فُتح باب ذلك المنزل ليخرج منه رجلٌ كبير في السن ثم أغلقه من بعده ..
نظر إلى تلك الفتاة التي كانت تقف أمام المنزل فاستغرب وجودها .. تقدمت الفتاة بسرعة إليه عندما رأته
وسألته مباشرة
– عفواً سيدي , هل لك أن تساعدني لأجد هذا المكان ؟!
مدت له يدها التي تحمل ورقة صغيرة دوّن فيها عنوان منزل , نظر الجد إلى العنوان مطولاً ثم قال وهو في اشد تعجبه
- انه عنوان منزلي , هل تريدين مني شيئاً ؟!
ابتسمت ثم قالت – حقاً ؟! ظننت أني ظللت الطريق .!
صمتت قليلاً ثم أعقبت – كارلا , أهي هنا ؟!
..
دخلت سيلفيا إلى منزل كارلا .. صعدت الدرج وتوجهت نحو أول غرفة على جهة اليمين
كما قال لها الجد قبل أن يذهب إلى محلة .. رفعت يدها وطرقت الباب ثلاثة طرقات متتالية
ولكن أحداً لم يجبها ..! لذا قررت الدخول دون أخذ إذن ..
فتحت الباب ودخلت فوجدت كارلا مستلقية على سريرها الذي يقع في الجانب الأيسر من الغرفة
لم ترفع كارلا رأسها لتنظر إليها بل ظلت هكذا في مكانها وكأن أحداً لم يدخل إلى الغرفة ..
اقتربت منها حتى صارت قدماها تلامسان السرير فجلست على حافته ..
تكلمت قائله بعد ذلك
– جئت لأتعرف عليك .. وأتكلم معك قليلاً , أتسمحين لي .؟
تعجبت كارلا من الصوت , فهي لم تسمعه في حياتها قبلاً , فرفعت رأسها لتنظر إلى صاحب الصوت
وقد فاجأها بأنها كانت هي نفسها !! .. تلك الفتاة التي رأتها مع زيس البارحة ..
عدلت كارلا من وضعيتها إلى الجلوس بسرعة لتقول بغضب
– ما الذي تفعلينه هنا ؟ ومن سمح لكِ بالدخول ؟
- آسفه لذلك , ولكني طلبت الإذن من جدك .!
مدت سيلفيا بيدها إلى كارلا ثم أردفت
– أدعى سيلفيا , شابة في الخامسة والثلاثون من عمرها ..
نظرت كارلا إلى يد سيلفيا ثم عادت لتنظر إلى وجهها ثم قالت
– ما الذي أتى بكِ ؟
ابتسمت سيلفيا ثم أنزلت يدها لأن كارلا لم تصافحها , فقالت
– حسناً , لقد جئت من أجل زيس .! .. جئت لأشرح لكِ الموقف ..
نهضت كارلا من على السرير ثم صرخت
– كيف تستطيعين أن تكوني هادئة هكذا ؟! هل يحتاج الموقف إلى شرح ؟ كل شيءٍ واضح
.. والآن هلا خرجتي من هنا , لا أريد أن أسمع شيئاً عنه , لقد كان يخدعني طول تلك الفترة و ..
توقفت كارلا عن الصراخ عندما نهضت سيلفيا وأمسكت بيديها وهي تقول
- هل تحبينه ؟!
لم تستطع كارلا الإجابة مباشرة , نظرت إلى الأرض وقالت بهدوء
– لا يهم الآن إن كنت أحبه أم لا .!
- إذاً ما هو المهم .. أريد جواباً فقط , هل تحبينه أم لا ؟!
ما زالت كارلا تنظر إلى الأرض .. صمتت لفترة ولم تقل شيئاً ولكنها أخيراً أومأت براسها إيجاباً ..
ابتسمت سيلفيا ثم قالت
– جيد , إذاً هلا سمعتني قليلاً ؟! لن يستغرق منك الأمر إلا دقائق .
