شهداء الصحابة الـ22 بالأسكندرية
من فتوح مصر لابن عبد الحكم :
ثم اشتد القتال حتى اقتحموا حصن الإسكندرية فقاتلتهم العرب في الحصن ثم جاشت عليهم الروم حتى اخرجوهم جميعا من الحصن إلا اربعة نفر بقوا في الحصن واغلقوا عليهم باب الحصن احدهم عمرو بن العاص والآخر مسلمة بن مخلد ولم نحفظ الآخرين وحالوا بينهم وبين أصحابهم ولا يدري الروم من هم فما رأى ذلك عمرو بن العاص وأصحابه التجأوا الى ديماس من حماماتهم فدخلوا فيه فاحترزوا به فأمروا روميا ان يكلمهم بالعربية فقال لهم إنكم قد صرتم بأيدينا أسارى فاستأسروا ولا تقتلوا أنفسكم فامتنعوا عليهم ثم قال لهم إن في أيدي أصحابكم منا رجالا أسروهم ونحن نعطيكم العهود نفادي بكم أصحابنا ولا نقتلكم فأبوا عليهم فلما رأى الرومي ذلك منهم قال لهم هل لكم إلى خصلة وهي نصف فيما بيننا وبينكم أن تعطونا العهد ونعطيكم مثله على أن يبرز منكم رجل ومنا رجل فإن غلب صاحبنا صاحبكم استأسرتم لنا وأمكنتموا من أنفسكم وإن غلب صاحبكم صاحبنا خلينا سبيلكم الى أصحابكم فرضوا بذلك وتعاهدوا عليه وعمرو ومسلمة وصاحباهما في الحصن في الديماس فتداعوا الى البراز فبرز رجل من الروم قد وثقت الروم بنجدته وشدته وقالوا يبرز رجل منكم لصاحبنا فأراد عمرو أن يبرز فمنعه مسلمة وقال ما هذا تخطئ مرتين تشذ من أصحابك وأنت أمير وإنما قوامهم بك وقلوبهم معلقة نحوك لا يدرون ما أمرك ثم لا ترضى حتى تبارز وتتعرض للقتل فإن قتلت كان ذلك بلاء على أصحابك مكانك وأنا أكفيك إن شاء الله تعالى فقال عمرو دونك فربما فرجها الله بك فبرز مسلمة والرومي فتجاولا ساعة ثم أعانه الله عليه فقتله
فكبر مسلمة وأصحابه ووفى لهم الروم بما عاهدوهم عليه ففتحوا لهم باب الحصن فخرجوا ولا يدري الروم أن أمير القوم فيهم حتى بلغهم بعد ذلك فأسفوا على ذلك وأكلوا أيديهم تغيضا على ما فاتهم فلما خرجوا استحيى عمرو مما كان قال لمسلمة حين غضب فقال عمرو عند ذلك استغفر لي ما كنت قلت لك فاستغفر له وقال عمرو والله ما أفحشت قط إلا ثلاث مرار مرتين في الجاهلية وهذه الثالثة وما منهن مرة إلا وقد ندمت وما استحييت من واحدة منهن أشد مما استحييت مما قلت لك والله إني لأرجو أن لا أعود إلى الرابعة ما بقيت ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال أقام عمرو بن العاص محاصر الإسكندرية أشهرا فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب قال ما أبطؤا بفتحها إلا لما أحدثوا
حدثنا يحيى بن خالد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما أبطأ على عمر بن الخطاب فتح مصر كتب إلى عمرو بن العاص
اما بعد فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر إنكم تقاتلونهم منذ سنتين وما ذلك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوما إلا بصدق نياتهم وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقاوم ألف رجل على ما كنت أعرف إلا أن يكونوا غيرهم ما غير غيرهم فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم ورغبهم في الصبر والنية وقدم أولئك الأربعة في
صدور الناس ومر الناس جميعا ان يكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد وليكن ذلك عند الزوال يوم الحمعة فإنها ساعة تنزل فيها الرحمة ووقت الإجابة وليعج الناس إلى الله ويسألوه النصر على عدوهم فلما أتى عمرو الكتاب جمع الناس وقرأعليهم كتاب عمر ثم دعا أولئك النفر فقدمهم أمام الناس وأمر الناس ان يتطهروا ويصلوا ركعتين ثم يرغبوا إلى الله عز وجل ويسألوه النصر على عدوهم ففعلوا ففتح الله عليهم
ويقال ان عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلد كما حدثنا عثمان بن صالح عن من حدثه فقال أشر علي في قتال هؤلاء فقال له مسلمة أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله صل الله عليه و سلم فتعقد له على الناس فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيكه قال عمرو ومن ذلك قال عبادة بن الصامت فدعا عمروعبادة فأتاه وهو راكب على فرسه فلما دنا منه أراد النزول فقال له عمرو عزمت عليك إن نزلت ناولني سنان رمحك فناوله إياه فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له وولاه قتال الروم فتقدم عبادة مكانه فصادف الروم وقاتلهم ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك حدثنا ابي عبد الله بن عبد الحكم قال لما أبطأ على عمرو بن العاص فتح الإسكندرية استلقى على ظهره ثم جلس ثم قال إني فكرت في هذا الأمر فإذا هو لا يصلح آخره إلا من أصلح أوله يريد الأنصار فدعا عبادة بن الصامت فعقد له ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومه ذلك
ثم رجع الى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد قال حاصروا الإسكندرية تسعة أشهر بعد موت هرقل وخمسة قبل ذلك وفتحت يوم الجمعة لمستهل المحرم سنة عشرين
حدثناأبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن بشر بن سعيد عن جنادة بن أبي أمية قال دعاني عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية وكان على قتالها فأغار العدو على طائفة من الناس ولم يأذن لهم بقتالهم فسمعني فبعثني أحجز بينهم فحجزت بينهم ثم رجعت اليه فقال أقتل أحد من الناس هناك قلت لا قال الحمد لله الذي لم يقتل بإذنه أحد منهم عاصيا حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن مالك بن انس ان مصر فتحت سنة عشرين قال فلما هزم الله تبارك وتعالى الروم وفتح الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث وهرب الروم في البر والبحر خلف عمرو بن العاص بالإسكندرية ألف رجل من أصحابه ومضى عمرو ومن معه في طلب من هرب من الروم في البر فرجع من كان هرب من الروم في البحر الى الإسكندرية فقتلوا من كان فيها من المسلمين إلا من هرب منهم وبلغ ذلك عمرو بن العاص فكر راجعا ففتحها وأقام بها وكتب إلى عمربن الخطاب ان الله قد فتح علينا الإسكندرية عنوة بغير عقد ولا عهد فكتب اليه عمربن الخطاب يقبح رأيه ويأمره أن لا يجاوزها قال ابن لهيعة وهوفتح الإسكندرية الثاني
وكان سبب فتحها هذا كما حدثنا إبراهيم بن سعيد البلوي ان رجلا يقال له ابن بسامة كان بوابا فسأل عمرو بن العاص أن يؤمنه على نفسه وأرضه وأهل بيته ويفتح له الباب فأجابه عمرو إلى ذلك ففتح له ابن بسامة الباب فدخل عمرو وكان مدخله هذا من ناحية القنطرة التي يقال لها قنطرة سليمان وكان مدخل عمرو بن العاص الأول من باب المدينة الذي من ناحية كنيسة الذهب وقد بقي لابن بسامة عقب بالإسكندرية إلى اليوم
حدثنا هاني بن المتوكل قال حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافري قال قتل من المسلمين من حين كان من أمر الإسكندرية ما كان إلى أن فتحت عنوة اثنان وعشرون رجلا