عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 01-30-2011, 05:15 PM
 
Thumbs up

بنو عامر




قال السخاوي : ((و بالتربة أيضا مقابر تعرف بمقابر أبي سابور و بالتربة أيضا حوش العامريين و هو الحوش الغربي من قبر أبي الشيخ الجوهري و أجلهم
بشير بن أبي أرطأة العامري شهد فتح مصر و اختط بها و خطته بها معروفة . قال القضاعي و إلى بابه كانت تهرع المساكين بمصر و كان كثير الصدقة و خطته بها معروفة و بالحوش المذكور رجل من التابعين أسمه عبد الرحمن ابن جبير العامري مولى نافع بن عبد الله بن عمرو القرشي العامري و كان بالتربة المذكورة ألواح رخام لكن فقدت و لم يبق لها أثر . و بالمقبرة أبو عبد الرحمن العامري كان من أكابر التابعين بمصر و كان كثير الزهد و روى الحديث))

تحفة الأحباب ، 64



و سنذكر تراجمهم ، و اولهم :


عبد الرحمن بن جبير العامري

هو عبد الرحمن بن جبير القرشي العامري المصري المؤذن ، مولى نافع بن عمرو بن نضلة القرشي العامري

قال ابن يونس : ((كان فقيها عالما بالقراءة ، شهد فتح مصر))

توثيقه :
قال النسائي : ثقة
و ذكره ابن حبان في كتابه الثقات
وقال عبد الله بن لهيعة : ((كان عالما بالفرائض ، وكان عبد الله بن عمرو به معجبا ، وكان يقول إنه لم يكن المحببين))
وفاته و قبره :
مات عبد الرحمن سنة97هـ و قيل سنة98هـ ، و كانت وفاته بمصر و دفن بمقبرة المقطم بحوش العامريين بها
قال السخاوي : ((و بالتربة أيضا مقابر تعرف بمقابر أبي سابور و بالتربة أيضا حوش العامريين و هو الحوش الغربي من قبر أبي الشيخ الجوهري ...و بالحوش المذكور رجل من التابعين أسمه عبد الرحمن ابن جبير العامري مولى نافع بن عبد الله بن عمرو القرشي العامري))
روايته :
روى عن : خارجة بن حذافة - و عقبة بن عامر الجهني - و عبد الله بن عمرو بن العاص - و عن أبي قيس راويا عن مولاه عمرو بن العاص - و المستورد بن شدّاد الفهري - و أبي الدرداء - و عمارة بن عبد الله - و عمرو بن غيلان بن سلمة الثقفي - و محمد بن ثابت بن شرحبيل - و معمر بن عبد الله العدوي - قال المزي : ((و عن أبي ذر الغفاري و في سماعه منه نظر)) و قال : ((و عن من خدم النبي صل الله عليه و سلم ثماني سنين))
روى عنه : بكر بن سوادة - و الحارث بن يزيد - و الحارث بن يعقوب - ودراج أبو السمح - وزافر بن هبيرة السوائي - وسعد بن مسعود التجيبي - وعبد الله بن هبيرة السبئي - وعقبة بن مسلم - وعمران بن أبي أنس - وقيس بن رافع العبسي - وكعب بن علقمة - ويزيد بن أبي حبيب - ويزيد بن أبي يزيد مولى مسلمة بن مخلد - ويعقوب بن إبراهيم الأنصاري المصري
روى له مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي
و مما رواه :



حديث إذا سمعتم المؤذن ...قال المزي : ((أخبرنا أبو الحسن بن البخاري ، وأحمد بن شيبان ، قالا اخبرنا أبو حفص بن طبرزذ ، قال أخبرنا أبو محمد بن الطراح ، قال حدثنا أبو الحسين ابن المهتدي بالله ، قال حدثنا عبيد الله بن حبابة ، قال حدثنا عبد الله بن سليمان ، قال حدثنا محمد ، يعني ابن سلمة ، قال حدثنا ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، وحيوة ، وسعيد بن أبي أيوب ، عن كعب بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا سمعتم المؤذمن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى على صلاة ، صلى الله عليه عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة ، لا تنبغي إلا لعبد من عبيد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة" . رواه مسلم2/4 ، و أبو داوُد(523) عن محمد بن سلمة المرادي ، فوافقناهما فيه بعلو ، إلا أن مسلما قال في روايته عن حيوة وسعيد وغيرهما ورواه الترمذي(3614) عن محمد بن إسماعيل عن المقرئ عن حيوة ، وقال صحيح ورواه النسائي(2/25) عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك ، عن حيوة ، فوقع لنا عاليا))




