وقفت كارلا أمام فستانين جميلين وضعتهما أمامها على السرير محتارة فيهما وفي أي واحدٍ منهما سترتدي ؟!
, أعجبها الأول لأن لونه الوردي هادئ .. وتحب ذلك اللون كثيراً
وشكله عادي جداً , لكن بما أن المكان الذي ستذهب إليه لا يتناسب مع هذا الفستان
قررت ارتداء الآخر ذا اللون الأحمر , منفوش قليلاً من الأسفل و عاري الأكمام . معه قفاز أبيض طويل يصل إلى كوعيها
ارتدته ثم توجهت نحو المرآه لتصفف شعرها , رفعت نصفه على شكل ذيل حصان بشريطه حمراء اللون
بينما الجزء الآخر تركته منسدلاً على كتفيها .. أما الخصلات التي تساقطت على جبينها
رفعتهم بإبرة شعرٍ حمراء ..
سمعت صوت الجرس وهو يرن , فحاولت الإنتهاء من وضع مساحيق التجميل بسرعة ..
..
ذهب الجد ليفتح الباب فقابله شاب وسيم ارتدى بدله رسميه سوداء اللون وقميصها ابيض .
سرح شعره البني المحمر وأعاده إلى خلف اذنه ..
قال الجد بصوتٍ مرتفع – كارلا , لقد وصل صديقكِ .! أسرعي ..
فسمع صوت كارلا القادم من الأعلى – لحظه فقط .
نظر الجد إلى سوما مجدداً ثم قال
– ما رأيك أن أهزمك بالشطرنج مجدداً ريثما تنتهي .
هذا ما كان ينقصه , أن يلعب مع غشاش مثله مجدداً .! ابتسم بارتباك ثم قال محاولاً الهرب منه
– ليس الآن جدي , قل لكارلا أني سأنتظرها في السيارة .
قال كلماته الأخيره وهو يلتفت ليعود إلى سيارته البيضاء ..
وبعد فترة قصيرة من انتظاره داخل السيارة , خرجت كارلا من المنزل متجهة إلى السيارة ثم دخلتها
نظرت إليه وقالت معتذرة
– آسفة على تأخري .
ابتسم لها ثم قال
– لا داعي للاعتذار , مازال أمامنا بعض الوقت ..
رفع يده ثم وضعها على خدها وأخذ يمسح شيئاً وأردف
– ما كان عليكِ وضع كل تلك المساحيق , إنها تجعلكِ أكبر سناً .!
شرد في عينيها الواسعتين بعد قوله لتلك الكلمات , شعر بأنه أُسر بين عينيها اللتان كانتا تنظران إليه
بقي هكذا لفترة , لم يحرك ساكناً , إلى أن قالت كارلا
– أظن أن هذا ما تريده .! أن أبدو اكبر سناً حتى تنطلي الحيلة على والدك .!
أبعد يده عن خدها عندما تنبه أنه أطال في الأمر , ثم قال بسرعة ليخفي توتره
- أجل أجل , هكذا لن يكتشف الحقيقة ..
صمت قليلاً ليدير محرك السيارة ثم أردف
– فتاة شابة وجامعيه تدعى آلين , في الثانية والعشرين من عمرها .. ذكية ومثقفه تحب
القراءة .. هذا كل ما عليكِ قولة إذا سألك عن أي شيء .. اما باقي الاشياء فسأجيب عنها انا .
رددت كارلا ما قاله لها بصوتٍ منخفض حتى تحفظه ولا تنسى شيئاً .. فنظر إليها وابتسم
ثم قال – أنا حقاً آسف لأنني ورطتكِ في مسأله سخيفة كهذه .!
نظرت إليه فابتسمت بدورها وقالت
– أعلم أن هذا الشيء مهماً وليس سخيفاً بالنسبة لك .. ولكن ما يحيرني هو أنك لا تعرف فتاة غيري .!
لم يقل شيئاً , فقط وجه نظره إلى الأمام
وحرك السيارة منطلقاً إلى منزله حيث كان والده ينتظره بلهفة وشوق هناك ..
