في الطريق الى الدار نظر إليها حيث كانت تجلس على يمينه، شاردة الذهن، بعينين غاائرتين تركزّان على تلك الطريق المؤدّية بها الى المجهول، كان وجهها يشعّ نورا أكثر من العادة كأنّما أراد أن ينذر بالظلام الذي سيحلّ بعدها وعلى كل تجعيدة فيه، كُتبتْ حكاية بخلاصة التفاني من أجله. حاول استفزاز ذلك الصمت الذي لازمها مذ علمت بخبر تنقّلها، فراح يخبرها عن أسماء الشوارع التي يمرّان بها وعن أسماء المحلات والمنشآت التجاريّة التي ملأت المدينة بينما هي مُقعدة على كرسيّها المتحرّك! أُحبط محاولَته ثباتُها على وضعيّتها واستمرارُها في موقفها البليغ صمت قليلا ثم استرسل يحدّثها عن الراحة التي ستجدها هناك، وسط زملاء يعزّون كبَرها ومسؤولين يهتمّون بصحّتها... أطرقت رأسها دون أن تتفوه بكلمة ترضي فتات ضميره وقبل أن يحقّق مبتغاه توقّفت السيّارة أمام الدّار، أخرج الكرسي من الصندوق وأمسك بذراعها فوجد جسدها جامدا، تحسّس نبضها بسرعة فكان غائبا، جثم على ركبتيه وراح يبكي بحرقة ويقبّل قدميها الباردتين !! |