و حديث أمتي أمتي
...قال المزي : ((أخبرنا أبو العز الحراني ، قال أخبرنا الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي بأصبهان ، قال أخبرنا إبراهيم بن محمد القفال ، قال أخبرنا أبو إسحاق بن خرشيد قولة قال حدثنا أبو بكر بن زياد الفقيه ، قال حدثنا يونس بن عبدالاعلى قال أخبرنا ابن وهب ، قال أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم ، تلا قول الله تعالى في إبراهيم رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ، فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم وقال عيسى إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية ، فرفع يديه وقال اللهم أمتى أمتي وبكى فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فسله ما يبكيك؟ فاتاه جبريل ، فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بما قال ، وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ، ولا نسوؤك . رواه مسلم(1/132) و النسائي(8873) عن يونس بن عبدالاعلى ، فوافقناهما فيه بعلو))





و حديث إن الله قد برأ أسماء بنت عميس
...قال المزي : ((وأخبرنا أحمد بن أبي الخير ، قال أنبأنا مسعود بن أبي منصور ، قال أخبرنا أبو علي الحداد ، قال أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال حدثنا عبد الله بن محمد ، ومحمد بن إبراهيم ، قالا حدثنا أحمد بن علي ، قال حدثنا هارون بن معروف ، قال حدثنا ابن وهب ، قال أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، أن عبد الرحمن بن جبير حدثه ، أن عبد الله بن عمرو حدثه أن نفرا من بني هاشم ، دخلوا على أسماء بنت عميس ، فدخل أبو بكر الصديق ، وهي تحته يومئذ ، فكره ذلك ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني وقال لم أر إلا خيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على المنبر ، فقال لا يدخلن رجل على مغيبة ، بعد يومي هذا ، إلا ومعه رجل أو اثنان . رواه مسلم(7/7) عن هارون بن معروف ، فوافقناه فيه بعلو . ورواه النسائي(8872) عن يونس بن عبدالاعلى ، عن ابن وهب ، فوقع لنا بدلا عاليا . ورواه من وجه آخر عن جعفر بن ربيعة ، عن بكر بن سوادة))


قال : ((وروى له النسائي حديثا آخر في التسمية على الطعام))


و حديث صلاة عمرو بن العاص بدون وضوء في البرد القارس
قال المزي : ((وأخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال أنبأنا محمد بن معمر بن الفاخر ، وغير واحد ، قالوا أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي ، قال أخبرنا أبو الفتح منصور بن الحسين ، وأبو طاهر بن محمود الثقفي ، قالا أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ، قال حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، قال حدثنا حرملة بن يحيى ، قال حدثنا ابن وهب ، قال أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص ، كان على سرية ، وأنه أصابهم برد شديد ، لم يروا مثله فخرج لصلاة الصبح فقال والله لقد احتلمت البارحة ، ولكني والله ما رأيت بردا مثل هذا هل مر على وجوهكم مثله ؟ قالوا لا فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم صلى بهم ، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، قال كيف وجدتم عمرا وصحابته فأثنوا عليه خيرا ، ثم قالوا يا رسول الله ، صلى لنا وهو جنب فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو فسأله فأخبره بذلك وبالذي لقي من البرد ، فقال : "يا رسول الله ، إن الله عزوجل قال لا تقتلوا أنفسكم ، إن الله كان بكم رحيما ولو اغتسلت مت" ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى عمرو . رواه أبو داود(335) عن محمد بن سلمة ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، وعمرو بن الحارث ، عن يزيد ، نحوه ، فوقع لنا بدلا عاليا . ورواه من وجه آخر(334) عن يزيد ، ولم يذكر فيه أبا قيس . وكذلك رواه أبو صالح الجراني(10750) عن ابن لهيعة))

قال المزي : ((وهذا جميع ما له عندهم ، والله أعلم))




تهذيب الكمال برقم(3783)

