عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-03-2011, 01:18 AM
 
Talking رواية لاغاثا كريستي ( الحادث )


.{)&(}. الرواية .{)&(}.
آان الظلام دامسا والضباب من الكثافة بحيث تعذر على آشافات السيارة ان تبدده الى الحد الذي
يسمح لقائدها ان يتبين طريقه بينما آان التفير الالي يرسل عويله المحزن في هدأة الليل ليحذر
صيادي السمك في خليج بريستول من الخروج الى البحر.
ورأى قائد السيارة نورا خافنا ينبعث من منزل على حافة الطريق فاوقف سيارته واطفأ مصابيها
وهبط منها.
ولكنه ما آاد يغلق باب السيارة وينظر الى البيت مرة اخرى حتى وجد ان ذلك النور الباهت الذي
آان بالنسبة له آالنجم المتلألئ الذي يهتدي به الملاح وسط الامواج المتلاطمة قد انطفأ فجأة...
واورثه انطفاء هذا البصيص من النور احساسا مزعجا بالوحشة والضياع.
ولكنه تذآر ان في جيبه مصباحا آهربائيا صغيرا آان قد اعده للاستعانه به عند الضرورة اذا
ضل طريقه في شوارع المدينة الصغيرة وطرقاتها الملتوية المظلمة.
اخرج المصباح من جيبه واضاءه وراح يلتمس طريقه حتى وصل الى باب الحديقة ..
فدفعه بيده ففتح..
وآانت عيناه قد الفتا الظلام ولكنهما عجزتا عن اختراق استار الضباب!
فكف عن السير وصاح بأعلى صوته :
- اما من أحد هنا؟
وارهف اذنيه، وانتظر ، ولكنه لم يسمع سوى ذلك العويل المحزن!.
ولم يصده السكون والظلام عن غرضه فشق طريقه وسط الحديقة مستعينا بمصباحه..
وانتهى اخيرا الى الباب الزجاجي الذي خيل ان النور آان ينبعث منه منذ لحظات واطل منه
ولكنه لم يتبين شيئا فقد آان الزجاج مغبشا من الداخل..
طرق الباب بلطف اولا..
ثم بشدة!
ثم امسك بالمقبض وحرآه ، ولشد ما آانت دهشته حين تحرك المقبض وفتح الباب.
قال دون ان يتخطى العتبة:
- اما من احد هنا؟
ولما لم يسمع جوابا حرك المصباح في ديه ليتبين طريقه فسقط نور المصباج على شاب في مقتبل
العمر يجلس على مقعد متحرك ووجهه نحو النافذة..فهتف قائلا:
- معذرة.. لقد ضللت طريقي في هذا الضباب اللعين، وسقطت سيارتي في حفرة ،، ولا اعلم اين
انا الان!
آه.. انا اسف . لقد ترآت الباب مفتوحا..
واستدار واغلق الباب واسدل الستار دون ان يكف عن الكلام:
- يخيل الي انني انحرفت عن طريق السيارات في مكان ما، وهأنذا الف وادور بالأزقة
والطرقات منذ ساعة دون ان اهتدي الى سبيل.
ثم تحول الى الشاب الجالس على المقعد المتحرك وقال :
- هل انت نائم؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 4
وسلط ضور المصباح على وجه الشاب.
وبهت حين لاحظ ان الشاب لا يتحرك؟
انحنى فوقه، وهز آتفه ليوقظه.. ولكن جسد الشاب مال الى الامام وظل مائلا..
وغمغم الرجل قائلا:
- يا إلهي!
وأدار المصباح في يده حتى سقط نوره على الجدار.
وما زالت دائرة الضوء تتحرك على الجدار حتى استقرت على زر النور فاسرع اليه الرجل
وحرآه.
فأضيء مصباح على مكتب بالقرب من الباب.
وحينئذ اطفأ الرجل مصباحه ووضعه على المكتب..
ودار حول الشاب..
ثم وقع بصره على زر اخر في الجدار، فضغطه.. فانبعث نور ساطع من مصباح في سقف
الغرفة.
وعندئذ فقط وقع بصر الرجل على المرأة..
مانت في نحو الثلاثين من عمرها ممشوقة القوام ، شقراء فاتنة..
ولم تتحرك المرأة..
بل خيل للرجل ايضا انها لا تتنفس..
آانت يداها مخبوءتين في طيات ثوبها، وعيناها لا تتحولان عن الشاب الجالس على المقعد
المتحرك.
قال الرجل:
- انه ميت.
فنظرت اليه المرأة واعلقت عيناها بعينيه لحظة ، ثم قالت بصوت باهت لا يدل على انفعال من
اي نوع:
- نعم..
- هل آنت تعلمين؟
- -نعم.
- انه أصيب برصاصة في رأسه..من!
وهنا أخرجت المرأة احدى يديها من طيات ثوبها فاذا بها مسدس . وشهق الرجل في دهشة وقال
وهو يتناول المسدس من يدها:
- انت التي قتلته؟
- نعم.
وضع الرجل المسدس على مائدة بالقرب من المقعد المتحرك وتقدم من الشاب وراح يتأمله ..
ولاول مرة القت المرأة على الزائر الغريب نظرة فاحصة..
وجدته رجلا متسط القامة في نحو الخامسة والثلاثين من عمره قد لفحت الشمس بشرته..
لم يكن وسيما..
ولكن قسمات وجهه وبروز عظام فكيه والبريق الذي يمض في عينيه .. آل ذلك آان يدل على
قوة الارادة ومضاء العزيمة والذآاء..
ولم يكن انيقا ..
ولكن مظهره آان مظهر رجل الاعمال الواقعي الذي يتميز بحسن تقدير الامور وسرعة البت
فيها.
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 5
*
ولاحظت المرأة انه يجيل البصر في جوانب الغرفة، فقالت بذلك الصوت الاجوف الذي لا ينم
عن شيء:
- هوذا التليفون!
واومأت براسها نحو المكتب.
فقال الغريب في دهشة:
- التليفون؟
- نعم .. لكي تتصل بالبوليس؟
فقال وهو يصعدها بعينية ولا يستطيع ان يسبر غورها:
- ان التمهل بضع دقائق لن يضير احدا، ثم ان رحلتهم الى هنا وسط الضباب ستتطلب وقتا
وجهدا.. ولكني اود قبل ذلك ان اعرف المزيد.
- - ماذا تريد ان تعرف؟
فنظر الى الجثة وسأل:
- من هو؟
- زوجي!
ثم اردفت بعد قليل:
- اسمه ريتشارد واريك، وانا ادعى لورا واريك..
- آه .. اليس من الافضل ان .. تجلسي؟
ورآها تسير ببطء وهي تترنح .. الى ان اقتربت من الاريكة فتهالكت عليها..
فسألها:
- هل ىتيك بشراب؟ لابد ان ذلك آان صدمة لك.
فأجابت بلهجة ساخرة :
- اتعني اطلاق النار على زوجي؟
فتظر اليها الغريب مليا..
ثم قال بشيء من الجفاء:
-نعم :: ام لعل الامر آان مجرد لهو وتسلية؟
فردت في هدوء تام:
- نعم آان لهوا وتسلية .. ولكن لا بأس من ان اتناول آأس شراب
فخلع الغريب قبعته والقى بها على أحد المقاعد،،
وتناول قنينة آانت على مائدة صغيرة بجوار المقعد المتحرك ، وملأ قدحا قدمه الى المرأة
فاحتسته.
قال الشاب:
- والآن.. اريد ان تروي لي القصة آلها.
فنظرت إليه في هدوئ وقالت:
- اليس من الافضل ان تتصل بالبوليس؟
- - آل شي في وقته .. ولا مانع من ان نتجاذب اطراف الحديث في هدوء.
قال ذلك وخلع قفازه ووضعه في جيبه، وشرع في حل ازرار معطفه.
فقالت المرأة وقد بدت عليها دلائل الانهيار:
- انا لا .. ولكن من انت اولا ؟ وماذا اتى بك الى هنا الليلة؟
فقال الشاب :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 6
- أنا ادعى مايكل ستارك، ومهنتي مهندس ، وانا اعمل في الشرآة الانجليزية الايرانية ، وعدت
اخيرا من الخليج العربي وقضيت هنا يومين لزيارة المعالم التي عرفتها وانا صغير ،، فان اسرة
امي تقيم في هذه المنطقة.
ولذلك خطر لي ان ابحث عن منزل صغير ابتاعه فيها ، ومنذ نحو ساعتين او ثلاث وانا تائه في
الظلام والضباب الى ان سقطت سيارتي في حفرة امام هذا البيت ففكرت في دخوله على امل ان
اجد تليفونا او مأوى اقضي فيه ليلتي فلقيت هذه الباب فعالجت مقبضه ولكنه آان مفتوحا فدخلت.
ورأيت هذا.
ولوح بيده نحو المقعد والجثة!
فقالت لورا/
- انك دققت الباب قبل ان تدهل ودققته مرارا .. اليس آذلك؟
فقال مايكل:
- نعم .. ولكني لم اسمع ردا.
- اني لم ارد.
فنظر اليها ستارك مرة اخرى وحاول ان يسبر غورها ويعرف ما يعتمل في قرارة نفسها.
قال مستطردا:
- لم يكن الباب موصدا ولذلك دخلت.
فنظرت لورا الى قدحها.. وقالت آمن يقرأ آتابا :
" وفتح الباب ودخل زائر نصف الليل "
ومرت بجسدها رعدة خفيفة..
ثم استطردت قائلة :
- آانت هذه العبارة تخيفني دائما ، وانا طفلة .. زائر نصف الليل!
ثم ثارت ثائرتها وفجأة..
فرفعت رأسها وقالت بحدة:
- لماذا لا تتصل بالبوليس لكي ننتهي ؟
فاقترب من الجثة وراح يتأملها..
وسأل:
- ليس بعد .. لماذا اطلقت عليه الرصاص؟
فقالت ساخرة :
- استطيع ان اذآر لك طائفة من الاسباب الوجيهية ، آان سكيرا وقاسيا وآنت امقته منذ عدة
اعوام..
فتفرس في وجهها..
فقالت في غضب
- ماذا تتوقع مني ان اقول؟
فقال ستارك :
- آنت تمقتينه منذ عدة اعوام؟ اذن لابد ان يكون حدث شيء ، شيء خاص.. أدى الى هذا.
- اصبت .. حدث الليلة شيء خاص ، ولذلك تناولت المسدس من مكانه على المائدة التي بجوارة
واطلقت عليه ، هكذا بكل بساطة. ولكن ما فائدة الحديق في هذا الان؟ انك ستضطر في النهاية
الى الاتصال بالبوليس، ولا مناص من ذلك.
فقال ستارك:
- ليس من اليسير علي ان افعل عذا الذي تطالبينني به ، فانت امرأة ، وامرأة فاتنة!
- وهل يغير ذلك من الواقع شيئا؟
فرد في مرح:
- نظريا لا .. اما عمليا فتعم
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 7
قال ذلك و خلع معطفه ووضعه على مشجب.. ثم وقف امام الجثة وراح يتأملها.
فقالت المرأة ساخرة:
-ياللفروسية!
- سميها فضولا اذا شئت .. انني اتوق الى معرفة آل شي عن الموضوع.
فردت لوراقائلة :
- لقد قلت لك آل شيء.
فقال مايكل :
- انك ذآرت الحقائق الاساسية فحسب.
- بل وذآرت لك الدافع الى الجريمة ايضا وليس عندي ما اضيفه وعلى آل حال ماذا يحملك على
تصديق ما ذآرته لك؟ آان بوسعي ان اروي لك اية قصة ... ولكني اقول لك ببساطة ووضوح
انه آان وحشا قاسيا وآان يسرف في الشراب واني آنت امقته.
فقال ستارك وهو ينظر الى وجه القتيل:
- اني اصدق العبارة الاخيرة على الاقل فهناك من الادلة ما يؤيدها .. ولكنك ذآرت انك منت
تمقتينه منذ اعوام عدة ، فلماذا لم تهجريه؟ ألم يكن ذلك ايسر و أسلم؟
فترددت المرأة قليل..
ثم قالت :
- اني فقيرة لا أملك مالا!
فقال ستارك:
- يا سيدتي العزيزة لقد آان في مقدورك ان تثبتي قسوته وادمانه الشراب وبذلك تحصلين على
حكم بالانفصال او الطلاق وعلى نفقة شهرية تطفل لك الطمأنينة والاستقرار.
ونظر اليها في انتظار الجواب.. ولكنها لم تجد ما تقوله!
ونهضت واقفة ، ووضعت قدحها على المائدة بجوار المقعد المتحرك .
سألها:
- هل لديك أولاد؟
- آلا حمدا لله!
- اذن لماذا لم تترآيه؟
فبدا عليها الارتباك..
واجابت :
- لانني :: لانني سأستطيع الان ان ارث ثروته!
- آلا .. آلا . القانون لا يجيز ذلك ولا يسمح لك بالافادة من جريمتك ، ام لعلك ظننت ان..
وتردد لحظة ثم قال:
- ماذا ظننت؟
- لا أعرف ماذا تعني؟
فقال وهو يتفرس في زجهها:
- انك ليست غبية .. وحتى اذا ورثت ثروته فان هذه الثروة لن تفيدك شيئا اذا انت سجنت مدى
الحياة او شنقت.
ثم جلس على احد المقاعد وقال:
- هبي انني بم احضر الان واطرق بابك ، فماذا آان في نبيتك ان تفعلي؟
فردت لورا
- هل يهمك ان تعرف؟
فرد ستارك
- ربما لا يهمني .. ولكني اشعر بشيء من الفضول، ماذا آنت تستزعمين لو لم احضر واضبطك
متلبسة؟ هل آنت ستزعمين ان الحادث وقع قضاء وقدار؟ او انه انتحر؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 8
فقالت لورا:
- لا اعلم وليست لدي ايه فكرة .. فلم يكن لدي متسع من الوقت للتفكير.
فقال وآانه يتحدث الى نفسه:
- آلا .. آلا . آلا لا اظن انك ارتكبت الجريمة عمدا مع سبق الاصرار ، انك ارتكبتيها بدافع
فجائي . ردا على شيء قاله زوك .. اليس آذلك؟
- قلك لك ان ذلك لا يهم.
فقال مايكل :
- ماذا قال لك زوجك؟
فردت لورا :
- ذلك ما لن افضي به الى احد
- سيسالونك في المحكمة
- سوف لن اجيب ، ولن يرغمني احد على الاجابة
فرد الشاب:
- محاميك لا بد ان يعرف الحقيقة:: لكي يتسنى له اعداد دفاعه.
- الا ترى انني فقد آل امل؟ انا على استعداد لاسوء الاحتمالات.
- لماذا؟ لاني حضرت على غير انتظار؟ هبي اني لم احضر
فقاطعته قائلة:
- ولكنك حضرت
- نعم. ولذلك تملكلك اليأس
وساد صمت عميق! واخيرا اخرج ستارك من جيبه علبة تبغ وقدم لها سيجارة واذخ سيجارة
لنفسه .. وقال:
-لنعود الى الوراء قليلا ، انك آنت تكرهين زوجك منذ وقت طويل والليلة قال لك شيئا آثار
ثائرتك ، فاختطفت المسدس الذي آان على المائدة بجواره.
ولكن لماذا آان زوجك جالسا هنا وبجواره مسدس؟ ذلك امر غير مالوف
فقالت لورا:
-انه تعود ان يطلق الرصاص على القطط.
فنظر اليها في دهشة وقال:
- القطط؟
فتنهدت لورا وقالت:
- اطنن انني يجب ان اوضح لك الامور، آان ريتشارد معروفا بولعه بالصيد والقنص، وآان
سبب تعارفنا ، فقد التقينا معا في ( آينيا ) وآان وقتئذ يختلف اختلافا بينا عما اصبح فيما بعد ، او
لعل محاسنه وقتئذ اآثر واوضح من مساوئه ، آان آريما وشجاعا ومحبوبا من النساء .
وهنا تقدم منها ستارك واشعل سيجارته بولاعته.
فنظر إليها وتأملته مليا للمرة الاولى.
قال لها:
- امضي في حديثك.
- تزوجنا عقب لقائنا ... وبعد نحو عامين، وقع له حادث مخيف اذ هاجمه احد الاسود وآان من
حسن حظه انه نجا بحياته، ولكنه اصيب باصابة ترآته آسيحا لا يستطيع السير.
قالت ذلك واسترخت في مقعدها.. وزال عنها التوتر..
ومضت في حديثها ... قالت:
-يقولون ان المصائب تروض النفس وتهذب الخلق ولكن الكارثة التي حلت بريتشارد لم تهذب
خلقه:: بل على العكس، انها ابرزت اسوأ مافيه ، وصيؤته حقودا قاسيا محبا للشراب..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 9
وقد جعل الحياة لا تطاق بالنسبة الى آل انسان في هذا البيت.. ولكننا صبرنا عليه واحتملناه.. آنا
نقول ما يقال عادة في مثل هذه الظروف:
" مسكين ريتشارد ، انه يعاني الكثير بسبب اصابته"
ولكني ارى الان اننا آنا مخطئين..
فقد شجه سكوتنا وصبرنا على الاعتقاد بانه يختلف عن سائر الناس ، وان بوسعه ان يفع ما يريد
دون ان يسأل عما فعل.
قالت ذلك ونهضت لتدق رماد سيجارتها في منفضة على المائدة ، واستطردت قائلة:
- آان الصيد دائما هو أحب شيء إلى نفسه .. ولذلك آان يجلس هنا آل ليلة ، بعد ان نأوي إلى
مخادعنا.
فيأتيه خادمه الخاص ( انجل ) بشرابه المفضل .. ويضع بجواره مسدسا او اثنين ، ويترك هذا
الباب المؤدي إلى الحديقة مفتوحا!
ويظل ريتشارد قاعدا هنا في انتظار ان يلمح بريق عيني قطة او ارنب بري او آلب.
ولم تكن هناك ارانب آثيرة .. ولكنه قتل عددا آبيرا من القطط..
فقال ستارك:
- ألم يشك الجيران من ذلك؟
فردت لورا:
- طبعا .. اننا لم نأت إلى هنا إلا منذ عامين ، ولكننا آنا قبل ذلك نقيم في (نورفولك) على الشاطئ
الشرقي، وهناك قتل ريتشارد حيوانا او اثنين من الحيوانات الاليفة.. فأثار اصحابها ضجة شديدة
وشكونا على الجهات المسؤولة .. ولذلك اتينا للاقامة هنا في هذا البيت المنعزل .. ان اقرب بيت
الينا يبعد عدة اميال .. ولكن المكان هنا ملء بالقطط والسناجب والطيور..
وصمتت قليلا .. ثم مضت تقول:
- لقد بدأت متاعبنا الحقيقية في نورفولك عندما اقبلت احدى السيدات لتجمع معونة الكنيسة..
وحينما انصرفت ، راح ريتشارد يطلق النار حولها وهي تعدو آالارنب المذعور. وتنحرف يمينا
ويسارا، بينما ريتشارد يقهقه ضاحكا!
وقد تقدمت السدية بشكوى الى البوليس بطبيعة الحال .. ولكن ريتشارد استطاع ان يفلت من
العقاب ببراعة..
آانت لديه تراخيص لجميع الاسلحة النارية وقد زعم انه انما آان يطلع الرصاص على الارانب
البرية وان مسز باترفيلد سيدة متقدمة بالسن متوترة الاعصاب وقد توهمت انه يطلق النار عليها
وهو امر يجافي الواقع.
صفوة القول انه آان مقنعا في دفاعه عن نفسه فصدقوه.
فقال ستارك:
- يبدو ان دعابته .. آانت تنطوي على قدر آبير من فساد الذوق..
قال ذلك واقترب من الجثة ودار حولها..
ثم استطرد قائلا:
- اذن قان وجود المسدس على مقربة منه آان امرا مألوفا؟ ولكني اتاب في انه استطاع ان يطلق
الرصاص على اي شيء الليلة بسبب الضباب..
فقالت لورا:
- آان يحب دائما ان يكون المسدس في متناول ديه، مهما آانت الاحوال الجوية.. آان المسدس
بالنسبة اليه آاللعبة بالنسبة للطفل ، واحيانا آان يطلق الرصاص في الجداؤ لغير سبب ما.. انظر
الى يسار الباب ، تحت الستار..
فأزاح ستارك الستار، ورأى في الجدار ثقوبا يتالف منها الحرفان ( ر . و ) ..
قال :
-الحرفان الاولان من اسمه، الحق انه هداف بارع..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 10
واسدل الستار وعاد الى مكانه امام لورا..وقال:
- لاشك ان الحياة معه آانت آزعجة للغاية !
فقالت وهي تنهض من مقعدها بطريقة عصبية:
- نعم.. ولكن هل يجب ان نمضي في الحديث على هذا النحو الى مالا نهاية؟ ان ذلك مجرد ارجاء
لما لا بد من حدوثه في النهاية ، الا تدرك ان من واجبك ان تتصل بالبوليس؟ افعل ذلك الان ،
فخير البر عاجله .. ام لعلك تريدني انا ان افعل ذلك؟ حسنا سأفعل!
واسرعت الى التليفون .. ولكنه هرول اليها وتناول السماعة من يدها وهو يقول :
-يجب ان نتحذث اولا.
فردت:
- اننا نحدثنا طويلا فلم يبق ما نتحدث فيه
فقال ستارك :
-بل هناك ما يستوجب الحديث ، قد اآون مغفلا ، ولكني اعتقج اننا يجب ان نجد مخرحا.
فلم تصدق لورا اذنيها.. وهتفت:
- لي انا؟
-نعم، لك انت..
ثم استادر اليها وقال:
- سنرى مبلغ شجاعتك ،،، هل تستطيعين المذب عند الضرورة؟ اعني الكذب المقتع الذي يصدقه
من يسمعه..
فصاحت لورا:
- لاشك انك مجنون..
- ربما.
- انك لا تعرف ما انت فاعل..
فقال ستارك:
- بل اعرف جديا ، ان ما افكر فيه سيجلعني شريكا لك في الجريمة!
فردت الفتاة:
- ولكن لماذا؟ لماذا؟
فأجاب وهو مشتغرق في التفكير:
- نعم .. لماذا؟ السبب بسيط فيما أظن .. هو انك امرأة فاتنة وانا لا احب لامرأة لها مثل فتنتك ان
تقضي اجمل سني حياتها في السجن او يطبق حبل المشنقة على عنقها من اجل جريمة آهذه..
وعلى آل حال فان الموقف واضح امامنا.. فقد آان زوجك رجلا مريضا آسيحا ..
فاذا آان قد اثارك الى الحد الذي فقدت فيه صوابك واطلقت عليه الرصاص !
فانت وحدك التي تستطيعين ان تذآري آيف اثارك واخرجك عن وعيك .. آلمة واحدة تكفي
لالقاء الضوء على اسباب الجريمة.. ولكنك لا تريدين ان تنطقي بهذه الكلمة ، واذا اصررت على
الصمت فان تبرئتك تصبح امرا مشكوآا فيه..
أليس آذلك؟
فأجابتك:
- الا يحتمل ان يكون آل ما قلته لك آذبا؟
فابتسم ستارك وقال:
- ربما .. وربما اآون مغفلا ، غير اني اصدقك.
فجلست لورا على احد المقاعد دون ان تنظر اليه.
وقال ستارك:
- والان .. تكلمي .. وبسرعة، غير اني اريد الولا ان اعرف الذين يقيمون في هذا البيت.
فترددت لورا لحظة.. ثم قالت:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 11
- توجد والدة ريتشارد ، ومس بنيت وهي ممرضة قديمة تعمل الان آمدبرة للبيت وسكرتيرة ..
وقد مضت في هذا البيت سنوات عديدة ، وهي تحب ريتشارد وتخلص له.
هم هناك انجل ، خادم ريتشارد الخاص وممرضة ، وليس لدينا خدم دائمون..
آه هناك أيضا جان..
فسأل ستارك بحدة:
- ومن هو جان هذا؟
فنظرت إليه بمزيج من الحيرة والارتباك قائلة:
- انه أخ غير شقيق لريتشارد وهو يقيم معنا.
فقال ستارك وهو ينهض:
- اولى بك ان تكوني اآثر صراحة ، ثمة شي او اشياء خاصة لا تريدين الافصاح عنها .. ماهي؟
فردت:
- انه انسان لطيف جدا ، غير انه ليس آسائر الناس ، اعني انه ممن يقال عنهم انهم متخلفون
عقليا..
فسأل ستارك:
- آه.. يخيل الي انك تحبينه.
- نعم.. اني احبه آثيرا واعطف عليه آل العطف، ومن اجله احاول ان اهجر ريتشارد واترك
المنزل، ذلك لان ريتشارد آان دائما من يضعه في مصحة الامراض النفسية.
- وهل هذا ما آان يهددك به؟
فردت:
- نعم .. ولو وثقت من انني استطيع ان اآسب بعرق جبيني ما يكفيني انا وجان لما ترددت ،
ولكني لم اآن على يقين ، ثم ان ريتشارد هو الوصي على أخيه..
- هل آان ريتشارد يعامله بلطف؟
- احيانا .. واحيانا اخرى آان يتحدث عن ارساله الى مصحة ويقول له : انهم سيعاملونك هناك
برفق ويعنون بك وسوف تقوم لورا بزيارتك مرة او مرتين في آل عام..
ولا يزال بالشاب المسكين حتى يدخل الذعر في قلبه فيجثو المسكين امامه ويرجوه ويتوسل اليه
فينفجر ريتشارد ضاحكا ويظل يضحك حتى تدمع عينيه.
- فهمت .. فهمت
فنهضت لتطفئ سيجارتها وقالت:
-لا ضرورة لان تصدقني بل لا ضرورة لان تصدق اية آلمة اقورها لك ، ان ما اقوله قد يكون
مجرد مجموعة اآاذيب .
فقال ستارك:
- قلت لك اني سأجازف بتصديقك، والان اي نوع من النساء تلك المرأة المسماة مس بنيت؟ هل
هي امراة ذآية؟
- انها على جانل آبير من الذآاء والكفاية..
فسألها:
- آيف اتفق ان احدا من آل هؤلاء .. لم يسمع صوت الطلق الناري؟
فردت لورا:
- ان والدة ريتشارد نصف صماء، وغرفة مس بنيت تقع في الجاتب الاخر من البيت.. وانجل
يقيم في جناح منعزل، اما غرفة جان فانها تقع فوق هذه الغرفة، ولكنه يأوي الى فراشه في ساعة
مبكرة ويستغرق في نوم عميق.
- آل هذا من حسن الحظ.
فسألته:
- ولكن ماذا يدور بخلدك؟ هل تعتقدين اننا نستطيع ان نجعل الحادث يبدو وآأنه انتحار؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 12
فهز رأسه سلبا. وأجاب:
- آلا . لا امل في ذلك.
ثم اقترب من الجثة ونظر اليها مرة أخرى.. وسأل:
- هل آان اعسرا؟
- آلا.
فقال وهو يشير الى مكان الاصابة في الجانب الايسر من الرأس :
- يستحيل ان يحدث اطلاق الرصاص باليد اليمنى مثل هذه الاصابة .. ثم انه لا يوجد اثر
لاحتراق البشرة.
وهذا يدل على ان الرصاصة اطلقت من مسافة بعيدة، آل .. يجب ان نستبعد فكرة الانتحار
نهائيا، ويبقى بعد ذلك ان يكون الحادث قد وقع قضاء وقدرا!
وصمت ... وفكر في الامر مليا..