وفور وصوله إلى المنزل , فتحت له الباب أخته الصغيرة نينا ورحبت بوصوله ثم أخبرته أن والده ينتظره
في غرفة استقبال الضيوف , وقبل أن يدخلان إليها توقفا عندما اقتربت نينا من كارلا وقالت
بسعادة – هذه هي آلين ؟! إنها جميله جداً لم أعلم أن لديك ذوقٍ في اختيار الفتيات .
اقترب سوما من أخته نينا ثم جثا على احدى ركبتيه ليصل إلى مستواها ورفع يده ليضعها على رأسها
ثم ربت عليها وهو يقول
- نينا , إذا كنتِ تحبينني بصدق .. اذهبي إلى غرفتك والعبي مع اخواتكِ بهدوء , لأن هذه الجلسه مهمه جداً بالنسبة لي .
لوت نينا شفتها بعدم رضا ثم كتفت ذراعيها وقالت
- ليس عدلاً .. لمَ ستكون أماندا معكم وأنا لا ؟!
ابتسم لها ثم وضع يده على كتفها وهو يقول
- أماندا في العشرين من عمرها , إنها كبيرة , ونحن سنتحدث عن أشياء مملة جداً بالنسبة للصغار وأنا لا أريد منكِ أن تملي ..
يبدو أن كلامه لم يعجبها فهي ما تزال رافضةً للفكرة من أساسها , فأردف
- وسوف أكافئك بالتنزه في حديقة الألعاب الجديدة , أنتِ لم تذهبي إليها من قبل أليس كذلك ؟
اتسعت عينا نينا وقالت بدهشه ممتزجه بفرح
– أحقاً ستأخذني إليها ان بقيت هادئه ؟!
أومأ برأسه وهو يقول
– وسأشتري لكِ تلك القطه التي أعجبتكِ .!
أخذت نينا تقفز في مكانها وهي تقول بفرح
– مرحا , مرحا .. أحبك يا أخي .!
وضع سوما بسبابه يده اليمنى على فمه وقال
– هشش .. هيا اصعدي الى الأعلى وأخبري باقي أخواتكِ عن اتفاقنا وان يبقين هادئين .!
أومأت براسها ثم ركضت صاعدةً إلى الأعلى ..
نهض سوما ثم نظر إلى كارلا وأشار لها إلى إحدى الغرف وقال – هل انتِ مستعده ؟!
اخذت نفساً عميقاً ثم زفرت براحة بعدها قالت – اجل .
تقدمت بعدها لتدخل إلى الغرفه مع سوما ولكنه توقف فجأه وهو يقول – آآه لقد نسيت .!
التفت ونظر إليها ثم أخرج من جيب معطفه علبه حمراء صغيرة وفتحها ليخرج منها خاتم ألماسي جميل جداً ..
مد يده وأعطاه لها وقال – ارتدي هذا , أمام فقط .
أخذته منه وارتدته دون قول أي شيء ثم دخلا معاً إلى الغرفه ,
كان ديريك يجلس على أريكة لنفرين وجلست بجانبه زوجته
أما الاريكه الوحيدة جلست عليها اخته أماندا , الثانية بالترتيب .. وتبقى أريكة واحدة
وهي أكبر أريكة صممت لثلاثة أشخاص , جلسا عليها سوما وكارلا ولكن بعيدان عن بعضهما
كان المكان واسعاً فلم يجدا داعٍ للجلوس بالقرب من بعضيهما ..
رحب ديريك بكارلا ترحيباً حاراً ومليئاً بالشكوك .. وكذلك والدته وأخته أماندا , بدأ ديريك
بسؤال كارلا عن بعض الأشياء , مثل .. كيف التقيا , وأين ومتى , كيف أحبها وأحبته كان سوما يجيب على نصف الأسئله
ولكنه صمت بعد أن قال له والده
– أنا طلبت مقابلتها هي , ولم أطلب مقابلتك .! لا تتدخل بيننا .