تحفة الأحباب ، 64

(4) تاريخ البخاري الكبير : 5 / الترجمة 863 ، وثقات العجلي ، الورقة 33 ، والمعرفة ليعقوب : 2 / 515 ، وجامع الترمذي : 5 / 587 حديث (3614) ، والجرح والتعديل : 5 / الترجمة 1039 ، وثقات ابن حبان : 5 / 79 ، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ، الورقة 101 ، والجمع لابن القيسراني : 1 / 292 ، وأنساب القرشيين : 194 ، والكاشف : 2 / الترجمة 3203 ، وتذهيب التهذيب : 2 / الورقة 207 ، ومعرفة التابعين ، الورقة 26 ، وتاريخ الاسلام : 4 / 25 ، ونهاية السول ، الورقة 200 ، وتهذيب التهذيب : 6 / 154 - 155 ، والتقريب : 1 / 475 ، وخلاصة الخزرجي : 2 / الترجمة 4054.








بُسر بن أبي أرطأة ، أبي عبد الرحمن القُرَشِيّ الفَهريّ العَامِرِيّ


و يُقال أنه ابن ارطأة و أن أبي أرطأة هذا جده ، و مَن قال أنه بسر بن أبي أرطأة فقد نسبه الى جده ، و هذا الأصح . فأبي ارطأة بذلك ليس بأبيه . قال ابن حجر : ((قال بن حبان : مَن قال بن أبي أرطاة فقد وُهِمَ))
و أبي أرطأة هذه كنية جده و ليست أسمه ، و إنما يُختلف في أسمه فيُقال عمرو و قيل عمير و قيل عويمر ، و قيل انه عمرو او عمير و ابيه عويمر و الله اعلم
فيكون بذلك النسب الكامل لبسر : بُسر بن أرطأة بن أبي أرطأة"عمرو و قيل عمير و قيل عويمر" بن عمران بن الحليس بن سيار بن نزار بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، أبي عبد الرحمن القُرَشِيّ الفَهريّ العَامِرِيّ
مُختَلَف في صُحبته
و هو عُدادة في أهل الشام . قاله ابن الأثير و ابن عبد البر
و له دار بالبصرة


قال ابن حجر : ((قال بن يونس : كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد فتح مصر واختط بها وكان من شيعة معاوية وكان معاوية وجهه إلى اليمن والحجاز في أول سنة أربعين وأمره أن ينظر من كان في طاعة على فيوقع بهم ففعل ذلك وقد ولي البحر لمعاوية ، و وُسوِسَ في آخر أيامه))
، و قال : ((قال ابن حبان : كان يلي لمعاوية الأعمال وكان إذا دعا ربما استجيب له وله أخبار شهيرة في الفتن لا ينبغي التشاغل بها))


شهوده فتح مصر و خطته بها :
قال ابن الأثير و ابن عبد البر : ((وهو أحد من بعثه عمر بن الخطاب مددا لعمرو بن العاص لفتح مصر على اختلاف فيه أيضا فيمن ذكره فيهم قال : "كانوا أربعة الزبير وعمير بن وهب وخارجة بن حذافة وبسر بن أرطاة" . والأكثر يقولون : "الزبير وعمير وخارجة و المقداد" وهو أولى بالصواب إن شاء الله تعالى ثم لم يختلفوا أن المقداد شهد فتح مصر))

