الموضوع
:
من دلائل القدرة الإلهية في تكيفات النباتات الأرضية
عرض مشاركة واحدة
#
1
01-08-2011, 12:55 PM
حقيقة لا خيال
من دلائل القدرة الإلهية في تكيفات النباتات الأرضية
من دلائل القدرة الإلهية في تكيفات النباتات الأرضية
صورة لنبات صحراوي تحورت أوراقه إلى أشواك للحفاظ على الماء في الصحراء
الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
أستاذ علوم النبات في الجامعات المصرية
يدعي الدارونيون أن الحياة خلقت على الأرض بالمصادفة والعشوائية وتطورت بالطفرةوالانتخاب الطبيعي وأنه لا خالق للكون ولا مدبر ولا حكمة في الخلق.
والله سبحانهوتعالى أنبئنا أنه الخالق البارئ المصور، خلق المخلوقات بقدرته ومشيئته وعلمهوتقديره وأن كل شيء في الكون خلق بقدر معلوم ومحكوم فقال تعالى: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر/49).أي : "خلقهما بقضاء سبق به علمه وجرى به قلمه بوقتها ومقدارهاوجميع ما اشتملتا عليه من الأوصاف" (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان،عبد الرحمن بن ناصر السعدي). وقال أيضا: "وهذا شامل للمخلوقات والعوالم العليةوالسفلية، أن الله وحده خلقها، لا خالق لها سواه، ولا مشارك له في خلقه".
وقالسبحانه: "قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" (طه/50). "أي ربنا الذي خلقجميع المخلوقات، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به (الدال) على حسن صنعه من خلقه، منكبر الجسم وصغره وتوسطه وجميع صفاته، ثم هدى كل مخلوق إلى ما خلقه له، وهداهالهداية الكاملة المشاهدة في جميع المخلوقات... فالذي خلق المخلوقات، وأعطاها خلقهاالحسن الذي لا تقترح العقول فوق حسنه، وهداها لمصالحها، هو الرب على الحقيقة" )المرجع السابق/586).
وإذا دققنا في النباتات الأرضية وجدنا هناك توافقا معجزابينها وبين البيئات الأرضية التي شاء الله سبحانه وتعالى أن تعيش فيها، فالنباتاتالتي تعيش في الماء تختلف في صفاتها الظاهرية والتشريحية والوظائفية عن نباتاتالبيئة الجافة والنباتات الوسطية.
ففي النباتات الوسطية
(Mesophytes
)
نجد الجذورالأرضية المتناسبة مع طول المجموع الخضري للنبات، وعدد أوراقه وأزهاره وثماره، ومدةتعميره على قيد الحياة، فهناك الجذور القصيرة الوتدية والقصيرة الليفية، وهناكالجذور الوتدية العميقة والجذور المتشعبة تحت الأرض، والجذر يتجه دائما نحو الأرضبالانتحاء الأرضي والانتحاء المائي.
صورة لاحد النباتات الوسطية
أما المجموع الخضري فمتلائم تماما معالبيئة الوسطية في مياهها، وحرارتها، وضوئها، فالساق قائمة قوية أو ضعيفة، خشبية أوعشبية، مصمتة أو مجوفة حسبما يجب أن تعيشه على الأرض، وما تحمله من أوراق وأزهاروثمار والأفرع الجانبية في كل مكان تنمو في وسطية وتحمل الأوراق العادية المفلطحةالخضراء في وضع أمثل للقيام بعملية البناء الضوئيوهي دائمة الخضرة، متساقطة أوغير متساقطةوالساق ملساء أو عليها أشواك للتسلق أو يتحور بعض أوراقها أوأطرافها إلى معاليق تتعلق بها وتتسلق إن كانت ساقا ضعيفة وهي تزهر وتثمر في ميقات محدد.