تابع ديريك بعدها أسئلته التي خلل سوما أنها لن تنتهي أبداً , ولكن بعد فترة ليست بقصيرة
أخيراً نهض ديريك من مكانه وتوجه نحو خارج الغرفة , لكن قبل أن يخرج قال لسوما أن يتبعه
تبادل النظرات مع كارلا قبل أن يذهب ويتبع والده .. وعندما خرج , قالت والدته
- سوف أعد لكِ بعض الشاي , انتظريني لحظه .
ابتسمت ثم نهضت وخرجت هي الأخرى من الغرفة , لم يتبقى غير كارلا وأماندا ..
جلست أماندا بجانب كارلا وبلهفه قالت
– ألين ها ؟! .. ما هو اسمك الحقيقي , وعمرك .. وكيف استطاع اقناعكِ في فعل ذلك ؟!
كانت كارلا تنظر إلى أماندا بتعجب واستغراب , هل كانت تعرف أن كل ذلك كان مجرد تمثيل ؟! لمَ لمْ تكشفها وتقول الحقيقه لوالدها ..
لكن كيف ؟ هل أخبرها سوما بالأمر أم هنالك شيء أخر .!!
لاحظت أماندا علامات الدهشة والتعجب على وجه كارلا فضحكت وأردفت
- لا تستغربي ذلك , لا أحد يعرف سوما أكثر منّي ..
نهضت من على الأريكه ثم توجهت نحو المكتب الموجود في الغرفة وفتحت أحد دروجه
لتخرج منه صورة ما .. اقتربت من كارلا ثم أرتها الصورة عن قرب ..
ألقت كارلا نظره على الصورة , كانت لفتاة صغيره على ما يبدو , تشبه سوما إلى حدٍ كبير
لديها نفس لون الشعر , والعينين .. ظنت كارلا بدايةً أنها أماندا ولكنها استبعدت ذلك لأن لأماندا شعراً أسود اللون .!
فسألت – من هذه ؟!
قالت أماندا بعدما جلست بجانب كارلا
– إنه سوما .. هنا كان في الرابعة من عمرة , لقد أرادت أمي دائماً أن تنجب فتاة بدايةً ,
ولكن .. بما أنه الأكبر بيننا والفرق بيننا في العمر كبير جداً .. كانت أمي تعامله كفتاة ,
وأغلب الناس كانوا يظنون أنه فتاة .. ولكن بعد أن أنجبتني , لم تعد تعامله كفتاة ..
ضحكت قليلاً قبل أن تكمل – والآن أظنه متعقد من شيءٍ يسمى بـ الفتيات ..!
ثم ضحكتا معاً ..
دخل سوما وبوجهه ارتسمت ابتسامة مشرقه .. توجه مباشرة عند الفتاتان ثم اقترب من كارلا واحتضنها وهو يقول
- كارلا , أشكرك .. لقد أنقذتني .!
ابتسمت له كارلا وقالت – حقاً ؟ ما الذي حدث ؟!
أبعدها عنه ثم نظر إلى وجهها وقال
– لا شيء , فقط استطعت إقناعه بأني لا أريد الزواج من تلك الفتاة .!
كل شيءٍ انتهى الآن لا تشغلي بالك في أي شيء .. وانسي كل ما يحدث .!
كانت أماندا تنظر إليهما بخبث ثم قالت
– تدعى كارلا إذاً , متأكدة أيضاً انها أصغر منّي سناً .. فأدوات التجميل لا تخدع سوى الرجال أمثالك وأمثال أبي .!
نظر سوما إليها بطرف عينيه ثم قال بنبرة مخيفه
– ما الذي تقصدينه ؟! ثمَ ...
قال تلك الكلمه ثم توقف قليلاً عن الكلام وسحب منها الصورة التي كانت تحملها بيدها
وصرخ – من سمح لكِ بأخذ هذه ؟!
تصنعت اماندا الخوف واختبأت وراء كارلا وهي تقول – لا أحد , لست أنا .. كارلا النجدة .!
,,
بعد مرور شهرٍ كامل .!
كان يمسح زجاج المحل بقطعه من القماش وهو يدندن مع نفسه , عندما انتهى
وضع قطعه القماش في الدلو
الذي امتلأ بالماء والصابون , ثم حمل الدلو ليعود إلى داخل المحل ولكن قبل أن يدخل
توقف على صوتِ أحدهم وهو يقول
– عفواً يا جدي , هل كارلا هنا ؟!
