عرض مشاركة واحدة
  #79  
قديم 12-02-2010, 07:38 AM
 
,,
وقف زيس أمام باب غرفته ثم أخرج مفتاحه ليفتحها , ولكن قبل أن يفتحها شعر بأن الرؤيا أصبحت مشوشة أمامه

أغمض عينه بقوه ثم ضغط عليها بيده ليدلكها وتعود إلى طبيعتها ..
وعندما فتحها , عادت الرؤيه .. ففتح الباب ودخل إلى الغرفة .. خلع جاكيته وألقى به على الأريكة
نظر إلى كل زاويه في الغرفة ليجد أن كل شيء في مكانه مثلما تركه قبل أن يخرج ..
لم يعلم بعد أين اختفى سوما .. وما زاده حيرة أنه لا يجيب على الهاتف .. لذا تأكد من أنه عاد إلى إيطاليا ..
جلس على سريره ووضع يده على جبهته ثم همس – أظن أنه علي زيارة الطبيب ..
تثاءب ثم أردف – أو أن أنام قليلاً علني أستعيد نشاطي ..
كاد أن يغلق عينه ولكنه فتحها بسرعة عندما سمع صوت الجرس , لم يتوقع قدوم أي أحد
فمن عساه أن يأتي في هذا الوقت , لم يفكر زيس في أحد غير ألبوس ..
ليس مستبعداً أن يكون هو , فنهض من على السرير
وتوجه نحو الباب ليفتحه وليفاجأ بمن رآه الآن أمامه .. كانت تلك هي والدته التي ابتسمت عندما رأته
قطب حاجبيه ثم قال – ما الذي أتى بك إلى هنا ؟
تقدمت ميسي ودفعت زيس إلى داخل الغرفة وهي تقول – كف عن هذه التفاهات وعد لرشدك .

أبعدها زيس عنه ثم قال – وما علاقتك أنتِ في الأمر هيا اخرجي من هنا أنتِ وهي .!
صرخت ميسي مازحة – أخرج ؟ هل تطرديني ؟
جلست على الأرض ثم قالت بعناد – لن أفعل , أرغمني إن أردت .
انحنى زيس ليمسك بيدها وهو يقول – حسناً سأفعل .
ولكن قبل أن يرفعها شعر بدوار خفيف فجأه ففقد توازنه .. أمسكت به ميسي كي لا يقع على الأرض
ثم قالت باندهاش – ماذا هناك ؟!
أسرعت والدته إليه وأمسكت به هي الأخرى .. شعرت بالقلق عليه وهذه أول مرة يراها فيها زيس هكذا
تسأل عن حاله وتحاول مساعدته , حس بشيء غريب ليس الندم ولكنه شبيه به .. !
وضعت جيسيكا يدها على جبين زيس لتجد أن حرارته مرتفعه كثيراً .. فشهقت خوفاً عليه
ساعدته على النهوض والجلوس على الأريكة وهي تقول – ارتح هنا قليلاً , سوف أطلب الطبيب في الحال .
قال زيس بعصوبه – لا داعي , أنا بخير .
لم تعره أي اهتمام , أخرجت هاتفها وأخذت تضغط على الأزرار لتتصل على طبيب .. أما ميسي
ظلت تنظر إليه .. اقترب منه وقالت – زيس , كيف سمحوا لك بالتمثيل وأنت في هذا الوضع ؟
قال لها ليتجاهل سؤالها – أشعر بالبرد , ناوليني الغطاء الثقيل .
أخذت الغطاء من على السرير ثم وضعته على زيس الذي تمدد على الأريكه وأخذ يرتجف برداً .

