ڼڄٲڂ مڻ ڔځم ٲڵٲڸم " أشعر بأنني أفضل بل أسعد مما كنت عليه قبل ولادتي كريستوفر" قارئ هذه العبارة سيعتقد أن قائلتها قد رزقت طفلاً جميلاً حوّل حياتها إلى عالم من الراحة النفسية والمتعة والاطمئنان, ولن يتوقع أحد أن تكون هذه الولادة من أصعب الولادات وأعقدها, تعرضت خلالها برناديت – قائلة العبارة السابقة- لخطر الموت من جراء هذه الولادة المتعثرة, بل لم تستطع أن ترى ولدها إلا بعد ثلاثة أسابيع من ولادته.
وُضِع بين يديها طفلاً ملتوياً -لا شيء فيه على ما يرام- عاجزاً عن الحركة والنطق والتعبير إلا, اللهم عن بعض الإيماءات بعينيه وحاسة سمع قويت مع الأيام, من خلالها وجدت برناديت بصيص أمل لتجعل من ولدها هذا معجزة المعجزات.
وكما يزيد الضرب الحديد قساوة, ازدادت برناديت والدة كريستوفر نولان الأم الحديدية الإرادة عزيمة وإصراراً فجعلت كريستوفر- الطفل التوتري- شخصاً ذا شأن على مستوى بريطانيا كلها.
لم تدع اليأس يسيطر عليها, ولا الدموع تغرقها ولا الكآبة تفترسها, بل كرست برناديت حياتها لولدها فاستطاعت أن تزرع فيه حب التحدي والإصرار على تحقيق الذات, فحولت بذلك مرارة الألم وقسوة المعاناة إلى لذة نصر ونشوة نجاح.
رغم استجابات كريستوفر البطيئة استطاعت تعليمه بعض الإيماءات البسيطة بوساطة حركات عينيه, وأخذت تحيطه بالأصدقاء والأقارب ولم تعزله عن العالم وكأنه وصمة عار يجب سترها. ومع ظهور الكمبيوتر بدأت تعلمه الكتابة بالنقر على لوحته بواسطة قلم ربطته على جبينه, استطاع بواسطته أن يكتب بعض الكلمات ليعبر عن حاجاته ورغباته, مستغرقاً ثلاث دقائق في كتابة كل كلمة,ثم أدرك كريستوفر جهود والدته الجبارة في تهيئة الظروف لجعله شخصاً ذا شأن كبير, فبدأ رحلته في عالم الكتابة, يدفعه إلى ذلك العالم إصراره على النجاح.
وبكثير من الألم وبيأس معدوم, استطاع كريستوفر أن يصرع حروف الكمبيوتر, في حين لم تصرعه الإعاقة وألّف أول قصائده وهو في الخامسة عشرة من عمره, وكانت جميلة لدرجة أن إحدى الصحف تلقفتها ونشرتها, وعندما أصبح في الواحد والعشرين أصدر سيرته الذاتية, أول كتبه باسم " تحت عيون الساعة " وعنه قال أحد النقاد: " إن هذا الكتاب الضئيل الحجم, بالنسبة للكتب المماثلة, سيدخل تاريخ الأدب الإنكليزي من أوسع أبوابه لأنه نابع من أعماق المعاقين المحطمين في أي مكان من العالم".بهذا الكتاب حصل كريستوفر على أشهر جائزة أدبية في إنكلترا, جائزة ويتبريد للأدب الرفيع.
لم يكن نجاح كريستوفر ليتحقق لولا صبر أم أبت أن يكون ولدها أقل من باقي البشر, وإصرارها أن يكون ابنها أفضل من كثيرين ولدوا سليمين لكنهم لم يحظوا بأم تفجر قطرات النجاح من صخرة
الحياة.