ضحكا بعدها معاً , ثم مد ألبوس يده لزيس وقال
– سررت حقاً بالتمثيل معك , أتمنى أن نلتقي قريباً في تمثيل شيئاً آخر .
صافحه زيس ثم أومأ برأسه وهو يقول
– وأنا كذلك سررت , ولكن انتهاء المسلسل لا يعني أنك لن تأتي لزيارتنا , أريد أن أراك أسبوعياً . تقدمت فتاة كانت قد دخلت إلى الأستوديو لتوها , ثم ركضت بسرعة متجهة إلى زيس
وهي تقول بمرح – زيييرو .. تهانينا على إنهائك لهذا المسلسل الرائع !
رفع ألبوس أحد حاجبيه ثم قال لزيس – ومن هذه ؟!
وضع زيس يده على رأسه وهو يتأفف ويقول موجهاً الكلام لها
- ما الذي تريدينه الآن ها ؟ لقد وافقت لمرافقتك لي ليوم واحد وهو في يوم ميلادك الشهر القادم
, هلا خرجتي من هنا الآن وإلا تراجعت عن قراري ؟
ابتسمت له وقالت – سوف أذهب .. جئت فقط لأهنئك لا أكثر ..
لوحت له ثم التفتت لتخرج .. " سوف تقع , سوف أجعلك تتعلق بي كتعلق الطفل بأمه ,
في ذلك اليوم بالضبط لن أدعك تفر من بين يدي بعدما أمسكتك , أنت الآن كعصفور انكسر جناحه فأخذته لأعتني به "
كان ذلك ما تفكر به جولييت وهي تتجه نحو الباب , وقبل أن تخرج نظرت إليه نظره أخيرة
ثم ابتسمت بخبثٍ وَ خرجت ..
,,
وقف ينظر إلى الباب الذي علقت بجانبه ورقه صغيرة كُتب عليها " كارلا آدم " ..
تردد في الدخول وعندما قرر الدخول أخيراً فُتح الباب
ليخرج منه شاب ذا شعرٍ أشقر اللون
تفاجأ كلٌ منهما برؤية الآخر وبصوتٍ واحد قالا ..
- تايلر .!
- سوما .!
ابسم تايلر له ثم قال – يا له من لقاء , أين اختفيت فجأه ؟! منذ أن قدمت استقالتك لم أرك أبداً حتى هذه اللحظه .!
ابتسم سوما بدوره وقال – متأسف , انشغلت قليلاً ..
ثم أردف باستغراب – ما الذي تفعله هنا ؟!
قال تايلر وقد بدا مستغرباً أيضاً
– ألا يجب أن أسألك أنا هذا السؤال ؟! .. فتاة أعرفها دخلت المستشفى أمس , لذا أنا في زيارة لها هنا .
- كارلا ؟!
قالها سوما له فأجابه تايلر – أجل .! , هل تعرفها ؟!
أومأ سوما برأسه إيجاباً وهو يقول
– أخبرني جدها بما حدث لها , وعن والدها .. حقاً كانت صدمه لتعرف خبر وفاته بتلك الطرية .
تنحى تايلر جانباً وهو يقول
– جئت في وقتك اذاً , حاول محادثتها لتنسى ما حدث , لقد حاولت كثيراً ولكن دون
فائدة باتت كل محاولاتي بالفشل .. سوف أذهب لشراء بعض العصير وأعود .
ذهب تايلر ليشتري العصير بينما دخل سوما إلى الغرفة , ليجدها مستلقيةً على السرير
تجهشُ بكاءً على ما حدث ..
اقترب سوما منها وجلس على الكرسي الذي كان بالقرب من سريرها ..
لم يستطع رؤية وجهها لأنها كانت تحفره بين الوسادة البيضاء .. بدا في الحديث قائلاً
- آسفٌ لسماع ذلك الخبر , ولكن ألا تظنين أنك تتمادين قليلاً ؟!
