كان قلب زينب ينتفض خوفاً ورهبه مع كل خطوة تخطوها لتلك الحجره
التي تجلس بها نرجس بشيءً من الألم والحيره
تناجي ذالك الغائب بمرارةً وحسرة
تتمنى ان يأتي لينتشلها من عالمها الممتلىء حزناً والماً وفوضى
وماهي الا لحظات حتى استيقظت نرجس من غمرة افكارها لتجد امها واقفه بقربها ..
تضع يديها المرتجفه على كتفها.. وتمسح بحنان على شعرها .. الى ان قالت زينب وعينيها تنظران لعيني ابنتها
مابك يابنتي فمنذو مدة وانتي تحتبسين بين جدران حجرتك..
فكل من بالبيت..افتقدك و افتقد كلامك ومزاحك وضحكتك
نهضت نرجس لتفرغ كل مايختلج بداخلها بين احضان امها
الا ان زينب تذكرت شيءً ما .. جعلها تمسك بنرجس فجأة.. لتقول لها
والدك منذو قليل طلب مني رؤيتك
ظهرت ابتسامه باهته على شفتا نرجس
لتخرج من حجرتها متجهة للحجرة التي يجلس بها والدها
فما ان وطأت قدماها تلك الحجرة حتى التقت عينيها بعينيه
ليشتعل اللهيب الحارق بين طيات نفسه ..
ويفترس الغضب والغيظ كل جزء من اجزاء جسده
الا انه قال لها متظاهراً بالهدوء والسكينه ..
تعالي وجلسي بقربي يابنتي
تقدمت نرجس ببطىء وجلست بقربه
لينقض عليها كما ينقض النسر الجارح على فريسته ..
يضربها ويشد شعرها من غير شفقه او رحمه ....
حتى هز صوتها المرتفع وصراخها المتقطع .. كل زاوية من زوايا الحجره
وماهي الا لحظات حتى وصل صوتها لأمها واخيها مصطفى..
ليأتو مسرعين وقد ارتسمت على وجوههم علامات الهلع والخوف والرهبه
كانت نرجس ممدده على الارض ..ممزقة الثياب وممتلئه بالجروح والكدمات ..تتساقط الدموع من
عينيها بخوف والم ونكسار..
الا ان هذا لم يشفع لها عند ابيها.. فأمسك بالسكين الحاده ليقتلها ويدميها ..
فأسرع مصطفى ليمسك بيدي والده ويحميها
فقد كانت كالزهرة اليابسه ذابلة..ضعيفه
حتى قال ابراهيم بأنفاس متقطعه ..
اختك جلبت العار لنا
اصبح كل من في الحي لاعمل له سوى الحديث عنا
فقال مصطفى بعد ان اخذ من يدي والده تلك السكينة الخطره
اطمئن يا ابي ولاتقلق فلن اتركها قبل ان اعرف ماهي قصتها
نهض مصطفى ليخرج بنرجس من تلك الحجره الضيقه..
ليذهب بها لحجرتها
فما ان وقعت عيناها على سريرها حتى احتضنته بكلتا يديها ..
ثم رفعت راسها لترى مصطفى مكسوراً حزيناً ..
فقالت له والدموع تتساقط من عينيها لتصل الى اسفل خديها
اقسم لك يا اخي .. بأني لا اعرفه ..
اقترب منها مصطفى
ليقول لها ..
لا احتاج يا اختي لسماع دفاعك .. فأنا اعلم بمدى طهرك وعفاك
الا اني عاجز عن فهمك
وعن فهم مايدور حولك .
.
قال مصطفى هذه الكلمات وخرج من المنزل حائر الفكر مشتت الدهن ..
فما ان وطأت قدماه اعتاب منزله .. حتى سمع صوت شخص ما يناديه
..فلتفت بتجاه مصدر الصوت.. ليجد مراءة
ترتدي عباءة سوداء معدمه .. وتغطي نصف وجهها بقطعة سوداء باليه .
.
لتخرج من فمها قهقهات عاليه
الى ان تقدمت بتجاهه قائله
كيف حالك يامصطفى؟؟
انزل مصطفى رأسه بخجل
ثم اجابها بحيرة ووجل
الحمدلله ..بخير
ثم اردفت مستفهمه
يبدو انك لم تعرفني بعد؟
انا..زوجة خالد .. جاركم
ظهرت على شفاه مصطفى ابتسامة باهته ليقول لها
انا اسف فلم اعرفكً .. علي الذهاب الان ..
فما ان خطت قدماه .
.حتى قالت بعنجهيه وسخريه
كنت أتيه لمنزلكم لأطمئن على نرجس ..فقد سمعت من نساء الحي بما فعله احمد بها
شعر مصطفى في هذه الاثناء
بأن السماء تدور امام عينيه
. وبأن الارض قد تحطمت تحت رجليه
الا انه لم يستطع الحديث او التعليق
فأخذ يسير بين الطرقات .بدون هدفا اودليل
الى ان اوصلته قدماه لمنزل احمد
وقد اشتعل قلبه حقداً وغيظ
اً
وماهي الا لحظات
حتى خرج من منزله مسروراً منشرحاً ..
ليوقفه مصطفى بعينان تشتعلاًن كرهاً ومقتاً
نظر احمد اليه متعجباً ثم قال
مابك يافتى ؟
لما تقف في طريقي هكذا ؟
فشتاظا مصطفى غضباً ..ليمسك بقميص احمد مستحقراً
وسئله مستفهماً
اخبرني ماذا حدث لأختي خلف اشجار تلك المزرعه؟
ولما تتحدث الالسن عنها بسببك دون شفقة او رحمه ؟
امسك احمد بيدي مصطفى بقوة
ليبعدها ويقول بغروراً وقسوة ..
ليس من الائق ان ترفع يديك على سيدك
شعر مصطفى بأن روحه ستخرج من جسده..
لفرط الالم المتراكم على كاهله
فقال بصوت مرتفع
خسئت ..
ضحك احمد بسخريه .
.الا انه تذكر شيءً ما جعله يقول مستغرباً
اتعلم بأن ملامح وجهك تشبه شخصاً اعرفه
قال مصطفى بغضب..
لا علاقة لي بشخص تعرفه
قال احمد وقد ظهرت على شفاهه ابتسامة بارده
ان لم تكن تعرفه ..
فلابد بأنك قد سمعت عنه
فهو يقطن في احدى بيوت الحي
تنفس احمد بعمق ثم اكمل حديثه..
اسمه عادل
فقال مصطفى متعجباً
منذو متى واخي يقبل بمصاحبة امثالك؟
فما ان قال مصطفى هذا حتى تسمر احمد في مكانه ..
نرجس اخت عادل؟
شعر احمد بأن الكون بأسره يدور بين عينيه ..
ليذهب بتجاه منزله حائراً وحزين ..
حتى سمع صوتاً ما..يناديه
فالتفت لمصدر الصوت ليجد ابيه ..
كان قصير القامة ..ممتلىء الجسم ..كثيف الشعر .. منتفخ البطن ..ذو انف كبير الشكل وعينان
صغيرتان ..سوداوتا اللون
جلس بقرب ولده احمد
ليقول وقد ارتسمت السعادة على ملامح وجهه المجعد
من الجيد بأنك لم تخرج من المنزل بعد .
. كنت اود الحديث معك في امراً هام
قال احمد بتعب ..
فيما بعد يا ابي ..
.اشعر بألم في راسي يكاد يقتلني ..
فما ان قال احمد هذه الكلمات حتى نهض والده بستياء
الا انه قال
لقد تحدثت مع بنت عمك
.
وهي موافقه على الزواج منك
.
فقال احمد متدمراً
حسناً
عادت زوجة خالد لمنزلها وقد اشتعل الغيظ والغضب بين طيات نفسها ..
فلم تستطلع معرفه مايدور في منزل جيرانها
فقررت الصعود للأسترخاء في حجرتها ..
الا انها سمعت صوتاً ما افزعها ..
وما ان التفتت حتى وجدت
علي واقفاً في الجانب الاخر منها ..
فحاولت رسم ابتسامة مزيفه على شفتها
لتقول له مستفهمه
كيف حالك الان؟
سيفرح خالد كثيراً حين يراك
قال علي وقد بدأ على وجهه التعب والاعياء
اشعر بالتعب والارهاق ..سأذهب لحجرتي لأنام وارتاح
توجه علي لحجرته ليجدها كالمخزن
ممتلئة بالحاجيات والاغراض