ثم قال:
- لنفرض اني جئت الى هنا الليلة ، آما حدث فعلا .. واني دخلت من هذه الباب ، فصوب علي
ريتشارد مسدسه واطلقه .. ذلك جائز تماما على ضوء المعلومات التي ادليت بها الي..
ثم لنفترض ان الرصاصة طاشت واني هجمت عليه ، وانتزعت المسدس من يده ..
فهتفت لورا في حماسة :
- وخلال النضال بينك وبينه ، انطلقت رصاصة.
فقال ستارك:
- نعم. آلا، هذه فكرة خاطئة سيكتشف البوليس على الفور ان الرصاصة لك تطلق من مسافة
قريبة لانه لايوجد اثر لاحتراق البشرة آما قلت لك..
واذا آنت قد نجحت في انتزاع المسدس من يده فلماذا اطلق عليه الرصاص؟
آلا ... انها مسألة معقدة حقا.
وتنهد واستطرد قائلا:
- حسنا.. لتكن جريمة قتل اذن .. ولكنها جريمة ارتكبها شخص من الخارج.
قال ذلك ومشى الى الباب وامسك بالستار..
ونظر الى الخارج ..
فقالت لورا :
- تعني لصا؟
فقال ستارك بعد تفكير:
- يجوز ان يقدم اللص على ارتكاب جريمة قتل .. غير ان هذا لن يكون مقنعا .. وخير منه ان
يكون القاتل عدوا لريتشارد ، سيبدو ذلك وآأنه مسرحية مأساوية..
ولكن يخيل إلي مما ذآرتيه عن خلق زوجك وطباعه انه رجل خليق بان يكون له اعداء آثيرون
، فهل انا على صواب؟
فأجابت بهدوء:
- نعم آان لريتشارد أعداء ، انما ..
فأشعل ستارك لفافة تبغ..ثم قال:
- دعك من الاعتراضات الان ، وحدثيني عن اعداء ريتشارد .. هناك السيدة التي اقبلت لجمع
التبرعات للكنيسة ، فأطلق الرصاص عليها .. غير اني لا اعتقد ان ما حدث لها يصلح لأن يكون
حافزا للقتل .. من سواها؟ من سواها يحقد على زوجك؟
فدفنت الصبية وجهها بين آفيها واستغرقت في التفكير ..
فلم تكت على يقين ان هناك بين اعداء ريتشارد .. من يمكن اتهامه بقتله..!
قالت أخيرا:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 13
- آان لدينا بستاني منذ عام ، فطرده ريتشارد ورفض ان يعطيه شهادة سلوآه وعمله وقد ثار
البستاني ، وهدد وتوعد ، وآان عنيفافي حديثه مع ريتشارد.
فسألها ستارك:
-لا أظن .. اننا نستطيع الافادة من هذه المعلومات واآبر الظن ان هذا البستاني سوف يقيم الدليل
على انه آان في بيته وقت حدوث الجريمة .. فان لم يستطع فإنه قد يدان ويعاقب على جريمة لم
يرتكبها..
آلا ، اننا نريد عدوا من الماضي البعيد ، من العهد الذي آان فيه ريتشارد يصطاد الاسود ،
والنمور في افريقيا او الهند ، او اي مكان اخر ، يتعذر على رجال البوليس الاهتداء فيه إلى
الحقيقة بسرعة !
فقالت لورا:
- ليتني فقط استطيع ان اتذآر بعض القصص التي رواها ريتشارد عن مغامراته في افريقيا
ولكني مشوشة الذهن ولا استطيع ان اتذآر شيئا
- حتى قصص مغامراته في رحلات الصيد والقنص لن تفيدنا ، اذ ليست لدينا ادلة مادية من اي
نوع.. مثل عمامة هندية او حربة افريقية او سهم مسموم ، هل تفهمين ما أعني؟
ان ما نحن بحاجة إليه .. هو اسم عدو قديم من اعداء ريتشارد فحاولي ان تتذآري.
فراحت لورا تعصر ذهنها..
ولم تلبث ان هزت رأسها قائلة:
- لا اذآر شيئا ..
فسألها ستارك:
- انك حدثتني عن زوجك وشذوذه وغرابة أطواره .. رجل مثله لابد ان يكون في حياته احداث،
واشخاص ..
أعني اشخاصا ناصبوه العداء.. ووجهوا اليه تهديدات لها ما يبررها!
فقالت ببطء:
- هناك رجل آان ريتشارد قد صدم ابنه بالسيارة وقتله.
فصاح ستارك بسرعة :
- من هو هذا الرجل ؟
- فقد وقع الحادق منذ نحو عامين ، عندما آنا نقيم في نورفولك.. وهدد ريتشارد بالانتقام!
- هذا موضوع يمكن الافادة منه .. حدثيني بكل ما تذآرينه عنه.
- آان ريتشارد قادما بسيارته من مدينة ( آرومر ) .. وآان قد اسرف في الشراب.. فاخترق احدا
القرى الصغيرة بسرعة رهيبة.. واتفق ان آان احد الاطفال يعبر الطريق فصدمه ريتشارد وقتله
على الفور.
فسال ستارك بدهشة:
- هل تعنين ان زوجك آان في استطاعته ان يقود سيارة؟
فقالت الصبية:
- نعم، آانت لدية سيارة صنعت خصيصا ، بحيث يستطيع قيادتها بيديه فقط دون ال استعانة
بقددمه.
فرد ستارك:
- فهمت .. وماذا تم في حادث الطفل؟ ألم توجه إلى زوجك تهمة القتل الخطأ؟
فقالت بمرارة:
- حدث نحقيق طبعا.. ولكنه حفظ وبرئت ساحة ريتشارد تماما
فهتف ستارك بدهشة:
- آيف؟ ألم يكن هناك شهود؟
فتمتمت قائلة:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 14
- آان هناك والد الطفل ، وقد رأى الحادث بنفسه..
وآانت مع ريتشارد في السيارة ممرضة من المستشفى تدعى مس واربوتون..
وقد قررت هذه الممرضة ان السيارة آانت وقت وقوع الحادثة تسير بسرعة اقل من ثلاثين ميلا
في الساعة. وان ريتشارد لم يتناول من الشراب سوى قدحا واحدا من النبيذ.
وقالت ان الحادثة لم يكن من الممكن اجتنابها..
وصدقها المحقق ، ولم يصدق والد الطفل .. الذي ثار وهدد وتوعد..
وتنهدت لورا ..
واستطردت قائلة بلهجة تدل على السخط والاستهجان:
- آل شي حول الممرضة آان يوحي بالثنة في اقوالها ، فهي امرأة ناضجة رزينة .. والمعروف
عن الممرضات بصفة عامة انهن اهل للثقة.
- هل آنت معهما في السيارة؟
- آلا..
فعاد لسؤالها:
- اذن آيف عرفت ان ما قالته الممرضة غير جدير بالتصديق؟
فقالت:
- فقد استعرض ريتشارد الموضوع برمته عقب عودته هو والممرضة من التحقيق.. وقال
للممرضة وهو يتظر اليها ويضحك:
" أحسنت يا مس واربورتون.. انك قدمت لي خدمة عظيمة، وقد آان من الممكن ان اقضي
بالسجن عدة اعوام"
فأجابته الممرضة قائلة :
" انك لا تستحق هذه الخدمة يا مستر واريك، فانت تعلم انك آنت تقود السيارة بسرعة رهيبة ،
وقد ذهب هذا الطفل المسكين ضحية رعونتك"
فقال ريتشارد :
" وما اهمية طفل بالزيادة او النقصان في هذا العالم المزدحم بالسكان؟ لقد استراح الطفل من
شقاء الحياة ، واؤآد لك ان مصرعه لن يؤرقني ولن يفسد علي متعة النوم"
فانبعث ستارك واقفا..
وقال وهو ينظر من رآن عينه إلى الجثة:
- ان آل جديد اسمعه عن زوجك ، يزيدني اعتقادا بان ما اصابه الليلة آان قصاصا عادلا ، وليس
جريمة قتل .. والان .. ما اسم ذلك الشخص الذي قتل ريتشارد طفله؟
- آان اسمه يدل على انه من اصل اسكتلندي ، آان يدعى ماك .. ماآلويد او ماآري .. لا اذآر
تماما.
فقال ستارك :
- حاولي ان تتذآري .. يجب ان تتذآري .. الا يزال يقيم في نورفولك؟
- آلا .. انه لم يكن يقيم فيها .. انه اقبل من آندا خصيصا لزيارة اهل امرأته ..
فهتف ستارك:
- آندا؟ هذا بلد بعيد مترامي الاطراف والبحث فيه عن والد الطفل سوف يستغرق وقتا طويلا ..
اظن اننا وقعنا على ضالتنا، ولكن بحق السماء .. حاولي ان تتذآري اسم هذا الشخص..
اطرقت لورا برأسها واستغرقت في التفكير..
بينما راح ستارك يذرع أرض الغرفة وعلى وجهه دلائل الهم والقلق..
وفجأة .. توقف ستارك عن السير واخرج قفازه من جيبه ودس يديه فيه..
وقال يكلم لورا:
- هل لديك صحف؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 15
- صحف؟
- نعم ، لا اعني بالضرورة صحف اليوم .. اريد صحفة امس او امس الاول
فأجابت وهي تشير الى رف وراء المكتب:
- توجد هناك طائفة من الصحف القديمة.
فاسرع ستارك الى حيث اشارت وتناول احدى الصحف والقى عليها نظرة سريعه وهتف:
- رائع ، هذا ما اريده
وبسط الصحيفة على المكتب وتناول مقصا آان هناك وتأهب للعمل ..
فسألته لورا :
- ماذا تريد ان تفعل؟
- ساصنع الادلة
- ولكن .. هب ان البوليس عثر على الرجل؟
- اذا آان الرجل لا يزال يقيم في آندا فان سلطات البوليس ستجد مشقة في العثور عليه. واذا
عثرت عليه فمن المحقق ان الرجل سيكون لديه من الادلة ما يثبت انه آان وقت وقوع الجريمة
في مكان ما بعيدا عن مسرح الاحداث
وآل هذا سوف يتطلب وقتا طويلا يكفي لتهدئة الموقف هنا ، ويتيح لنا فرصة لمزيد من التفكير
والتدبير.
فهزت لورا راسها ببطء قائلة:
- اني لا اقر هذه الخطة ، ولا اوافق على اقحام شخص بريء في هذه الجريمة.
فقال ستارك :
- يا فتاتي العزيزة ، انك لست في مرآز يسمح لك بالاختيار واتما يجب ان تتذآري اسم الرجل ،
يجب .. يجب..
- قلت لك اني لا استطيع
فقال ليعاونها:
- هل آان اسمه ماآدوجال ، او ماآدونالد ، او ما آنتوش؟
- آلا
- لا حيلة لي في الامر .. مادمت لا تستطيعين تذآر الاسم فعلينا ان نعمل بدونه الا تذآرين تاريخ
الحادثة او اي شي اخر يفيدنا؟
- اذآر التاريخ ، فقد وقع الحادث في اليوم الخامس عشر من شهر مايو.
فدهش ستارك وقال:
- آيف استطعت بحق السماء ان تذآري التاريخ بهذه الدقة؟
- لأنه تاريخ يوم مولدي..
فتمتم ستارك :
- فقد خدمنا الحظ في هذا ايضا .. فتاريخ هذه الصحيفة هو الخامس عشر من الشهر..
قال هذا وقص التاريخ..
فهتفت لورا:
- ان تاريخ هذه الصحيفه هو الخامس عشر من شهر نوفمبر
- اعلم هذا .. ان ما يهمنا هو الرقم .. اما حروف مايو فيمكن تدبيرها.
وراح يقص الحروف من الصحيفة واحدا تلو الاخر ، قص حروف الميم والالف والياء والواو
وسألته لورا:
ماذا ستفعل بعد ذلكظ
فاجاب وهو يجلس امام المكتب:
هل لديك مادة لاصقة؟
فمدت لورا يدها للتناول من فوق المكتب انبوبه بها مادة لاصقة
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 16
ولكن ستارك صاح بها:
- آلا .. لا تمسيها والا ترآت عليها بصمات اصابعك.
وتناول الانبوبه وفتحها..
ووجد ورقة بيضاء من ورق الخطابات..
فقال:
هذا الورق شائع الاستعمال ويباع في جميع المكتبات .
ووضع الورقة امامه وراح يقص الحروف من الصحيفة ويلصقها على الورقة وهو يقول:
- آيف تصبح مجرما بعد درس واحد؟ هذا هو اسم العملية التي نقوم بها الان
انظري ..
ووضع امامها الورقة بعد ان فرغ من لصق الحروف.. فقرأت فيها :
15 مايو
يوم الانتقام
وتناول ستارك الورقة وقال وهو يقترب من الجثة:
- والان .. يجب ان نضع هذه الورقة في جيب ريتشارد العزيز
وطوى الورقة ودسها في جيب القتيل وعندما اخرج يده سقطت من الجيب ولاعة ذهبية..
فافلتت من فم لورا صيحة قصيرة ، واندفعت الى الامام لتلتقط الولاعة .
ولكن ستارك آان اسرع منها..
صاحت بلهفة :
- اعطنيها انها ولاعتي
فنظر ستارك الى الولاعة .. ثم الى لورا .. وارتسمت الدهشة في عينيه..
قال وهو يقدم لها الولاعة:
- حسنا .. حسنا .. انها ولاعتك ، فلماذا الانزعاج؟
ثم راح يصعدها بعينيه وقال :
- هل بدأت تفقدين اعصابك ، ام ماذا ؟
- آلا طبعا.
وبينما آان ستارك ينظم ثياب القتيل بعد ان وضع الورقة في جيبه، راحت لورا تمسح الولاعة في
ثوبها خلسة لتزيل ما قد يكون عليها من بصمات اصابع.
*
واعاد ستارك آل شي الى مكانه على المكتب ثم خلع قفازه واخرج منديله من جيبه..
وقال وهو يتظر اليها:
- انتهينا من الخطوة الاولى ، فلننتقل الان الى الخطوة الثانية ، اين القدح الذي شربت منه الان؟
فاقتربت لورا من المائدة التي بجوار المقعد المتحرك وتناولت القدح .. ووضعت الولاعة على
المائدة.
وهم ستارك بان يزيل اثر البصمات التي على القدح بمنديله..
ثم توقف وقال:
- آلا .. هذا غباء.
- لماذا؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 17
لا بد من وجود بصمات على القدح والقنينة ، بصمات الخادم وبصمات زوجك على الاق . ان
عدم وجود بصمات على الاطلاق من شأنه ان يثير ريبة البوليس..
قال ذلك وملأ القدح بالشراب واحتساه.. ثم قال:
- والان .. يجب ان ابحث عن مبرر لوجود بصماتي ان الجرائم ليست من الامور السهلة .. اليس
آذلك؟
ووضع القدح على المائدة..
فصاحت لورا بحدة :
- ارجوك الا تقحم نفسك في هذا .. حتى لا يرتاب البوليس في امرك..
فقال وهو يبتسم :
- انني مواطن مسالم محترم لا ترقى اليه الشبهات ، ثم انني اقخمت نفسي في القضية وانتهى
الامر .. فهناك سيارتي في حفرة امام البيت ، وهنا بصمات اصابعي في آل مكان..
ولكن لا تنزعجي .. ان اسوأ ما قد يحدث لي هو ان يستجوبوني عن سبب قدومي .. وعن الوقت
الذي جئت فيه .. وربما لا استجوب على الاطلاق اذا انت احسنت القيام بدورك..
فتهالكت لورا على احد المقاعد..
وبدت على وجهها دلائل الذعر والفزع.
واقترب ستارك منها وقال :
- والان .. هل انت على استعداد؟
فسألته :
- على استعداد لماذا؟
- يجب ان تتمالكي نفسك..
فقالت في حيرة :
- انني اشعر بدوار وغباء .. وآان عقلي قد اصبح عاجزا عن التفكير ..
فقال ستارك :
- انك لست بحاجة الى التفكير ، وماعليك الا ان تطيعي ، هل لديك موقد من اي نوع؟
- يوجد موقد للتدفئة..
- حسنا ..
والتقط قصاصات الورق من فوق المكتب وطوى عليها بقايا الصحيفة وقال:
- اذهبي الان الى المطبخ .. وضعي هذا الورق في الموقد ثم اصعدي الى غرفاك واخلعي هذه
الثياب وارتدي قميصا .. او غلالة مما تعودت ارتداءه عند النوم..
وصمت لحظة.. ثم سأل:
هل لديك انبوبه اسبرين؟
فاجابته والدهشة في عينيها:
- نعم..
-حسنا .. افرغي محتوياتها في البالوعة ، ثم اذهبي الى حماتك او مس بينت وقولي انك تشعرين
بصداع شديد وانك يحاجة الى قرص اسبرين..
واحرصي على ان تترآي باب حماتك .. او باب مس بينت مفتوحا، لانك ستسمعين ، وانت
تتحدثين الى احدهما طلق ناري..
فهمتفت لورا في جزع:
- صوت طلق ناري؟
فقال يتناول المسدس الذي آان قد اخذه منها ووضعه على المائدة بجوار الجثة:
- نعم ساتكفل انا بذلك..
وفحص المسدس جيدا.. ثم قال:
- يخيل الي ان هذا المسدس من صنع الخارج .. ام لعله من ذآريات الحرب
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 18
فقالت لورا :
- لا اعلم ... ان لذى ريتشارد مسدسات آثيرة مصنوه في الخارج
فسألها ستارك:
- ترى هل هذا المسدس مسجل باسمه؟
- لا اعلم . آل ما اعلمه .. ان لديه تراخيص لمجموعات من الاسلحة..
فرد ستارك :
- الترخيص شيء وتسجيل السلاح باسم صاحبه شيء اخر .. هل هناك من يعرف بصفة قاطعة
ما اذا آان زوجك قد سجل هذا المسدس باسمه؟
- ربما انجل ، هل هذا مهم؟
- ان طريقتنا في تزييف الحادث .. تعني ان القاتل تسلل الى هذه الغرفة في طلب الانتقام والدم
يغلي في عروقه .. ومسدسه في يده..
ولكننا نستطيع ان نقلب الاوضاع دون ان تتأثر الخطة في محملها ، بمعنى ان نفترض ان القاتل
دخل بينما آان ريتشارد يقاوم النعاس..
وان ريتشارد اسرع بتناول المسدس ولكن القاتل انتزعه من يده واطلقه عليه
مجرد افتراض..
والان ارجو ان نكون قد فكرنا في آل شي .. ولم يفتنا شيء، والواقع ان فارق الوقت بين اللحظة
التي قتل فيها زوجك فعلا واللحظة التي قتل فيها طبقا لروايتنا ..
اي نحو عشرين دقيقة هذا الفارق لن يكون واضحا اذا نظرنا الى طول الوقت الذي ستستغرقه
رحلة رجال البوليس الى هنا وسط الظلام والضباب
وحرك الستار ونظر الى الثقوب التي احدثتها رصاصات ريتشارد في الجدار وقال:
- لا باس من ان اضيف اليها ثقبا اخر
وتحول الى لورا..
واستطرد قائلا:
- عندما تسمعين صوت الطلق الناري ، تظاهري بالفزع ، وتعالي الى هنا ومعك مس بنيت .. او
اي اشخاص تجدينهم ..
واذا سئلت فقولي انك لا تعرفين شيئا وانك اويت الى فراشك ثم استيقظت بصداع شديد ، فذهبت
الى غرفة حماتك او غرفة مس بينت للبحث عن اسبرين .. وان ذلك هو آل ما تعرفينه .. مفهوم؟
فاطرقت برأسها علامة الايجاب..
وقال ستارك :
- اما الباقي فدعيه لي .. هل تشعرين بانك احسن حالا الان؟
- نعم
- اذهبي واشرعي في اداء دورك
- ولكن انت .. انت؟ لا يجب ان تزج بنفسك في هذا
فقال ستارك :
- لا تفسدي الامور بترددك ، انها لعبة مسلية بالنسبة لي..
قتل زوجك آان لعبتك .. وانقاذ عنقك الجميل من حبل المشنقة هو لعبتي..
آنت دائما اتمنى في قرارة نفسي ان تتاح لي فرصة لممارسة مواهبي البوليسية في جريمة
واقعية..
هل تستطيعين ان تفعلي آما قلت لك؟
فاجابت لورا :
- نعم ..
فسألها ستارك :
- آه .. ارى في معصمك ساعة ، آم ساعتك الان؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 19
فنظرت الى ساعتها وقالت:
الحادية عشرة و 50 دقيقة
فضبط ساعته على هذا الوقت وقال :
- حسنا ، سأمنحك اربع دقائق .. آلا .. خمس دقائق ، لكي تذهبي الى المطبخ لاحراق الورق في
الموقد ، ثم الصعود الى غرفتك واستبدال ثيابك ، والانطلاق الى غرفة مس بنيت لطلب قرص
الاسبرين ،،
هل تكفي هذه المهلة؟
وابتسم لها مطمئنا..
فاطرقت برأسها علامة الايجاب
قال:
- قبل ان ينتصف الليل بخمس دقائق تماما ، ستسمعين صوت الطلق الناري .. الان اذهبي ..
فسارت لورا الى الباب ، وهناك استدارت ، ونظرت اليه في قلق وجزع..
فلحق بها وفتح الباب وهو يقول في همس:
- ماذا بك؟ هل ستتخلين عني؟
- آلا ..
- هذا حسن ....
ما آادت لورا تنصرف حتى اغلق ستراك الباب ووقف يفكر فيما ينبغي عليه عمله.
نظر الى ساعته .. ثم أخرج سيجارة ومد يده الى الولاعة التي ترآتها لورا على المائدة بجوار
الجثة..
وقبل ان تصل يده اليها لمح صورة للورا فوق رف الكتب فقصد الى الرف وتناول الصورة
وتأملها وابتسم..
ثم اعادها الى مكانها وعاد الى حيث آانت الولاعة فاشعل سيجارته ووضع الولاعة على المائدة..
وقعد لحظة قصيرة اخرج منديله وازال اثر البصمات على المقاعد واطار الصورة والمكتب
وافرغ منفضة السجاير في جيبه ..
وبحث عن بقايا الصحيفة التبي مزقها ووجد قصاصة قصيرة تحت المكتب فطواها ووضعها في
جيبه ..
ثم اعاد ترتيب ادوات المكتب واعاد آل شيء الى مكانه..
وأخيرا وقف في وسط الغرفة واجال البصر حوله ليطمئن الى ان آل شي على ما يرام..
وبعد ذلك ارتدى معطفه وتناول المسدس وتحقق من انه محشو ، وبعد ان ازال عنه اثار
البصمات..
نظر الى ساعته ، ووقف في وسط الغرفة وصوب فوهة المسدس الى الجدار واطلقه..
وعلى الاثر سمع ضجة في الطابق الاول ، فوضع المسدس في جيبه واندفع على الخارج عبر
باب الحديقة ..
ولكنه ما لبث ان عاد مهرولا .. ليلتقط مصباحه الكهربائي ، ويطفئ نور الغرفة..
ثم يندفع الى الخارج ....
*
آانت لورا في غرفة مس بنيت وقرص الاسبرين في ديها عندما سمعت صوت الطلق الناري،
فنظرت الى مس بنيت وقالت وهي تتصنع الدهسة والفزع:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 20
- ماهذا؟
فقالت مس بنيت وهي تبتسم:
- انه ريتشارد بغير شك، وقد عاد الى ممارسة هوايته المفضلة.
فأسرعت لورا الى النافذرة وفتحتها واطلت منها
وقالت:
- انني لا ارى سوى الظلام والضباب، ويخيل الي انني سمعت صيحة ، هلمي بنا لنرى ما
الخبر..
واندفعت المرأتان الى السلم، وخرج جان من غرفته على الأثر وصفق الباب وراه بشده..
آان شابا رقيقا في نحو التاسعة عشرة من عمره، له وجه برئ آوجوه الاطفال . وعينان واسعتان
يتألق فيهما أحيانا بريق الخبث والدهاء..
ويبدو ان الجلبة ايقظت مسز واريك العجوز من نومها ، فقد ارتفع صوتها وهي تصيح :
- ماذا حدث يا جان؟ لماذا يهرول الجميع في البيت في منتصف الليل؟ ماذا حدث يا مس بنيت؟
هل اصابكم مس من الجنون؟ لورا .. جان .. الا يخبرني احد بما يجري في هذا البيت ؟
فصاح جان:
- انه ريتشارد .. قولي له ان يكف عن اطلاق مسدسه وايقاظنا من النوم .. آوني على حذر يا
لورا ان ريتشارد انسان خطر، وانت آذلك يا مس بنيت آوني على حذر ..
آانت مس بنيت رغم بلوغها سن الخمسين تحتفظ بالكثير من الصفات التي تتميز بها العاملات
في حقل التمريض ، فهي ذآية ، نشيطة ، ذات حيوية دافئة وذهن متوقد.
وقد وصلت مس بنيت الى قاعة الاستقبال قبل غيرها فاضاءت النور واندفعت نحو المقعد
المتحرك وهي تصيح:
- حقا انك اخفتنا يا ريتشارد، آيف تطلق الرصاص في مثل هذا الوقت بالليل؟
ودخلت لورا اعقابها.. وتبعها جان يقول:
- ماذا جرى يا مس بنيت؟
فصاحت هذه:
- يا الهي .. لقد قتل نفسه..
فهتفت لورا :
- قتل نفسه؟ آيف؟
وقال جان وهو يشير الى المائدة:
- ان مسدسه غير موجود .. لقد اختفى المسدس.
وهنا سمع ثلاثتهم صوتا في الخارج يقول :
- ماذا يجري هنا؟
فنظر جان نحو باب الحديقة .. ثم قال:
- يوجد شخص في الحديقة..
فقالت مس بنيت :
- ترى من عساه يكون؟
واسرعت الى باب الحديقة .. ولكن الباب فتح قبل ان تصل اليه. ودخل ستارك وهو يقول:
- ماذا يجري هنا ؟
ووقع بصره على ريتشارد..
فاقترب منه ، ونظر اليه مليا وقال:
- هذا الرجل ميت . انه مصاب برصاصة في رأسه..
ونظر اليهم بارتياب..
فقالت مس بنيت:
- من انت ؟ ومن اين جئت؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 21
فأجاب:
- انني ضللت طريقي وسقطت سيارتي في حفرة ، ثم رأيت هذا الباب فدخلته لاطلب المعونة ، او
لاتكلم بالتليفون ان وجد.. ولكني ما آدت اتقدم بضع خطوات حتى سمعت دوي طلق ناري ،
وخرج شخص من هذا الباب ، واصطدم بي في الظلام وسقط منه هذا ..
وبسط يده .. فاذا بها مسدس ..!
فسألت مس بنيت:
- والى اين ذهب هذا الشخص؟
- لا اعلم .. ان الظلام دامس والضباب آثيف ، ولا يستطيع الانسان ان يتبين موقع قدمه.
ووقف جان امام الجثة وراح يتأملها..
ثم صاح :
- لقد اطلق بعضهم الرصاص على ريتشارد.
فقال ستارك:
- يبدو هذا. ويحسن بكم ان تتصلوا بالبوليس على وجه السرعة.
قال ذلك ووضع المسدس على المائدة وتناول القدح وملاه بالشراب، ثم اومأ برأسه نحو الجثة
وقال:
- من هذا؟
فأجابت لورا وهي تجلس على الاريكة :
- انه زوجي!
- لابد انك صدمت.. اشربي هذا..
وقدم لها القدح..
وابتسم ابتسامة خفيفة ليطمئنها..