شهوده صفّين :
ثم إن بسراً كان ممن شهد صفّين مع معاوية و كان شديداً على عليّ و أصحابه . قاله ابن الأثير
قال ابن عبد البر : ((وكان بسر بن ارطأة من الأبطال الطغاة وكان معاوية بصفين فأمره أن يلقى عليا في القتال و قال له سمعتك تتمنى لقاءه فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخره ولم يزل به يشجعه ويمنيه حتى رآه فقصده فالتقيا فصرعه علي رضوان الله عليه وعرض له معه مثل ما عرض فيما ذكروا لعلي رضى الله عنه مع عمرو بن العاص ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين ان بسر بن ارطأة بارز عليا رضى الله عنه يوم صفين فطعنه علي رضى الله عنه فصرعه فانكشف له فكف عنه كما عرض له فيما ذكروا مع عمرو بن العاص ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب منها فيما ذكر ابن الكلبي والمدائني قول الحارث بن النضر السهمي :
أفي كل يوم فارس ليس ينتهي وعورته وسط العجاجة بادية
يكف لها عنه على سنانه ويضحك منه الخلاء معاوية
بدت أمس من عمرو فقنع راسه وعورة بسر مثلها حذو حاذية
فقولا لعمرو ثم بسر ألا انظرا سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية
ولا تحجمدا إلا الحيا وخصاكما هما كانتا والله للنفس واقيه
وللا هما لم ينجوا من سنانه وتلك بما فيها عن العود ناهية
من تلقيا الخيل المشيحة صبحة وفيها على فاتر كالخيل ناحية
وكونا بعيدا حيث لا تبلغ القنا نحوركما إن التجارب كافية
قال أبو عمر إنما كان انصراف على رضى الله عنهما وعن أمثالهما من مصروع ومنهزم لأنه كان يرى في قتال الباغين عليه من المسلمين ألا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير وتلك كانت سيرته في حروبه في الإسلام رضى الله عنه وعلى ما روى عن علي رضى الله عنه في ذلك مذاهب فقهاء الأمصار في الحجاز والعراق إلا أبا حنيفة قال إن انهزم الباغي إلى فئة من المسلمين اتبع وإن انهزم إلى غير فئة لم يتبع))

ولادته و الخلاف في صُحبته :
قال الواقدي : ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين . قاله ابن حجر و ابن الأثير
وقال يحيى بن معين و أحمد بن حنبل و غيرهما : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير . قاله ابن حجر و ابن الأثير
فقيل بذلك أنه لم يَصحَب النبي صل الله عليه و سلم و لم يسمع منه لصغر سنّه . قال ابن عبد البر : ((يقال إنه لم يسمع من النبي لأن رسول الله قبض وهو صغير . هذا قول الواقدي وابن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم)) و قيل انه سمع منه و هو صغير كما سيأتي

مَن قال بصُحبته :
قال ابن يونس : ((كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)) . قاله ابن حجر
و قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني : ((بسر بن ارطاة أبو عبدالرحمن له صحبة ولم تكن له استقامة بعد النبي)) . قاله ابن عبد البر و ابن الأثير
و قال أهل الشام أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو صغير . قاله ابن عبد البر و ابن الأثير و ابن حجر . قلت : و هذا الأرجح في رأيي و كذا أرجح ما قاله الدارقطني و سيأتي الكلام على روايته عن النبي صل الله عليه و سلم