لم تجبه كارلا , ولم يسمع منها غير صوت البكاء .. فأردف قائلاً
- أنا موقن أنه لا يريد منك البكاء عليه , فهذا سيجعله يشعر بالحزن , أتريدين ذلك ؟!
قالت كارلا بصوتٍ مخنوق – لا .. أستطيع ..
تنهد سوما ثم نظر إلى المنضدة ليجد صينيه الطعام عليها , فعلم أنها لم تتناول طعامها ..
عاد لينظر إليها وقال – إذاً , لماذا لا تتناولين طعامكِ ؟ هذا ليس صحياً ..
لم تقل شيئاً , فقرب الصينية منه ليرى محتوياتها , ثم أعقب
- الحساء سيكون مفيداً , هلا اعتدلتِ في جلستك لأساعدك على تناوله ؟
لم تجبه أو تتحرك من مكانها وفي هذه الأثناء دخل تايلر إلى الغرفة ليجد أن وضعها لم يتغير ..
نظر إلى سوما فأومأ له وكأنه يقول ما من جدوى .. اقترب تايلر منهما ووضع الكيس الذي كان يحمله على المنضدة
وهو يقول – لقد أحضرتُ لكِ بعضاً من كعك الفانيلا .. أتمنى أن تعجبكِ .
- لا أريد .
ذلك كل ما قالته ثم تابعت بكاءها .. تنهدا سوما وتايلر معاً ثم أومأ سوما برأسه إلى تايلر ليخرجا إلى خارج الغرفة ..
نهض سوما من مكانه متجهاً إلى الخارج وتبعه تايلر , أغلقا الباب من بعدهما فبدأ سوما بالحديث
- لا يجب أن تظل هكذا إلى الأبد .
- سوف أحاول معها في فترة أخرى , سوف تهدأ قريباً لا أظن أنها ستبقى هكذا .!
نظر سوما إلى الساعة ثم قال
– لقد تأخرت , عليّ الذهاب الآن .. سوف آتي مرة أخرى إلى اللقاء .
- إلى اللقاء .
قالها تايلر وهو يفتح الباب ليعود إلى الداخل .. جلس على السرير ثم ظل ينظر إلى كارلا
أخرج من الكيس علبه من عصير التفاح وفتح الغطاء ثم شرب منه , عاد ليغلقه ويضعه على المنضدة
ثم قال بعدها لكارلا
– أعلم حقاً ما تشعرين به , فقدان شخص عزيزٌ عليك ... وأنا لا ألومكِ على بكائكِ المرير ذاك .. ابكي فلربما طارت همومكِ .. ولكن لا تطيلي في البكاء .
نظر إلى الساعه ثم أردف – لقد تأخر جدكِ كثيراً ..
ثم أخرج هاتفه من جيبه ليتصل عليه ..
,,
خرج تايلر من الباب الأمامي الخاص بالمستشفى , نزل السلالم ولكنه توقف في المنتصف
عندما رأى زيس وهو يصعدها أيقن أنه علمَ بأمر وفاة والد كارلا من ميسي وعَلمَ أيضاً أنها الآن هنا في المستشفى ...
وقف تايلر أمام زيس مانعاً إياه من الدخول فتنبه زيس له ثم سمع صوته وهو يقول له بعصبيه
- إلى أين تخال نفسك ذاهباً ؟!
توقف زيس عن صعود الدرجات وأبعد نظره عن تايلر ثم قال
- وما شأنك أنت ؟! هلا ابتعدت عن طريقي الآن ؟!
- مستحيل , لن أدعكَ تدخل إلى المستشفى طالمَا كارلا في الداخل , ولا تفكر حتَى في زيارتها .
علا صوت زيس وهو يقول – ومن أنتَ حتى تمنعني , قلت لك ..
اندمج صوت تايلر مع زيس وهو يقاطعه ليقول بنفس نبرة صوته تلك
- قلت لك لن أدعك تدخل , أنت من جعلها تصل إلى تلك الحالة .. لو أنها لم تقابلك ليلة البارحة لما صُدمت هكذا بشأن والدها ..