ثم خلع قبعته والقى بها على احد المقاعد..
ولاحظ ان مس بنيت تتفرس في الجثة وتهم بان تمد يدها اليها ، فتحول اليها بسرعة وقال :
- آلا .. لا تمسي شيئا، يخيل الي ان في الامر جريمة ، فاذا صح ذلك فيجب ان يبقى آل شي آما
هو.
فاعتدلت مس بنيت واقفة وهتفت قائلة :
- جريمة؟! مستحيل ..
ودخلت مسز واريك في هذه اللحظة..
آانت تتوآأ على عصا .. وآانت نظراتها وقسمات وجهها تنمان عن قوة شخصيتها..
قالت وهي تقف بالعتبة :
- ماذا جرى ؟
فأجاب جان :
- اطلق بعضهم الرصاص على ريتشارد.
فصاحت مس بنيت :
- صه يا جان ..
فقالت مسز واريك وهي تومئ نحو ستارك:
- ماذا آان يقول هذا السيد؟
فاجابت مس بنيت :
- آان يقول ان في الامر جريمة..
فسارعت مسز واريك حتى اقتربت من الجثة ، فوقفت امامها وقالت في همس :
- ريتشارد
فصاح جان :
- انظروا .. انني ارى ورقة تطل من جيبه ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 22
ومد يده ليتناول الورقة ..
فمنعه ستارك بقوله :
- آلا . لا تمس شيئا ..
وجثا بجوار الجثة وأطل في الورقة ، وقرأ بصوت مسموع :
15 مايو
يوم الانتقام
فهتفت مس بنيت :
- ماآجريجور
وانبعثت لورا واقفة آمن لدغتها أفعى ..
وقطبت مسز واريك حاجبيها فقالت :
- هل تعنين .. ذلك الرجل .. والد الطفل الذي دهمته السيارة ؟
فتمتمت لورا تحدث نفسها :
- ماآجريجور . نعم .. هذا هو الاسم ..
وصاح جان :
- انظروا .. ان الحروف آلها منزوعة من الصحف ..
ومرة أخرى منعه ستارك من ان يمس الورقة ، فقال :
- لا تمسوا شيئا حتى يحضر رجال البوليس..
واقترب من آلة التليفون واستطرد يقول :
- هل تسمحون لي؟
فقالت مس بنيت :
- سأتصل أنا بالبوليس ..
ولكن مسز واريك قالت بحزم :
- دعوني أفعل ذلك ..
وهكذا امسكت العجوز بزمام الموقف ..
جمعت شجاعتها ، وتناولت السماعة ..
وأدارت القرص ..
وقالت لمحدثها في هدوء ، وبصوت واضح النبرات :
- مرآز البوليس؟ هنا قصر لانجلبرت .. قصر مستر ريتشارد واريك .. لقد وجد مستر واريك
ميتا .. أصيب برصاصة قضت عليه ...
آانت الشمس مشرقة تبشر بيوم صحو يختلف تماما عن سابقه فوضع الرقيب آادوالدر ملف
الاوراق على المكتب وفتح باب الشرفة ووقف يتمطى .. ويتثائب ..
لم يكن قد غمض له جفن منذ ان تلقى مرآز البوليس نبأ مصرع ريتشارد واريك..
وعاد الرقيب الى الغرفة ليلتمس بعض الراحة ريثما يحضر المفتش توماس الذي انيطت به مهمة
التحقيق في القضية ، واماطة اللثام عن سر الجريمة..
ولكن الرقيب ماآاد يستقر في احد المقاعد حتى دخل المفتش توماس ، فوضع حقيبة اوراقه على
المائدة وخلع معطفه وتأهب للعمل .
فقال الرقيب:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 23
- طاب صباحك يا مستر توماس.. من آان يظن ان الجو سيصفو بهذه السرعة بعد ضباب الامس
، آان اسوأ ضباب شهدته في حياتي ، ولا عجب اذا آانت الحوادث قد تفاقمت في طريق
آارديف.
فقال المفتش بايجاز:
- آان من الممكن ان تقع حوادث اسوأ.
- لقد وقع حادث اصطدام بشع بالقرب من بوتكاول ، اسفر عن مقتل رجل واصابة طفلين ، ووقع
حادث اخر في ..
فقاطعه المفتش فقال:
- هل فرغ خبراء البصمات من مهمتهم ؟
- نعم يا سيدي ، فقد احضرت صور البصمات وتقرير الخبراء..
واسرع الى الملف وفتحه .
فقال المفتش وهو يجلس امام المكتب:
- اذن لنبدأ بفحص البصمات ، هل صادفتكم متعاب في اخذ بصمات السكان؟
- آلا يا سيدي .. آانوا جميعا متعاونين.
- هذا أمر يدعو الى الارتياح ، ان اآثر الناس يعارضون في اخذ بصماتهم .. ظنا منهم اننا
سنضعها مع بصمات المجرمين..
ثم راح يتصفح اوراق الملف ويتلو اسماء اصحاب البصمات..
فقرأ:
- مستر واريك .. آه .. هذا هو القتيل .
مسز لورا واريك .. الزوجة .
مسز واريك .. الام .
جان واريك .. الاخ .
مس بنيت ..
من هذا؟ انجل؟
آه .. خادم مستر واريك حسنا
مستر مايكل ستارك..
لننظر الآن في تزويع البصمات ..
على الباب وزجاجة الشراب والقدح . توجد بصمات مستر ريتشارد واريك ، وانجل ومسز لورا
واريك .. ومستر مايكل ستارك..
وعلى الولاعه والمسدس توجد بصمات مايكل ستارك وحده ، وذلك امر طبيعي فانه – على حد
قوله – قدم قدح الشراب لمسز لورا ، واشعل لفافة تبغ بالولاعة..
ووجد المسدس في الحديقة.. فقلب الرقيب شفته…
ثم سأل بصوت ينم عن الارتياب :
- مايكل ستارك!!
فسأله المفتش :
- هل تشعر نحوه بنفور؟
- ماذا جاء يفعل هنا؟ ذلك ما اود معرفته ، اود ان اعرف لماذا دخل هذا البيت بالذات ، حيث
وقعت جريمة القتل..
فرفع المفتش رأسه عن الاوراق .
ثم قال ساخرا:
- انت نفسك آدت تودي بالسيارة في احدى الحفر ليلة امس ، ونحن في طريقنا الى هذا البيت ،
حيث حدثت جريمة القتل..
أما عن سبب وجوده في هذه المدينة فانه جاء منذ اسبوع للبحث عن منزل صغير يشتريه..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 24
وعاد الى الاوراق..
واستطرد يقول.
- يبدو ان جدته آانت تقيم في هذه المنطقة وانه آان يقضي اجازته عندها وهو صغير..
فهز الرقيب آتفيه ولم يجب..
قال المفتش:
- على آل حال، نحن ننتظر تقريرا عنه من ( عبدان ) وسيصل التقرير بين لحظة واخرى ، هل
حصلت على بصمات لمقارنتها بالبصمات التي وجدت هنا؟
- اني ارسلت اليه الرقيب جونز في الفندق الذي يقيم به ، فقيل له انه ذهب الى احد الكراجات
لاصلاح سيارته ، فاتصل به في الكراج وطلب اليه التوجه الى مرآز الشرطة في اقرب وقت
ممكن..
- هذا حسن .. والآن .. لننظر الى البصمات التي لم يعرف اصحابها..
وجدت بصمة آف على المائدة بجوار الجثة آما وجدت على الباب من الداخل والخارج بصمات
اخرى غير واضحة..
فصاح الرقيب بصوت من وفق الى حل لغز عويص:
- آه .. لا بد انها بصمات ماآجريجور..
فقال المفتش بعد تردد قصير:
- ربما .. ولكننا لم نجد مثل هذه البصمات على المسدس ، ان اي انسان على شيء من الفطنة لابد
ان يلبس قفازا في مثل هذه الظروف..
- ان رجلا مختل الشعور مثل ماجريجور لا يفكر في شيء آهذا..
فقال المفتش :
- ستصلنا اوصاف هذا الرجل من ( نورويتش ) بعد ساعات ..
- مهما اختلفت وجهات النظر فانها قصة محزنة ، رجل فقد زوجته حديثا يفاجأ بمصرع ابنه
الوحيد تحت عجلات سيارة يقودها مأفون مولع بالسرعة.
فقال المفتش في ضجر:
- لو آان مستر واريك قد قاد سيارته بجنون ، لقدمته السلطات ذات الشأن للمحاطمة بتهمة القتل
الخطأ ولكن السلطات لم توجه اليه اي تهمة ، بل ولم تسحب منه رخصة القيادة..
قال ذلك وفتح حقيلة الاوراق التي جاء بها..
واخرج المسدس منها..
أما الرقيب ، فانه لم يقتنع بمنطق المفتش ..
فقال:
- ما اآثر الكذب وشهادة الزور في حوادث السيارات..
فتجاهل المفتش هذا التعقيب.. وانصرف الى القضية التي جاء لتحقيقها.
- بصمة آف على المائدة بجوار الجثة..
ونهض والمسدس في يده وقصد الى المائدة ودقق النظر فيها وهز رأسه..
قال الرقيب :
- ربما آانت بصمة آف أحد الزائرين..
- لقد اآدت مسز واريك انها لم تستقبل احدا من الزائرين طوال يوم امس .. ولكن ربما آان
الخادم يعرف اآثر من ذلك .. جئني به..
فخرج الرقيب .. وانحنى المفتش فوق المائدة ، ووضع عليها آفه اليسرى..
ثم رفعها ، ونظر الى بصمتها ..
وبعد قليل ، خرج الى الشرفة ..
ونظر يمنة ويسرة .. ثم فحص قفل الباب ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 25
*
وعندما عاد الى الغرفة ، آان الرقيب قد احضر انجل ، وهو رجل قصير القامة ، في نحو الثامنة
والاربعين من عمره..
حسن المظهر.. هادئ الطباع..
سأله المفتش :
- هل انت هنري انجل؟
- نعم يا سيدي ..
فاشار المفتش الى الاريكة وقال :
- اجلس
واسرع الرقيب فأغلق الباب..
ثم جلس على مقعد واخرج من جيبه دفترا وقلما وتأهب لتسجيل اقوال الخادم..
قال المفتش:
- هل آنت تعمل تابعا وممرضا لمستر ريتشارد واريك؟
- نعم يا سيدي
- منذ متى؟
فرد انجل :
- منذ ثلاثة اعوام ونصف يا سيدي..
- وآيف آان العمل مع مستر واريك ؟
- آان شاقا للغاية يا سيدي..
- ألم تكن لك امتيازات خاصة؟
فأجاب انجل :
- آنت اتقاضى اجرا مجزيا يا سيدي.. واستطعت ان اقتصد بعض المال..
وسأله المفتش :
- ماذا آنت تفعل قبل ان تلتحق بالعمل في خدمة مستر واريك؟
- - نفس العمل يا سيدي .. انني ممرض مؤهل ، وسأقدم لك الشهادات التي حصلت عليها ممن
عملت في خدمتهم . آان بعضهم متعبا للغاية ، واذا على سبيل المثال سير جيمس واليسون، انه
الان نزيل احد مصحات الامراض العقلية..
ثم أردف بصوت خافت:
- آان مدمنا للمخدرات...
فسأله المفتش :
- ومستر واريك .. هل آان يتعاطى المخدرات؟
- آلا يا سيدي ، ولكنه آان مولعا بالبراندي..
- هل آان يسرف في الشراب؟
- نعم يا سيدي، ولكنه لم يكن مدمنا ، هناك فارق بين الاسراف والادمان..
- ولكن ما آل هذا الي يقال عن بنادقه ومسدساته ، واطلاق النار على الحيوانات الاليفة وغير
الاليفه؟
فرد انجل:
- تلك آانت هوايته يا سيدي.. او آما يقول الاطباء .. الهواية التي تعوضه عما فقد، آان في وقت
ما من آبار الصيادين.. وآان يحتفظ في مخدعه بترسانه من الاسلحة .. بنادق ومسدسات
وغدارات..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 26
فقال المفتش وهو يشير الى المسدس الذي وضعه على المائدة:
- انظر الى هذا المسدس .
فنهض انجل واقترب من المائدة.. ووقف مترددا..
فقال المفتش :
- لا تخف .. في استطاعتك ان تتناوله ..
فتناول انجل المسدس..
وقال المفتش :
- انظر اليه جيدا . هل سبق ان رايته؟
فأجاب انجل :
- لا استطيع ان اجزم بشيء يا سيدي.. انه يشبه بعد مسدسات مستر واريك.. ولكني لست خبيرا
في الاسلحة .. ولا يمكنني ان اقرر هل هو نفس المسدس الذي آان على المائدة بجوار مستر
واريك ليلة امس ، ام لا ..
- الا يضع بجواره نفس المسدس آل ليلة؟
- آلا يا سيدي.. انه يختار المسدس وفقا لمزاجه..
فسأل المفتش :
- وماذا آانت فائدة المسدس في ليلة آثيفة الضباب آليلة امس؟
- انها مسأله تعود الى سيدي.
- اجلس يا انجل .. اجلس .
فاعاد الخادم المسدس الى المفتش وجلس على الاريكة..
سأل المفتش :
- متى رأيت مستر واريك آخر مرة؟
- امس في الساعة العاشرة الا ربع . احضرت زجاجه البراندي والقدح ووضعتهما على المائدة
بجواره وتمنيت له ليلة سعيدة.. وانصرفت.
فقال المفتش :
- ألم يذهب الى فراشه ؟
فرد انجل :
- آلا يا سيدي .. انه يقضي الليل في المقعد المتحرك ، وفي الساعة السادسة صباحا ، احمل اليه
الشاي ، ثم ادفعه بالكرسي الى الحمام حيث يحلق ويغتسل .. وجرت العادة ان ينام بعد ذلك الى
ان يحين موعد الغذاء ، وقد فهمت انه يعاني من الارق ، ولذلك آان يفضل قضاء الليل في
مقعده..
آان رجلا غريب الاطوار.
فنهض المفتش ووضع المسدس على المائدة ووقف امام باب الحديقة وقال بعد صمت قصير :
- هل آان هذا الباب مغلقا حين ترآته؟
فرد انجل :
- نعم يا سيدي .. آان الضباب آثيفا جدا..
- هل آان موصدا بالقفل او المزلاج؟
- آلا يا سيدي انه لا يوصد ابدا..
- خل آان بوسعه ان يفتحه متى اراد؟
- نعم يا سيدي .. ان المقعد متحرك . وآان في استطاعته ان ينتقل الى الباب ..
- فهمت ، هل سمعت صوت طلق ناري ليلة امس؟
فأجاب انجل :
- آلا يا سيدي
- اليس ذلك غريبا ؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 27
- ان غرفتي في الجاتب الاخر من البيت ..
- هب ان سيدك شعر بحاجته اليك في وقت ما ، فماذا آان بوسعه ان يفعل؟
- يضغط زرا فيدق الجرس في غرفتي..
- هل ضغط الزر ليلة امس؟
فرد انجل :
- آلا يا سيدي ، ولو آان قد فعل لاستيقظت على الفور .. ان للجرس رنينا مزعجا...
- هل ..
وقبل ان يتم عبارته .. دق جرس التليفون ،،
فنظر انجل الى الرقيب .. وهرول هذا الى التليفون وتناول السماعه :
- آلو .. الرقيب آادوالدر .. آه .. نعم .
والتفت الى المفتش وقال :
- مكالمة من نورويتش..
فتناول السماعة وسأل :
- آلو . أهذا انت يا ادموندسن؟ نعم .. انا المفتش توماس ،، هل تلقيت البيانات؟ هذا حسن ؟ هذا
حسن ، ماذ؟ مدينة آالجاري بكندا؟ نعم .. نعم .. متى توفيت العمة؟ منذ شهرين؟ والعنوان رقم
18 الشارع الرابع والثلاثون ، مدينة آالجاري..
ونظر المفتش الى الرقيب واشار اليه ان يسجل هذا العنوان ، ثم استمر في الاصغاء الى محدثه ..
قال :
- نعم .. مهلا .. مهلا تقول انه متوسط القامة ، ازرق العينين ، اسود الشعر ، طويل اللحية ، انت
تذآر القضية طبعا ، رجل عنيف ، اليس آذلك؟
شكرا لك يا ادآموندسن .. ولكن ما رأيك انت ؟ نعم ،، نعم ، شكرا مرة أخرى ..
ووضع السماعة ..
وقال يكلم الرقيب :
- حصلنا على بعض البيانات بشأن ماآجريجوار ..
يبدو انه عاد من آندا عقب وقاة زوجته لكي يترك الطفل عتد احدى قريباته في ( والسهام ) ..
لأنه آان يزمع السفر الى ( الاسكا ) ، ولا يستطيع اصطحاب الطفل معه .. والظاهر ان مصرع
الطفل ترك في نفسه اثرا بالغ السوء ، لانه راح يقسم في آل مكان بانه سوف يثأر لاينه وينتقم
من واريك ..
وهذه التهديدات امر مألوف في الحوادث المماثلة..
ومهما يكن الامر فان ماآجريجور عاد الى آندا وقد حصلت ادارة البوليس على عنوانه وابرقت
الى آالجاري للوقوف على مزيد من المعلومات عن نشاطه وتحرآات..
أما العمة التي آان في نيته ان يترك الطفل عندها فانها توفيت منذ شهرين..
ثم التفت الى انجل فجأة وسأل:
- أظن انك آنت تعمل هنا وقت وقوع الحادث يا انجل؟ اي مصرع الطفل تحت عجلات السيارة
في (ولسهام)..
فقال انجل:
- نعم يا سيدي.. وانا اذآره جيدا..
- ماذا جرى بالضبط؟
- آان مستر واريك يقود سيارته في الطريق الرئيسي عندما خرج طفل من احد المنازل واجتاز
الطريق رآضا ، فلم يستطع مستر واريك ان يتفاداه.
- هل آان مسرعا بالسيارة؟
- آلا يا سيدي .. لقد ثبت في التحقيق بما لا يدع مجالا للشك انه آان يسير في حدود السرعة
المقررة
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 28
- وذلك ماقاله هو ..
فرد انجل:
- انه الحقيقة يا سيدي .. وقد ايدته الممرضة وابرتون.. التي آانت معه في السيارة .. قالت ان
سرعته آانت تتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين ميلا في الساعة.. وعلى ذلك قرر المحقق
عدم مسؤوليته عن الحادث...
- ولكن والد الطفل آان له رأي آخر
- هذا امر طبيعي يا سيدي..
- آل آان مستر واريك ثملا؟
فاجاب انجل :
- اطن انه شرب قدحا من النبيذ يا سيدي..
والتقت عيون الرجلين..
وادرك المفتش على الفور ان الخادم قد آذب..
قال:
- يكفي هذا الان..
فنهض الخادم وسار الى الباب وفتحه..
ووقف مترددا لحظة ..
ثم استدار وقال :
- معذرة يا سيدي .. هل قتل مستر واريك بمسدسه؟
- ذلك ما سوف نعرفه ، ان الشخص الذي اطلق عليه الرصاص اصطدم بمستر ستارك الذي جاء
الى هنا في طلب المعونه .. وآانت نتيجة الاصطدام ان سقط المسدس من يد القاتل فالتقطه مستر
ستارك..
واشار نحو المائدة ..
فقال انجل :
- شكرا لك يا سيدي..
وهم الخادم بالانصراف . ولكن المفتش ابتدره بقوله :
- بهذه المناسبة .. هل جاءآم زائرون امس.. وخاصة في المساء؟
فتردد انجل ..
ثم اجاب دون ان ينظر الى المفتش :
- لست اذآر الان يا سيدي .. وخرج ، وأغلق الباب وراءه ..
- هذا رجل قذر .. وانا امقته ، انه آالزئبق لا تستطيع ان تضع اصبعك عليه ..
فقال الرقيب :
- لقد ذآرت لك رأيي يا سيدي المفتش ، وما زلت اعتقد ان وراء حادث الطفل امورا تزآم
رائحتها الانوف..
- وأنا اعتقد ان هذا الرجل انجل لم يصارحنا بكل ما يعرفه عن مصرع سيده ...
*
وفي هذه اللحظة ، فتح الباب ودخلت مس بنيت.
قالت:
- مسز واريك ترغب في مقابلتك يا سيدي.. اعني مسز واريك العجوز والدة ريتشارد ..
- طبعا .. طبعا .. دعيها تدخل ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 29
فأطلت مس بنيت من الباب واومأت الى مسز واريك ..
ودخلت السيدة الوقور وهي تتوآأ على عصاها..
فحياها بقوله :
- طاب صباحك سيدتي..
- أخبرني ايها المفتش ، الى اي مدى وصل التحقيق ؟
- اننا مازلنا في البداية يا سيدتي ، ولكن ثقي باننا سنبذل قصارى جهدنا ..
فقالت وهي تجلس على الاريكة وتضع العصا بجانبها :
- وذلك الشخص المدعو ماآجريجور.. هل شوهد مؤخرا في هذه المنطقة ؟
- اننا نقوم بالتحريات اللازمة يا سيدتي ، ولم يثبت بعد وجود غرباء في المنطقة ..
فقالت العجوز :
- يخيل الي ان مصرع الطفل الذي دهمتع سيارة ريتشارد قد اطاح بعقل الرجل ، فقد قيل لي انه
ثار ثورة عارمة ، وانه هدد وتوعد على مسمع من الكثيرين ، وطبيعي ان يفعل الاب الحزين
ذلك وهو في ثورة غضبه ، اما بعد انقضاء عامين على الحادث..
من غير المعقول الا يكون غضبه قد انفثأ خلال هذه الفترة الطويلة ..
- نعم ، انها فترة طويلة حقا ..
فقالت العجوز:
- ولكنه اسكتلندي ، آما يدل على ذلك اسمه ، والاسكتلنديون مشهورون بالصبر والاصرار..
- اخبريني يا سيدتي ، الم يتلق ابنك رسالة تحذير او تهديد؟
- آلا . لو انه تلقى مثل هذه الرسالة لاخبرنا ولضحك منها ساخرا ..
- ألم يكن لينظر اليها بعين الجد؟
فردت العجوز :
- لقد تعود ريتشارد ان يسخر من الاخطار..
- بعد مصرع الطفل هل عرض ابنك والد الطفل مبلغا ما على سبيل التعويض؟
- طبعا .. ان ريتشارد لم يكن بخيلا .. ولكن العرض رفض باحتقار ..
- آه ..
وقالت العجوز :
- قيل لي ان زوجة ماآجريجور آانت قد توفيت وان الرجل لم يبق له في الدنيا سوى ولده ، حقا
انها مىساة..
- ولكن الذنب ليس ذنب ابنك ..
فصمت العجوز ولم تجب ..
قال المفتش :
- آنت اقول ان الذتب ليس ذنب ابنك ..
- لقد سمعتك ..
- يخيل الي انك لا توافقينني على هذا الرأي ..
فقالت العجوز في شيء من الحيرة :
- آان ريتشارد مسرفا في الشراب ، ومن المؤآد انه آان ثملا في ذلك اليوم ..
- ايثمله قدح من النبيذ؟
فأجابت مسز واريك وهي تضحك :
- قدح نبيذ؟ قلت لك انه يشرب بغير حساب .. هل ترى هذه الزجاجة؟
اشارت الى زجاجة البراندي ..
واستطردت قائلة :
- انها تقدم اليه مملوءة آل مساء .. فيترآها فارغة في الصباح .
- اذن انت تعتبرين ابنك مسئولا عن الحادث؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 30
فأجابت العجوز :
- طبعا مسئول ، لم يخامرني قط اي شك في ذلك ،
- ولكن المحقق لم يجد ما يدعو الى مؤاخذته ..
فضحكت العجوز مرة أخرى وقالت :
- ذلك بفضل تلك الممرضة الحمقاء ، مس واربرتون ، آانت مخلصة لريتشارد واعتقد انه آافأها
بسخاء..
فقال بحدة :
- هل انت واثقة مما تقولين؟
- انا لست واثقة من شيء ، آل ذلك مجرد استنتاج واجتهاد شخصي انما حدثتك بهذا لانك تبحث
عن الحقيقة ، وتريد ان تتأآد من وجود حافز للقتل ، والرأي عندي ان الحافز موجود ، ولكني لا
اتصور بعد مرور آل هذا الوقت ان ..
فقاطعها المفتش قائلا :
- هل سمعتي شيئا ليلة امس؟
فردت العجوز :
- أنا نصف صماء آما تعلم ، ولم اآن اعرف شيئا ، الى ان سمعت جلبة ، ووقع اقدام آثيرة امام
غرفتي ، فاردت استطلاع الامر ، وجئت الى هنا فاستقبلني جان بقوله . لقد اطلق بعضهم
الرصاص على ريتشارد ..
وظننت في البداية انها مزحة سخيفة ..
- هل جان هو ابنك الاصغر؟
- آلا .. انه ليش ابني ..
فوجم المفتش ونظر اليها متسائلا ،،
فقالت :
- انني طلقت زوجي منذ سنوات طويلة ، فتزوج مرة اخرى وآان جان ثمرة زيجته الثانية ..
وحين مات زوجي جاء الصبي للاقامة هنا ، وآان ريتشارد قد اقترن بلورا ، فعطفت على
الصبي وشملته برعايتها ..
- وماذا عن ابنك ريتشارد ؟
- انني آنت احبه ايها المفتش ، ولكني لم اآن اتجاهل عيوبه واخطاءه .. وهي عيوب واخطاء
سببها في الغالب ذلك الحادث الذي اقعده وجعله آسيحا...
انه آان شابا رياضيا مليئا بالحيوية والنشاط .. فلما اقعده الحادث وشل حرآته ، امتلات نفسه
بالمرارة ..
- هل آان سعيدا في حياته الزوجية ؟
فقالت العجوز:
- ليست لدي ايه فكرة عن ذلك .. هل ثمة اسئلة اخرى يا حضرة المفتش ؟
- آلا .. شكرا لك يا مسز واريك ، هل استطيع التكلم الى مس بنيت ؟
فاجابت العجوز وهي تنهض :
- نعم .. ولعلها الشخص الذي يستطيع امدادك بكل ما تريد من معلومات .. انها امرأة عملية .
.وعلى جانب آبير من الكفاية والذآاء ..
- هل تعمل عندك منذ وقت طويل ؟
فاجابت العجوز :
- نعم ،، منذ سنوات طويلة ، آانت تعني بجان وهو صغير ، وتسهم في رعاية ريتشارد .. بل
انها شملتنا جميعا برعايتها .. نعم ، انها المثل الاعلى في الامانة والوفاء ..
وانصرفت العجوز ..
وشيعها الرقيب ببصره حتى توارت ، ثم هو رأسه وقال يكلم المفتش :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 31
- رجل سكير يعبث بكل هذه البنادق والمسدسات .. لابد انه آان معتوها ..
- ربما ..
ودق جرس التليفون ..
فتناول المفتش السماعة :
- نعم .. انا المفتش توماس . تقول ان ستارك وصل؟ هل اخذتم بصماته ؟ هذا حسن .. نعم ، نعم
.. قل له ان ينتظرني ، سأحضر بعد نصف ساعة على الاآثر .. نعم .. اريد ان القي عليه بعض
الاسئلة ، الى اللقاء ..
دخلت مس بنيت وهو يضع السماعة..
فابتدرته بقولها :
- هل انت بحاجة الي ايها المفتش؟ انني مشغولة آثيرا في هذا الصباح..
فقال وهو ينهض من مقعده :
- نعم يا مس بنيت أنا بحاجة اليك ، اريد ان اسمع روايتك عن حادث السيارة التي دهمت الطفل
في ( نورفولك)..
- تعني طفل ماآجريجور؟
- نعم .. وقد قيل لي انك تذآرت الاسم بسرعة ليلة امس..
فأجابت وهي تغلق الباب:
- ان ذاآرتي قوية فيما يختص بالاسماء..
- لا شك ان الحادثة آان لها انطباعها الخاص في نفسك، هل آنت في السيارة وقت وقوعها؟
فقالت مس بنيت:
- آلا .. التي آانت بالسيارة مس واربروثون، ممرضة ريتشارد بالمستشفى في ذلك الوقت.
- هل حضرت التحقيق؟
- آلا ، ولكن ريتشارد روى لنا بعد عودته ما جرى ، وقال ان الرجل هدده بالانتقام، ولكننا لم
نحفل بالتهديد في ذلك الوقت ، ولم نأخذه ماخذ الجد..
- هل آان لك رأي خاص في الحادث؟
فسألت مس بتيت:
- أعني هل وقع الحادث لان وستر واريك آان ثملا؟
- أطن ان مسز واريك قالت لك ذلك : ولكن لا ينبغي ان تصدق آل ما قالته.. انها تلقي اللوم دائما
على الخمر ، لان زوجها آان سكيرا..
فسألها المفتش :
- أتصدقين اذن ما قاله ريتشارد واريك ، من انه آان يقود السيارة في حدود السرعة المسموح
بها.. وانه لم يكن من الممكن ان يتجنب تلك الحادثة؟
فأجابت مس بنيت:
- لا اريى سببا يدعو الى الارتياب في صدقه ، خاصة وان الممرضة قد ايدته..
- هل يمكن الرآون الى نزاهة الممرضةظ
- أظن ذلك، ان الناس لا يكذبون ببساطة في مثل هذه الامور.
وهنا لم يستطع الرقيب ضبط شعوره..
فتمتم يقول:
- لا يكذبون حقا! ان طريقتهم في وصف الحادث احيانا لا تدل فقط على انهم آانوا يقودون
السيارة في حدود السرعة المسموح بها بل تكاد توحي بانهم آانوا يسيرون الى الوراء.
فنظر المفتش اليه مؤنبا..
ورمقته مس بنيت في دهشة.
وقال المفتش بعد صمت قصير :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 32
- ما اريد الوصول اليه ، هو ان الانسان في سورة غضبه وسخطه يمكن ان يهدد بالانتقام من
الشخص الذي تسبب في مقتل طفله .. ولكنه اذا فكر في هدوء بعد ذلك ، وآان ما قيل في التحقيق
هو الحقيقة ، فانه لا بد ان يدرك ان ريتشارد لا ذنب له في تلك الحادثة..
فرد الرقيب :
- آه .. فهمت ماذا تعني .
- اما اذا آان قائد السيارة قد قادها بسرعة جنونيه ، او لم يكن في تمام وعيه..
فسألت مس بنيت:
- هل قالت لك لورا ذلك؟
- لماذا تظنين انها هي التي قالت ذلك؟..
فاضطربت وارتبكت وقالت:
- لا اعلم .. انه مجرد سؤال.
ثم نظرت الى ساعتها وقالت :
- هل ثمة اسئلة اخرى يا سيدي؟ قلت لك انني مشغولة آثيرا في هذا الصباح.
فقال المفتش :
- هذا آل ما هنالك في الوقت الحاضر يا مس بنيت..
فتهضت واسرعت الى الباب ..
وقبل ان تفتحه .. قال المفتش :
- اريد ان اتكلم الى جان.
فاستدارت مس بنيت تقول:
- اآون شاآرة اذا عدلت عن ذلك يا سيدي ، انه متوتر الاعصاب اليوم ، فقد نجحت في تهدئته
بعد جهد آبير ..
فقال المفتش :
- انا اسف يا مس ينيت ، ولكن لا مناص من استجوابه ..
فاغلقت مس بنيت الباب باحكام..
وعادت ادراجها الى المفتش . وقالت :
- لماذا لا تبحث عن ماآجريجور وتستجوبه ؟ انه لا يمكن ان يكون قد ذهب بعيدا..
- سوف نجده، فاطمئني.
فردت مس بنيت :
- ارجو ذلك .. الانتقام! ان الاديان السماوية لا تقر الانتقام..
فقال المفتش بلهجة لها مغزاها:
- سيما وان مستر واريك غير مسؤول عن الحادثة ، ولم يكن بوسعه ان يتجنبه ..
فنظرت اليه مس بنيت بحدة .. وتلاقت عيونهما طويلا ..
واخيرا قال المفتش مرة أخرى :
- ارجوك .. اريد التكلم الى جان..
فاجابت وهي تتحرك نحو الباب :
- لا أعلم اذا آنت سأجده ام لا ، ربما يكون قد خرج ..
فنظر المفتش الى الرقيب .. ونهض هذا على الفور ،وخرج للبحث عن الشاب..
فقالت مس بنيت للرقيب:
- حاول الا تضايقه ..
ثم عادت الى الغرفة ، فقالت للمفتش :
- لا تضايقوا هذا الشاب فانه سريع الانفعال..
- هل يلجأ عادة الى العنف؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 33
- آلا ،انه لطيف ووديع آالحمل ، ولكني لا اريدآم ان تزعجووه ، ان الحديث عن جرائم القتل
يزعج الاطفال ، وجان بتكوينه وتخلفه العقلي لا يعدو ان يكون طفلا..
فقال المفتش وهو يجلس امام المكتب :
- اطمئني يا مس بنيت .. اؤآد لك اني افهم الموقف حق الفهم ..
وفتح الباب..
ودخل جان والرقيب ..
وواصل الشاب السير حتى وصل الى حيث المفتش وسأله :
- هلا طلبتني؟ هل قبضت على القاتل؟
فقالت مس بنيت تحذره :
- مهلا يا جان ، مهلا .. اجب فقط على ما يلقى عليك من اسئلة.
فتحول اليها الشاب واجاب :
- سأفعل ذلك، ولكن الا استطيع ان القي شيئا من الاسئلة؟
فاجابه المفتش في رفق :
- طبعا تستطيع .
فجلست مس بنيت على طرف الاريكة وهي تقول :
- سأنتظر هنا .
فنهض المفتش على الفور وسار الى الباب وفتحه..
وقال يكلم مس بنيت :
- آلا يا مس بنيت ، وشكرا لك .. فاننا لن نحتاج اليك ، وبعد ألم تقولي انك مشغولة آثيرا اليوم؟
فقالت مس بنيت :
- اني افضل البقاء هنا .
فقال بحدة :
- انا اسف ، نحن نفضل استجواب الناس فرادى..
فنظرت اليه مس بنيت ، وادرآت من ملامح وجهه الا سبيل الى المناقشة ..
فتنهدت في ضيق ، وغادرت الغرفة ..
وأغلق المفتش الباب ،، بينما تأهب الرقيب لتسجيل اقوال الشاب وعاد المفتش الى مكانه امام
الكتب ..
ثم قال يسأل جان :
- اظن انك لم تشهد قبل الان حادثة قتل ..
فأجاب جان بحدة :
- آلا .. آلا . وانه لشيء مثير ، هل عثرت على اي اثر او بقعه دم ، او بصمات اصابع؟
- هل يثيرك منظر الدم؟
فأجاب الشاب بهدوء تام وبلهجة جدية :
- آثيرا . انني احب الدم ومنظره الجميل وحمرته القاتمة .. آان ريتشارد يطلق الرصاص على
الحيوانات والطيور فتنزف دما .. اليس مما يبعث على الضحك ان يطلق أحدهم الرصاص على
ريتشارد ، آما آان هو يطلق الرصاص على الحيوانات والطيور؟
فأجاب المفتش في هدوء:
- ذلك من سخرية القدر . ولكن حدثني ، هل ازعجك آثيرا موت اخيك؟
فرد جان :
- ازعجني .. موت ريتشارد، ولماذا انزعج؟
فقال المفتش :
- ظننت انك آنت تحبه .
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 34
فقال الشاب في دهشة :
- احبه ؟ احب ريتشارد ... آلا .. لا احد آام يمكن ان يحبه ..
- أطن ان زوجته آانت تحبه ..
فأجاب الشاب:
- لورا؟ لا اعتقد ذلك .. انها آانت دائما تقف الى جانبي ..
- الى جانبك؟
فرد جان :
- نعم .. عندما آان ريتشارد يريد ابعادي .
- ابعادك؟ الى اين؟
- الى احد تلك الاماآن ، حيث يغلقون عليك الابواب ولا تستطيع الخروج .. قال لي ان لورا
ستزورني هناك احيانا، ولكنني لا احب ان تغلق علي الابواب..
أحب الابواب المفتوحة والنوافذ المفتوحة حتى اشعر بانني استطيع الخروج حينما اشاء..
والان .. وقد مات ريتشارد ، ولن يستطيع احد ان يغلق علي الابواب .. اليس آذلك؟
فقال المفتش :
- نعم يا بني .. ولكن لماذا اراد ريتشارد ان يفعل بك ذلك؟
فقال جان:
- قالت لي لورا انه آان يقول ذلك فقط لمضايقتي .. وان آل شيء سيكون على ما يرام .. وانها
لن تسمح بابعادي طالما هي في هذا البيت..
انني احب لورا .. احبها آثيرا ، واشعر بسعادة لا حد لها حين العب معها.. وحين نطارد
الفراشات الجميلات ونبحث عن بيض العصافير معا..
فقال المفتش بلطف:
- أظن انك لا تذآر شيئا عن حادثة وقعت خلال اقامتكم في نورفولك .. حادثة طفل دهمته سيارة
..
- انني اذآر هذه الحادثة جيدا ، واذآر انهم استدعوا ريتشارد للتحقيق..
- حقا؟
- آنا ذلك اليوم نتناول غذاء السمك ، وعاد ريتشارد والممرضة ، وآانت الممرضة واجمة ، اما
ريتشارد فكان يضحك ..
- تعني بالممرضة مس واربرتون؟
فأجاب جان :
- نعم ، اني لا احبها آثيرا ، ولكن ريتشارد آان راضيا عنها في ذلك اليوم وقال لها ( احسنت )
...
* * *
وفتح الباب في هذه اللحظة ودخلت لورا ..
ورآها جان .. فاشرق وجهه وابتسم لها وصاح :
- ها هي لورا ..
فقالت متعذرة :
- هل ازعجتكم؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 35
فأجاب المفتش :
- آلا يا سيدتي .. تفضلي بالجلوس.
فقالت وهي تجلس على طرف الاريكة :
- هل جان ..
- آنت اسأله عما اذا آان يذآر شيئا عن حادث الطفل في نورفولك ، اعني طفل ماآجريجور!
فسألته لورا :
- هل تذآر هذه الحادثة يا جان..
- طبعا اذآره .. انني اذآر آل شيء .. ألم أحدثك عنها ايها المفتش؟
فقال المفتش :
- ماذا تعرفين انت عن الحادثة يا سيدتي؟ هل ناقشتموه على مائدة الطعام في ذلك اليوم، عقب
التحقيق؟
فأجابت لورا :
- لست اذآر !
فوثب جان من مقعده بسرعة وصاح :
- هل نسيت يا لورا ! هل نسيت عندما قال ريتشارد ( ما أهمية طفل بالزيادة أو بالنقص في هذا
العالم المزدحك ) ..
فقالت لورا وهي تنهض :
- أرجوك يا سيدي المفتش ..
- مهلا يا سيدتي ، ان من المهم جدا ، آما تعلمين – ان نعرف حقيقة الحادث لصلته الوثيقة
بمصرع زوجك ، فالفكرة السائدة هي ان حادثة الطفل هو الدافع الى جريمة القتل ..
فقالت لورا :
- أعلم ذلك .
- المفهوم مما قالته حماتك ان زوجك آان ثملا..
فتمتمت لورا :
- لا غرابة في ذلك ، فقد آان مولعا بالشراب.
- هل رأيت ذلك الرجل المدعو ماآجريجور؟
- آلا ، لم اره ، لانني لم احضر التحقيق..
فقال المفتش :
- قيل انه آان ثائرا ومصمما على الانتقام..
- يبدو ان الصدمة اثرت على قواه العقلية.
وآان جان يصغي الى ما يقال باهتمام شديد ، ويزداد انفعالا من لحظة لاخرى ..
فلما تكلم المفتش عن الانتقام ..
وثب من مقعده وصاح في حماسة :
- لو آان لي عدو لانتظرت ، وقتا طويلا مثله ، ثم تسللت تحت جنح الظلام والمسدس في يدي ..
و..و...
وبسط يده وحرك سبابته مرارا.. آما لو آان يصوب مسدسا ويطلقه ..
فصاحت به لورا :
- اصمت يا جان .
- هل انت غاضبة مني يا لورا؟
- آلا ايها العزيز .. انني لست غاضبة ، ولكني لا اريدك ان تنفعل ..
فأجابها جان :
- اني لست منفعلا..
قال المفتش :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 36
- لنعد الان الى ..
ولم يتم عبارته ، فقد حدثت جلبة في الخارج وقال صوت عرفت لورا على الفور انه صوت
ستارك.
آان يقول :
- طاب يومك يا مس بنيت.. اين المفتش توماس؟ اني اريد التكلم اليه .. هل هو في قاعة
الاستقبال؟
فأجابته مس بنيت :
- طاب يومك يا مستر واريك ، طاب يومك ايها الرقيب ، نعم . انه في قاعة الاستقبال ولا اعلم
ماذا يجري هناك ..
فقال صوت آخر لم تعرف لورا صاحبه :
- طاب يومك يا سيدتي .. اني احضرت هذه الاوراق للمفتش .. ارجوك ان تسلميها اليه ، او الى
الرقيب آادوالدر ..
فنظرت لورا الى المفتش .. وسألت :
- من هذا؟
فأجاب المفتش :
- انه الرقيب جونز ، ويبدو انه احضر بعض الاوراق
ثم تحول الى آادوالدر وقال له :
- أرجو ان تتسلم منه الاوراق ايها الرقيب ..
وقبل ان يبرح الرقيب مقعده .. فتح الباب بعنف ودخل ستارك.
آان انطباع لورا عن مايكل ستارك انه رجل هادئ الطباع ايجابي التفكير ، عملي في تصرفاته
وسلوآه .
ولذلك آانت دهشتها لا حد لها حين وجدته يدخل ثائرا، وشرر الغضب يتطاير من عينيه.
آان يصيح وهو يجتاز الغرفة في طريقه الى المفتش :
- اصغ الي ايها المفتش توماس ، اني لا استطيع ان اقضي النهار آله في مرآز الشرطة .. طلبوا
الي ان اذهب اليهم فذهبت، ثم طلبوا بصمات اصابعي فوافقت..
واخيرا طلبوا الي ان انتظرك بضع دقائق فانتظرتك ساعة، ان لدي اعمالي الخاصة ، وانا الان
على موعد مع اثنين من سماسرة البيوت .. ولا يسعني التخلف عن هذا الموعد..!
وآف عن الكلام ليلتقط انفاسه..
وعندئذ فقط وقع بصره على لورا ..
فقال في هدوء :
- طاب يومك يا مسز لورا .. انا اسف..
- طاب يومك يا مستر ستارك..
فقال المفتش :
- لقد اردت ان اسألك يا مستر ستارك ، هل حدث ليلة امس انك وضعن احدى يديك على هذه
المائدة وفتحت الباب المؤدي الى الحديقة باليد الأخرى؟
فرد ستارك :
- لا اعلم .. ربما فعلت ذلك، لا اذآر تماما
وعاد الرقيب وبيده ملف ..
فقدمه الى المفتش وهو يقول :
- جاء الرقيب جونز بهذا الملف، وهو يتضمن بصمات مستر ستارك وتقرير خبير الاسلحة..
فقال المفتش :
- دعني ارى ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 37
وتناول المفتش الملف ، وتصفحه بسرعة ، وقال :
- تماما .. الرصاصة التي قتلت مستر ريتشارد واريك اطلقت فعلا من هذا المسدس ، اما بصمات
مستر ستارك فسابحثها فورا .
وأخرج من حقيبة اوراقه تقرير خبراء البصمات .
بينما نظر جان الى ستارك في فضول ..
وسأله :
- هل انت قادم من ( عبدان) ما رأيك فيها ؟
فأجابه ستارك :
- حرها شديد..
ثم التفت الى لورا وسألها :
- آيف اصبحت اليوم يا مسز لورا؟ أراك أفضل حالا مما آنت بالامس ..
- نعم شكرا لك ، فقج مرة الازمة.
وهنا رفع المفتش رأسه وقال :
- هذا يحسم الموضوع .. انها ليست بصماتك يا مستر ستارك .
فأجاب ستارك :
- أية بصمات تعني ؟
- ان بصماتك واضحة على الباب والزجاجة والقدح والولاعة ، أما بصمة الكف التي على المائدة
فانها ليست لك ، ولا لأي واحد ممن حصلت على بصماتهم .. وهذا يحسم الموضوع ، وحيث انه
لم يأت زائرون ليلة أمس ..
ونظر الى لورا ، فقالت :
- آلا.. لم يأت زائرون ليلة امس ..
فمضى المفتش في حديثه .. قال :
- وحيث انه لم يأت زائرون ليلة امس ، فلابد ان تكون هذه هي بصمة ماآجريجور.
فهتف ستارك وهو ينظر الى لورا :
- بصمة ماآجريجوار؟
فقال المفتش :
- هل يدهشك ذلك؟
فأجاب ستارك :
- نعم ، اذ المفروض انه استخدم قفازا.
- انه استخدم القفاز عندما استعمل المسدس..
فالتفت ستارك الى لورا وسألها :
- هل سمعتم ما يوحي بوقوع شجار بين القاتل وضحيته . ام انكم لم تسمعوا سوى الطلق الناري؟
فقالت لورا :
- الواقع اننا .. اعني انا ومس بنيت .. لم نسمع سوى الطلق الناري ، ولو قد حصل شجار لما
وصل الى اسماعنا في الطابق الاول ..
* * *
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 38
وفي هذه اللحظة ، فتح الباب المؤدي الى الحديقة ودخل رجل وسيم في نحو السادسة والعشرين
من عمره تدل مشيته وحرآاته على انه من العسكريين.
ولم يكد جان يرى الزائر حتى ابتهج وصاح :
- جوليان ، جوليان !
فنظر اليه جوليان بسرعة .. ثم تحول الى لورا وقال في حزن :
- آم انا اسف يا لورا !! لم اعلم بما حصل الا منذ لحظات ..
فقال المفتش :
- طاب يومك يا ميجور فارار..
فالتفتت اليه جوليان وقال :
- حادث مؤسف حقا ايها المفتش، مسكين ريتشارد!
فصاح جان :
- آان ميتا في مقعده ، وفي جيبه ورقة ، هل تعرف ماذا آان مكتوبا فيها .. آان مكتوبا فيها : (
يوم الانتقام) .. اليس ذلك مثيرا...
فقال جوليان وهو ينظر الى جان متسائلا:
- طبعا .. طبعا !
ولاحظ المفتش نظرة جوليان الى ستارك..
فقام بمهمة التعريف ، قال :
- مستر مساآل ستارك ، ميجور جوليان فارار، المرشح لعضوية النواب في الانتخابات الفرعية
التي تجري الان ..
فشد آل من الرجلين على يد الاخر ..
وقال المفتش :
- ان مستر ستارك رأى القاتل وهو يفر من الحديقة ليلة أمس .
فقال ستارك:
- الواقع ان سيارتي سقطت في حفرة .. فدخلت هذا البيت في طلب النجدة..
فسأل جوليان :
- في أي اتجاه فر القاتل ؟
- ليس لدي ايه فكرة ، انه اختفى في الضباب آما لو آان ذلك بسحر ساحر ..
فقال جان :
- ألا تذآر يا جوليان انك قلت لريتشارد ان شخصا ما سوف يقتله رميا بالرصاص في احد الايام؟
فساد صمت عميق ، وتحولت آل الانظار الى جوليان الذي رد بعد لحظة :
- أنا قلت له ذلك .. لا اذآر ..
فقال جان :
- حدث ذلك حول مائدة العشاء ، وآنتما تتناقشان ، فقلت له : سوف يطلق احد الناس الرصاص
على رأسك يوما ما يا ريتشارد ..
فقال توماس :
- يا لها من نبوءة عجيبة ..
فتنهد جوليان .. وقال وهو يجلس على أحد المقاعد :
- الواقع ان الناس ضاقوا بريتشارد وسلوآه ومسدساته ، آان مصدر ازعاج للكثيرين..
هل تذآرين ( غريفيث ) يا لورا؟ ذلك البستاني الذي طرده ريتشارد في العام الماضي؟ انه قال
لي اآثر من مرة : " سأذهب يوما لاى مستر واريك واقتله بمسدس " .
فقالت لورا :
- ان غريفيث لا يقدم على عمل مهذا.
فقال جوليان بسرعة :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 39
- آلا .. آلا ، لا اعني انه الذي ارتكب هذه الجريمة ، انما اردت فقط ان اعبر عن شعور الناس
نحور ريتشارد ، وان اقدم نموذجا مما يقولونه عنه ، ويضمرونه له ..
وحاول أن يخفي ارتباآه..
فاخرج من جيبه علبة تبغ ، وتناول منها سجارة ، واستطرد قائلا وهو ينظر الى لورا..
- ليتني اتييت الى هنا ، ليلة الامس .. آان في نيتي ان افعل ذلك..
فقالت لورا في هدوء :
- لم يكن في استطاعتك ان تسير وسط ذلك الضباب الذي لم يسبق له مثيل ..
فقال جوليان:
- آلا .. الواقع اني دعوت اعصاء لجنتي الانتخابية لتناول العشاء عندي ، وبعد العشاء مباشرة ،
لاحظوا بوادر الضباب فانصرفوا مبكرين وخطر لي عندئذ ان اجئ لزيارتكم ثم عدلت.
آان يتكلم ويبحث في جيوبه عن شيء ..
ثم قال وهو يجيل البصر حوله:
- الا اجد مع أحدآم عود ثقاب؟ يبدو انني اضعت ولاعتي في مكان ما.
وفجأة ، رأى الولاعة على المائدة ، حيث ترآتها لورا ، في الليلة السابقة ..
فهتف :
- آه .. ها هي هناك ، م أآن ادري اين ترآتها.
ونهض ليتناول الولاعة.
ولم يفت ستارك ملاحظة ذلك آله.. ولكنه لم ينطق بكلمة ..
وقالت لورا فجأة .. ولعلها ارادت ان تصرف الاذهان عن موضوع الولاعة :
- جوليان..
ومدت اليه يدها في طلب لفافة تبغ، فقدم لها سيجارة وهو يقول :
- لشد ما آلمني هذا الذي حصل يا لورا .. هل استطيع عمل شيء؟
فقالت لورا :
- شكرا ، شكرا .. أنا ادرك شعورك ..
وآان جان طوال الوقت يتطلع الى ستارك بفضول واعجاب ، ولم يلبث ان يساله :
- هل تجيد اطلاق النار يا مستر واريك؟ انا اجيده فقد آان ريتشارد يسمح لي بالتدريب احيانا ..
ولكني لم اربع في ذلك مثله ..
- أحقا ؟ بأي سلاح آنت تتدرب؟
وبينما آان ستارك منصرفا الى الحديث مع جان ، وتوماس والرقيب في شغل بأوراقهما ..
انتهزت لورا الفرصة للتكلم الى جوليان.
فقالت له بصوت خافت :
- يجب ان اتكلم اليك يا جوليان .. يجب !
فهمس قائلا :
- آوني على حذر
وقال جان ردا على سؤال ستارك :
- بندقية عيار 22 ، انني اجيد اصابة الاهداف ،اليس آذلك يا جوليان؟ هل تذآر يوم ذهبنا الى
مدينة الملاهي وصوبت البندقية على قنينتين واصبتهما؟
فرد جوليان :
- ذلك صحيح ، انك قوي البصر وهذا هو المهم..
فارتسمت على شفتي الشاب ابتسامة سعيدة ، واستدار ليراقب المفتش وهو يتصفح اوراقه ..
أما ستراك فانه تناول لفافة تبغ ..
وقال يستأذن لورا :
- هل تسمحين لي بالتدخين؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 40
فقالت له بصوت خافت :
- طبعا .. طبعا ،
فالتفت الى جوليان وقال :
- هل تسمع لي بالولاعة ؟
- بلا شك .. ها هي ..
وتناول ستارك الولاعة وتأملها وقال :
- ولاعة جميلة ..
واشعل سيجارته .. وهمت لورا بان تقول شيئا ثم امسكت ..
وقال جوليان:
- نعم .. انها من النوع الجيد..
ففحص ستارك الولاعة مرة اخرى ، ثم نظر الى لورا بسرعة ورد الولاعة لصاحبها قائلا:
- اشكرك..
وقال جان يكلم المفتش :
- هل تعلم ان لدى ريتشارد مجموعة آبيرة من البنادق .. وان بينها بنادقة خاصة تستعمل فقط في
صيد الافيال ، هل تريد ان تراها ؟ انه يحتفظ بها في غرفة نومه..
فقال المفتش وهو ينهض :
- لا بأس من ان القي نظرة .. هلم بنا .
ونظر اليه وابتسم ، واستطرد يقول :
- هل تعلم يا جان انك ساعدتنا آثيرا ، يخلق بنا ان نضمك الينا لتعمل معنا !
ثم تحول الى ستارك وقال :
- لا اظن اننا سنحتاج اليك الان يا مستر ستارك ، وفي استطاعتك ان تذهب لمباشرة اعمالك ،
فقط ارجوك ان تظل على اتصال بنا ..
قال ذلك وانصرف مع جان وتبعهما رقيب الشرطة ..
وتظر ستارك الى لورا وقال :
- يجب ان اذهب الان لارى ماذا فعلوا بالسيارة ، انني لم ارها ونحن في طريقنا الى هنا الان ..
ويبدو ان العمال اخرجوها من الحفرة ..
قال ذلك وخرج من باب الحديقة الى الشرفة ، ونظر حوله ، وهتف في دهشة :
- لكم يبدو آل شيء مختلفا في ضور النهار ..
ولم يكد ستارك يتوارى في الشرفة حتى اسرعت لورا الى جوليان وقالت له هامسة :
- جوليان .. تلك الولاعة ، انا قلت انها ولاعتي.
- قلت انها ولاعتك؟ لمن قلت ذلك؟ .. للمفتش؟
- آلا .. له .
وأومأت برأسها نحو الشرفة .
فسألها جوليان :
- لذلك . لذلك الرجل..
ولم يتم عبارته ...
فقد رأى ستارك يروح ويغدو في الشرفة
ورفعت اصبعها الى سفتيها وقالت محذرة :
- صه .. اخشى ان يسمعنا
فقال جوليان هامسا :
- من هو؟ هل تعرفينهظ
- آلا . لا اعرفه . وقع حادث لسيارته ليلة أمس ، فدخل البيت عقب !
فقال وهو يضع يده على مسند الاريكة ، فوق يدها :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 41
- دعك من ذآر ذلك الحادث المروع يا عزيزتي ، آل شيء سيكون على ما يرام فاطمئني..
- والبصمات يا جوليان..
- اية بصمات ؟
- البصمات التي وجدت على المائدة .. وعلى زجاج الباب ، هل هي بصماتك؟
فرفع جوليان يده من فوق يدها بسرعة ، وأشار نحو الشرفة .
فقالت بصوت مرتفع دون ان تنظر خلفها :
- شكرا لك يا جوليان .. انا اعلم انك تستطيع ان تفعل الكثير من اجلنا ..
قالت ذلك وقعدت على مقعد امام جوليان ، ونظرت الى باب الحديقة ولم ترى ستارك..
فقالت في همس :
- هل هي بصماتك يا جوليان؟ فكر جيدا
- على المائدة؟ أظن انها بصماتي ..
- يا إلهي ، وماذا سنفعل ؟
ومر ستارك بالشرفة .. فصمتت وارسلت من فمها سحابة من الدخان ، وانتظرت حتى توارى
ستارك نرة اخرى ..
ثم قالت :
- ماذا سنفعل؟ فقد ظن المفتش انها بصمات ماآجريجور
- هذا حسن ، ربما سيظل يظن ذلك
- ولكن هب ان ..
- يجب ان اذهب الان ، ان لدي موعدا هاما ..
ونهض وقال وهو يربت على آتفها :
- سيكون آل شيء على ما يرام يا عزيزتي ، فلا تنزعجي ..
ودخل ستارك في هذه اللحظة ، والتقى بجوليان امام باب الشرفة وهتف :
- هل ستذهب الان؟
- نعم .. اني مشغول هذه الايام بسبب الانتخابات الفرعية التي ستجري بعد اسبوع ..
- معذرة عن جعلي ، فاني لا اتابع انباء السياسة الداخلية ، مع اي حزب انت؟ حزب المحافظين
..
- آلا .. حزب الاحرار .
- الا يزال هذا الحزب على قيد الحياة ؟
وابتسم ساخرا ..
فنظر اليه جوليان بامتعاض وانصرف ...
* * *
وساد الصمت لحظة ..
وسرعان ما تلاشت الابتسامة على شفتي ستارك ، وقال وهو يهز رأسه وينظر الى لورا بحدة :
- الان بدأت افهم ..
- ماذا تعني؟
- هذا الشخص عشيقك ، اليس آذلك ؟ .. .تكلمي
فردت في تحد :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 42
- مادمت قد سألت ، فالجواب هو نعم
- يبدو ان هناك اشياء آثيرة لم تصارحيني بها ليلة البارحة ، اليس آذلك ، لهذا خطفت الولاعة
بسرعة ، وزعمت انها ولاعتك .
منذ متى بدأت العلاقة بينك وبين هذا الشخص ؟
- منذ بعض الوقت
- لماذا لم تهربي معه اذن؟
- لاسباب آثيرة ، اهمها الحرص على مستقبله السياسي
فجلس ستارك على مقعد ، وبدا الضيق واضحا على وجهه..
قال :
- لم تعد لهذه الاعتبارات اهمية في هذه الايام ، اآثر الساسة يرتبكون الفحشاء بمثل البساطة التي
يدخنون بها لفافة تبغ.
- هناك اعتبارات خاصة ، فقد آان جوليان صديقا لريتشارد، وآان ريتشارد آسيحا ..
- آه.. حقا .. انها اعتبارات تسء الى سمعة صاحبك ومرآزه،
- هل آان ينبغي ان احدثك بكل هذا ليلة البارحة ..
فقال ستارك :
- آلا ، لم يكن ذلك ضروريا ..
- الواقع اني لم ارى له ايه اهمية ، فقد آان اهم منه بالنسبة الي اني قتلت ريتشارد..
فقال دون ان ينظر اليها :
- نعم ، نعم .. انا ايضا لم افكر الا في ذلك .
ثم اردف بعد صمت قصير :
- هل لديك مانع من القيام بتجربة بسيطة .. اين آنتي تقفين عندما اطلقت الرصاص على ريتشارد
؟
فقالت في حيرة :
- اين آنت اقف؟!
- نعم
- هناك
واشارت نحو باب الشرفة .
فقال :
- اذهبي وقفي حيث آنتي تقفين امس عندما اطلقت الرصاص على ريتشارد.
فقالت وهي تنهض ببطء :
- انا لا اذآر اين آنت اقف ، لا تطالنبي بان اتذآر .. آنت .. آنت في اشد حالات الاضطراب .
فقال ستارك :
- لقد قال لك زوجك شيئا اثارك .. فاختطفت منه المسدس .
ونهض واقفا .. ووضع سيجارته في المنفضة وقال :
- دعينا نعيد تمثيل الحادثة .. ها هي المائدة .. وها هو المسدس ..
قال ذلك وتناول السيجارة من يدها ووضعها ايضا في المنفضة ، ثم اخرج مسدسه ووضعه على
المائدة وقال :
- آنتما تتشاجران ، فتناولت المسدس .. هيا تناولي المسدس .
فمدت يدها ..
ثم احجمت وقالت :
- آلا . لا اريد
فرد ستارك :
- لا تكوني حمقاء ، انه غير محشو ، هلمي تناوليه..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 43
فاطاعت لورا ، وتناولت المسدس
فقال ستارك :
- انك لم تتناوليه هكذا ببطء ، بل اختطفته لسرعة واطلقت الرصاص ، والان اريني آيف فعلتي
ذلك ..
فتراجعت لورا بضع خطوات الى الوراء ، وهي ممسكة بالمسدس بطريقة تدل على انها لم تمس
مسدسا قبل تلك اللحظة
وصاح ستارك يستحثها :
- هلمي .. اريني آيف فعلت
فحاولت ان تصوب المسدس ..
وصاح بها ستارك :
- اطلقي المسدس ، انه غير محشو ..
ولكنها وقفت مترددة ، ولم تطلق المسدس ..
فتناول ستارك المسدس من يدها ..
وقال وفي عينيه نظرة انتصار :
- هذا ما ظننته ، انك لم تطلقي مسدسا طول حياتك ، بل ولا تعرفين آيف يطلق المسدس .
ونظر الى المسدس واستطرد :
- وايضا لا تعرفين آيق يرفع الزناد .
ووضع المسدس على المائدة ..
وجلس على الاريكة وقال في هدوء ..
- انك لم تطلقي الرصاص على زوجك ..
- بل اطلقته
فرد ستارك :
- آلا .. آلا ، انت لم تطلقيه
فارتسمت على وجهها دلائل الخوف قائلة :
- لماذا اعترفت اذن بقتله اذا لم اآن قد قتلته؟
فتحول اليها بغته وقال :
- لان جوليان فارار هو الذي قتله .
- آلا ..
- نعم ..
- آلا ..
- اؤآد انه القاتل .
- اذا آان جوليان هو القاتل حقا ، فلماذا اعترف انا بالجريمة ؟ فأجاب ستارك وهو يصعدها
بعينيه في قدوء :
- لانك ظننت ، وبحق ، انني ساتستر عليك واحميك .. نعم .. انك خدعتني بمهارة ، ولكن آل
شيء قد انتهى الان .. هل سمعتي؟ آل شيء قد انتهى . ولن استمر بعد الان في هذه الاآاذيب
لانقاذ الميجور جوليان فارار من حبل المشنقة.
فنظرت اليه لورا وابتسمت ..
ثم سارت في هدوء الى حيث آانت المنفضة على المائدة ، فتناولت سيجارتها وتحولت اليه
وردت ببطء :
- بل شتشتمر .. يجب ان تستمر ، فليس في ا ستطاعتك ان تتراجع الان ، انك ادليت باقوالك الى
مفتش البوليس ولا يمكنك الان ان تعدل عنها او تغيرها .
فبهت ستارك وهتف :
- ماذا قلت؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 44
فجلست على مسند الاريكة ..
وقالت في هدوء :
- مهما تكن معلوماتك عن الجريمة ، او ظنونك واوهاوك بشانها ، فأنت ملتزم بالقصة التي
رويتها للمفتش ، لانك اصبحت شريكا في الجريمة، انت نفسك قلت ذلك .
وأرسلت من فمها سحابة من الدخان..
فاتبعث ستارك واقفا ، ونظر اليها وقد الجمته جرأتها ،، ثم تمتم وهو ينظر اليها شذرا
- أيتها ال...
آانت الشمس قد اوشكت على المغيب حين خرج جوليان الى الشرفة ونظر الى الحديقة بعينين
شاردتين!
آانت تبدو على وجهه دلائل الانزعاج والقلق الشديد..
ولم يلبث ان نظر الى ساعته وعاد ادراجه الى قاعة الاستقبال ،، وانه يذرع ارض القاعة جيئة
وذهابا، اذ وقع على صحيفة فوق المكتب .
آانت احدى الصحف المحلية ، وقد نشرت في صدرها بحروف آبيرة نبأ مصرع ريتشارد
واريك.
فتناولها وجلس على مقعد وراح يقرأ ما ورد فيها عن الحادث ..
وقبل ان يفرغ القراءة فتح باب الغرفة ..
فانبعث واقفا وهتف في لهفة ..
- لورا
وارتسمت خيبة الامل على وجهه حين وقع بصره على انجل ..
تهالك على المقعد مرة اخرى .. ليستأنف القراءة ..
قال الخادم ستحضر مسز لورا بعد لحظة يا سيدي ..
فلم يجب جوليان ..
واستغرق في القراءة ..
فقال الخادم بعد قليل :
- معذرة يا سيدي ، هل استطيع ان اتحدث اليك لحظة؟
فاستدار اليه جوليان ..
ثم سأله :
- نعم يا انجل .. ماذا تريد؟
فاقترب انجل بضع خطوات وقال :
- اني قلق على مرآزي هنا يا سيدي ، وقد خطر لي ان استشيرك .
فقال جوليان بغير اهتمام ، لانه آان في شغل بمتاعبه الخاصة :
- ماذا يقلقك يا انجل؟
فقال انجل :
- يقلقني اني اصبحت بلا عمل بعد موت مستر واريك.
- هذا امر طبيعي ، ولكني اعتقد انك ستجد عملا اخر بسهولة ، اليس آذلك؟
فرد انجل :
- ارجو ذلك يا سيدي.
- انك فيما اعلم شخص مؤهل ومدرب
- نعم يا سيدي ، وتوجد اعمال آثيرة في المستشفيات وبيوت العظماء لمن آان مثلي ..
- ماذا يزعجك اذن؟
فقال انجل :
- ان الظروف التي انتهى بها عملي هنا لا تدعو على الارتياح.
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 45
فسأله جوليان:
- معنى ذلك انك تشعر بالاستياء ، لان عملك هنا قد انتهى بسبب جريمة قتل؟
فتمتم انجل قائلا :
- ذلك ما اعنيه يا سيدي
- هذا امر لا يستطيع احد ان يصنع شيئا حياله ، ولكن مما لا شك فيه ان مسز لورا سوف تعطيك
شهادة مريضة..
قال ذلك واخرج علبة سجائره، وتناول منها سيجارة .. ثم اعاد العلبة الى جيبه..
فقال انجل :
- لن تكون هناك صعوبة من هذه الناحية يا سيدي ، فمسز لورا سيدة لطيفة ، وظريفة ..
وآان في لهجة الخادم شيء اثار ريبة جوليان وقلقه ، فاستدار اليه وقال بحزم:
- ماذا تعني؟
- اني لا اريد ان اآون مصدر ازعاج من اي نوع لمسز لورا.
- تعني انك تنوي البقاء بعض الوقت للعمل في البيت ارضاء لها؟
فقال انجل :
- اني اتعاون فعلا في اعمال البيت ، ولكن ليس ذلك ما اعنيه ، ان ضميري يعذبني يا سيدي.
فصاح جوليان بحدة:
- ضميرك؟ ماذا تعني بحق الشيطان ؟
فقال انجل :
- لا اظن انك تدرك حقيقة موقفي يا سدي ، اقصد موقفي من البوليس ، ان واجبي آمواطن
يفرض علي ان اعاون البويس بكل طريقة ممكنة ،ولكني في الوقت نفسه اريد ان اظل مخلصا
للاسرة التي اخدمها.
فقال جوليان وهو يشعل سيجارته :
- انك تتكلم آما لو آان هناك تضارب بين واجبك آمواطن ، وولائك للاسرة.
فقال انجل :
- اذا فكرت في الامر مليا يا سيدي ،، انك ستفطن الى هذا التضارب .
- الى ماذا تهدف بالضبط يا انجل؟
فقال انجل بتؤده:
- ان رجال البوليس يا سيدي ليسوا في مرآز يتيح لهم رؤية الخلفيات .. والخلفيات قد تكون لها
اهمية قصوى في قضية آهذه.. يضاف الى ذلك انني آنت اعاني من ارق شديد في الفترة الاخيرة
.
فقال جوليان في دهشة :
- وما الصلة بين ارقك وهذه القضية؟
فرد انجل :
- من سوء الحظ يا سيدي اني اويت الى فراشي مبكرا ليلة البارحة ولكني لم استطع النوم ..
فسأله جوليان :
- هذا امر يؤسف له.. ولكن
- ونظرا لموقع غرفتي ، فقد استطعت ان اعرف اشياء ربما غابت عن فطنة رجال البوليس .
- ماذا تريد ان تقول؟
- المفهوم يا سيدي ان مستر واريك آان مريضا وآسحيا ،، فمن الطبيعي والحالة هذه ان تكون
لزوجته الشابة الفاتنة علاقات اخرى ..
فقال جوليان بخشونة:
- اهذا ما تعنيه؟ ان لهجتك لا تعجبني يا انجل ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 46
- ارجو الا تتسرع في الحكم علي ياسيدي .. واذا فكرت في الامر مليا ، فستجد ني في مرآز بالغ
الدقة والصعوبة ، فانا اعرف اشياء لم ابح بها بعد لرجال البوليس ، بينما الواجب يحتم علي ان
ابوح بها ..
فاعتدل جوليان في جلسته وقال :
- اعتقد ان ما ذآرته عن معلوماتك وواجبك والبوليس هو مجرد هذيان والحقيقة انك تريد ان
توحي الي بانك في مرآز يتيح لك ان تثير الغبال ما لم ..
وصمت قليلا .. ثم قال :
- ما لم ، ماذا؟
- اني آما سبق ان ذآرت ، ممرض مؤهل ، ومن السهل ان اجد عملا في مستشفى او في بيت
احد العظماء .. ولكني اتوق احيانا لان يكون لي عمل خاص بي ، آمحصة صغيرة تتسع لخمسة
او ستة من المرضى .. او المدمنيين الذين يثيرون المتاعب لذويهم..
وقد استطعت ان ادخر بعض المال ، ولكنه لسوء الحظ لا يكفي ، لذلك خطر لي ..
- خطر لك اني او مسز لورا او آلينا معا قد نتقدم لمساعدتك ماليا لتنفيذ مشروعك ؟
فقال انجل :
- ذلك مجرد خاطر خطر لي يا سيدي .. فاذا تحقق آان ذلك آرما عظيما..
فقال جوليان ساخرا :
- نعم .. سيكون آرما عظيما حقا..
فتمتم انجل قائلا :
- انك المحت في شيء من الخشونة يا سيدي ، الي اني اهدد باثارة الغبار او بمعنى اخر اهذذ
باثارة فضيحة وذلك غير صحيح لاني لا افكر في امر آهذا اطلاقا
فنهض جوليان واقفا وقال :
- انك تهدف الى شيء معين يا انجل ؟ ماهو ؟
فرد انجل بهدوء:
- قلت لك يا سيدي ، انني لم استطع النوم ليلة البارحة وقد ظللت مفتوح العينيين ، وصوت نفير
الانذار بالضباب يدوي في اذني ..
ثم خيل الي اني سمعت صوت نافذة تفتح وتغلق بفعل الريح وتكرر هذا الوت مرارا، وهو صوت
مزعج لشخص مؤرق يحاول ان ينام ، فنهضت من فراشي ونظرت من النافذة ولقيت ان ذلك
الصوت المزعج ينبعث من نافذة حظيرة الدجاج ، التي تقع تحت غرفتي مباشرة .
فسأله جوليان :
- وبعد ذلك ؟
فقال انجل ببرود :
- بعد ذلك قررت ان اذهب الى الحظيرة واغلق النافذة لاتخلص من ذلك الدوي المزعج .
وبينما آنت اهبط السلم سمعت صوت طلق ناري فقلت لنفسي هوذا مستر واريك قد عاد الى صيد
القطط ، ولكني لا اظنه يستطيع ان يتبين هدفه في هذا الضباب .
وتسللت الى الحظيرة واغلقت النافذة من الداخل وقبل ان اهم بمغادرتها سمعت وقع اقدام في هذه
الشرفة ..
ثم تحرآت الاقدام من الشرفة الى الطريق الذي يمتد منها في محاذاة الجدار ، حتى يدور حول
الرآن الايمن للبيت ..
وهو طريق شبه مهجور لا يستعمله احد سواك يا سيدي آلما اتيت الى هذا البيت او غادرته لانه
في الواقع اقصر طريق بين بيتك وهذا البيت ..
فقال جوليان ببرود :
- امض في حديثك .
فقال انجل بتؤدة :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 47
- الحق يا سيدي اني شعرت بالخوف والقلق عندما سمعت وقع الاقدام اذ خشيت ان يكون لص قد
تسلل الى البيت ولكن شد ما آان سروري وارتياحي عندما رايتك تمر امام نافذة الحظيرة ، وانت
تسرع الخطى وتهرول عائدا الى البيت .
فصمت جوليان لحظة .. ثم هز رأسه وقال :
- لم افهم بعد غرضك من رواية هذه القصة هل هناك مسألة معينه تحاول ان تبرزها ؟
فسعل انجل آمن يشعر بالحرج .. ثم قال :
- اني اتسائل يا سيدي هل ذآرت للبوليس انك اتيت ليلة امس لمقابلة مستر واريك؟ وعلى فرض
انك لم تذآره ، وان رجال البوليس ، اقبلوا ليلقوا علي مزيدا من الاسئلة عن احداث الليلة الماضية
..
فقاطعه جوليان قائلا :
- هل تعرف ان الابتزاز جريمة؟ وان جريمة الابتزاز عقوبتها في منهى الصرامة ؟
ففر اللون من انجل . ولكنه تمالك نفسه بسرعة فقال :
- الابتزاز ؟ ماذا تعني يا سيدي؟ ان المسألة –آما سبق ان قلت – هي مسألة التمزق الذي اشعر
به امام واجبين متعارضين .. والبوليس ؟
فقاطعه جوليان مرة اخرى وقال وهو يطفئ سيجارته :
- ان قاتل مستر واريك قد فضح نفسه ، ورجال البوليس يعرفونه الان جيدا ولا اعتقد انهم
سيعودون لاستجوابك مرة اخرى .
فقال انجل في ذعر :
- اؤآد لك يا سيدي اني لم اقصد الا ...
فقاطعه للمرة الثالثة قائلا :
- انت تعلم تماما انه لم يكن في مقدورك ان تتعرف على اي شخص وسط الضباب الكثيف ليلة
البارحة . ولكنك اخترعت هذه القصة لكي ..
وقبل ان يتم عبارته .. فتح الباب ، ودخلت لورا ..
وبدت عليها الدهشة حين رأت انجل ، ولكنها تحولت الى جوليان وقالت :
- يؤسفني انني ترآتك تنتظر يا جوليان .
فقال انجل استعدادا للانصراف :
- ربما تحدثت اليك في هذا الموضوع البسيط مرة اخرى ، فيما بعد يا سيدي .
فقال ذلك وحنى قامته للورا وانصرف ..
وأغلق الباب وراءه ...
وانتظرت لورا لحظة .. ثم اسرعت الى جوليان وهي تهتف:
- جوليان !!
فقال في شء من الاستياء :
- لماذا ارسلت في طلبي يا لورا؟
فاجابته في دهشة :
- لقد انتظرتك طول النهار..
- آانت مشاغلي منذ الصباح ، اجتماعات ، ولجان ، ومقابلات ، وسوف يستمر ذلك حتى تنتهي
الانتخابات ، وعلى آل حال ، أفلا ترين من الأفضل يا لورا ان نكف عن هذه اللقاءات؟
- ولكن هناك أمورا يجب ان نناقشها ..
فقال وهو ينظر الى الباب :
- هل نعلمين ان انجل يحاول ان يمارس معي عملية ابتزاز؟
فاجابت مستغربة :
- انجل؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 48
- نعم ، ومن الواضح انه يعرف الكثير عن علاقتنا ، آما يعرف اني آنت هنا ليلة البارحة.
- هل تعني انه رآك؟
فأجاب وهو ينظر عبر باب الحديقة :
- يقول انه رآني
- لم يكن في استطاعته ان يراك في الضباب
- لقد روى لي قصة عن نافذة في حظيرة الدجاج آانت مفتوحة فذهب لاغلاقها ورآني امر امام
الحظيرة في الطريق الى بيتي ..
آذلك قال انه سمع قبل ذلك صوت طلق ناري غير انه لم يعر الامر اهتماما..
- يا إلهي ! وما العمل؟
- لا اعلم ، يجب ان نفكر في الامر
- ستعطيه نقودا؟
فتمتم قائلا :
- آلا .. آلا .. اذا فعلت ذلك آانت بداية النهاية ، ومع ذلك ... ماذا بوسعنا ان نفعل ؟
ومسح جبينه بيده وقال :
- ليس هناك من يعلم اني اتيت الى هنا ليلة البارحة ، ان خادمتي نفسها لا تعلم .. والمسألة الان
هي ، هل رآني انجل حقا ، ام انه يزعم ذلك؟
- هب انه ذهب الى البوليس ، فماذا يكون ؟
فأجاب وهو يمسح جبينه بيده مرة اخرى ..
- لا اعلم ، يجب ان افكر ، فليس امامي الى ان اقول انه آاذب ، او ازعم اني لم اغادر منزلي
ليلة البارحة ..
- والبصمات ؟
فسألها مستفهما :
- أية بصمات ؟
- هل نسيت؟ البصمات التي وجدت على المائدة وزجاج النافذة ، ان مفتش البوليس يعتقد انها
بصمات ماآجريجور ، ولكن اذا ذهب اليه انجل وروى له تلك القصة فان المفتش لا بد ان يطلب
بصماتك ، وعندئذ..
فبدت على وجه جوليان دلائل الهم والانزعاج..
ثم قال :
- نعم .. نعم.. حسنا اذن ، سأعترف لمفتش البوليس اني اتيت الى هنا ليلة البارحة ، وانتحل عذرا
لذلك آأن ازعم اني اتيت لمقابلة ريتشارد لامر ما ، واننا تحدثنا معا
فقالت بسرعة :
- تستطيع ان تقول انه آان في خير حال عندما ترآته .
فنظر اليها بمرارة .. وقال بحدة:
- ما ابرعك في تبسيط الامور ! أتعتقدين اني استطيع ان اقول ذلك؟
- يجب ان يقول الانسان شيئا ..
فاقترب من المائدة وقال :
- نعم .. اني وضعت يدي على هذه المائدة عندما انحنيت لانظر الى ..
وتذآر المنظر الذي رآه !
وارتسمت في عينيه نظرة ذعر ..
فقالت لورا :
- طالما انهم يعتقدون انها بصمات ماآجريجور ..
فصاح في غضب :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 49
- ماآريجور! ماآجريجور! ماذا جعلك تفكرين في تلك الورقة وتضعينها في جيب ريتشارد ،
بحق السماء؟ ألم يكن عملك هذا مجازفة خطيرة؟
فردت في ارتباك :
- نعم .. لا .. لا أعلم !
فقال لها وهو ينظر اليها بنفور:
- ما أشد جرأتك في الاجرام ..
- آان يجب ان نبحث عن وسيلة ،وآنت عاجزة عن التفكير ، ان هذه هي فكرة مايكل ..
- مايكل؟
- مايكل ستارك ..
فسألها مندهشا :
- تعنين انه الذي عاونك؟
فصاحت في ضجر :
نعم، نعم، نعم .. لذلك اردت مقابلتك لاوضح ذلك ..
فقال والغيرة تأآل قلبه :
- ما علاقة مايكل ستارك بهذا؟
- انه جاء ورائي والمسدس في يدي .. و ..
فصاح في اشمئزاز :
- وبطريقة ما .. استطعت ان تقنعيه بأن ..
- وهو الذي اقنعني .. اصغ الي يا عزيزي ..
وحاولت ان آتفيه بيديها ، ولكنه دفعهما عنه في رفق وجلس امام المكتب ..
وقال دون ان ينظر اليها :
- قلت لك اني سأبذل قصارى جهدي .. ولكن لا تظني أن..
فقاطعته قائلة في هدوء :
- انك تغيرت يا جوليان !
فرد عليها بهدوء :
- اني لا استطيع ان اشعر بنفس الاحاسيس بعد هذا الذي حدث ، لا أستطيع .
- اما انا فاستطيع ، فلن تتغير مشاعري نحوك مهما فعلت ..
فرد عليها جوليان :
- دعينا من العواطف الان ، ولننظر الى الحقائق .
- على رسلك .. هل تعلم اني قلت لستارك اني التي ارتكبت الجريمة؟
فنظر اليها آمن لا يصدق اذنيه وصاح :
- أنت قلت له ذلك؟
- نعم ..
- ووافق على مساعدتك ، رغم انه لا يعرفك ولا تعرفينه؟ لا بد انه مجنون .
فعضت على شفتها قائلة :
- ربما آان مجنونا .. ولكنه انسان ، وقد ادخل الطمأنينة على نفسي ..
فقال جوليان في غضب :
- هل معنى ذلك ، انه لا يوجد رجل يستطيع مقاومة فتنتك واغرائك؟
ثم تنهد وقال :
- مهما يكن فان القتل جريمة بشعة .
- سأحاول الا افكر فيها ، المهم انها لم تكن متعمدة ..
فقال بحدة :
- لا ضرورة للخوض في الموضوع ، خير من ذلك ان نفكر فيما ينبغي علينا عمله..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 50
- نعم ، يجب ان نفكر في موضوع البصمات والولاعة .. لا بد ان الولاعة سقطت مني عندنا
انحنيت لانظر الجثة .
فاجابت لورا بهدوء :
- ان ستارك يعلم انها ولاعتك ، ولكنه لا يستطيع ان يفعل شيئا ، انه تورط ولا يمكنه تغيير اقواله
.
فقال جوليان في نوبة من الشهامة :
- على آل حال يا عزيزتي ، انا على استعداد لتحمل المسئولية آلها عند الضرورة ..
- آلا .. لا اريدك ان تفعل ذلك ..
- اني ادرك آيف وقع الحادث ، واآاد اراك بعين الخيال وانت تتناولين المسدس وتطلقينه دون ان
تعي ما تفعلين ..
فدهشت لورا وقالت :
- هل تريد ان تحملني على القول باني انا التي قتلت؟ ألم تقل انك تعرف آيف وقع الحادث؟
فأجاب جوليان :
- اصغي الي يا عزيزتي ، انا واثق انك لم تتعمدي قتله ، وانك حين اطلقت عليه الرصاص ..
- أنا اطلقت عليه الرصاص؟ أتحاول اقناع نفسك بأني التي أطلقت عليه الرصاص؟
فصاح جوليان في غضب وهو يوليها ظهره :
- بحق السماء يا عزيزتي .. دعينا على الأقل نكن أمناء مع أنفسنا ..
فقالت في ثبات واصرار ..
- أنت تعلم اني لم اقتله ..
- من قتله اذن؟
ثم فطن فجأة إلى ما تنطوي عليه عبارتها الأخيرة من معان ، وتبلجت له الحقيقة ..
صاح :
- لورا .. هل تريدين ان تقولي اني قتلته؟
فردت بهدوء :
- آل ما اعلمه اني سمعت صوت الطلق الناري ثم سمعت وقع اقدامك في الشرفة ، وعلى
الطريق الموصل الى بيتك فهرعت الى هنا ووجدته جثة هامدة .