أبعدت كارلا يديها عن يدي سيلفيا وهي تقول
– ماذا تريدين ؟!!
أخذت سيلفيا حقيبتها التي كانت تضعها على سرير كارلا ثم فتحتها لتخرج منه قرص قدمته إلى كارلا
ثم قالت لها – افتحيه وشاهدي ما يحتويه .!
أخذت كارلا ذلك القرص , ثم توجهت نحو حاسبها الآلي الذي وضع على طاولة التصقت بالجدار
ففتحته ووضعت القرص داخلة ليظهر لها إعلان عن الحلقة الأخيرة من المسلسل الذي يمثلانه معاً ..
لقد رأت نفس المنظر تقريباً , وللمرة الثانية بدا لها واقعياً ولكن ..
إنه مجرد تمثيل .! تساقطت دموع كارلا وهي تندم على كل شيء قالته لزيس , لقد أخطأت , ولم تجعله يتكلم حتى ليخبرها بالحقيقة ..
أخرجت سيلفيا ورقة بدت كتذكرة لدخول حفلٍ ما .. نظرت كارلا إلى سيلفيا باستغراب ولكن سرعان ما فهمت أنها تذكره لدخول حفل غنائي لزيس ..
قالت سيلفيا – الليلة , يمكنكِ مقابلته والإعتذار له ..
,,
,,
في الساعة الثامنة ونصف ليلاً .. كان زيس يتحدث مع رجلٍ في إحدى الغرف الإدارية في ذلك المبنى ...
كان زيس يعتذر منه عن حضور والغناء في حفلته تلك .. ولكن الرجل رفض اعتذاره ذاك
وطلب منه الغناء ولو أغنية واحدة .!! خاصة أنه لا يمتلك مغنين بديلين ..
اقتنع زيس بالغناء لفترة قصيرة .. و إنهاء فقرته سريعاً وهذا ما فعلة ..
توجه بعد انتهائه إلى الردهة المؤدية إلى الباب الخلفي , ولكن قبل أن يفتح الباب
توقف على صوتٍ أحدهم الذي ناداه من بعيد وهو يقترب منه ..
التفت زيس ونظر إليه , شاب ذو شعرٍ فاحم يرتدي قميصاً أبيض اللون شمر أكمامة .. بينما
تدلت سلاسل حديدية من رقبته ..
قال ذلك الشاب عندما صار بالقرب من زيس
– جيدٌ أنني استطعت اللحاق بك .! لمَ كل هذه العجلة ؟!
قال زيس بتعجب – رين !! هل تريد مني شيئاً ؟!
- في الحقيقة أجل , أنا متأكدٌ بأنك سمعت عن الفيلم .. ذلك الفيلم المرعب الذي سنمثله أنا وكريستال أليس كذلك ؟
أومأ زيس برأسه إيجاباً وهو يقول – وماذا بشأنه ؟!
وضع رين يديه داخل جيب بنطالة ثم قال
– كنا نريد منك أن تمثلة معنا .. ينقصنا ممثل واحد واقترحت عليهم أن يكون هو أنت .! فما رأيك ؟!
ابستم زيس ثم قال – لا بأس , سوف آتي غداً لمقابلة الشركة المنتجة ..
قاطعه دخول أحدهم من الباب الخلفي .. فالتفت زيس وكذلك رين لينظران إلى ذلك الشخص الذي لم يكن سوى جولييت .!
ابتسمت جولييت ثم قالت بحماس – زيرو ..!!
ضحك رين بصوتٍ منخفض ثم قال لزيس وهو يلتفت ليذهب
– سوف تبدأ فقرتي الآن , أراك غداً .. إلى اللقاء .
ذهب بعدها رين , ففتح زيس الباب وخرج منه ليمشي في ذلك الزقاق ليخرج إلى الشارع ..
كانت جولييت تلحق به وهي تتكلم عن بعض أغانيه .. توقف فجاه ثم قال بعد أن رمقها بنظرات غاضبه ومنزعجة
– هلا توقفتي عن اللحاق بي؟!