وفي نباتات الظل الأرضية
نجد الأوراق قد تفلطحت لاستقبال أكبر كمية منالضوء وهي تتجه نحو الضوء في انتحاء ضوئي عجيب، وفقدت الأوراق عادة طبقتها العماديةالداخلية وانتشرت البلاستيدات الخضراء في خلاياها الوسطية الإسفنجية لكي تقتنص الطاقةولا حاجة إلى الطبقة عمادية الخلايا الحامية للورقة من كميات الضوء الزائدة.
صورة لاحد نباتات الظل حيث تفلطحت أوراقها لاستقبال أكبر كمية من الضوء
وفي البيئة
الصحراوية الجافة القاسية في الحرارة وشدة الرياح
هيأ الله سبحانه وتعالى هذهالنباتات لمجابهة هذه البيئة القاسية، فتحولت أوراقها الخضراء الرقيقة إلى أشواك أوأوراق حرشفية، وقامت السيقان بالتفلطح واحتواء البلاستيدات الخضراء للقيام بعمليةالبناء الضوئي. وخلق الله سبحانه وتعالى في سيقانها خلايا برانشمية تحوي موادمخاطية محبة وممسكة بالماء للاحتفاظ به، وقد غلف الله سبحانه وتعالى تلك السيقانبطبقة كيوتينية شمعية لتحول دون فقدها للماء، وخلق لها جذورا طويلة عميقة لتستطيعالحصول على الماء من تلك البيئة الجافة القاسية.
ولما كان النتح معظمه عن طريقالأوراق لذلك جعل الله سبحانه وتعالى أوراق النباتات الصحراوية متلائمة مع البيئةحيث تتساقط تلك الأوراق بعد مدة قصيرة كما هو الحال في نبات العاقول
(Alhagi marurnuw)،
وقد تنعدم الأوراق نهائيا وتحل الساق محلها في عملية البناء الضوئي كمافي نبات الرتم
(Retama raetam)
وأحيانا يلف النبات أوراقه كما يلف السيجار ليمنعفقدان الماء من السطح العلوي للورقة الذي اخفي في الداخل بعملية اللف المعجزةوالعجيبة كما هو الحال في نبات قصب الرمال
(Ammophila arenaria).,
وبعض النباتات يحيط بثغورها أوبار نباتية أو شعيرات تزيد من تراكمالماء حول الثغر وبذلك يقل النتح كما في نبات الدفلة
(Narum olender)
، و يتحول بعض الأجزاء الخضرية المفلطحةإلى أشواك كما هو الحال في نبات السلة
.( Zilla spinosa)
وتتخذ بعض النباتاتالصحراوية شكلا كرويا يساعدها على تحمل الرياح الشديدة والمحملة بالرمال
.
وتعتمدكثير من النباتات العادية في دعامتها - وخاصة العشبية منها - على تصلب خلاياهابالانتفاخ وضغط الامتلاء الحادثين من امتصاص الماء، ولذلك نجد أن النباتاتالصحراوية تعتمد في تدعيمها على أنسجة دعامية ميتة تتحمل الجفاف ولا تتهدل عندفقدانها للماء.
صورة لنبات قصب الرمال
صورة لنبات الدفلة الصحراوي
صورة لنبات السلة الشوكي
فمن خلق هذا التكوين المعجز المتلائم مع البيئة؟
ومن قدر لهذا
النبات الضعيف هذه التراكيب والمركبات والسلوكات العجيبة؟
يدعي الدارونيون أنها
المصادفة والانتخاب الطبيعي خلقا هذه التراكيب والمركبات والسلوكيات
ولكن الإبداعفي الخلق والتقدير في السلوك والحكمة في التركيب كلها عوامل تتنافى مع المصادفةوالعشوائية وتتوافق مع العلم والحكمة والتقدير في الخلق، وهذا كله لا يتأتى إلا منخالق، عليم خبير، مبدع، لطيف.