فرد جوليان :
- وأنا لم اطلق عليه الرصاص ، اني جئت لكي اقول له اننا يجب ان نتفق على اجراءات الطلاق
عقب انتهاء الانتخابات ، وسمعت صوت الطلق الناري قبل وصولي ، فظننت انه عاد الى العبث
بمسدسه وعندما دخلت ، وجدته ميتا ، وجثته لا تزال دافئة .
فبدت الحيرة على وجه لورا
ومضى جوليان في حديثه قال :
- واآبر الظن انه لم يكن قد مضى على موته اآثر من دقيقة او دقيقتين ، فاعتقدت بطبيعة الحال
انك انت التي اطلقت عليه الرصاص اذ من سواك آان يستطيع ان يفعل ذلك؟
- لا اعلم .. انه لامر محير ..
- من يدري ، فلعله انتحر !
- آلا .. لان ..
وامسكت عن الكلام فقد سمعت وقع اقدام تقترب ثم فتح الباب على الفور .
ودخل جان سرعا وهو يصيح :
- لورا .. لورا .. الان بعد ان مات ريتشارد .. الا تؤوول اسلحته الي بصفتي اخوه ، والرجل
الوحيد في اسرته ؟
ان مس بنيت تنكر علي ذلك ، ولا تسمح لي بالاستيلاء عليها ، فقد وضعت الاسلحة في الدولاب
.. واغلقته ... قولي لها ان تعطيني المفتاح .
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 51
- اصغ الي ايها العزيز ..
ولكنه ابى ان يقاطعه احد .. ومضى يقول :
- انها تعاملني آما لو آنت طفلا .. غير اني اصبحت رجلا .. ومن حقي ان استولي على اسلحة
ريتشارد ، وان اطلق النار على الطيور والقطط ، آما آان يفعل .. بل واطلق النار آذلك على
الناس الذين لا احبهم ..
- هدئ من روعك يا جان ، ولا تنقعل
فقال بعصبية :
- اني غير منفعل ، ولكني لا اريد ان يضايقني احد ، انا الان رب البيت ويجب على الجميع ان
يطيعوني !
- اصغ الي يا عزيزي جان .. اننا جميعا نمر بوقت عصيب ، وحاجيات ريتشارد لن تؤوول الى
احد قبل ان يحضر المحامون ويفضوا الوصية .. ذلك هو الاجراء الذي يتبع عادة عندما يموت
احد الناس ، هل فهمت ؟
قالت ذلك بصوت يفيض لطفا وحنانا ، فهدأت ثائرته واحاط خصرها بساعده ، وقال :
- اني افهم آل ما تقولينه لي .. لاني احبك
- وانا ايضا احبك يا جان !
- انك سعيدة ، لان ريتشارد مات ، اليس آذلك؟
فبهتت واجابت :
- آلا يا جان ، اني غير سعيدة .
فقال بخبث :
- بل انت سعيدة ، لانك تستطيعين الان ان تقترني بجوليان ، انك آنت تريدين الاقتران به منذ
وقت طويل ، اليس آذلك؟ ان الجميع يعتقدون اني لا الاحظ شيئا ولكني الاحظ آل شيء.
وهنا ارتفع صوت مس بنيت في الخارج ..
وهي تصيح :
- جان .. أين أنت؟ فقال الشاب :
- ها هي مس بنيت الحمقاء..
فقالت لورا :
- آن لطيفا معها يا جان .. ان اعباءها ثقيلة ، ومسئولياتها آثيرة ، فحاول ان تساعدها ، ألست
أنت رب الاسرة الان؟
ففرح الشاب وقال :
- حسنا .. سأآوون لطيفا معها ..
وانطلق الى خارج الغرفة
فقالت لورا :
- لم اآن اعلم انه يعرف آل شيء عنا ..
فقال جوليان:
- هذه هي المشكلة مع من آانوا مثله ، انهم لغز لا يعرف الانسان آنهه ، هل هو سهل القياد؟
- ليس في جميع الظروف ، انه سريع الانفعال ، غير اني اتوقع بعد موت ريتشارد الذي آان
يهدده ويضايقه ان يهدأ ويتحسن حاله ويتماثل للشفاء ، وربما يصبح طبيعيا مثل غيره من الشباب
..
لم تسمع لورا وقع اقدام في الشرفة..
ولذا بهتت حين رأت ستارك يطل من باب الحديقة ، وتراجعت خطوة مبتعدة عن جوليان..
قال ستارك بصوته الهادئ المألوف :
- طاب مساؤآما
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 52
وبوغت جوليان الذي لم يكن قد شعر به ،، فاستدار ورآه وأجاب :
- آه. طاب مساؤك يا مستر ستارك..
- آيف تسير الامور ؟ هل آل شيء جميل ومبهج؟
ثم ابتسم ابتسامة ذات مغزى وتابع آلامه :
- أظن اني اتيت في وقت غير مناسب وما آان ينبغي ان ادخل من هذا الباب ، الشخص المهذب
يذهب عادة إلى الباب الرئيسي ويدق الجرس ، ولكني لست شخصا مهذبا ..
فخفت اليه لورا وهي تقول :
- آل ابوابنا مفتوحة لك يا مستر ستارك
فقال وهو يخطو الى الداخل:
- الواقع اني اتيت لسببين..الاول لكي اودعكم فقد وردت برقية من السلطات العليا في ( عبدان )
تزيل آل شك في امري ، وتقول اني رجل مستقيم وعلى خلق عظيم وعلى ذلك فليش ثمة ما
يمنعني من الرحيل ..
فقالت لورا بشعور صادق :
- يؤسفني ان ترحل بهذه السرعة يا مستر واريك
فقال بشيء من المرارة:
- انه لكرم منك ان يكون هذا شعورك بعد ان اقحمت نفسي اقحاما في جريمتكم العائلية..
ونظر اليها طويلا.. ثم استطرد :
- ولكني جئت من باب الحديقة لسبب اخر ذلك اني حضرت مع رجال الشرطة في سيارتهم ،
ولاحظت من حرصهم على الصمت والكتمان ان في الامر شيئا..
فقالت في هلع:
- هل جاؤا مرة اخرى؟
فقال ستارك :
- نعم ..
- ولكني ظننتهم قد انهوا مهمتهم صباح اليوم..
- هذا ما جعلني اعتقد ان وراء الاآمة ما وراءها..
فتحولت لورا الى جوليان .. والتقت عيونهما ..
وفتح الباب في هذه اللحظة ودخلت مسز واريك .. آانت منتصبة القامة ، مرتفعة الرأس ..
متمالكة نفسها تماما ، قائلة :
- أهذه انتي يا عزيزت؟ آنا نبحث عنك
فخف اليها جوليان ليرافقها الى احد المقاعد ، فقالت :
- ما اآرمك يا جوليان .. اتيت مرة اخرى رغم مسؤوليات ومشاغلك الكثيرة..
فاجاب وهو يساعدها على الجلوس:
- آنت اريد القدوم قبل الان.. غير انه آان يوما عصيبا بالنسبة لي ..
ولم يكد يكمل عبارته حتى دخلت مس بنيت وتبعها المفتش حاملا حقيبة اوراقه..
ونظر ستارك الى المفتش آما لو آان يريد ان يقرا خواطره وافكاره ، ثم تنهد واشعل سيجارته
وجلس امام المكتب ..
ولم تمض لحظة اخرى .. حتى دخل رقيب الشرطة ومعه انجل ..
واغلق انجل الباب ..
بينما قال الرقيب محدثا المفتش :
- لم استطع العثور عل ىلاشاب جان واريك
فردت مس بنيت :
- لا بد انه خرج للنزهة
فقال المفتش :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 53
- لا باس فلسنا في حاجة اليه الان
* * *
وساد القاعة بعد ذلك صمت عميق ، وراح المفتش ينقل بصره بينهم واحدا بعد الاخر ..
آانت على وجهه مسحة من الجد والصرامة ، لم يكن لها وجود في الليلة السابقة او في صباح
ذلك اليوم ..
وآان التغيير الذي طرأ عليه واضحا للجميع .. وأخيرا
التفتت اليه مسز واريك وقالت ببرود :
- هل افهم من دعوتك لنا ايها المفتش ان لديك اسئلة اخرى تريد ان تلقيها علينا ؟
- نعم يا مسز واريك
- الم تصلكم بعد انباء عن ذلك الرجل المدعو ماآجريجور؟
- جائتنا انباء عنه يا سيدتي..
فقالت باهتمام :
- هل وجدتموه؟
فقال المفتش :
- نعم ...
وآان رد فعل هذه الاجابة سريعا وواضحا ..
فتبادلت لورا وجوليان نظرة خاطفة ، وبدا عليهما آانهما لا يصدقان ما سمعا ..
اما ستارك فانه تحرك في مقعده بقلق .. غير انه لزم الصمت ..
واما مس بنيت فانها سألت باهتمام :
- هل قبضتم عليه؟
فنظر اليها المفتش طويلا قبل ان يجيب:
- هذا مستحيل يا مس بنيت..
- مستحيل؟ لماذا؟
فقال المفتش :
- لانه مات ...
فهتفت لورا :
- مذا ؟
وامتقع لونهما .. بينما تهالك جوليان على اقرب مقعد ..
قال المفتش :
- لقد مات ماآجريجور في ( الاسكا ) منذ اآثر من عامين
فغمغمت لورا بصوت المحتضر :
- مات !!
فقال المفتش ببطء وهو يضغط على آل آلمة :
- هذا يغير الوضع تماما ، لانه يدل على ان ماآجريجور ليس هو الذي وضع الرسالة بجيب
مستر واريك ، وان واضع الرسالة شخص يعرف آل صغيرة وآبيرة عن قصة ماآجريجور
وحادث نورفولك .
قال هذا ووضع حقيبة اوراقه على احد المقاعد .. واستطرد في حديثه قائلا :
- وهذا الشخص بالتحديد لا بد ان يكون احد افراد الاسرة ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 54
فصاحت مس بنيت :
- آلا .. هذا الشخص لا يمكن ان يكون ..
وصمتت!..
فقال المفتش يستحثها :
- نعم يا مس بنيت؟
ولكنها لزمت الصمت ..
فالتفت المفتش توماس الى مسز واريك فقال:
- ها انت ترين يا سيدتي ان الموقف تغير آليا ..
فاجابت وهي تنهض :
- نعم .. أرى هذا ، هل انت بحاجة الي ايها المفتش ؟
- في الوقت الحاضر لا ..
- شكرا لك ..
واسرع جوليان لمساعدتها على السير ..
بينما فتح لها انجل باب الغرفة ..
وفتح المفتش حقيبة اوراقه واخرج منها المسدس.. ثم حانت منه التفاته .
فرأى انجل يهم بالخروج في اثر سيدته .. فصاح به :
- تعال يا انجل ..
فبهت الخادم ودار على عقبيه وقال :
- نعم يا سيدي ..
فقال المفتش :
- أريد ان احدثك عن هذا المسدس .. انك لم تبد بشأنه رأيا قاطعا صباح اليوم ، فهل تستطيع ان
تؤآد بصفة قاطعة هل هو مسدس سيدك ام لا ؟
فقال انجل :
- لا استطيع ان اؤآد شيئا يا سيدي ، فقد آان لديه عدد آبير من المسدسات ..
فقال المفتش توماس :
- انه مسدس اوروبي الصنع ولعله تذآار من أيام الحرب ..
- آانت لديه اسلحة آثيرة مستوردة ، وآان يعني بها بنفسه ، ولا يسمح لي بأن امسها ..
فتحول توماس الى جوليان وسأله :
- ميجور فارار ، انك طبعا ضابطا بالجيش ولا بد ان لديك مجموعة من الاسلحة التذآارية ، فهل
يدلك هذا المسدس على شيئ؟
فنظر جوليان الى المسدس وهو رأسه سلبا ، وقال :
- آلا ..
فقال توماس وهو يضع المسدس في حقيبته :
- اريد ان اذهب مع الرقيب لالقاء نظرة على اسلحة مستر واريك ، أظن انه آانت لديه تراخيص
بها ؟
فقال انجل :
- نعم يا سيدي .. والتراخيص موجودة في درج مائدة بغرفة نومه ..
وعندما هم توماس بالخروج .. استوقفته مس بنيت قائلة :
- صبرا لحظة . لتك ستحتاج الى مفتاح الدولاب ..
واخرج المفتاح من جيبها ..
فرمقها توماس بنظرة ارتياب وقال :
- لماذا أغلقت الدولاب؟
فاجابت بلهجة الاستنكار ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 55
- ماآان اغناك عن هذا السؤال يا سيدي .. هل توقعت ان اترك الدولاب مفتوحا وبه آل تلك
الاسلحة والذخائر الخطرة؟
فابتسم الرقيب خلسة ..
وقال توماس يدحث الخادم :
- تعال معنا يا انجل ، فقد نحتاج اليك
فتبعه انجل بضع خطوات .. ثم قفل عائدا ، واقترب من جوليان ..
وقال له بصوت خافت :
- بشأن الموضوع البسيط الذي حدثتك عنه يا سيدي ، يهمني جدا ان اعرف جوابك ، وحبذا لو
امكن تسوية الموضوع ..
فقل جوليان على آره منه :
- أظن .. أظن اننا نستطيع التفاهم ..
- شكرا لك يا سيدي ،، شكرا جزيلا ..
واسرع انجل للحاق بالمفتش .. ولكن جوليان استوقفه بقوله :
- آلا .. انتظر ..
ثم صاح يدعو المفتش :
- مستر توماس .. ايها المفتش توماس ..
ولم يكن توماس قد ابتعد .. فقفل عائدا وسأل :
- هل دعوتني يا ميجور؟
- نعم ، قبل ان تنغمس في اعمالك الروتينية ، اريد ان اقول لك شيئا آان يجب ان اشير اليه
صباح اليوم ، ولكننا جميعا آنا في حالة يرثى لها من الاضطراب والانزعاج ..
لقد قالت مسز لورا في التو واللحظة انك وجدت على المائدة بعض بصمات يهمك انت تعرف
صاحبها ، هذه البصمات يحتمل جدا ان تكون بصماتي ايها المفتش ..
فصعده توماس بعينه ..
ثم اقترب منه ببطء..
وقال بلهجة فيها معنى الاتهام :
- هل آنت هنا ليلة امس يا ميجور فارار؟
- نعم ، اني اتيت آما تعودت احيانا ان افعل بعد العشاء لكي اتجاذب اطراف الحديث مع ريتشارد
فسأه توماس :
- ووجدته ؟
فقال جوليان :
- وجدته مهموما ضيق الصدر ، ولذا لم امكث طويلا ..
- آم آانت الساعة وقتذاك يا ميجور؟
- في الحق لا اذآر ، ربما آانت العاشرة او العاشرة والنصف ،، حوالي ذلك ..
فسأله توماس :
- ألا تستطيع تحديد الوقت بشيء من الدقة ؟
- انا اسف ، لا اظنني استطيع .
فقال توماس :
- هل قام بينكما خلاث ، او تبادلتما بعض الالفاظ الخشنة ؟
فاجاب بسرعة :
- اطلاقا ..
ثم نظر الى ساعته وقال :
- لقد تأخرت، اني على موعد لالقاء خطاب انتخابي في دار البلدية ، ارجو المعذرة ..
واسرع للانصراف من باب الحديقة .
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 56
فقال المفتش وهو يتبعه الى الباب :
- آلا .. لا ينبغي ان تتخلف عن موعدك وانما يجب ان احصل منك على اقرار عن تحرآاتك ليلة
امس ، وليكن ذلك غذا صباحا اذا شئت وانما ارجو ان يكون مفهوما ان هذا الاقرار اختياري
وليس الزاميا وان بوسعك ان تصطحب معك محاميك اذا شئت ..
وآانت مسز واريك قد اقبلت منذ لحظة وسمعت المفتش يتطلم ، فوقت بالباب تنصت ..
ثم دخلت .. وترآت الباب مفتوحا ..
أما جوليان فانه فهم ما ينطوي عليه آلام المفتش من مغزى..
تنهد وقال :
- حسنا .. فهمت ، فليكن لقاؤنا غدا في الساعة العاشرة صباحا وسيكون محامي معي
وخرج الى الشرفة .. ومنها الى الحديقة ..
وتحول الممتفش الى لورا وسألها :
- هل رأيت الميجور فارار ليلة امس؟
فأسقط في يدها .. فلم تدر ماذا تقول :
أجابت متلعثمة :
- أنا .. أنا .. في الواقع اني ..
وفجأة وثب ستارك من مقعده ومشى بخطى واسعة وقف بين المفتش ولورا ، فقال :
- لا أظن ان مسز لورا على استعداد للاجابة على اية اسئلة في هذه اللحظة ..
فصاح توماس في غضب :
- حقا؟ وما شأنك انت في هذا يا مستر ستارك؟
فأجابت مسز واريك :
- ان مستر ستارك على حق ..
فنظر ستارك الى المفتش توماس وابتسم .. وعض هذا على شفته وغادر الغرفة ..
وتبعه الرقيب وانجل ...
وعندئذ نظرت لورا الى مسز واريك وقالت :
- آان يجب ان اتكلم ماذا سيظن الان؟
فردت العجوز :
- ان مستر ستارك على حق يا لورا .. آلما قل آلامك الان ، آان هذا افضل ..
ثم اطرقت برأسها وتمتمت :
- يجب ان نتصل بمستر ادمز فورا،.
ونظرت الى ستارك واستطردت تقول :
- ان مستر ادمز هو محامي الاسرة ، اتصلي به الان يا مس بنيت.
فاسرعت مس بنيت الى التلفون .. ولكن العجوز استوقفتها وقالت :
- آلا .. اتصلي به من الوصلة التي بالطابق الاول .. اذهبي معها يا لورا ..
فنهضت لورا .. ولكنها وقفت مترددة .. فقالت العجوز :
- اريد ان اتحدث مع مستر ستارك على انفراد ..
- ولكن ..
- اطمئني يا عزيزتي ، سيكون آل شي على ما يرام
وما ان خرجت لورا ، وتبعتها مس بنيت ، واغلقت هذه الاخيرة الباب حتى استدارت العجوز
نحو ستارك ، وراحت تتحدث اليه بسرعة وانما بوضوح تام..
قالت :
- لا ادري هل سيتسع الوقت لحديثنا ام لا .. اني اريدك ان تساعدني يا مستر ستارك ..
- آيف؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 57
فتريثت العجوز قليلا ..
ثم قالت :
- انك شخص ذآي وغريب عنا جئتنا من حيث لا ندري .. ودخلت حياتنا .. اننا لا نعرف شيئا
عنك ، وانت لا شأن لك بأحد منا ، فانت غريب عنا بكل ما في هذه الكلمة من معنى ..
فقال وعلى شفتيه ابتسامة حزينة :
- أنا الزائر غير المنتظر .. فقد قيل لي ذلك قبل الان ..
فردت العجوز :
- ولأنك غريب عنا ، سأرجوك ان تفعل شيئا من اجلي ..
وقالت عذا وسارت ببطء الى الشرفة ، ونظرت يمينا ويسارا .. ثم عادت ادراجها ..
فقال ستارك :
- انني في خدمتك يا مسز واريك ..
فأجابت العجوز :
- حتى هذا المساء آان هناك تفسير معقول لمأساة التي حدثت في هذا البيت ، رجل فقد طفله ،
فجاء وانتقم ممن آان سببا في مصرع الطفل .. حادث ميلودرامي ، ولكنه ليس نادر الوقوع ..
ونحن نقرأ احيانا عن حوادث مماثلة ..
- تماما..
- وانما هذا التفسير اصبح غير ذي موضوع وثبت بصفة مؤآدة ان قاتل ابني لا بد ان يكون احد
افراد الاسرة ..
وتنهدت..
واستطرت تقول :
- هناك شخصان انا على يقين انهما لم يطلقا الرصاص على ابني .. هذا الشخصان هما زوجته
ومس بنيت ،، فقد آانتا معا عندما دوى الطلق الناري ..
فرمقها ستارك بنظرة سريعة وقال :
- هذا صحيح
واآملت العجوز :
- ولكن رغم انه ليس من الممكن ان تكون لورا قد قتلت زوجها ، الا انه من الممكن انها تعرف
القاتل ..
- اي انها آانت شريكته؟ اي اتفقت مع جوليان على الجريمة؟ أهذا ما تعنينه؟
فردت العجوز :
- أنا لا اعني هذا ، ان جوليان لم يطلق الرصاص على ابني
- آيف تأآدت من ذلك ؟
- أنا متأآدة ، سأقول لك انت الغريب ما لا يعلمه احد من افراد اسرتي ، اني امرأة أيامها معدودة
..
- أنا آسف ..
فاسكتته باشارة من يدها وقالت :
- لم أقل هذا لاستدر عطفك وشفقتك ، وانما قلته توضيحا لموقف يتعذر توضيحه بغير ذلك ،
هناك ظروف تحتم على الانسان ان يتخذ قرارا ما آان بيتخذه لو ان امامه فسحة من العمر ..
- مثل؟
فأجابت العجوز :
- سأقول لك شيئا عن ابني يا مستر ستارك ، اني آنت احبه من آل قلبي .. آان في طفولته
ويفاعه يتميز بكثير من الصفات الرائعه ، آان ناجحا وذآيا وشجاعا ، ومرحا .. وانما هذه
الصفات الطيبة ، آان يقابلها بعض العيوب ، آالقسوة والبجاحة والتمر على القيود ، بيد ان
محاسنه آانت ارجح من سيئاته ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 58
الا انه بفطرته ، ونشأته وتكوينه لم يكن الانسان الذي يستطيع الصمود للنكبات ..
ولقد راقبته عن آثب في السنوات الاخيرة ولاخظت انه ينحدر يوما بعد يوم نحو القاع ..
وصمتت قليلا ..
ثم قالت :
- اذا قلت انه اصبح وحشا .. فقد تظن اني ابالغ .. والواقع انه آان في بعض النواحي وحشا بكل
مافي هذه الكلمة من معنى ، آان وحشا في قسوته ، وفي آبريائه ، وفي انانيته .. ولانه اوذى في
صحته وجسده .. فقد تملكته رغبة شيطانية في ايذاء الاخرين ، وهكذا بدأ الاخرون يعانون
ويتعذبون بسببه .. هل فهمتني ؟
فأجاب ستارك :
- اظن اني فهمت
- والان .. ارد ان تعلم اني لا اآن للورا سوى الحب والتقدير ، انها تمتاز بالذآاء والشجاعه ،
ودماثة الخلق ..
وقدرتها على الاحتمال لا حدود لها .. وانا لست على يقين من انها احبت ريتشارد حين تزوجته ،
او بعد ان تزوجته ، ولكني اؤآد لك انها فعلت اقصى ما تستطيع زوجة ان تفعله لتخفيف الام
زوجها ، ولكي تجعل من مرضه وعجزه شيئا محتملا ..
غير انه آان يضيق بها ويرفض معونتها وآان يخيل الي احيانا انه يكرهها وذلك رد فعل طبيعي
اآثر مما نتصور ..
ولهذا اعتقد انك ستفهم ما اعني حين اقول لك ان ما آان لابد منه قد حدث.. فقد وقعت لورا في
حب رجل اخر ، وبادلها الرجل حبا بحب ..
فسألها ستارك :
- ولكن لماذا تقولين لي آل ذلك ؟
فأجابت بحزم :
- لانك غريب عنا .. وحوادث الحب والكراهية في هذا البيت لا تعني شيئا بالنسبة لك .. وفي
مقدورك ان تسمعها دون ان تتأثر بها ..
فتنهد وتمتم بصوت خافت :
- ربما ..
ومضت العجوز في حدثها ، وقالت :
- وهكذا جاء وقت بدا فيه ان شيئا واحد فقط يمكن ان يحل جميع المشكلات وهو موت ريتشارد
..
فقال ستارك مستفهما :
- ولهذا مات ريتشارد ؟
فردت العجوز :
- نعم ..
وساد صمت قصير . .
ثم نهض ستارك فاطفأ سيجارته وقال في هدوء :
- معذرة عن صراحتي يا مسز واريك ، ولكن هل هذا اعتراف منك بارتكاب الجريمة ؟
فقالت بحدة :
- سألقي عليك سؤالا . هل تعتقد ان من يمنح الحياة له الجق في ان يقتلها؟
ففكر في ذلك واجاب :
- لقد سمعنا عن امهات قتلن اولادهن ، ولكن بدافع الانانية في ابشع صورها ، آالحصور على
مبلغ التأمين او التخفيف من اعباء الامومة ، هل موت ريتشارد يفيدك ماليا؟
فردت العجوز :
- آلا ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 59
- معذرة عن صراحتي ..
- هل فهمت ما اريد قوله ؟
- اظن اني فهمت ، تريدين ان تقولي ان الام يمكن ان تقتل ابنها ، وانه من الممكن ان تكوني قد
قتلت ابنك ، ولكن هل هذا مجرد نظرية ام حيقية ؟
- اني لا اعترف بشيء ، ولكني فقط اطرح امامك وجهة نظر ، وقد تطرأ ظروف حين لا اآون
على قيد الحياة لاحسمها ولذا اريدك ان تأخذ هذا ..
واخرجن من جيبها مظروفا قدمته اليه ، فقال :
- آل هذا حسن ،ولكني لن اآون هنا ، اني سأعود الى ( عبدان ) لمباشرة عملي ..
- ان عبدان ليست في عزلة عن العالم ولا بمنأى عن المدينة لا بد ان بها صحفا واذاعة..
- نعم ، نعم .. آل هذا موجود فيها ..
فتمتمت العجوز :
- احتفظ اذن بهذا المظروف ، هل قرأت العنوان ؟
فنظر الى المظروف وقرأ العنوان : ( إلى مدير الشرطة ) ..
ثم قال :
- الحق انك بارعة آل البراعه في آتمان اسرارك ، فانا لا اعرف بوضوح ماذا في ذهنك ، او
ماذا يدور بخلدك ، هناك امران لا ثالث لهما ، اما انك ارتكب الجريمة بنفسك ، واما انك تعرفين
من ارتكبها ، فهل انا على صواب؟
- لا اريد مناقشة هذا الموضوع ..
- ولكني اشعر بفضول شديد الى معرفة ما يدور بخلدك ..
- يؤسفني اني لا استطيع ان اشبع فضولك ، اني آما قلت امرأة تعرف آيف تكتم اسرارها جيدا ..
فحاول ستارك الوصول الى هدقه من زاوية اخرى قال :
- هذا الرجل الذي آان يقوم على خدمة ابنك ..
- تعني انجل؟
- نعم ،، هل تحبينه ؟
- آلا .. ولكنه آفء في عمله .. ولم يكن ريتشارد مريضا سهل القياد ..
- ألم يكن انجل يضيق به ؟
- ولماذا؟ فثد آان ريتشارد يكافئه بسخاء..
- هل آان ابنك يعرف عن ماضي انجل ما يشينه ؟
- تعني شيئا آان يمكن ان يهدده به ؟
- نعم
- لا اظن
- آنت اتسائل عما اذا آان انجل ؟
- اذا آان هو الذي قتل ابني؟ اني ارتاب في هذا ، اني اتراب في هذا آثيرا ..
فتنهد ستارك وقال :
- ارى انك لم تقعي في الفخ ، وهذا يبعث على الاسف ، ولكن ما باليد حيلة ..
فتهضت العجوز وهي تقول :
- شكرا على انك افسحت لي صدرك يا سيدي ..
وانبعثت واقفة .. ومدت يدها ..