اقتربت منه جولييت ثم أمسكت بيده وهي تقول – إذاً لن ألحق بك , سوف نمشي معاً .
لاحظت جولييت أنه شرد في شيءٍ ما فجأه وبدا صامتاً وواقفاً دون حراك ..
فقالت له – ماذا , ألن نتابع السير ؟!
لم يتحدث , فنظرت إلى ما كان ينظر إليه لتجد أنها كارلا , واقفةً أمام باب المبنى منتظرة خروج شخصٍ ما ..
ابتسمت جولييت بخبث ثم نادت كارلا بصوتٍ مرتفع لتنظر كارلا إليها وتتجه نحوهما بسرعة ..
أبعد زيس نظرة عن كارلا ثم قال بلا مبالاه – ما الذي تفعلينه هنا ؟!
ظنت كارلا أنه غاضبٌ فقط لأجل تصرفها ذاك , فقالت له
– أنا أعتذر عمّا قلته لك البارحة لقد جائت إلي سيلفيا لتخبرني بكل ما حدث , وانا حقا آسفـ ..
لم تكمل كلامها لأن زيس قاطعها وهو يقول
– لا تعتذري , لان ذلك لم يعد يهمني .! والآن هلا ابتعدتي عن طريقي فأنا أريد مواصلة السير .
اتسعت عينا كارلا من كلام زيس ذاك , هل يمزح معها أم أنه يقول الحقيقه ؟!
مشى زيس ليتعدى كارلا , ولكنه توقف عندما صرخت به – توقف .!
صمتت قليلاً لتتساقط دمعاتها ثم أردفت – ما الذي حدث لك ؟! لماذا تغيرت فجأه ؟! أنت لست زيس الذي أعرفه .!
لم يتكلم زيس أو يقول أي شيء , أما جولييت , فكان ذلك المشهد أشبه بمسلسل ما بالنسبه لها
وكانت تستمتع بكل ثانية تمر .!!
التفت زيس ونظر إلى كارلا التي اغرورقت عيناها بالدموع , رفع يده ووضعها على كتف جولييت
ثم جذبها إليه وهو يقول – كما ترين لأني أحبها و لم أعد أحبكِ .! ,
واصل بعد ذلك السير برفقه جولييت تاركاً كارلا في أشد دهشتها مما قاله .!!
ظلت كارلا تنظر إليهما وهما يبتعدان عنها حتى اختفيا تماماً عن عيناها لفترة طويلة من الزمن , حتى بعد فترةٍ طويلة من اختفائهما عن ناظريها
استوعبت اختفائهما , فنادت بسرعة على زيس وركضت في نفس الطريق الذي سلكاه .!!
أخذت تنده عليه وهي تركض بأقصى سرعتها .. ولم تتنبه للطريق أمامها
حيث كان شخصاً يمشي في عكس طريقهاً .. فاصطدمت به وكادت أن تقع أرضاً إلى أن هذا الشخص
أمسكها بسرعة قُبيل سقوطها أرضاً , رفعت كارلا رأسها بعد أن استعادت توازنها ونظرت إلى وجه ذلك الشاب
لم تكن ملامحه واضحة فكثرة تساقط الدمعات كانت عائقاً لها .. ولكنها عرفت من يكون , من صوته ..
إنه ينادي عليها , باسمها , يسألها عن حالها .. لقد كان ذلك هو تايلر الذي كان ماراً من هذا الطريق بالصدفة ..
لم يفهم ما بها , كانت تشهق بكاءً لسبب لم يعرفه .. خاف عليها وحاول فهم سبب بكائها المرير ذاك ..
ولكن ذاك لم يأتيه بنتيجة , فهي لم تستطع إخراج حرفاً واحداً حتى ..
