للقيطة تكتب لكم قصتها
مساء الخير
سأعرض لكم هنا مشكلتي لا أدري إن كانت عاطفية أو أسرية أو حتى نفسية
كل ما أعرفه هو أنني وجدت في هذه الدنيا لأعاني وأعاني معاناة بلا نهاية
اسمحوا لي أن أكتب لكم مشكلتي التي ستطول فصولها ولن يسعني الوقت لأكتبها
لكم دفعة واحدة فأرجوكم أصغوا إلي فقط اسمعوني فلربما حين أفضفض لكم أشعر بالارتياح .
مشكلتي هي أنني لا أستطيع أن أنسى الماضي لا أستطيع أن أنسى أنني ولدت ووجدت في هذه
الدنيا رغما عني فلم يفرح أحد بوجودي ولم تقام الولائم لي ولم يسمني أحد ربما هذه ليست مشكلة
لأنني لا أذكر ذلك اليوم الذي ولدت فيه ولكن اليوم الذي لا أستطيع نسيانه هو حين نادتني أبلة مها
وهي أخصائيتنا الاجتماعية في الدار وقالت لي اآن حان الوقت لكي تعرفي من أنت ليتني لم أعرف
ليتني بقيت أحب أمي وابي وأدعو لهما بالرحمة لقد كنت أظن أنني يتيمة لأم وأب توفيا في حادث
كانت ماما في الدار دائما تقول لي إن أمي وأبي ماتا في حادث ولم يأتي أحد ووضعوني في الدار لأعيش
مع اخوتي الأيتام لكن الأخصائية أخبرتني الحقيقة المرة ومن هنا تبدأ معاناتي من كلمة أنتي لقيطة
وكنت ثمرة غلطة والدتك المغرر بها لم يعد يهمني أن أعرف المزيد يكفي أن أمي تخلت عني وألقت بي أمام مستشفى الشميسي في الرياض
كما عرفت مؤخرا من إحداهن ليلتقطني بعض المارة ولتكون الدار مأواي
مشلكتي أنني لا أستطيع أن أنسى أنني لقيطة ومن ذلك اليوم أخذت تعود بي الذاكرة إلى حياتي في الدار
حياتي التي سأسردها لكم هنا إن سمحتوا لي ...
هنا سأسرد لكم معاناة لقيطة على مشارف العشرين من عمرها لا تستطيع أن تنسى أنها لقيطة
كل شيء حولها يذكرها أنها لقيطة
أردت كتابته هنا ليعرف كل من يمر بمشكلة أن هناك مشاكل أعظم مشاكل لا يد لنا فيها "سأعود وأكمل لكم حياتي من البداية هنا "
نحن فئة تعيش في عزلة منعزلين عن المجتمع
لنا حياة اخرى تختلف عن حياة الآخرين أدركت هذا وأنا في سن متأخرة
بعد أن جربت الحياة الأخرى خارج أسوار الدار ...
كنت أعتقد أن كل الناس بلا أب وبلا أم كنت أعتقد أن الحياة كلها دور كدارنا
لم اكن أعلم أن هناك أسر لم أعرف مامعنى خالة ولا عمة ولا حتى جدة
فقط أعرف أن هناك أم وأب انتقلا لرحمة الله في حادث سيارة لم أكن وحدي من تحمل هذا المعتقد
بل كل أخوتي في الدار يحملون نفس تفكيري ...
في الدار لا ينقصنا شيء لدينا كل شيء حتى الكماليات لدينا لكن ينقصنا الجو الأسري
كان ينقصني أن يكون لي أم وأب وإخوة وأخوات لقد كان لي خمسين أم فكثيرات هن الأمهات
اللاتي تعاقبن على تربيتي أم تتلوها أم ربما تجاوزن الخمسين أم وكل أم لها طريقة أخرى
وتفكير اخرى لقد عشت مراحل كنت فيها مشتتة
في نفس اليوم الذي عرفت فيه أنني لقيطة
عرفت فيه أختي هند أن لها أم وأب متزوجين من بعضهما البعض
وأنها كانت هي ثمرة خطيئتهما قبل الزواج وقد تابا إلى الله وتزوجا بالحلال
وبما أن هند ابنتهما قبل الزواج فهي غير شرعية ولا تنسب لهما ويبدو أنهما
يريدان أن ينسيا الماضي ويبدآن من جديد لذا لم يفكرا بكفالتها وضمها لأسرتهم
لقد أنجبت أمها من أبيها ستة أبناء
كلهم تحت حضانتهم إلا هي شاءت أقدارها أن تعيش في الدار ...
في ذلك اليوم لم ننم لا أنا ولا هند ولا بقية أخواتي اللاتي عرفن حقيقتهن ولكن هند كانت
أقرب واحدة لي بكينا أنا وهي كثيرا كنت أغبطها لأنها عرفت من هي أمها ومن هو أبيها
بل حتى أنا عرفت امها كانت أمها تأتي للار وتأخذها زيارة لكن لم نكن نعرف أنها أمها الحقيقية
فكانت تأتي وتأخذها معها لتقضي عدة أيام في بيتها ولكن تعود بها للدار
خوفا من المجتمع الذي لايعلم أنها ابنتهم حقيقة ويظنون أنها تفعل هذا طلبا للأجر والثواب
ويبدو أنها طلبت من الأخصائية أن تخبر هند بأنها هي أمها الحقيقية كنت أغبط هند لأنها
عرفت من هي أمها بينما أنا أمي مجهولة لأنها ألقت بي بلا رحمة أمام المستشفى ولم تفكر
أن تعود وتزورني لقد كانت أم هند أفضل من أمي لأنها حاولت أن تعوضها وتعطيها الحنان
وتزورها باستمرار وتجلب لها الهدايا والألعاب وتأخذها للملاهي ولبيتها وتعاملها أحسن معاملة
بينما أمي لم تعد ولم تسأل عني ولا يعرفون من هي ولا اسمها ولا جنسيتها ولا أي شيء عنها
وأما لينا فقد عرفت أيضا أن لها أم حملت سفاحا من حبيبها وقضت محكوميتها في السجن وبعد
أن انتهت من محكوميتها خرجت لتبدأ حياة جديدة ربما تابت وربما تزوجت وربما ماتت لا تلعم
الأب أيضا كان معروف لم تعرف اسم أمها ولا عنوانها لأن هذه الأمور سرية فقط عرفت هويتها
وعرفت أنها سجلت تنازل عنها وبعد خروجها من السجن انتهى كل شيء
كانت فاطمة ايضا تبكي لأنها عرفت حقيقة أمها التي لم تفكر فيها ولم تسأل عنها لكني كنت أرى
أن أمها لديها بعض الإنسانية لأنها على الأقل سلمت نفسها ونالت عقابها وربما عادت إلى الله
.....
والحمدلله على كل حال
أنا حامدة ربي وفعلا الدولة ماقصرت معنا
نلبس أغلى لبس ونآكل أفضل أكل ونتعالج
أحسن علاج ونسافر ونروح ونجي ونتمشى بكل مكان
وكل وحدة وواحد منا له حساب خاص وميزانية خاصة ومصروف
خاص لكن مهما كان كل هالأشياء ماتعوضنا عن حنان الأم والأب
والجو الأسري وأنا درست بمدارس حكومية وأيضا أهليه وكنت أشوف بنات وضعهم
سيء اللي ماعندها فسحة واللي مريولها مقطع واللي أمها متوفية
وزوجة ابوها موريتها الويل لكن مهما كان فقدان الأم والأب والهوية
شي صعب ومافيه شي يعوضه
|