12-14-2010, 03:17 PM
|
|
دور الاخلاص في حياتنا كان الحسن يقول:
( روي أنه من قَبِلَ الله تعالى من عمله حسنة واحدة أدخله بها الجنة، قيل: يا أباسعيد: فأين تذهب حسنات العباد؟ فقال: إن الله عز وجل إنما يقبل الخالص الطيب المجانب للعجب والرياء، فمن سلمت له حسنة واحدة فهو من المفلحين ). لإظهار النفس ترى البعض إذا عُرض عليه عمل وإن كان يسيراً اعتذر مباشرة وله الحق إن شاء ذلك، لكن أن يعتذر بادعاء كثرة الأعمال والانشغال وتعدد الارتباطات ..! بل أصبح الادعاء بكثرة الأعمال موضة ظاهرة على ألسن بعض الناس، ومن الطرائف أن رجلاً خطب امرأة وذكر لها أنه مشغول بأمر الدعوة وأسهب في ذلك وقد لا يجد الوقت لإعطائها حقها. فردته وقالت إما أنه كاذب أو مراء. كاذب يدعي، أو يراءي ليرتفع في عيني، وإلا أين هو من رسول الله وأين هو من العلماء العاملين؟! أحدهم يزور مكتباً للدعوة دقائق معدودة كل ثلاثة أشهر، وكلما جلس مجلسا ًتحدث عن المكتب و أعماله وإنجازاته وتسيد الحديث وكأنه المسؤول الأول عن المكتب فيظهر دقيق الأمور وجليلها، ثم يطرح ما قرأ من مشاريع وطموحات ليوهم أنه يحمل هم الدعوة وأنه يجد مشقة في التردد على المكتب. هناك من تستشرف نفسه لدرع يقدم له أو شهادة شكر تصل باسمه! ويصغي بسمعه أن يُثنى عليه وعلى جهده! ويتحدث ويكتب عن سيرته ماذا قدم وفعل؟! كل عملك الذي تقدمه فهو قليل في جنب الله وإن ظهر لك مثل الجبال. فاجمع على قلبك الخوف والرجاء وتذكر قول ابن عوف: ( لا تثق بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل عنك أم لا؟! إن عملك مغيب عنك كله ). واحفظ عملك بالإخلاص، واكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك، وأبشر بخير عظيم إذا قصدت وجه الله عز وجل، يقول ابن تيمية في هذا الشأن: ( والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر الذنوب كما في حديث البطاقة، فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق، كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم يقولون التوحيد، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجح قول صاحب البطاقة ). ثم ذكر - رحمه الله - حديث المرأة البغي التي سقت كلباً فغفر الله لها، والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق فغفر الله له، ثم قال: ( فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر لها، وإلا فليس كل بغي سقت كلباً يغفر لها. فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال ). أخي المسلم: أسباب الرياء وبواعثه ترجع إلى ثلاثة أصول: الأول: حب لذة الحمد والثناء من الناس. الثاني: الفرار من الذم. الثالث: الطمع بما في أيدي الناس من مال أو جاه وغيره. وهذه الأمراض خطيرة على الإنسان وربما تكون سبباً في سوء خاتمته لأن ظاهره مخالف لباطنه - والعياذ بالله. وليتذكر أحدنا قول الحسن: ( رحم الله رجلاً لم يغره كثرة ما يرى من الناس. ابن آدم؛ إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك ). جعل الله أعمال الجميع صواباً خالصة لوجهه الكريم، لا رياء ولا سمعة، ولا عجب ولا منة، بل المنة والفضل لمن هدى ووفق وأعان وسدد جل وعلا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم |