عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-16-2006, 04:39 PM
 
القيادة والإدارة : الجبن و الطبشور



القيادة والإدارة: الجبن والطبشور


تريفور غاي




هناك فرق بين القيادة والإدارة. القيادة تنبع من الروح مقترنة مع الشخصية والرؤيا، وممارستها فن. والإدارة تنبع من الفكر وهي مسألة حسابات دقيقة... وممارستها علم. المدراء ضروريون والقادة أساسيون!!

المارشال لورد سلِم عندما كان الحاكم العام في أستراليا

تختلف القيادة عن الإدارة تماماً كما يختلف الجبن عن الطبشور. لقد تشكلت وجهات نظري عبر سنين قضيتها كمدير في الرعاية الصحية في إنكلترا وبالأخص كنتيجة لأبحاثي حول القيادة


من منظور أطباء العائلة (1997- 1998).



ليس بالضرورة أن يصنع المدراء الجيدون قادة جيدون، والعكس صحيح. كل منهم له دوره المميز. خصائص القيادة لا تخضع للقياس وليست ملموسة بشكل واضح، في حين أن أغلب عمليات الإدارة تكون قابلة للقياس. قد يكون أفضل من لخص هذا وارن بينيس عندما قال: "المدراء يقومون بالأعمال بشكل صحيح... القادة يقومون بالأعمال الصحيحة".

من الواضح أن هناك شيئاً يطبع شخصية القادة المؤثرين ويجعلهم يقفون خارج الحشد. أجد من المستحيل أن أحدد وأقيم هذه الميزة الزئبقية. عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء مع مهنتي أجد الكثير من المتفوقين، منهم من كانوا قادة بشكل واضح ومنهم من كانوا مدراء بشكل واضح.

لاحظت من خلال خبرتي مع مدرائي السابقين أن...

القادة:

· لديهم مستوى عالٍ من المواصفات الجيدة.

· يركزون على الصورة الأكبر.

· لا يرتاحون إلى التفاصيل الدقيقة.

· يجعلونني أشعر أنني جزء من رؤيتهم.

· لا يعاقبون على الأخطاء، بل يرون الأخطاء كفرص للتعلم.

· يتحدون الوضع الحالي.

· لا يخافون من كونهم مغمورين.

المدراء:

· يدفعهم التقدم.

· يرتاحون إلى التفاصيل الدقيقة.

· يهتمون بالأساسيات أكثر من اهتمامهم بالرؤيا الواسعة.

· يريدون أن يقيسوا كل شيء.

· لا يرتاحون إلى تحدي المنظور المشترك.




القيادة لا تقتصر على الأمور الكبيرة فقط



أعتقد أن الفرق يكمن في كلمتي "قاسي" و"ليّن". تقول خبرتي مع المدراء المؤثرين أنهم يكونون جيدين جداً مع المواد القاسية. هم يهتمون بالنتائج القابلة للقياس وأحياناً تستحوذ عليهم الفكرة بشكل كبير. يظهر المدراء أنهم مدفوعون بالحاجة إلى برهنة فعاليتهم بطريقة ملموسة، أما القادة فهم يستمتعون بالعمل مع المواد اللينة غير القابلة للقياس، النادرة، القصة.



يمكن أن نتلمس أحد مساوئ التركيز على المواد الصعبة من خلال المثال التالي: في أحد الأيام كان أحد المدراء يعاني من ضغط شديد فتبرع بمعلومات إلى أحد زملائه بأنه قلق بشأن التقييم السنوي لمجموعة الموظفين لديه الذي "يتوجب عليه إنجازه" لقسمه. بعد بضعة أيام التقى الزميلان من جديد وبدت على المدير علامات الارتياح. قال إنه قد أتم جميع التقييمات وأنه أخرج ملفات التقييم والخانات المؤشر عليها وحدّثها دون أن يتفوه بكلمة لأي من أعضاء المجموعة لديه. كان جل اهتمامه أن ينجز ما هو متوقع منه والذي يتلخص برأيه بإدخال المعلومات ضمن الملفات والتأشير على الخانات.



القادة المؤثرون بشكل عام -حسب خبرتي– لا يهتمون بتفاصيل العملية بهذا الشكل، بل يحتاجون إلى إثبات وجود العملية. على العكس، يبدي القادة المؤثرون اهتمامهم بأمور قد تبدوا للآخرين ممن هم "ليسوا قادة" بسيطة وعادية. على سبيل المثال الكثير منا يعمل في منظمات ترفع الشعارات:



· نحن نقدر مجموعة الموظفين لدينا.

· نحن أرباب عمل نتساوى بالفرص مع غيرنا.

· نقدر التنوع.



