استيقظ علي فجأة ليجد تلك العجوز جالسه.. بجانبه ..
.فنهض بتثاقل ليقول وعيناه مغلقتان
صباح الخير يا اماهـ
الا انه لم يسمع أي جواب .
.
فقد نهضت تلك العجوز مسرعةً لدورة المياه .. لتحضر وعاءً ممتلىء بالطين والاوساخ
ً
تعجب علي لما رأته عيناه.. ليقول لها
لما تحملين هذا الوعاء يا اماه ؟
فقالت العجوز ببتسام ..
خذ هذا الوعاء لتصعد به فوق منزلي للبناء ..
فهو مهترىء كما تراهـ
قال علي بستغراب ..
انا لا اعرف للبناء
اردفت العجوز لتقول بشىء من الغضب والاستهزاء
اتظن بأني سأجعل منزلي ملجأً للمتشردين والتائهين
. ان كنت تريد العيش بسلام
عليك بطاعتي دون عتراض
شعر علي في هذه الاثناء بلأختناق
واخذ جسمه النحيل يزداد ارتجاف
لما تراه عيناه من ظلم وضتهاد
ليقول بعينان دامعتان
اعتذر..لتطفلي
.فلم اكن اعرف بأن بقائي سيزعجكٍ مني
.اعدك باني سارحل ولن تريني
نهض علي ليرحل .. الا انه سمع شيءً ما جعله يقف متصنماً
فلتفت لتلك العجوز متعجباً
ليقول لها مستفهماً
مالذي حدث لك ؟
لما ترغبين بأذلالي واهانتي ؟
ارجوكٍ دعيني وشأني
فما ان قال علي هذا
حتى اخرجت تلك العجوزمن جعبتها ورقة صفراء مهترئه
ثم قالت بمكراً وخبثاً
عليك بدفع الف ريال
ثمناً لطعامك ومبيتك في منزلي ..
وهذه الورقه تثبت صحة كلامي وقولي ..
امسك علي بتلك الورقه
بيدين مرتجفتين ..
لينظر لها بعينين ذابلتين ..
فما ان انتهى من قرائتها
حتى قال لها ..
لاعلم.. لي.. بما هو مكتوب بها
ولا اعرف كيف وصلت بصمات اصابعي لها
فقتربت العجوز منه لتأخذها ..
ثم قالت بعد ان ارجعتها في مكانها ..
اعلم بأنك لاتملك قرشاً واحداً ..ولهذا ساكون كريمة معك .. وسأجعلك تعمل عندي خادماً ..
هيا امسك بالوعاء وصعد به للبناء ..
قال علي بشفتان ترتجفان ..
ماذا لو رفضت طلبك .. وعصيت اوامركٍ
قالت العجوز بعد ان ضحكت بسخريه ..
حينها سأذهب للشيخ واشتكيك ليحبسك ..
شعر علي بلهيباً حارقاً يتسلل بين انفاسه .. ليصل الى روحه وقلبه ووجدانه ..
كما شعر بأن زوجة اخيه تقف بكل ظلمها وقسوتها امامه ..
في هذه الاثناء كان احمد جالساً بقرب والده ..يحاول اقناعه بطلبه
الا ان والده كان غاضباً من تصرفاته وطيشه
فقال وقد ارتسمت علامات من الغضب والضيق على وجهه
وبنت عمك (ندى)ماذا اقول لها ؟
كيف لي ان اكسر قلبها ؟؟
واخبرها بأنك ستتزوج بغيرها؟
بعد ان رأيت السعاده تترقص امام عينها ؟
قال احمد بتلعثم ..
اخبرها بأني لا استحقها ..فهي تستحق من هو افضل مني
ارجوك يا ابي ساعدني .
.ان لم اتزوج بنرجس فلن اتزوج مدى عمري
فما حدث لها بسببي يقلقني ويأرق مضجعي
اخذ والده نفساً عميقاً ليقول .بضجر .
احتاج لبضعت ايام لأفكر بالامر ...
الا ان احمد قال وقد نفذ صبره ..
لا استطيع الانتظار اكثر..
فعائلة الفتاة متحجره ..فوالدها قد يقتلها ..
دعنا نذهب الان وفكر لاحقاً في الامر
نهض والده بتثاقل وعناء ليذهب لبيت ابراهيم الممتلىء حزناً وبكاء
في هذه الاثناء
.. كان عادل يقف متصنماً كالجدار ...
ينظر لسلمى بعينان عاشقتان ويتمنى لو انها رفعت ذالك الغطاء
.. ليرى عينيها الناعستان .
. وماهي الا لحظات حتى تنبه ليديها المرتجفتان ..
ليقول لها..
مالذي أتى بك الى هذا المكان ؟
فـأجابته بخجل وارتباك
كنت أتيه لأجمع بعض الرياحين والازهار..
فرتسمت بتسامة ناعمه على شفتاه .
.ليتنبه لزهرة حمراء متدليه على غصن من الاشجار ..
فقطفها ليقدمها لتلك الفتاة
..التي غرقت في محيط من الخجل والحياء
فقد كان العرق يتساقط من جبينها كالامطار..
وقلبها يرتعش بخوف ورتجاف
لتقول بعينان لامعتان
.. عليا الذهاب الان
وما ان قالت هذه الكلمات ..
حتى ذهبت مع الرياح ..
وماهي الا لحظات حتى تذكرت
تلك الرسالة الصماء
.فأسرعت برجوع لذالك المكان .
.
. الا انها رأت شيءً ما جعلها تقف كالجماد
فقد كان عادل يقراء تلك الرسالة
بشفتان ترتجفان ..
فما ان انتهى من قرائتها ..
حتى تنبه لوجه سلمى..
ليقول لها ..
يوسف ليس هنا ..
هل تريدين ان اوصلها..؟؟
فقالت سلمى وقد تفتت قلبها
صدقني ياعادل لا علاقتي لي بما هو مكتوب بها
ضحك عادل بسخريه
ثم قال لها ..
لاتخافي ياسلمى فلن اخبر احداً
وضعت سلمى يدها على ثغرها .
.لتخرج الدموع بغزارة من عينها
حتى قالت بأنفاس متقطعه ..
انها ليست لي
ليقول عادل بغضب ..
لمن هذه الرسالة اذاً
قالت سلمى ...
انها لـ......
فلم تستطع اكمالها ..
ليشعر عادل بالغيظ والغضب منها
فقترب وامسك بذراعها
ثم قال لها
.
اخبريني لمن .هذه الرساله .. لمن؟.؟
فما ان قال هذه الكلمه حتى سقط غطائها ..
لتلتقي عيناهما ..
فما ان رأى عادل الدموع تسيل على خدها ..
حتى شعر بالشفقه ..ليتركها ..
الا انها قالت بحرقه
انها لـ...