هناك في عبير ماضينا..
وفي أيامِ .. قد ماتت قنادلها ..
وما عادت تواسينا ..
وكم طالت ليالينا ..
وكم ناحت معاقلنا .. وكم نادت بواكينا ..
على سهرات ماضينا ..
ولن أنسى ..
كتاب الله .. كان أنيسُ قريتنا ..
وكان الشيخ يأتينا .. ليعطينا .. تلاوةً كي تغذينا ..
وننشأْ لا يفارقنا .. كتاب اللهِ يؤنسُنا ..
فنحن براعم القرية .. نغذي أراضينا ..
وهذا البلبل الشادي .. يُغرّّدُ في بوادينا ..
وهذي القطةُ الحمقاء تقفز كي تلاغينا ..
ويشربُ شايَ قريتنا .. رجالٌ لا يعادونا ..
ونحن نداعِبُ الأنسام .. نجري نأكل التينَ ..
وهذا حالُ قريتنا
وهذا حال ماضينا .
ولن أنسى ..
هناك .. بين جبال قريتنا ..
كنا نسيرُ نتمختر ..
وكان الوادي مرتعنا .. وكان ورده مزهر ..
وكان كلنا يجري ..
لنعرف من هو الأشطر ..
وكنا في طفولتنا ..
وروداً تعشقُ العنبر ..
وكنا نعتقد أنّا .. سنبقى بعزِنا أدهُر ..
ولن أنسى ..
تراب طريق قريتنا ..
وقنديلٌ أضاء ظلام ليلتنا ..
وكل رجال قريتنا .. وكل شباب قريتنا ..
وكل نساء قريتنا
ولن أنسى ..
سأذكر قريتي أكثر ..
ولكن جاء صهيونٌ .. يدمّر حقلنا المُثمر ..
وداست فوق أضلعنا .. مدافعهم ..
ومزق شعبنا الأعزل .. قنابلهم ..
وداسوا أرض قريتنا .. بأرجلهم ..
ولكن من سيدفعهم .؟!
تصدّى أهل قريتنا ..
ومات شبابنا المُزهِر ..
وصارت أُمّنا الثكلى ..
تفوحُ وقلبها يُشطَر ..
وصارت في مسارب قريتي الحُرة ..
دمايا أمّتي تقطر ..
فوق جباهنا أكثر ..
وفي خيماتِ نكبَتِنا .. تجمعنا ..
ولكن مات أحباب الصبا .. وَلوْا ..
وما عادت مروج القرية تسمعنا ..
تساقطنا .. ومات أَحِبةُ الماضي .. وهذا تاريخ نكبتنا ..
وأصبحَ من يعادينا ..
وأصبحَ من يقاضينا ..
وأصبحَ من يقول بأنهُ منّا ..
وأصبح كلُ خوانٍ يعادي ربنا الأكبر ..
يقول بأنهُ حرّر .. وخيمةُ ذلِنا كسَّر ..
ولن أنسى ..
وعدتُ أنا لكي أذكر ..
حين رأيت قريتنا ..
قلتُ : العيدُ قد أدبر ..
وإن الفرح قد سافر .. وقد أبحر ..
وأنّ الأرض باكيةً .. إلى أحبابها تنظر ..
حَوَتْهُم في غيابتها ..
ولكن عطفُها أكبر ..
وهذا الليلُ قد أدلج ..
وعاد سوادهُ ينشُر ..
وهذا النائعُ المسكين .. رغمَ جراحِهِ يصبر ..
ولن أنسى ..
مللتُ الكذب والمظهر ..
بَعَدنا عن كتاب الله .. فساءت حالنا أكثر ..
فتحتُ كتابَ نهضتنا .. لعلي ببغيتي أعثر ..
رأيتُ النصرَ منقوشاً .. تُبيِّنُ كُنههُ الأسطر ..
رأيتُ النصرَ موجوداً ..
سيشرقُ يومنا أخضر ..
ستغدو سماؤنا تُمطر ..
وهذي الأرضُ قد نبتت بها الأزهارُ والعنبر ..
وهذا صبْحُنا أسفر ..
وعادت أُسدُنا تزأر ..
وعاد لعهدهِ المنبر ..
وباتَ الحُرُ لا يُجبر ..
تعالوا يا رفاق الدّرس ..
ندرس ديننا أكثر ..
تعالوا .. الرجزَ فلنهجر ..
تعالوا نحرر الأقصى ..
ونرفع راية التوحيد ..
وفوق جباهنا تُزهر ..