خفض من صوته بعدها وهو يردف – والآن , إذا رأتك مجدداً أمامها سوف تسوء حالتها أكثر .. خاصة أنك انفصلت عنها , لذا اتركها وشأنها .
الفصل الثاني والعشرون .
سقطت الملعقة من يد الجد إلى الأرض فانسكب الحساء الذي كانت تحمله بسبب رفض كارلا لتناوله فلما أبعدت يده سقطت الملعقة أرضاً ..
عادت كارلا إلى أحضان سريرها ..
فنحنى الجد ليلتقط الملعقة , ثم مسح ما سقط منها بالمنديل .. نظر إليها لفترةٍ ثم قبل أن يخرج من غرفتها قال
- تماماً كتصرفات والدكِ عندما توفيت والدتك .. لكنه في النهاية اعتاد على الأمر .
لم يتلقَ جواباً فخرج بصمت .. نزل السلالم قاصداً غرفة المعيشة , ولكن قبل أن يدخلها
سمع صوت جرس الباب لذلك ذهب لرؤية الزائر الذي كان تايلر .. ألقى التحية ثم دخل إلى المنزل
توقف أمام الدرج وقبل أن يصعد قال – كيف هي حالها , الآن ؟
قال الجد وهو يغلق الباب
– ما من جديد يا بُني .. فمنذ عودتها من المستشفى إلى الآن وهي على نفس الحال .. لم أرى عنادها هذا إلا الآن .!
اقترب الجد من تايلر ثم وضع يده على كتفه وأعقب
– لا أعرف كيف ستخرج من عزلتها تلك .!!
ابتسم تايلر له .. ثم ربت على يده وهو يقول بوثوق
– لا تقلق يا جدي , لن تبقى هكذا طويلاً ..
صعد بعد ذلك إلى الأعلى ودخل لغرفتها .. اقترب منها حتى أصبحت قدماه ملاصقة لسريرها
فجلس على حافته .. شعرت كارلا به ولكنها لم تلتفت لتنظر إليه , كانت تقابله بظهرها دون ان تقول له شيئاً .
- أتعلمين ..
قالها ثم أبعد نظره عنها لينظر إلى يده التي شبكها ببعضها .. ثم أعقب
- سمعتُ عن شاب أحب فتاة كانت مريضة بمرضٍ ما .. وكانت دائماً ملازمة لسريرها .. بنظرها كان سريرها هو الوحيد الذي يشعر بها , وبألمها , وبحزنها ..
ولم تشعر بذلك الشاب الذي كان يتألم لرؤيتها هكذا .. لذا فكر بشيءٍ ليخرجها من حالة البؤس تلك .! فكر في أخذها لنزهة وهناك سيعترف لها بحبة ..
يبدو أن الأمر شد انتباه كارلا , فقد كانت تنصت إليه حتى أنه عندما توقف حثته على المتابعة قائلة
- وهل نجح في ذلك ؟!
نظر تايلر إليها ليجدها قد اعتدلت في جلستها وتنظر إليه منتظرةً التكملة .. فأردف قائلاً
- ماتت قبل أن يصل إليها .
اتسعت عينا كارلا ولكن قبل أن تقول شيئاً سبقها تايلر بقولة
- حزن عليها كثيراً , بكى حتى جفت الدموع من عينيه .. ولكن بماذا ستفيده الدموع ؟! هي لن ترجع له ما فقده ..
ابتسم لها ثم رفع يده ووضعها على رأسها ثم مسح عليها وهو يقول
- منذ زمنٍ بعيد لم أذهب إلى الشاطئ , ومنذ زمنٍ بعيدٍ أيضاً لم أرى البحر .. فما رأيك أن نذهب إليه اليوم ؟! أنا وأنتِ حتى تستعيدي نشاطكِ وحيويتك .
ترددت في موافقتها , ولكنها لم تجد داعٍ للرفض .. كذلك إلى متى ستبقى هكذا ؟
أومأت براسهاً إيجاباً , ولكن بترددٍ بسيط ..
|
التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 07-23-2015 الساعة 03:48 PM |