وفي النباتات المائية
،
حيث الوسط المائي وتوافرالمياه فان النباتات لا تحتاج إلى طبقة أدمة سميكة تحمي تراكيبها الداخليةمن الجفاف، وهذا ما نراه حقيقة واقعة في تلك النباتات، وهي لا تحتاج في أوراقهاوسيقانها إلى خلايا عمادية تلي البشرة الخارجية مباشرة تحميها من أشعة الشمسوقوتها، ولها في الداخل خلايا برانشمية محتوية على البلاستيدات الخضراء الكثيفةلاقتناص اقل كمية من الضوء، وتحتوي في داخلها على فراغات هوائية كبيرة وعديدةمهمتها تخزين الهواء للانتفاع بما فيه من ثاني أكسيد الكربون في البناء الضوئي ومن أكسجين في التنفس الهوائي، كما أن هذه الفراغات تعمل كعوامات لتعويم النباتاتولبعضها مثانات هوائية مليئة بالهواء تعمل أيضا عوامات للنبات.
وللنباتات
المتطفلة
التي لا تنتج غذاءها بالبناء الضوئي ممصات تدخلها إلى داخل أنسجة العائلثم تبدأ امتصاص الغذاء الجاهز والماء من العائل.
وللنباتات الزهرية
أزهار تكيفتمع التلقيح الحشري ونقل حبوب اللقاح من نبات لآخر وهي تنتج الرحيق ذا الرائحةالمميزة والجاذبة لجذب الحشرات إليها لنقل حبوب لقاحها بين الأزهار المختلفة للجنسالواحد والنوع الواحد.
ولبعضها ميازيب طويلة يتجمع فيها الرحيق حتى يتمكن بعضالفراش من إدخال خراطيمه فيه وامتصاص الرحيق ونقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى, وبعض النباتات تكيفت للعيش في الغابة وتسلق جذوع الأشجار بالالتفاف والمعاليق أوالمحاليق للوصول إلى الضوء والوضع الأمثل للإزهار والإثمار وبقاء النوع.وبعض النباتات تعيش على قمم الأشجار في الغابات حيث الضوء والوضع الأمثلان للنمووالإزهار والإثمار.
ولبعض النباتات المغمورة في الماء في تربة شحيحة بالأكسجين
ممصات تطلقها إلى أعلى فوق سطح الماء لتحصل على كفايتها من الأكسجين اللازم لتنفس الجذور والنبات.
لبعض النباتات أشواك حادة تحول دون الرعي الجائر والقطع الجائروتحد منهما بقاء لجنسها ونوعها.
وبعض النباتات لها غدد تفرز بعض المواد السامة والمنفرة للحيوان حماية لنفسها منه.
ولبذور وثمار بعض النباتات تراكيب تحولها إلى سابحات في الهواء، ولبعضها خط اطيف وأشواك تتعلق بها في أصواف وأشعار وأوبارالحيوان وملابس الإنسان لتنقل إلى مسافات بعيدة بحثا عن الغذاء في ارض الله الواسعة.
ولبعض النباتات آليات وتراكيب تدفع بالبذور إلى مئات الأمتار بعيدا عنالنبات الأم. ولبعض البذور والثمار جدر سميكة مقاومة للعصارة الهاضمة لمعدتي الإنسان والحيوان حتى إذا أكلا ثمارها نقلا بذورها إلى مسافات بعيدة يقضيان فيها حاجته ويتبرزان فيها.
إنه عالم التحورات النباتية المعجز والمبدع الذي يعلن أن
للكون خالقا عليما لطيفا قديرا خلق كل شيء بقدر ولغاية مقدرة وبحكمة بالغة
.
ـــــــــــــــــــــ
أ.د نظمي خليل أبوالعطا موسى
أخبار الخليج – الملحق الإسلامي – العدد ( 11935) - الجمعة 26 نوفمبر 2010 الموافق 20 ذو الحجة 1431 هــ
__________________
.
استمع إلى القرآن الكريم لعشرات القراء
أضغط هنا
حقيقة لا خيال
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى حقيقة لا خيال
البحث عن المشاركات التي كتبها حقيقة لا خيال