أغمض عينيه وغط في نومٍ عميق بسبب التعب والإرهاق .. طلت ميسي في وجهه المتعرق ثم قالت بقلق
- أمي , هل سيكون بخير ؟ هل أزيل الغطاء عنه ؟ أظن أنه يشعر بالحر .!
أعادت جيسيكا الهاتف إلى جيبها ثم قالت وهي تتوجه نحو المطبخ
– اتركيه كما هو , سيأتي الطبيب بعد قليل , لن يتأخر .
دخلت إلى المطبخ وأخذت وعاء وضعت فيه بعض الماء البارد و فوق ذلك مكعبات الثلج
بعدها خرجت من المطبخ وعادت إلى حيث كان زيس مستلقياً على الأريكة
جثت على الأرض بقربه ووضعت الوعاء بجانبها , ثم غمست المنشفة في الماء البارد وعصرتها قليلاً ثم وضعتها على جبين زيس
قالت بعد ذلك موجهةً الكلام لميسي – هل أصيب بالحمى قبل هذا اليوم ؟
وضعت ميسي بسبابتها على ذقنها وحاولت التذكر .. قالت – لا أتذكر أنه أصيب بالحمى .!
فهمست جيسيكا – توقعت ذلك .! مناعته قوية ولكن إن أصيب بالحمى تكون شديدة جداً .! إنها البداية فقط أرجو أن يكون بخير .!
بدأ زيس يخرج آهات تنم على الألم .. فأمسكت جيسيكا بيده لا تلقائياً خوفاً عليه
تذكرت الماضي , عندما كان زيس طفلاً في الثانية من عمرة , كانت أول مرة يصيب فيها بالحمى الشديدة
حتى أنها أثرت على رئتيه فتسببت تلك الحمى بالتهابها ..
شعرت جيسيكا بالخوف أكثر عندما تذكرت ذلك اليوم , فقد كاد قلبها أن يتوقف .!!
لكن ما جعلها تهدأ قليلاً هو وصول الطبيب , نهضت ميسي بسرعة وفتحت له الباب ..
فدخل بعد أن علم منها أن المريض في غرفته .. اقترب منه وأزال الغطاء من عليه بعد أن تنحت جيسيكا عن طريقة
قام بفحصه وبعد انتهائه قالت جيسيكا – هل هو بخير ؟
أخرج الطبيب زجاجة دواء ثم وضع القليل منه على الملعقه وهو يقول – لا تقلقي , مجرد حمى سيشفى بعد عدّة أيام .!
قالت قبل أن يعطيه الدواء – لكن , إنه لا يتحمل أخذ مثل هذه الأدوية السائلة .! اعتاد على الجرعات منذ الصِغر .!
- لا بد من إعطائه هذا النوع يا سيدتي .! ألا تريدين منه الشفاء ؟
- بلا , ولكن ..
لم يستمع الطبيب لها ووضع الملعقة في فم زيس .. وعندما تذوق الطعم فتح عينيه بسرعة ووضع يديه على فمه لأنه شعر بالغثيان
وبسرعةٍ أيضاً نهض من مكانه وركض إلى الحمام ..
نظر الطبيب إليه بتعجب ثم نظر إلى علبة الدواء وقال – هل طعمه بهذا السوء .؟!
- قلت لك .. هو لا يحب الأدوية السائلة .!
بعد فترة قصيرة عاد زيس ولكنه ألقى بنفسه على السرير ووضع يده على رأسه
اقترب منه الطبيب ثم قال – حسناً إذاً , سوف أعطيك حقنه لربما كانت أفضل لك .
غير زيس وضعيته إلى الجلوس ثم رفع كم قميصه القطني ذا اللون الأحمر دون أن يتكلم أو يقول أي كلمة
كان متعباً وكل ما يفكر فيه هو النوم , وبدا ذلك على عينيه الذابلتين وبشرته الشاحبة
ومن شده خموله لم يرد التحدث .. ما أراده حقاً هو أن ينتهي الطبيب من كل شيء ويرحل
ثم ينام ..
لم يمضي الكثير من الوقت حتى انتهى الطبيب .. بعد ذلك تمدد زيس على السرير وغفا
كتب له الطبيب بعض الأدوية التي ستخفف من الرعاف الذي سيأتي بسبب تلك الحقنة
والبعض الآخر ليقف الزكام ..
خرج بعدها وبقيت ميسي مع والدتها معه .. ولكن لم يدم ذلك طويلاً إذ بوالدتها تخبرها أن تعود وستبقى هي مع زيس ..
ألحت جيسيكا على ذلك فلم تجد ميسي مبرراً لتبقى معها .. قالت قبل أن تخرج – إذا احتجتِ أي شيء اتصلي بي .

