسه بإحكام إغلاق الفنجان . فتروى وتمهل لينطلق بعدها بعزيمة وإصرار . مزمجرا مخترقا عنان الفضاء . إنه عنيد صبور ، مادام يسمعني فلا أبالي . أيدري أنه أثار إعجابي بصموده وعزيمته ؟ رسم لنفسه خطا فالتزمه ، وقصد هدفا فآلى على نفسه بلوغه . ليتني أستفيد من نهجه ، وأحدو حدو مثابرته وجلده وصموده . أراني مجرد متخبط بلا تصور محدد للحياة . أجوب سبيلي تائها مستسلما للحظات ضعفي . أصوغ بقولي وفعلي نمطا يجعل العصيان واقعا مبررا ، والعصاة أبطالا بررة ، والمروق لذة مستصاغة مألوفة . لا أخفي بأن رؤيتي للكون كادت تصطبغ بالسواد ، ورفقتي لعترتي مهددة بالهجر والانفصام والبعاد . بعد هنيهة اختفى بخار الفنجان وتوارى ، وكأنه استوعب مقالتي . وحملها بحرص وأمانة نحو أكوان السماء . أو استثقل بثي فآثر الوجوم والاختفاء . أو لعله مجرد رمز يحاكي أشجان روحي ، وتجربة وجدان امتطت أبخرة شلال من الشوق الخالص إلى التحرر والانعتاق . تصاعدت أعلامها وانبعثت من قلب مكلوم لتنشر في فضاء الكون آهات الصباح وتأوهات المساء . | | | | | |