مَن نفى سماعه و صُحبته ، و الكلام عن حياته بعد صفّين :
قال ابن عبد البر : ((وكان يحيى بن معين يقول "لا تصح له صحبة" ، وكان يقول فيه "رجل سوء" . حدثنا عبدالرحمن بن يحيى قال : حدثنا أحمد بن سعيد قال : حدثنا ابن الأعرابي قال : حدثنا عباس الدوري قال : سمعت يحيى بن معين يقول : "كان بسر بن ارطاة رجل سوء" . وبهذا الأسناد عندنا تاريخ يحيى بن معين كله من رواية عباس عنه)) ، قال : ((وذلك لما ركبه في الإسلام من الأمور العظام فيما نقله أهل الأخبار و الحديث))
فقد وَرَدَ أن معاوية بن أبي سُفيان بعد أيام صفّين و تحكيم الحكمين أمر بسر بالسير إلى الحجاز و اليمن ليقتل شيعة عليّ بها و يأخذ البيعة له ، كما أن معاوية أمّره على ولاية اليمن
قال ابن عبد البر : ((قال أبو الشيباني : لما وجه معاوية بسر بن ارطاة الفهري لقتل شيعة علي رضى الله عنه قام إليه معن أو عمرو بن يزيد بن الأخنس السلمي وزياد بن الأشهب الجعدي فقالا يا أمير المؤمنين نسالك بالله والرحم ألا تجعل بسر على قيس سلطانا فيقتل قيسا بما قتلت بنو سليم من بني فهر وكنانة يوم دخل رسول الله مكة فقال معاوية يا بسر لا غمرة لك على قيس))
فأتجه بسر بن أرطأة من الشام إلى الحجاز فلما وصل المدينة فعل بها أفعالاً شنيعة ، قال ابن الأثير : ((و هرب من المدينة الكثير من أهلها منهم جابر بن عبد الله و أبو أيوب الأنصاري و غيرهما و قتل فيها كثيراً ..و هدم بالمدينة دوراً)) ، قال ابن عبد البر : ((وفرّ أهل المدينة ودخلوا الحرة حرة بني سليم))
قال ابن عبد البر : ((أخبرنا أبو محمد عبدالله بن عبد المؤمن قال حدثنا أبو محمد إسمعيل ابن علي الخطبي ببغداد في تاريخه الكبير قال حدثنا محمد بن مؤمن بن حماد قال حدثنا سليمان بن ابي شيخ قال حدثنا محمد بن الحكم عن عوانة قال وذكره زياد أيضا عن عوانة قال : أرسل معاوية بعد تحكيم الحكمين بسر بن ارطاة في جيش فساروا من الشام حتى قدموا المدينة وعامل المدينة يومئذ لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله ففر أبو أيوب ولحق بعلي رضى الله عنه ودخل بسر المدينة فصعد منبرها فقال أين شيخي الذي عهدته هنا بالأمس يعني عثمان رضى الله عنه ثم قال يا أهل المدينة والله لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية وارسل إلى بني سلمة فقال ما لكم عندي أمان ولا مبايعة حتى تأتوا بجابر بن عبدالله فأخبر جابر فانطلق حتى جاء إلى أم سلمة زوج النبي فقال لها ماذا ترين فإن خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلالة فقالت أرى أن تبايع وقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع فأتى جابر بسرا فبايعه لمعاوية وهدم بسر سورا بالمدينة))
ثم أتجه بسر إلى مكة ، ثم اتجه إلى اليمن و كان أميرها حين ذاك عبيد الله بن العبّاس والياً لعلي بن أبي طالب ، فلما علم عبيد الله بقدومه هرب ، فدخل بسر اليمن و أغار على همدان بها فسبى نسائها . قال ابن الأثير و ابن عبد البر : ((فكن أول مسلمات سبين في الإسلام)) ، و قتل بها عبد الرحمن و قثم ابني عبيد الله بن العبّاس ذبحاً و هُما طفلين صغيرين بين يدي أمهما ، و قيل أنه قتلهما بالمدينة ، و الأصح أنه قتلهما باليمن
قال ابن عبد البر في جملة الإسناد السابق : ((ثم انطلق حتى أتى مكة وبها أبو موسى الأشعري فخافه أبو موسى على نفسه أن يقتله فهرب فقيل ذلك لبسر فقال ما كنت لأقتله وقد خلع عليا ولم يطلبه وكتب أبو موسى إلى اليمن إن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس من أبي أن يقر بالحكومة ثم مضى بسر إلى اليمن وعامل اليمن لعلي رضى الله عنه عبيد الله بن العباس فلما بلغه أمر بسر فر إلى الكوفة حتى أتى عليا واستخلف على اليمن عبدالله بن عبد المدان الحارثي فأتى بسر فقتله وقتل ابنه ولقي ثقل عبيدالله بن العباس وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن العباس فقتلهما و رجع الى الشام))
قال ابن الأثير : ((ولما قتل ابني عبيد الله أصاب أمهما عائشة بنت عبد المدان من ذلك حزن عظيم))
قال ابن عبد البر : ((وذكر ابن الأنباري عن أبيه عن أحمد بن عبيد عن هشام بن محمد أبي مخنف قال : ..فنال أمهما عائشة بنت عبد المدان من ذلك أمر عظيم
فأنشأت تقول :
ها من أحسن بنى اللذين هما كالدرتين تشظى عنهما الصدف
ها من أحسن بنى اللذين هما سمعي وعقلي فقلبي اليوم مزدهيف
حدثب بسرا وما صدقت ما زعموا من قيلهم ومن الإثم الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابنى مرهفة مشحوذة وكذاك الاثم يقترف))
قال ابن الأثير : ((ثم وُسوِسَت فكانت تقف في الموسم تنشد هذا الشعر ثم تهيم على وجهها . ذكر هذا ابن الأنباري والمبرد والطبري وابن الكلبي وغيرهم))
قال ابن عبد البر : ((وذكر أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال : قدم حرمى بن ضمرة النهشلي على معاوية فعاتبه في بسر بن أرطأة ، وقال في ابيات ذكرها : وإنك مسترعي وإنا رعية وكل سيلقى ربه فيحاسبه))
قال ابن عبد البر : ((حدثنا أحمد بن عبدالله بن محمد بن علي قال حدثنا ابي قال حدثنا عبدالله ابن يونس قال حدثنا بقي بن مخلد قال حدثنا ابو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا موسى بن عبيدة قال حدثنا زيد بن عبدالرحمن بن أبي سلامة أبو سلامة عن ابي ارباب وصاحب له أنهما سمعا أبا ذر رضى الله عنه يدعو و يتعوذ في صلاة صلاها أطال قيامها وركوعها وسجودها ، قال : فسألناه مِمَّ تعوذت وفيم دعوت؟ فقال : تعوذت بالله من يوم البلاء ويوم العورة ، فقلنا : وما ذاك؟ ، قال : "أما يوم البلاء فتلتقي فتيان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضا وأما يوم العورة فإن نساء من المسلمات ليسبين فيكشف عن سوقهن فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها فدعوت الله ألا يدركني هذا الزمان ولعلكما تدركانه" ، قال : فقُتِلَ عثمان ثم أرسل معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساء مسلمات فأقمن في السوق))
قال ابن عبد البر : ((وروى ثابت البناني عن أنس بن مالك عن المقداد بن الأسود أنه قال والله لا أشهد لأحد أنه من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه فإني سمعت رسول الله يقول لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر إذا استجمعت غليا))
قال ابن عبد البر : ((حدثنا عبدالله بن محمد بن أسد قال حدثنا سعيد بن عثمان بن السكت قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا البخاري قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثني محمد بن مطرف قال حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله : "إني فرطكم على الحوض من مر على شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن على أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم" . قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال : "هكذا سمعت من سهل؟" قلت : "نعم ، فإني أشهد على أبي سعيد الخدري سمعته وهو يزيد فيها : "فأقول إنهم منى فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول فسحقا سحقا لمن غير بعدي"" . والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا قد تقصيتها في ذكر الحوض في باب خبيب من كتاب التمهيد والحمد الله . وروى شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله : "إنكم محشورون إلى الله عز وجل عراة غرلا" ..فذكر الحديث ، وفيه : "فاقول : يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم" . ورواه سفيان الثوري عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي مثله))
و سيأتي الكلام عن وفاته