,,
كان جالساً في إحدى زوايا تلك البركة المستطيلة , ويمسك بكأس عصير في يده
تبللت أطراف خصلات شعره الشقراء وكذلك التصق بعضها على رقبته التي تدلى منها سلسال فضي .
شرب رشفه من ذلك الكأس ثم وضعه على الصينية الموضوعة بجانبه على الأرض ..
رفع رأسه وأخذ يتأمل في تلك السجادة السوداء التي التصق بها ذلك الذباب المضيء
وتتوسطها منجل مضيء أيضاً ..
تقدم رجل كسا رأسه الشيب حتى صار بالقرب من تايلر الذي أغمض عينيه عندما اقترب منه
قال الرجل – سيدي , بالأمس لم تخرج ولو قليلاً من غرفتك , واليوم لم تفارق
حوض السباحة منذ ساعات كثيرة .. إنها ضارة وخاصة في جو بارد كهذا .!
لم يتحدث , ظل صامتاً في مكانه دون أن يتحرك , فأردف جون
– لا أعلم ما الذي حدث لك , ولكنّي موقن أنه لا يستحق كل ذلك .. إنها أول مرة أراك في هذه الحال !!
- ........
الجواب نفسه , لم يقل أي شيء مما جعل جون يتنهد بألم ولا يعرف كيف سيتصرف معه
فقال عساه ان يخرج من حوض السباحة – لقد جهز العشاء , هيا اذهب لتناوله وإلا سيبرد .!
فتح تايلر عينيه ثم غطس في البركة لتتبلل كل خصله من شعرة ثم خرج منها ..
أخذ المنشفة ووضعها على رأسه بينما الأخرى لفها على جسمه ثم قال أخيراً
- لست جائعاً , سوف أذهب للنوم الآن فغداً لدي عمل مهم .!
ثم مشى مبتعداً عن جون ومقترباً من باب المنزل ليدخل .. ولكن جون لحق به وهو يقول
- لكن سيدي أنت لم تتناول الغداء .! ونفس الحال مع طعام الإفطار .!! يجب أن تتناول شيئاً .! وإلا ستمرض .
- ...
ظل يمشي حتى وصل إلى غرفته وأغلق الباب قبل أن يدخل خلفه جون ...
وفي داخل غرفته توجه نحو الخزانة ليخرج قميص النوم مع البنطال ليرتديهما ويجلس على السرير
وهو يجفف شعره بالمنشفة البيضاء .. بعدها تمدد على السرير وعاد بذكرياته إلى الماضي
إلى تلك الأيام القليلة التي قضاها في مدرسه ثانوية في إيطاليا .. ذهب للدراسه هناك بسبب والده بالتبني ..
فقد انتقل عملة إلى هناك مؤقتاً في الفرع الرئيسي لشركة كلاميرن , على أيّه حال
في أول يومٍ حضرة تايلر في تلك المدرسة كان غريباً جداً , إذ به يلتقي بأنواعٍ كثيرة من غريبي الأطوار
وأولهم كان شاب دائم الهرب من الحصص والأساتذة كذلك .. من أول نظره ظن تايلر أنه لشاب كسول جداً
ولكن .. النتائج التي رآها في اختبارات المنتصف أثبتت العكس تماماً .. فهو متفوق .. حسناً تقريباً متفوق
مع أنه لا يحضر الحصص إلا أن علاماته ممتازة جداً .!
كانت من عادة تايلر في فترة الغداء أن يصعد إلى سطح بناية المدرسة .. فهي دائماً ما تكون خالية من الطلاب تماماً
كما أنه لا يحب الإزعاج لذا فإنه يلجأ إلى السطح ..
وفي احدى المرات عندما كان تايلر جالساً بهدوء على احدى عتبات البناية بحيث كان يسند ظهره على الجدار
و إحدى قدميه تتدلى للأسفل بينما الأخرى يسند بها يده اليمنى ..
خرج شاب من الباب كان يتحدث إلى أحدٍ ما في الهاتف , وبدا عليه الغضب الشديد وهو يصرخ ويسب في الشخص الذي يتحدث معه
إنه نفس ذلك الشاب المتفوق الكسول .. على الأرجح .!
كان يقول كلمات كـ " ما الذي تقصده ؟ لن تجدوا أفضل منّي في مجال الغناء , ما أغباكم "
و غير ذلك الكثير , حتّى نفذ صبره من التحدث إلى ذلك الشخص فرمى بهاتفه النقال ليرتطم ويتحطم فوق الأرض ..
ثم أخذ يصرخ قائلاً – يا لكم من حمقى , لن أسمح لكم بـ ..
توقف عن الصراخ عندما رأى تايلر يجلس فوق سور المبنى فخاف ثم قال وهو يقترب منه بحذر ..
- تنوي الإنتحار ؟! .. لا أظن أن السبب يدعو للإنتحار هيا انزل ودعنا نجد حلاً لذلك .!
كان تايلر ينظر إليه ولم تظهر أي علامات على وجهة .. بدا غامضاً جداً بالنسبة لذلك الفتى
أردف ذلك الفتى – أوه إنه أنت ؟! الطالب الجديد .!! دائماً عابس الوجه ولا تتحدث مع الآخرين هل هذا السبب الذي دفعك للتفكير في الإنتحار ؟!
توقف عن الكلام عندما سمع صوت تايلر وهو يقهقه بشدة لدرجه أن الدموع بدأت بالإنهمار
تعجب ذلك الشاب منه ومن ضحكاته تلك .. أراد التكلم ولكنه لم يستطع لانه أخذ يضحك معه لا تلقائياً .!!
ذلك هو ما يُسمى عدوا الضحك مع إنه ما من شيء يدفعه للضحك إلا أنه يضحك ..
توقف تايلر عن القهقهة وقفز إلى الأسفل لتلامس قدماه الأرض .. ثم اقترب من الشاب وقال له
- ليس الأمر أنّي أريد الإنتحار , ولكنّي في الحقيقة أحب الأماكن المرتفعة .
- هكذا إذاً
مد تايلر يده للشاب ثم قال له – اسمي تايلر .
فصافحه الشاب وهو يقول – وأنا زيس .. سررت بمعرفتك .


انتهى , رايكم