اصطحبها معه إلى إحدى الكوشيكات التي كانت تبيع بعض المأكولات الغذائية , اشترى لها قارورة مياه
لتشربها حتى تهدأ قليلاً .. وبالفعل , هدأت . وعرف السبب منها .. كما توقع ان السبب كان زيس ..
ولم يستطع البقاء هكذا دون فعل أي شيء , فطلب من كارلا الإنتظار وسيعود إليها بعد دقائق قليلة ..
,,
- تباً , لقد نسيت هاتفي النقال , أنا مضطر للعوده إلى مبنى الإحتفال .!
التفت زيس ليعود أدراجه , وجولييت لم تترك له المجال لأن يغيب عن ناظريها كما أنها لم تفلت يده من يدها ..
فصاح بها قائلاً – هي أنتِ , إلى متى تريدين اللحاق بي ؟! يكفي هذا اذهبي إلى منزلك .!
تشبثت جولييت به أكثر وقالت
– لن أفعل , لا تنسى أنك مدين لي لأني بقيت صامته ولم أخبر كارلا بانه ليست بيننا أي علاقة ..
تنهد زيس وتجاهلها ثم عاد إلى المبنى ليأخذ هاتفه , عندما دخل إلى الغرفة التي ترك فيها هاتفه
وجده , لكنه وجد معه شيئاً آخر.. شيئاً أخر كبير جداً .!
وبيد ذلك الشيء كان هاتفه النقال حيث كان يقذف به لأعلى ويعود إلى يده فيفعل المثل مرة مرتين ثلاثة
حتى توقف عندما دخل زيس .. نهض بعد ذلك واقترب منه , كان زيس متفاجئاً برؤيته ..
فهو لم يكن يتوقع أبداً مقابلته هنا , وأيضاً في هذا الوقت , ما الذي يريده يا ترى ؟!
هذا ما جال بخاطر زيس قبل أن يتقبل ضربه قويه على وجهه .. لم يصمت زيس على ذلك
فأعاد له الضربة بضربه أقوى .. ففعل هو المثل حتى تحول إلى شجار قوي جعل من الموظفين هناك يتجمعون حولهم ليكونا دائرة حولهما ..
تكلم زيس وهو ما يزال يوجه إليه اللكمات
– ماذا دهاك فجأه ؟! هل جئت لترد إلي لكمات الماضي أم أنك جننت ؟!
- يمكنك قول ذلك , و فوقه .. على ما فعلته لكارلا .. كيف تتجرأ على فعل ذلك أيها الحقير .!
- وما دخلك أنت ؟! هذا لا يخصك .. إنه شيءٍ بيني وبينها .!
جاء رجلان ليمسكا بتايلر , ثم يبعدانه عن زيس الذي نهض من على الأرض وأخذ يمسح الدماء الذي سال من فمه إثر الضرب بكف يده
كان تايلر يحاول إبعاد هذان الرجلان اللذان أمسكا به , ولكن دون جدوى .. بتلك الأجساد الرياضية وقوة البدن , من المستحيل أن ينجح في ابعادهما .!!
وكأنهما خصصا لحالات مثل هذه , إذا تعدا شخصٌ على أحد المغنين أو المغنيات بالضرب وغيرة ..
كانا يبعدانه متجهان إلى خارج المبنى , لم يكن بوسعه غير الصراخ عليه قائلاً
- اسمعني جيداً ... إذا اقتربت من كارلا مجدداً , أو علمت بأنك أمستها في أذى أو
غيرة , سترى .. لن أدعك تنجوا بفعلتك يا هذا .. أتسمعني ؟! لن تنجوا بفعلتك .!
الفصل الحادي والعشرون
توقف عن السير عندما رآها تركض متجهةً إليه بسرعة , حتى اقتربت منه وأصبحت أمامه مباشرة
فتوقفت وأخذت تنظر إليه من الأسفل حتى أعلى رأسه وهي في أشد تعجبها..!
قالت بقلق – ما كل هذه الجروح .؟ لا تقل لي أنك ... |