روايته :
قال ابن حجر : ((وروى بن حبان في صحيحه من طريق أيوب بن ميسرة بن حليس سمعت بسر بن أبي أرطاة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة")) و ذكر الحديث أيضا ابن عبد البر
قال ابن الأثير : ((أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي مناولة بإسناده إلى سليمان بن الأشعث قال حدثنا أحمد بن صالح أخبرنا ابن وهب أخبرني حيوة عن عياش بن عباس القتباني عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبح الأصبحي عن جنادة بن أبي أمية قال كنا مع بسر بن أرطاة في البحر فأتى بسارق يقال له مصدر قد سرق فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقطع الأيدي في السفر)) . و أورد ابن حجر الرواية و لم يذكر السند إلا أنه قال عنها أنها : ((في سنن أبي داود بإسناد مصري قوي عن جنادة بن أبي أمية))


سنة و مكان وفاته :
قيل مات في أيام عبد الملك بن مروان . قاله خليفة و ابن حبان
و قيل في أيام معاوية بن أبي سُفيان . قاله ابن السكن
و قيل في أيام الوليد سنة86هـ . قاله المسعودي
و قيل مات بالمدينة و قيل مات بالشام
و ذكر السخاوي أن قبره بحوش بني عامر بقرافة المقطم بمصر . و الله أعلم
و ذُكِرَ أنه قد خرف و جُنّ قبل وفاته
فسبحان مَن يُمهِل و لا يُهمِل ، كما قتل قتلة عثمان عثمان قُتِلوا كما قتلوه ، كذا كما كان بسر سبباً في جنون ام الطفلين جُنّ في آخر عمره و مات على ذلك فهذا كان عذابه بالدنيا و أما بالآخرة فالله أدرى و أعلم بما خفى ، و ما خفى كان أعظم ، و الأعظم أن يتكلّم المرء فيما خفي عنه



الإصابة ، برقم(642)
أسد الغابة ، ج1 68،269،270
الإستيعاب ، باب بسر ، ج1 من 57 إلى 66
تحفة الأحباب ، 64




رد مع اقتباس