واستغرب ستراك حين رآها تنهي الحديث فجأة ، غير انه تناول يدها وشد عليها بقوة ..
ومشت الى الباب ..
فتبعها ، واغلق الباب بعد انصرافها . ..
ثم هز رأسه وتمتم قائلا :
- يا لها من امرأة
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 60
ونظر الى المظروف وقرأ عنوانه مرة أخرى ... ( إلى مدير البوليس ) ..
وارسل بصره عبر باب الحديقة ، وتساءل
" ترى ماذا آتبت العجوز في رسالتها الى مدير البوليس واي شخص اتهمت بقتل ابنها ؟ "
وانه يفكر في هذا ويضرب اخماسا لاسداس ، اذا بباب الغرفة يفتح وتدخل مس بنيت ...
آانت دلائل القلق والانزعاج تبدو على محياها ..
ابتدرته بقولها :
- ماذا قالت لك ؟
فبهت ستارك وهتف :
- من تعنين؟
- مسز واريك ، ماذا اخبرتك ؟
- اراك منزعجة ، لماذا؟
- لاني اعرف ماذا يمكنها ان تفعل
- ماذا يمكنها؟ ان ترتكب جريمة قتل؟
- هل هذا ما اردت ان تقتعك به ؟ هذا ليس صحيحا ، يجب ان تدرك انه ليس صحيحا ..
- انه جائز
- اؤآد لك انه ليس صحيحا
- لماذا ؟
فقالت وهي تتهالك على احد المقاعد :
- لاني اعلم .. هل تظن ان هناك شيئا لا اعلمه عن هؤلاء الناس؟ اني اعمل معهم منذ سنوات
عديدة ، ويهمني امرهم جميعا ..
- بما فيهم ريتشارد واريك !
- اني آنت احبه في وقت ما ..
وصمتت ..
فقال وهو يتفرس فيها :
- امضي في حديثك ..
فردت مس بنيت :
- آلنه تغير ، تغيرت عقليته ، واختل تفكيره ، فكان في بعض الاحيان شيطانا مريدا ..
- الجميع متفقون في هذا ..
- ليتك عرفته آما آان قبلا ..
فقال ستارك :
- انا لا اصدق ذلك .. فالناس لا يتحولون الى النقيض على هذا النجو ..
فأجابت مس بنيت :
- انه تحول الى النقيض
فصاح ستارك وهو يذرع ارض الغرفة :
- آلا .. آلا .. انه لم يتحول ، انك لم تفهمي الامر على حقيقته ، الحقيقة انه آان في قرارة نفسه
دائما شيطانا ..
انه احد اولئك الناس الذين لا يظهر معدنهم الحقيقي الا حينما يتخلى الحظ عنهم . . فهو سعيد
ومعقول طالما هو ناجح وفي مقدوره ان يصل الى ما يريد ..
فاذا قلب له الدهر ظهر المجن ،، يسطر عليه الشر وطغت القسوة التي آانت ترسب في اعماقه ..
آانت القسوة دائما هناك .. واراهن انه آان فظا وهو طالب في المدرسة ..
احبته النساء ، لان النساء دائما يحببن الاجلاف ..
واحب هو الصيد والقنص لانه وجد فيها متنفسا لقسوته ولعه بتعذيب الاخرين ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 61
تلك هي انطباعاتي عنه ، على ضوء ما قاله الاخرون ..
ولعله استطاع ان يظهر امام الناس في صورة الرجل الكريم الناجح المهذب ..
ولكن الضعه والقسوة والنذاله آانت هناك دائما ..
وآل ما حدث عندما اصيب هو ان الواجهو الجميلة البراقة تحطمت وانهارت فظهر هو على
حقيقته ..
فقالت مس بنيت وهي تنهض :
- لا اعلم بأي حق تكلم هكذا .. انك غريب عن هذا البيت ولا تعرف شيئا عنه ..
فأجاب ستارك :
- بل أعرف عنه الكثير ، لاني سمعت الكثير ، آل واحد هنا آان يريد التحدث الي لسبب او لآخر
.
- هذا صحيح ، وهأنذا اتحدث اليك ، هل تعرف لماذا؟ لان احدا منا لا يجرؤ على التحدث الى
الاخرين .. ثم نظرت اليه متوسلة وقالت :
- آم اتمنى الا ترحل ..
فقال بتؤذة :
- الواقع اني لم افعل شيئا ذا اهمية .. آل ما فعلته هو اني دخلت هذا البيت بغير استئذان ..
واآتشفت وجود جثة رجل مقتول ..
- أنا ولورا اآتشفنا الجثة ..
وتمهلت قليلا ..
ثم قالت مستدرآة :
- بل أطن ان لورا وحدها التي اآتشفتها
فنظر اليها وابتسم وقال :
- انت امرأة ذآية يا مس بنيت .
- انك تصديت لمساعدتها ، اليس آذلك ؟
- انت تتوهمين اشياء لم تحص ..
- آلا .. الواقع اني لا اريد للورا سوى السعادة .. اريدها ات تكون سعيدة جدا ..
فتحول اليها وقال بحدة :
- انا ايضا اريد لها السعادة ..
- في هذه الحالة ..
ولم تتم عبارتها ..
فقد سمعا وقع اقدام في الشرفة ..
وشاهدا جان يعبث بمسدس ، فافلتت من فم مس بنيت آهه ذعر ، ولكن ستارك رفع اصبعه الى
فمه محذرا ..
وهمس قائلا :
- صه ..
ثم اقترب من جان وسأله :
- ماذا تفعل يا جان ؟
ولم تطق مس بنيت صبرا ..
واسرعت الى الشاب وهي تصيح :
- اعطني هذا المسدس يا جان .
ومدت يدها لتتناول المسدس ، ولكن الشاب قهقه ضاحكا وانطلق يعدو في الحديقة وهو يصيح :
- تعالي خذيه ان استطعتي ..
فانطلقت في اثره وهي تصرخ :
- جان . جان ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 62
ووقف ستاارك يراقبهما من بعيد ..
وهم بالخروج الى الشرفة ولكنه سمع صوت باب الغرفة يفتح ، فاستدار فرأى لورا ..
نظرت لورا حولها وسألت :
- أين المفتش اذن؟
فأشار ستارك باصبعه نحو الطابق الاول ، فقالت :
- اريد التكلم اليك يا مايكل ، ان جوليان لم يقتل ريتشارد ..
فقال ببرود :
- احقا ؟ هل لك ذلك ؟
- الا تصدقني؟ هذه هي الحقيقة ..
- لعلك تريدين ان تقولي ان هذا ما تعتقدين انه الحقيقة ..
- انا اعلم انها الحقيقة ، انه آان يظن اني قتلت ريتشارد .
- لا غرابة في ذلك ، انا ايضا ظننت هذا
- انه صدم عندما ساوره الشك في اني ارتكتبت الجريمة ، وتغير شعوره نحوي تماما ..
فارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وقال :
- هذا في حين انك عندما ظننت انه هو القاتل ، آنت على اتم استعداد لتحمل المسؤولية آلها ..
ثم هز رأسه واستطرد قائلا :
- الحق انك امرأة رائعة ، وآن ماذا حمله على الادلاء بهذا الاعتراف المدمر ، لماذا اعترف بانه
آان هنا ليلة امس .. لا شك ان السبب ليس حبه للحقيقة وحرصه على اعلانها ..
فأجابت لورا :
- السبب هو انجل ، فقد رأى ، او زعم انه رأى جوليان هنا ..
- الواقع اني اشتممت رائحة ابتزاز ، وآنت اشعر بنفور من هذا الرجل المدعو انجل ..
فتمتمت لورا :
- فقد قال انه رأى جوليان ينصرف مسرعا عقب انطلاق الرصاصة .. يا إلهي ، آم انا خائفة ،
انني اشعر بالحلقة تضيق من حولنا ..
وتهالكت على أحد المقاعد ،،
فاقترب منها ، وقال وهو يضع يديه على آتفيها :
- آلا .. لا تخافي سيكون آل شيء على ما يرام ..
فصاحت في يأس :
- ولكن آيف ، آيف؟
فقال وهو يسير نحو باب الشرفة :
- اؤآد لك ان آل شيء سيكون على ما يرام ..
فقالت لورا :
- هل سنعرف يوما ما من قتل ريتشارد ؟
فنظر ستارك الى الحديقة آمن يرى شيئا مسليا ..
ثم قال :
- ان مس بنيت على يقين من انها تعرف ..
فتنهدت لورا وقالت :
- مس بنيت تصيب حينا وتخطئ احيانا ..
فمد ستارك يده نحوها ..
وقال وهو لا يزال يطل على الحديقة :
- تعال .. بسرعة . .
فهرولت اليه .. وامسكت بيده ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 63
قال وهو يراقب ما يجدث في الحديقة :
- نعم يا لورا ،، هذا ما ظنته .
- ماذا ؟
- - صه ..
ودخلت مس بنيت مسرعة ، وقالت وهي تلهث :
- مستر ستارك .. لورا .. اخرجا بسرعة .. الى الغرفة المجاورة ،، المفتش هناك ..
فهرول ستارك ولورا الى الغرفة المجاورة ...
* * *
بينما نظرت مس بنيت الى الحديقة وقالت :
- تعال ، تعال يا جان وآفى مضايقة ..
فدخل جان من باب الشرفة ببطء . وفي عينيه نظرة تجمع بين التمرد والانتصار ..
وسألته مس بنيت وهي تشير الى المسدس الذي بيده :
- آيف حصلت على هذا ؟
فأجاب وهو يبتس بدهاء :
- هل ظننت انك آنت بارعة حين اغلقت الدولاب؟ فقد وجدت مفتاحا يفتحه واخذت هذا المسدس
، وسوف استعمله في اطلاق الرصاص آما آان يفعل ريتشارد .
قال ذك وصوب المسدس نحوها فجأة واردف :
- حذار يا مس بنيت ، فقد اطلقه عليك ..
فأجفلت ..
ولكنها قالت في هدوء :
- لا شك انك لن تفعل هذا يا جان .. أنا واثقة من انك لن تفعل ..
فظل يصوب المسدس نحوها لحظة ..
ثم خفصه ..
وتنهدت المرأة واطمأنت قليلا ..
وقال جان بلطف :
- آلا يا مس بنيت ، لن افعل هذا ..
- هذا لانك اصبحت رجلا الان ، ولن تتصرف آالصغار .. اليس آذلك ؟
فأجاب وهو يجلس امام المكتب :
- نعم انا رجل الان ، وبعد موت ريتشارد اصبحت الرجل الوحيد في الاسرة ..
- ولهذا آنت على يقين من انك لن تطلق الرصاص علي ، انك لن تطلقه الا على العدو ..
- طبعا ،،
فقالت وهي تقترب من المكتب بحذر :
- خلال الحرب آان رجال المقاومة اذا قتل واحدا من الاعداء حفر علامة في ماسورة مسدسه ..
فنظر جان الى ماسورة المسدس وقال :
- أحقا؟ هل آانت على مسدساتهم علامات آثيرة ؟
- نعم ، بعضهم آانت على مسدساتهم علامات آثيرة
- يا لها من لعبة مسلية
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 64
- وطبعا آان بعضهم ينفر من القتل ، بينما آان البعض الاخر يستطيبه ويتلذذ به ..
- مثل ريتشارد
- نعم ، آان ريتشارد يحب قتل الحيوان والطير ، فهل انت آذلك يا جان ؟
فاخرج جان من جيبه مطواة ، وراح يحفر بها علامة على فوهة المسدس ..
وقال ببساطة :
- ان القتل متعة
فقالت مس بنيت :
- انك لم تشأ ان يبعث بك ريتشارد الى احد المصحات .. اليس آذلك ؟
فقال جان :
- آان دائما يهدد بابعادي من هنا ، فقد آان وحشا
فقالت مس بنيت وهي تدور حوله ببطء :
- اذآر انك قلت له مرة بانك ستقتله اذا حاول ابعادك
- هل قلت له ذلك حقا !
فقالت مس بنيت :
- ولكنك لم تقتله
- آلا .. انا لم اقتله
- آان ذلك ضعفا منك
فقال جان :
- أحقا ..
- نعم .. لانك هددته بالقتل ولم تنف تهديدك ، اذا حاول انسان ان يسجنني في مصحة فاني لن
اتردد في قتله ..
فرد جان :
- أنا ايضا افعل ذلك
فقالت في دهاء :
- هذا مجرد آلام ، لانك لم تقتله ، بل قتله ضخص اخر
فسأل جان :
- من قال ان شخصا اخر قتله ، ربما اآون انا الذي قتلته ..
فقالت مس بنيت :
- آلا ، لا يمكن ان تكون قد قتلته .. لانك آنت مراهقا صغيرا ولا تجرؤ على القتل ..
فوثب من مقعده وصاح :
- اتظننين اني لم اآن اجرؤ ؟ اهذا ما تظنينه ؟
- طلعا لم تكن تجرؤ على قتل ريتئارد ، آان لا بد ان تكون آبيرا وشجاعا لكي تفعل ذلك ..
فقال وهو يضحك :
- انك لا تعرفين شيئا يا مس بنيت
- هل هناك شيء لا اعرفه ؟ اتضحك مني يا جان ؟
فقال جان :
- نعم ، اضحك منك لاني ابرع منك
ثم استدار اليها فجأة وقال :
- اني اعرف اشياء لا تعرفينها ..
فأجابت مس بنيت :
- مالذي تعرفه ولا اعرفه؟
فارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة وجلس دون ان يجيب ..
فقالت وهي تقترب منه :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 65
- الا تريد ان تحبرني ؟ الا تثق بي .. ؟
فأجاب في مرارة :
- لا يجب ان يثق الانسان في احد ..
- لقد بدأت الان اشعر بأنك بارع ، وان هناك أشياء لا اعرفها
- هل بدأت تدرآين مدى براعتي؟
فتمتمت مس بنيت :
- نعم ، هل هناك اشياء آثرة اخرى لا اعرفها عنك ؟
فرد جان بهدوء :
- أشياء آثيرة جدا ، ثم اني اعرف اشياء آثيرة عن آل واحد هنا ، ولكني لا اتكلم ، اني في بعض
الاحيان استيقظ ليلا واتجول في البيت فأرى واسمع غير اني لا اتكلم ..
- لابد انك تعرف الان آثيرا من الاسرار الخطيرة ..
فضحك وقال :
- أعرف اسرارا سيقف شعر راسك ذعرا اذا حدثتك عنها ..
فردت وهي تتفرس في وجهه :
- ذعرا منك يا جان
فقال جان متمهلا :
- نعم مني أنا ..
- انني لم اآن اعرفك على حقيقتك يا جان ، اما الان فانني بدأت افهمك ..
فقال وقد اثمله الاطراء :
- لا أحد يعرفني على حقيقتي او يعرف ما استطيع عمله .. مسكين ريتشارد ، آان يجلس هنا
آالابله ويطلق الرصاص على الارانب الحمقاء ..
ثم انثنتى الى مس بنيت قائلا :
- ترى ، هل خطر بباله ان شخصا ما قد يطلق عليه الرصاص هو ايضا ؟
- طبعا لا ، وقد اخطأ اذ لم يفعل في ذلك .
- نعم ، انه اخطأ آثيرا ، وآان اآبر اخطائه انه اراد ان يبعدني غير اني عرفت آيف امنعه ،،
- احقا . ؟ ماذا فعلت آي تمنعه
فنظر اليها بخبث ودهاء . .
ثم هز آتفيه واجاب :
- لن اخبر احدا
- ربما آنت على حق ، اني اعرف ماذا فعلت آي تمنعه ، ولكني لن اقول لاحد ، آي يظل سرك
في حرز امين ..
- نعم انه سري وحدي ..
ثم تألقت عيناه وقال :
- لا أحد يعرفني على حقيقتي .. اني خطير .. ويحسن بالجميع ان يحذروني ...
- ان ريتشارد لم يكن يعرف مدى خطورتك ، ولا شك انه دهش ..
- دهش؟ وايه دهشة ! فقد امتقع وجهه ، ثم سقط رأسه فوق صدره ، وسال الدم على قميصه ولم
يتحرك بعدئذ ، فقد منعته من تهديدي ، فلن يهددني احد بعد الان ..
ثم اقترب من مس بنيت ..
وقال وهو يعرض المسدس امامها :
- انظري ، لقد وضعت علامة على ماسورة المسدس ..
- هذا امر مثير ، دعني أرى ..
ومدت يدها لتتناول المسدس ، ولكنه آان اسرع منها فتراجع خطوة وقال :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 66
آلا ، لن اسمح لاحد بأن يأخذ مسدس ، واذا حاول رجال البوليس ان يقبضوا علي فسأطلق عليهم
الرصاص ..
فردت مس بنيت :
- لا ضرورة لذلك ، لا ضرورة اطلاقا ، فأنت ماهر جدا ، فلن يساورهم شك في امرك ..
فضحك وقال :
- انهم بلهاء ، بلهاء جدا ، بل واآثر بلاهة من ريتشارد ..
وصوب المسدس نحو المقعد المتحرك الذي آان يجلس عليه اخوه ،،
وفي هذه اللحظة ، فتح الباب ودخل المفتش والرقيب ..
وما أن رآهما جان حتى دار على عقبيه .. ووثب نحو الشرفة ، بينما ارتمت مس بنيت على احد
المقاعد واجهشت بالبكاء .
وصاح المفتش بالرقيب :
- اسرع خلفه ، ولا تدعه يفلت منك ..
فانطلق الرقيب في اثر جان ..
ودخل ستارك ولورا ..
وتبعهما انجل ..
ثم ظهرت مس واريك على عتبة الباب بقامتها الطويلة المستقيمة ، ووجها الجامد الذي لا يعبر
عن شيء ..
واقبل المفتش على مس بنيت .. وقال لها بلطف وهو يربت على آفتها :
- خيرا ما فعلت يا مس بنيت .. هدئي اعصابك ورفهي عنك ، ولا تحزني ..
فقالت بصوت متهدج :
- آنت اعلم منذ البداية ، اني اعرف جان آما لا يعرفه احد سواي ، آان ريتشارد يتحداه ويثيره
بلا هواده ، وقد لاحظت في الفترة الاخيرة ان جان اصبح انسانا خطرا ..
فهافا لورا في حزن وجزع:
- جان .. مستحيل !
- وارتمت على مقعد امام المكتب ..
ونظرت مسز واريك الى مس بنيت مؤنبة ..
وقالت تعاتبها :
- لماذا فعلت هذا يا مس بنيت ؟ لماذ؟ ظننت انك ستكونين مخلصة على الاقل .
فقالت مس بنيت بلهجة التحدي :
- هناك ظروف تكون فيها الحقيقة أهم من الاخلاص ، انك لم تلاحظي ولا احد لاحظ انه يزداد
خطورة يوما بعد يوم ، انه شاب لطيف ولكن ..
وغلبها الحزن ..
فلم تكمل عبارتها ..
وتقدمت مسز واريك ببطء وحزن وجلست على أحد المقاعد ..
فقال المفتش :
- ان امثاله يصبحون خطرا على انفسهم وعلى سواهم عندما يصلون الى سن معينه ، انهم يفقدون
الادراك والتمييز والسيطرة على انفسهم ، وعلى تصرفاتهم ..
ثم التفت الى مسز واريك وقال :
- لا تبتئسي يا سيدتي .. فانني اعدك بانه سوف يعامل برفق وعطف .. ان موقفه واضح ، شاب
متخلف عقليا وغير مسؤل عما يفعل ..
وهذا معناه انه سوف يحجز في مكان تتوفر فيه اسباب الراحة ووسائل العلاج ، وهو ما آنتم
ستفعلونه به على اي حال ان عاجلا او آجلا ..
فقالت مسز واريك :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 67
- نعم .. نعم .. انك على حق ..
ثم التفتت الى مس بنيت وقالت :
- أنا آسفة يا مس بنيت .. انك قلت ان لا أحد آان يعرف انه اصبح خطرا . أنا آنت أعرف ،
ولكن لم يكن في استطاعتي ان افعل شيئا ..
فقالت مس بنيت :
- آان لابد ان يفعل احد شيئا...
وهنا سمعوا صوت طلق ناري فوجموا ، وجمدوا في أماآنهم لحظة ..
ونظر بعضهم الى بعض ..
ثم اندفع الرجال نحو الشرفة ..
ولكنهم ما آادو يبلغونها حتى سمعوا صوت طلق اخر ..
وصرخة مخيفة ...
آصرخة وحش جريح ..
جعلت الدم يجمد في عروقهم ....!
قبل ان يتبين المفتش والحاضرون مصدر الطلقين والصرخة ، برز الرقيب من بين اشجار
الحديقة وهو يترنح ..
آان ممسكا بيده اليسرى ، والدم ينزف منها بغزارة ..
فصاح به المفتس :
- ماذا حدث؟
ولم يجب الرقيب على الفور ، ورأى المفتش من تقلص وجهه انه يتألم ، فخف اليه ، وأحاطه
بساعده ، وعاونه على ارتقاء درج السلم المؤدي الى الشرفة ..
ثم اجلسه على أحد المقاعد وقال لانجل :
- علي بضمادة اعصب بها جرحه ..
فغادر الخادم الغرفة مسرعا ..
بينما قال ستارك :
- هل ادعو سيارة الاسعاف؟
فقال الرقيب وهو لا يزال يتألم :
- آلا .. لا ضرورة لذلك ، انه جرح بسيط !
فسأله المفتش :
- ماذا حدث؟
وتعلقت الانظار بشفتي ارقيب..
فقال هذا :
- اني عدوت خلفه ، وآان الضباب قد بدأ ينتشر ، فراح يحاورني بين اشجار الحديقة ، ثم اطلق
علي رصاصة اصابت يدي ، ولكني واصلت مطاردته وانقضضت عليه لانتزع المسدس من يده
فانطلقت من المسدس رصاصة اصابت قلبه وقتلته ..
فوضعت لورا يدها على فمها لتمنع صرخة آادت ان تفلت منها ، ثم سارت مترنحه حتى تهالكت
على مقعد امام المكتب ...
أما مس بنيت ، فانها اجهشت بالبكاء بصوت مسموع ..
وعاد انجل بالضماده ..
فتناولها المفتش وقال وهو يعصب يد الرقيب :
- هل أنت واثق من انه مات ؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 68
- نعم يا سيدي ..
ثم هز رأسه في أسى وقال :
- مسكين هذا الصبي ، آان يحاورني بين أشجار الحديقة ويضحك آما لو آان الامر آله مجرد
مزحة .
- وأين هو ؟
- تعال أدلك على مكانه ..
- آلا ، خير لك ان تبقى هنا
- اني احسن حالا الان ..
ونهض واقفا ، ومشى الى الشرفة ..
ونظر المفتش الى من جوله وقال :
- اني جد آسف على ما حدث ، ولكن لعل ذلك هو أفضل الحلول !
وغادر المكان في أثر الرقيب ..
وهزت مسز واريك رأسها في حزن .. تمتمت قائلة :
- أفضل الحلول ..!
فصاحت مس بنيت :
- نعم .. نعم .. ذلك أفضل الحلول ، انه جنبي الصبي آثيرا من المتاعب ..
ثم اسرعت الى مسز واريك ، وقاتل وهي تأبط ذراعها لتساعدها على السير :
- هلمي ايتها العزيزة ، آفا ما عانيت اليوم .
وقبل ان تغادر مسز واريك الغرفة ، لحق بها ستارك وقال وهو يخرج المظروف من جيبه :
- اظم انه يحسن بك الان ان تستردي هذا ..
- نعم ، نعم ... لم تبق له ضرورة الان ..
وانصرفت مسز ورايك ومس بنيت ، ولم يبق بالغرفة سوى ستارك وانجل ، ولورا .. التي دفنت
وجهها بين آفيها ، وقد برح بها الحزم والاسى ..
ووقف انجل مترددا لحظة ، ثم اقترب من المكتب حيث آانت تجلس لورا وقال :
- لا أعرف آيف اعبر لك عن اسفي وحزني سيدتي ، فاذا آان هناك ما استطيع عمله ..
فقاطعته بأن قالت دون ان ترفع رأسها :
- نحن لم نعد بحاجة الى خدماتك يا أنجل ، سأعد لك شيكا بمستحقاتك وعليك ان تغادر هذا البيت
اليوم ..
- شكرا يا سيدتي ..
ودار على عقبيه ، وغادر الغرفة ..
فأغلق ستارك الباب وراءه وقال يحدث لورا :
- ألا تريدين اتهامه بالابتزاز؟
- آلا
- هذا أمر يؤسف له
ثم أردف بعد قليل :
- أظن انه يحسن بي الان ان اودعك وارحل ..
فملم ترفع لورا رأسها ، ولم تتكلم .
قال :
- لا يجب ان تحزني ..
فأجابت بشعور صادق :
- اني حزينة
- من أجل ذلك الصبي ؟
فنظرت اليه وقالت :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 69
- نعم ، ولاني آنت السبب ، فقد آان ريتشارد على حق ، وآان يجب ارسال جان الى احدى
المصحات حيث لا يستطيع ان يؤذي احدا ، ولكني عارضت في ذلم بقوة ، ولهذا آنت السبب في
مقتل زوجي ..
فقال ستارك بشيء من الخشونة :
- دعي هذه الحساسيات يا لورا ، ولنكن واقعيين ، فقد لقي زوجك حتفه بطبعه وحفر قبره بنفسه
.. آان بوسعه ان يعامل الصبي بشيء من الرفق والحنان ، اليس آذلك ؟ لا ينبغي ان تنحي
باللائمة على نفسك ، ان من حقك الان ان تكوني سعيدة ، وان تنعمي بالراحة والاستقرار ..
فاجابت بمرارة :
- مع من؟ مع جوليان؟ انت ترى انه قد تغير آثيرا ولم يعد آالعهد به ..
- لماذا ؟
- عندما ظننت ان جوليان هو الذي قتل زوجي ، لم يؤثر ذلك على شعوري نحوه ، ولم يضعف
حبي له ، بل على العكس ، آنت على استعداد للاعتراف بالجريمة ومواجهة التبعات ..
- أعلم هذا ، وتلك هي الحماقة بكل معانيها ، يا إلهي ، لماذا يطيب للنساء دائما ان يجعلن من
انفسهن شهيدات ؟
فاستطرت لورا قائلة بحنق :
- اما عندما ظن جوليان انني التي ارتكبت الجريمة تغير تمام ، وتبدل شعوره نحوي ، صحيح انه
ابدى شهامة حين التزم الصمت ولم يدل باقوال تزيد من موقفي سوءا ، ولكن هذا آل ما فعله ،
نعم ، نعم ، نعم ، انه تغير آثيرا ..
- اصغي الي يا لورا ، يجب ان تعلمي ان رد الفعل عند الرجال يختلف عنه عند النساء ، والواقع
ان الرجال هم الجنس الاآثر حساسية ، اما النساء فانهن اآثر شراسة واصلب معدنا ، والمرأة
تستطيع ان ترتكب جريمة قتل بمثل البساطة التي تصبغ بها شفتيها .. والنتيجة هي ان المرأة قد
تنظر باآبار الى الرجل الذي يرتكب جريمة قتل من اجلها ، اما الرجل فان شعوره وردة الفعل
عنده يختلفان تماما ..
- ولكن شعورك انت لم يكن آذلك ، عندما ظننت اني قتلت زوجي تقدمت لمساعدتي دون تردد .
.
فأجفل وصمت لحظة .. ثم قال :
- ان موقفي يختلف ، آان لزما علي مساعدتك ..