رفع الجد أحد حاجبه باستغراب ثم التفت لينظر إلى ذلك الشخص ,
كان شاباً طويل في القامه , له شعر يصل إلى نهاية رقبته أسود اللون ومبعثر بطريقه جميلة
قال الجد – ومن حضرتك ؟!
- صديقٌ لها ..
قال تلك الجمله ثم خرجت بعدها فتاة تشبهه قليلاً عرفها الجد بسرعة ثم قال
- انتِ هي , ميسي .. صديقة كارلا ؟!
اومأت ميسي برأسها إيجاباً ثم قالت بمرح
– كيف حالك جدي ؟! لم أرك منذ فترة طويلة .!
فقال لها
– هل كانت النتائج في المرحلة الأخيرة مرضيةً لكِ ؟ من فاز في المركز الأول ؟!
تقدمت ميسي ودفعت الجد إلى داخل المحل وهي تقول
– هذا ليس مهماً الآن , اخبرني أين كارلا ؟! هنالك شخص عزيز على قلبها ستسر لرؤيته , لقد مرت فترة طويلة ولم يلتقيا .!
- كارلا ؟!
للحظه بدا على الجد أنه نسي من هي كارلا , ولكنه قال أخيراً
– صحيح , إنها لم تعد بعد من المدرسه , يمكنكما الإنتظار في المحل إن أردتما .!
دخلوا جميعاً إلى المحل وجلسوا على إحدى الطاولات .. بدأت ميسي بالحديث عن المسابقه
وعن المرحلة الأخيرة للجد , وعن من فاز فيها بفرح .. ولكن هنالك من قاطع تلك اللحظه بدخوله إلى المحل
وقد بدا في أشد غضبة رجل ذا ملامح حادة مخيفة بعض الشيء ..
وجه نظرة إلى الجد مباشرة ثم صرخ
– ستنتهي المهلة بعد ثلاثة ساعات , إذا لم أستلم الإيجار خلال الثلاثة ساعات تلك , فلملم أغراضك واترك المحل بلا عودة .!
خرج بعدها دون أن يسمع جواباً منه , نظرت ميسي إلى الجد باستغراب ثم قالت
- من ذاك ؟!
أجابها – الرجل الذي استأجرت منه هذا المكان لأفتتح محل الحلوى هذا .!
صمتت قليلاً ثم قالت – ألم تدفع الأجرة بعد ؟!
ظهرت امارات الحزن على وجهة ولكنه أسرع بموحها بواسطة ابتسامته
قال وهو ينهض من مكانه
– منذ أن فتحت هذا المحل , لم يأتي الكثير من الناس ليشتروا مني بعض الحلوى , حتى وأنهم لم يكلفوا أنفسهم في التذوق كذلك .
وقبل أن يقف خلف الخزينة قالت ميسي له – هل لي بتذوق احداها ؟!
- طبعاً .
أخرج اثنتين ثم تقدم ووضعهما أمام ميسي وزيس الذي كان صامتاً طول الوقت ..
أخذت ميسي الملعقة وقطعت قطعة صغيرة ثم وضعتها في فمها ..
قالت بعدها – لذيذة .!! إنها حقاً رائعه .!
ابتسم الجد وقال – شكراً لكِ .
وضعت الملعقة على الصحن وأخذت تفكر في طريه لتجعل الزبائن يتنبهون لهذا المحل ..
لم تأتي في بالها أي فكرة , فهي ليست خبيرة أبداً في ذلك المجال , ولكن لحظه ..
نظرت إلى زيس لفترة ثم ابتسمت بخبث وقالت
– انتظراني هنا لحظه ..
نهضت وخرجت من المحل , لتجد أن هنالك الكثير من الناس , الرائح والقادم , الحائر والقاصد
اخذت نفساً عميقاً ثم أطلقت العنان لنفسها لتقول بصوتٍ مرتفع
- لدينا عرض خاص , مع شراءك لكمية من الحلوى ستحصل على توقيع من المغني زيرو .. |