تخيل عامل نظافة في صباح يوم ماطر بارد مظلم والساعة السادسة صباحاً يركن سيارته في مصف سيارات يبعد 200 يارد عن مدخل الموظفين. وبينما كان عمال النظافة يشقون طريقهم نحو المدخل مع هذا البرد القارص لاحظ أن الموقف الفارغ أمام المدخل مخصص للمدراء والمستشارين. لا يستطيع عمال النظافة أن يتجنبوا الفكرة الملحة التي ستقفز إلى مخيلتهم: شعارات هذه الشركة كلام فارغ!



هنا يبدي القائد اهتماماً بمشاعر عامل النظافة، وغالباً ما يحاول أن يحل المشكلة. حتى لو لم يتمكن من حلها، فإن حقيقة كونه مهتماً ستنتشر في المؤسسة انتشار النار في الهشيم. الأمور الصغيرة هامة – لا تقتصر القيادة على الأمور الكبيرة فقط!

القادة الجيدون غالباً ما يحيطون أنفسهم بمجموعة من الأشخاص الذين يؤمنون بأفكارهم. يجاهد القادة دائماً في سبيل التطوير -وليسوا مدمني تغيير- القادة الجيدون يتحرون دائماً الوضع الحاضر ويطرحون تساؤلات حوله.

يمكننا أن نتعلم الكثير حول الإدارة والقيادة، خاصة حول عطش القادة الذي لا يرتوي للتطوير من خلال دراسة التقارير.


يقوم المدراء بالأعمال بشكل صحيح، يقوم المدراء بالأعمال الصحيحة



من الممتع أن نستمع إلى تصريح ألكس فيرغسون قائد فريق مانشستر يونايتد بعد أن ربح اليونايتد الكأس الأول للمرة الثامنة على التوالي خلال 11 عاماً. كان فيرغسون كثيراً ما يردد "كيف سنطور الفريق للموسم القادم. كان يطلق على فيرغسون "مدير" فريق المانشستر يونايتد، أما بالنسبة لي فهو "قائد" الفريق.

أنا أشك في أن لا يكون هذا القائد مهتماً في العمليات المعقدة المتعلقة بتسيير أحد أكبر التنظيمات الرياضية في العالم، ولكنه في نفس الوقت مصدراً لعدد من القصص الإسطورية التي تروى عن معرفته لتفاصيل ما يجري في النادي وحوله. كذلك من الممتع معرفة أنه حقق مركزه الراقي دون أن يتلقى تدريباً رسمياً في الإدارة باستثناء ما تعلمه في "جامعة الحياة".



مدير آخر مشهور في حقل رياضة كرة القدم كان "بيل شانكلي" من فريق ليفربول. قال شانكلي كلمات خالدة: "قم دائماً بتغيير الفريق الرابح" قول يختلف مع القول الأكثر شيوعاً "لا تغير الفريق الرابح" مرة أخرى. كان شانكلي قائداً مع قائمة من الإنجازات المؤثرة، مع هذا كان رصيده من التدريب الإداري صفراً.










كلا القائدين يمتلكان القدرة على إلهام الآخرين للموافقة على رؤيتهم التي تفصل المدراء عن القادة. بطريقة ما يلهم هؤلاء القادة أتباعهم.. أعتقد أنه – في حالتهم- لا يوجد فهم أكاديمي لعلم الإدارة أو القيادة، إنها نوع من الخصائص الشخصية غير الملموسة.

أخيراً أنا أعتقد أن القادة يولدون قادة ولا يُصنعون. أنا أشك أن بإمكان الأفراد أن يتعلموا كيف يكونون قادةً من خلال القراءة أو الدراسة أو الاستماع إلى المحاضرات. هناك شيء يجعل القادة يقفون خارج دائرتنا. التدريب القيادي أمر يستحق العناء، فمن الممكن أن تُعلّم آليات القيادة وقد أصبحت القدرات القيادية مستخدمة بشكل واسع في مناهج الإدارة الأكاديمية، ولكنني أشك أن ينتج عن عملية "تطور القيادة" تحويل المدراء الجيدون إلى قادة جيدين. بعض أعظم القادة البارزين في التاريخ لم يتلقوا أي تدريب في فن القيادة، إنها موهبة تأتي إليهم بشكل طبيعي وعلينا أن نقدر هذه الميزة الغامضة حتى لو لم نتمكن من قياسها.



في ذات الوقت علينا أن نتذكر أن القادة يوجدون ضمن مجموعة الأقلية وأن معظمنا جنود فاعلون جداً (وعلينا أن نسر لذلك!). كثيرون يقولون إن المعارك تكتسب بفضل الجنود لا بفضل الجنرالات. لا شك أن القادة والمدراء لهم أهميتهم الخاصة فهم يؤدون أدواراً أساسية في المنظمات، ولكن من الضروري إدراك أن المدراء الجيدين يختلفون عن القادة الجيدين ولا يوجد تطابق بينهما.

"يقول القادة... هذا هو الهدف الذي نسعى إليه.... ويقول المدراء... هذه هي الطريقة التي سنصل فيها إلى الهدف". فيرغسون
__________________
قل خيراً ... أو اصمت !