- ولماذا آان هذا الالتزام بمساعدتي؟
فأجاب بهدوء :
- اني ما زلت اريد مساعدتك ..
فقالت لورا وهي تتفرس في وجهه :
- الا ترى اننا عدنا من حيث بدانا ؟ واني ما زلت المسؤولة عن مصرع ريتشارد .. لانني
عارضت في ارسال جان الى احدى المصحات ؟.
فجلس ستارك من طرف الاريكة وقال :
- هل هذا هو آل ما يزعجك ؟ أيزعجك ان يكون جان هو الذي اطلق الرصاص على زوجك ؟
،... الا يحتمل ان تكون الحقيقة غير ذلك ؟.
فتمتمت لورا :
- آيف تقول آلاما آهذا ؟ اني سمعته ، بل آلنا سمعناه حين اعترف بالجريمة وتفاخر بها ..
فقال مايكل بهدوء :
- أعلم هذا ، ولكن هل تعرفين شيئا عن قوة الايحاء؟ فقد استدجته مس بنيت بلباقة ، وعرفت آيف
تثير حقده تارة ، وتغذي خيلاءه مرة اخرى ، وآان الصبي تربة صالحة للايحاء ، فراقته آما
تروح أغلب المراهقين فكرة ان يكون قاتلا ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 70
فقد لوحت له مس بنيت بالطعم فابتلعه ، وتصور انه قتل زوجك ، فوضع علامة على ماسورة
مسدسه ، آما آان يفعل رجال المقاومة وتصور نفسه بطلا ..
ونهض واقفا ، وأخذ يذرع أرض الغرفة..
ثم قال :
- انك لا تعلمين ولا احد يعلم هل قال الحقيقة ام لا
- ولكنه اطلق الرصاص على الرقيب ..
فقال ستارك :
- نعم .. انه انسان خطر ما في ذلك شك ، ويحتمل جديا يكون هو الذي اطلق الرصاص على
زوجك ، غير انك لا تستطيع ان تؤآدي بصفة قاطعة انه فعل هذا ، يحتمل ان يكون من اطلق
الرصاص شخصا اخر ..
- من؟
فأجاب بعد صمت قصير :
- مس بنيت مثلا .. انها تحبك ، انها تحبك فربما ظنت انك ستكونين سعيدة اذا تخلصت من
زوجك . او مسز واريك نفسها ، او صديقك جوليان .. ريما آان جوليان قد اطلق الرصاص على
ريشارد ، ثم زعم بعد ذلك انه ظن انك القاتلة ، وهي لعبة بارعة خدعتك تماما ..
- لا شك انك غير مؤمن بما تقول .. انت تقول هذا فقط لترفه عني وتخلصني من وخز الضمير ..
فصاح ستارك في ضيق :
- يا فتاتي العزيزة ، اي شخص يمكن ان يكون هو الذي اطلق الرصاص على زوجك ، ولا
استثني ماآجريجور نفسه ..
فبهتت وصاحت :
- ماآجريجور؟ ولكن ماآجريرجور مات .
- طبعا .. المفروض انه مات ، اصغي الي ، في مقدوري ان اطرح القضية امامك بطريقة لا تدع
مجالا للشك في ان ماآجريجور هو القاتل ..
هي انه قرر قتل زوجك على سبيل الانتقام ، فماذا يفعل؟ اول شيء يفعله هو ان يتخلص من
شخصيته ، فليس من العسير عليه ان يزيف حادث وفاة في مكان قصي من بلد بعيد مثل الاسكا ،
هذا يكلفه بعض المال ، وشهادة زور ولكنه ممكن ..
ثم ينتحل اسما جديدا ويبني لنفسه شخصية جديدة ، ويزاول مهنة جديدة في بلد آخر .
غير انه يظل بطريقة او باخرى على اتصال بما يجري هنا ، حتى اذا علم انكم غاردتم (
نورفولك ) ، وجئت الى هذا البيت ، شرع في وضع خطته ..
ثم يزيل لحيته ويصبغ شعره ويفعل آل ما من شأنه ان يغير ملامح وجهه ، وفي ليلة آثيفة
الضباب ، يأتي الى هنا ..
وصمت ستارك قليلا .. ثم نهض ووقف أمام الشرفة وقال وهو يطل على الحديقة :
- لنفرض اذن انه جاء الى هنا ، ووجد زوجك في مقعده ولم يشأ ان يقتله غدرا فقال له : ان معي
مسدسي ، ومعك مسدسك ، سأعد من واحد الى ثلاثة ثم يطلق آل منا مسدسه على الاخر ، اني
جئت لانتقم لولدي آما تعلم ..
ومضى في حديثه ، فقال :
- لنفرض ايضا ان زوجك ليس شخصا رياضيا بكل معنى الكلمة آما تتوهمين ، وانه ينتظر
غريمه حتى يفرغ من العد ..
واذآر انك قلت عن زوجك انه آان بارعا في اصابة الهدف ..
فلنفترض انه اخطأ الهدف هذه المرة، وطاشت رصاصته في الحديقة ..
حيث يوجد آثير من الرصاصات التي سبق ان اطلقها ..
بينما لم يخطئ ماآجريجور واصابت رصاصته الهدف ، وقتلت زوجك ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 71
ولنتصور بعد ذلك ان ماآجريجور وضع مسدسه بقرب الجثة ، واخذ مسدس زوجك ، وغادر
البيت عن طريق الحديقة ، ثم عاد بعد قليل .
- عاد؟ لماذا ؟
- لنفرض ان سيارته وقعت في حفرة ، فلم تستطع الابتعاد ، فناذا يفعل؟ انه يفعل الشيء الطبيعي
الوحيد ، وهو ان يدخل البيت ويكتشف وجود الجثة ..
فقالت في دهشة :
- انك تتكلم آما لو آنت تعرف ما حدث تماما ..
فقال ستارك بحدة :
- انا اعرف ما حدث .. ألم تفهمي .. أنا ماآجريجور .!
ولم تصدق لورا اذنيها ..
ونهضت من مقعدها وهي تغمغم :
- أنت ..
وحملقت نحوه بعينين مفعمتين بالدهشة والذهول ..
فقال بصوت اجش :
- وداعا يا لورا ..
وخرج الى الشرفة ..
واختفى بين أشجار الحديقة ..
وعندما افاقت من دهشتها ..
أسرعت تعدو خلفه وتصيح :
- صبرا يا مايكل .. صبرا ..
ووقفت في الشرفة تهتف :
- مايكل .. عد يا مايكل ..
ولكن صوتها ضاع في زئير النفير ، الذي دوى في تلك اللحظة ليحذر الصيادين من آثافة
الضباب ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 72تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 1
<Šè†Ò<^m^q_<ífi^ÓÖ]<Äñ]æ…<ï‚uc
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 2
< <IV<ífi^ÓÖ]<àÂ<ì’Î<ì„fÞ
،:،:، آاتبة روايات بوليسية ترجمت رواياتها الى 103 لغات ،:،:،
،:،:، ولدت في جنوب غرب انجلترا الاب اميرآي وأم انجليزية ،:،:،
،:،:، لكنها تقول اني انجليزية ،:،:،
،:،:، تزوجت عام 1914 من الكولونيل ارشيبالد آريستي ،:،:،
،:،:، وانجبت منه ابنة وانفصلت عنه عام 1928 ثم تزوجت في ،:،:،
،:،:، العام 1930 من المهندس الاثري البريطاني ماآس مالوان ،:،:،
،:،:، تتميز عن جميع الروائيين البوليسيين مما نصبها ملكة عليهم ،:،:،
،:،:، جميعا ، فرواياتها آبيرة متكاملة فيها عشرات الشخصيات ،:،:،
،:،:، الحية التي يشعر بها الانسان دائما ، لا تترك شخصية تظهر ،:،:،
،:،:، رواية لها دون ان توضح معالمها في لمسات سريعة ،:،:،
،:،:، طريفة مهما آان دور هذه الشخصية في الرواية ، آما ،:،:،
،:،:، تميزت ايضا بان اشخاص رواياتها اشخاص عاديون ،:،:،
،:،:، ولكنهم تعرضوا في الرواية لظروف ازالت القناع ،:،:،
،:،:، الحضاري عن الوحوش القابعة في اعماق آل انسان ،:،:،
،:،:، آذلك لم تلجأ الى عنصر الجنس في رواياتها ،:،:،
،:،:، عكس ما اتبعه الاخرون ،:،:،
،:،:، ولم تهدف الى الاثارة ولا تلجأ اليها الا اذا آان ،:،:،
،:،:، ابطال الرواية شبانا يطاردون الجواسيس او عصابات ،:،:،
،:،:، خطيرة ، آما تضمنت رواياتها اهادفا انسانية ،:،:،
،:،:، فحواها ان الجريمة لا تفيد وان الخير هو المنتصر ،:،:،
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 3
.{)&(}. الرواية .{)&(}.
آان الظلام دامسا والضباب من الكثافة بحيث تعذر على آشافات السيارة ان تبدده الى الحد الذي
يسمح لقائدها ان يتبين طريقه بينما آان التفير الالي يرسل عويله المحزن في هدأة الليل ليحذر
صيادي السمك في خليج بريستول من الخروج الى البحر.
ورأى قائد السيارة نورا خافنا ينبعث من منزل على حافة الطريق فاوقف سيارته واطفأ مصابيها
وهبط منها.
ولكنه ما آاد يغلق باب السيارة وينظر الى البيت مرة اخرى حتى وجد ان ذلك النور الباهت الذي
آان بالنسبة له آالنجم المتلألئ الذي يهتدي به الملاح وسط الامواج المتلاطمة قد انطفأ فجأة...
واورثه انطفاء هذا البصيص من النور احساسا مزعجا بالوحشة والضياع.
ولكنه تذآر ان في جيبه مصباحا آهربائيا صغيرا آان قد اعده للاستعانه به عند الضرورة اذا
ضل طريقه في شوارع المدينة الصغيرة وطرقاتها الملتوية المظلمة.
اخرج المصباح من جيبه واضاءه وراح يلتمس طريقه حتى وصل الى باب الحديقة ..
فدفعه بيده ففتح..
وآانت عيناه قد الفتا الظلام ولكنهما عجزتا عن اختراق استار الضباب!
فكف عن السير وصاح بأعلى صوته :
- اما من أحد هنا؟
وارهف اذنيه، وانتظر ، ولكنه لم يسمع سوى ذلك العويل المحزن!.
ولم يصده السكون والظلام عن غرضه فشق طريقه وسط الحديقة مستعينا بمصباحه..
وانتهى اخيرا الى الباب الزجاجي الذي خيل ان النور آان ينبعث منه منذ لحظات واطل منه
ولكنه لم يتبين شيئا فقد آان الزجاج مغبشا من الداخل..
طرق الباب بلطف اولا..
ثم بشدة!
ثم امسك بالمقبض وحرآه ، ولشد ما آانت دهشته حين تحرك المقبض وفتح الباب.
قال دون ان يتخطى العتبة:
- اما من احد هنا؟
ولما لم يسمع جوابا حرك المصباح في ديه ليتبين طريقه فسقط نور المصباج على شاب في مقتبل
العمر يجلس على مقعد متحرك ووجهه نحو النافذة..فهتف قائلا:
- معذرة.. لقد ضللت طريقي في هذا الضباب اللعين، وسقطت سيارتي في حفرة ،، ولا اعلم اين
انا الان!
آه.. انا اسف . لقد ترآت الباب مفتوحا..
واستدار واغلق الباب واسدل الستار دون ان يكف عن الكلام:
- يخيل الي انني انحرفت عن طريق السيارات في مكان ما، وهأنذا الف وادور بالأزقة
والطرقات منذ ساعة دون ان اهتدي الى سبيل.
ثم تحول الى الشاب الجالس على المقعد المتحرك وقال :
- هل انت نائم؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 4
وسلط ضور المصباح على وجه الشاب.
وبهت حين لاحظ ان الشاب لا يتحرك؟
انحنى فوقه، وهز آتفه ليوقظه.. ولكن جسد الشاب مال الى الامام وظل مائلا..
وغمغم الرجل قائلا:
- يا إلهي!
وأدار المصباح في يده حتى سقط نوره على الجدار.
وما زالت دائرة الضوء تتحرك على الجدار حتى استقرت على زر النور فاسرع اليه الرجل
وحرآه.
فأضيء مصباح على مكتب بالقرب من الباب.
وحينئذ اطفأ الرجل مصباحه ووضعه على المكتب..
ودار حول الشاب..
ثم وقع بصره على زر اخر في الجدار، فضغطه.. فانبعث نور ساطع من مصباح في سقف
الغرفة.
وعندئذ فقط وقع بصر الرجل على المرأة..
مانت في نحو الثلاثين من عمرها ممشوقة القوام ، شقراء فاتنة..
ولم تتحرك المرأة..
بل خيل للرجل ايضا انها لا تتنفس..
آانت يداها مخبوءتين في طيات ثوبها، وعيناها لا تتحولان عن الشاب الجالس على المقعد
المتحرك.
قال الرجل:
- انه ميت.
فنظرت اليه المرأة واعلقت عيناها بعينيه لحظة ، ثم قالت بصوت باهت لا يدل على انفعال من
اي نوع:
- نعم..
- هل آنت تعلمين؟
- -نعم.
- انه أصيب برصاصة في رأسه..من!
وهنا أخرجت المرأة احدى يديها من طيات ثوبها فاذا بها مسدس . وشهق الرجل في دهشة وقال
وهو يتناول المسدس من يدها:
- انت التي قتلته؟
- نعم.
وضع الرجل المسدس على مائدة بالقرب من المقعد المتحرك وتقدم من الشاب وراح يتأمله ..
ولاول مرة القت المرأة على الزائر الغريب نظرة فاحصة..
وجدته رجلا متسط القامة في نحو الخامسة والثلاثين من عمره قد لفحت الشمس بشرته..
لم يكن وسيما..
ولكن قسمات وجهه وبروز عظام فكيه والبريق الذي يمض في عينيه .. آل ذلك آان يدل على
قوة الارادة ومضاء العزيمة والذآاء..
ولم يكن انيقا ..
ولكن مظهره آان مظهر رجل الاعمال الواقعي الذي يتميز بحسن تقدير الامور وسرعة البت
فيها.
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 5
*
ولاحظت المرأة انه يجيل البصر في جوانب الغرفة، فقالت بذلك الصوت الاجوف الذي لا ينم
عن شيء:
- هوذا التليفون!
واومأت براسها نحو المكتب.
فقال الغريب في دهشة:
- التليفون؟
- نعم .. لكي تتصل بالبوليس؟
فقال وهو يصعدها بعينية ولا يستطيع ان يسبر غورها:
- ان التمهل بضع دقائق لن يضير احدا، ثم ان رحلتهم الى هنا وسط الضباب ستتطلب وقتا
وجهدا.. ولكني اود قبل ذلك ان اعرف المزيد.
- - ماذا تريد ان تعرف؟
فنظر الى الجثة وسأل:
- من هو؟
- زوجي!
ثم اردفت بعد قليل:
- اسمه ريتشارد واريك، وانا ادعى لورا واريك..
- آه .. اليس من الافضل ان .. تجلسي؟
ورآها تسير ببطء وهي تترنح .. الى ان اقتربت من الاريكة فتهالكت عليها..
فسألها:
- هل ىتيك بشراب؟ لابد ان ذلك آان صدمة لك.
فأجابت بلهجة ساخرة :
- اتعني اطلاق النار على زوجي؟
فتظر اليها الغريب مليا..
ثم قال بشيء من الجفاء:
-نعم :: ام لعل الامر آان مجرد لهو وتسلية؟
فردت في هدوء تام:
- نعم آان لهوا وتسلية .. ولكن لا بأس من ان اتناول آأس شراب
فخلع الغريب قبعته والقى بها على أحد المقاعد،،
وتناول قنينة آانت على مائدة صغيرة بجوار المقعد المتحرك ، وملأ قدحا قدمه الى المرأة
فاحتسته.
قال الشاب:
- والآن.. اريد ان تروي لي القصة آلها.
فنظرت إليه في هدوئ وقالت:
- اليس من الافضل ان تتصل بالبوليس؟
- - آل شي في وقته .. ولا مانع من ان نتجاذب اطراف الحديث في هدوء.
قال ذلك وخلع قفازه ووضعه في جيبه، وشرع في حل ازرار معطفه.
فقالت المرأة وقد بدت عليها دلائل الانهيار:
- انا لا .. ولكن من انت اولا ؟ وماذا اتى بك الى هنا الليلة؟
فقال الشاب :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 6
- أنا ادعى مايكل ستارك، ومهنتي مهندس ، وانا اعمل في الشرآة الانجليزية الايرانية ، وعدت
اخيرا من الخليج العربي وقضيت هنا يومين لزيارة المعالم التي عرفتها وانا صغير ،، فان اسرة
امي تقيم في هذه المنطقة.
ولذلك خطر لي ان ابحث عن منزل صغير ابتاعه فيها ، ومنذ نحو ساعتين او ثلاث وانا تائه في
الظلام والضباب الى ان سقطت سيارتي في حفرة امام هذا البيت ففكرت في دخوله على امل ان
اجد تليفونا او مأوى اقضي فيه ليلتي فلقيت هذه الباب فعالجت مقبضه ولكنه آان مفتوحا فدخلت.
ورأيت هذا.
ولوح بيده نحو المقعد والجثة!
فقالت لورا/
- انك دققت الباب قبل ان تدهل ودققته مرارا .. اليس آذلك؟
فقال مايكل:
- نعم .. ولكني لم اسمع ردا.
- اني لم ارد.
فنظر اليها ستارك مرة اخرى وحاول ان يسبر غورها ويعرف ما يعتمل في قرارة نفسها.
قال مستطردا:
- لم يكن الباب موصدا ولذلك دخلت.
فنظرت لورا الى قدحها.. وقالت آمن يقرأ آتابا :
" وفتح الباب ودخل زائر نصف الليل "
ومرت بجسدها رعدة خفيفة..
ثم استطردت قائلة :
- آانت هذه العبارة تخيفني دائما ، وانا طفلة .. زائر نصف الليل!
ثم ثارت ثائرتها وفجأة..
فرفعت رأسها وقالت بحدة:
- لماذا لا تتصل بالبوليس لكي ننتهي ؟
فاقترب من الجثة وراح يتأملها..
وسأل:
- ليس بعد .. لماذا اطلقت عليه الرصاص؟
فقالت ساخرة :
- استطيع ان اذآر لك طائفة من الاسباب الوجيهية ، آان سكيرا وقاسيا وآنت امقته منذ عدة
اعوام..
فتفرس في وجهها..
فقالت في غضب
- ماذا تتوقع مني ان اقول؟
فقال ستارك :
- آنت تمقتينه منذ عدة اعوام؟ اذن لابد ان يكون حدث شيء ، شيء خاص.. أدى الى هذا.
- اصبت .. حدث الليلة شيء خاص ، ولذلك تناولت المسدس من مكانه على المائدة التي بجوارة
واطلقت عليه ، هكذا بكل بساطة. ولكن ما فائدة الحديق في هذا الان؟ انك ستضطر في النهاية
الى الاتصال بالبوليس، ولا مناص من ذلك.
فقال ستارك:
- ليس من اليسير علي ان افعل عذا الذي تطالبينني به ، فانت امرأة ، وامرأة فاتنة!
- وهل يغير ذلك من الواقع شيئا؟
فرد في مرح:
- نظريا لا .. اما عمليا فتعم
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 7
قال ذلك و خلع معطفه ووضعه على مشجب.. ثم وقف امام الجثة وراح يتأملها.
فقالت المرأة ساخرة:
-ياللفروسية!
- سميها فضولا اذا شئت .. انني اتوق الى معرفة آل شي عن الموضوع.
فردت لوراقائلة :
- لقد قلت لك آل شيء.
فقال مايكل :
- انك ذآرت الحقائق الاساسية فحسب.
- بل وذآرت لك الدافع الى الجريمة ايضا وليس عندي ما اضيفه وعلى آل حال ماذا يحملك على
تصديق ما ذآرته لك؟ آان بوسعي ان اروي لك اية قصة ... ولكني اقول لك ببساطة ووضوح
انه آان وحشا قاسيا وآان يسرف في الشراب واني آنت امقته.
فقال ستارك وهو ينظر الى وجه القتيل:
- اني اصدق العبارة الاخيرة على الاقل فهناك من الادلة ما يؤيدها .. ولكنك ذآرت انك منت
تمقتينه منذ اعوام عدة ، فلماذا لم تهجريه؟ ألم يكن ذلك ايسر و أسلم؟
فترددت المرأة قليل..
ثم قالت :
- اني فقيرة لا أملك مالا!
فقال ستارك:
- يا سيدتي العزيزة لقد آان في مقدورك ان تثبتي قسوته وادمانه الشراب وبذلك تحصلين على
حكم بالانفصال او الطلاق وعلى نفقة شهرية تطفل لك الطمأنينة والاستقرار.
ونظر اليها في انتظار الجواب.. ولكنها لم تجد ما تقوله!
ونهضت واقفة ، ووضعت قدحها على المائدة بجوار المقعد المتحرك .
سألها:
- هل لديك أولاد؟
- آلا حمدا لله!
- اذن لماذا لم تترآيه؟
فبدا عليها الارتباك..
واجابت :
- لانني :: لانني سأستطيع الان ان ارث ثروته!
- آلا .. آلا . القانون لا يجيز ذلك ولا يسمح لك بالافادة من جريمتك ، ام لعلك ظننت ان..
وتردد لحظة ثم قال:
- ماذا ظننت؟
- لا أعرف ماذا تعني؟
فقال وهو يتفرس في زجهها:
- انك ليست غبية .. وحتى اذا ورثت ثروته فان هذه الثروة لن تفيدك شيئا اذا انت سجنت مدى
الحياة او شنقت.
ثم جلس على احد المقاعد وقال:
- هبي انني بم احضر الان واطرق بابك ، فماذا آان في نبيتك ان تفعلي؟
فردت لورا
- هل يهمك ان تعرف؟
فرد ستارك
- ربما لا يهمني .. ولكني اشعر بشيء من الفضول، ماذا آنت تستزعمين لو لم احضر واضبطك
متلبسة؟ هل آنت ستزعمين ان الحادث وقع قضاء وقدار؟ او انه انتحر؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 8
فقالت لورا:
- لا اعلم وليست لدي ايه فكرة .. فلم يكن لدي متسع من الوقت للتفكير.
فقال وآانه يتحدث الى نفسه:
- آلا .. آلا . آلا لا اظن انك ارتكبت الجريمة عمدا مع سبق الاصرار ، انك ارتكبتيها بدافع
فجائي . ردا على شيء قاله زوك .. اليس آذلك؟
- قلك لك ان ذلك لا يهم.
فقال مايكل :
- ماذا قال لك زوجك؟
فردت لورا :
- ذلك ما لن افضي به الى احد
- سيسالونك في المحكمة
- سوف لن اجيب ، ولن يرغمني احد على الاجابة
فرد الشاب:
- محاميك لا بد ان يعرف الحقيقة:: لكي يتسنى له اعداد دفاعه.
- الا ترى انني فقد آل امل؟ انا على استعداد لاسوء الاحتمالات.
- لماذا؟ لاني حضرت على غير انتظار؟ هبي اني لم احضر
فقاطعته قائلة:
- ولكنك حضرت
- نعم. ولذلك تملكلك اليأس
وساد صمت عميق! واخيرا اخرج ستارك من جيبه علبة تبغ وقدم لها سيجارة واذخ سيجارة
لنفسه .. وقال:
-لنعود الى الوراء قليلا ، انك آنت تكرهين زوجك منذ وقت طويل والليلة قال لك شيئا آثار
ثائرتك ، فاختطفت المسدس الذي آان على المائدة بجواره.
ولكن لماذا آان زوجك جالسا هنا وبجواره مسدس؟ ذلك امر غير مالوف
فقالت لورا:
-انه تعود ان يطلق الرصاص على القطط.
فنظر اليها في دهشة وقال:
- القطط؟
فتنهدت لورا وقالت:
- اطنن انني يجب ان اوضح لك الامور، آان ريتشارد معروفا بولعه بالصيد والقنص، وآان
سبب تعارفنا ، فقد التقينا معا في ( آينيا ) وآان وقتئذ يختلف اختلافا بينا عما اصبح فيما بعد ، او
لعل محاسنه وقتئذ اآثر واوضح من مساوئه ، آان آريما وشجاعا ومحبوبا من النساء .
وهنا تقدم منها ستارك واشعل سيجارته بولاعته.
فنظر إليها وتأملته مليا للمرة الاولى.
قال لها:
- امضي في حديثك.
- تزوجنا عقب لقائنا ... وبعد نحو عامين، وقع له حادث مخيف اذ هاجمه احد الاسود وآان من
حسن حظه انه نجا بحياته، ولكنه اصيب باصابة ترآته آسيحا لا يستطيع السير.
قالت ذلك واسترخت في مقعدها.. وزال عنها التوتر..
ومضت في حديثها ... قالت:
-يقولون ان المصائب تروض النفس وتهذب الخلق ولكن الكارثة التي حلت بريتشارد لم تهذب
خلقه:: بل على العكس، انها ابرزت اسوأ مافيه ، وصيؤته حقودا قاسيا محبا للشراب..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 9
وقد جعل الحياة لا تطاق بالنسبة الى آل انسان في هذا البيت.. ولكننا صبرنا عليه واحتملناه.. آنا
نقول ما يقال عادة في مثل هذه الظروف:
" مسكين ريتشارد ، انه يعاني الكثير بسبب اصابته"
ولكني ارى الان اننا آنا مخطئين..
فقد شجه سكوتنا وصبرنا على الاعتقاد بانه يختلف عن سائر الناس ، وان بوسعه ان يفع ما يريد
دون ان يسأل عما فعل.
قالت ذلك ونهضت لتدق رماد سيجارتها في منفضة على المائدة ، واستطردت قائلة:
- آان الصيد دائما هو أحب شيء إلى نفسه .. ولذلك آان يجلس هنا آل ليلة ، بعد ان نأوي إلى
مخادعنا.
فيأتيه خادمه الخاص ( انجل ) بشرابه المفضل .. ويضع بجواره مسدسا او اثنين ، ويترك هذا
الباب المؤدي إلى الحديقة مفتوحا!
ويظل ريتشارد قاعدا هنا في انتظار ان يلمح بريق عيني قطة او ارنب بري او آلب.
ولم تكن هناك ارانب آثيرة .. ولكنه قتل عددا آبيرا من القطط..
فقال ستارك:
- ألم يشك الجيران من ذلك؟
فردت لورا:
- طبعا .. اننا لم نأت إلى هنا إلا منذ عامين ، ولكننا آنا قبل ذلك نقيم في (نورفولك) على الشاطئ
الشرقي، وهناك قتل ريتشارد حيوانا او اثنين من الحيوانات الاليفة.. فأثار اصحابها ضجة شديدة
وشكونا على الجهات المسؤولة .. ولذلك اتينا للاقامة هنا في هذا البيت المنعزل .. ان اقرب بيت
الينا يبعد عدة اميال .. ولكن المكان هنا ملء بالقطط والسناجب والطيور..
وصمتت قليلا .. ثم مضت تقول:
- لقد بدأت متاعبنا الحقيقية في نورفولك عندما اقبلت احدى السيدات لتجمع معونة الكنيسة..
وحينما انصرفت ، راح ريتشارد يطلق النار حولها وهي تعدو آالارنب المذعور. وتنحرف يمينا
ويسارا، بينما ريتشارد يقهقه ضاحكا!
وقد تقدمت السدية بشكوى الى البوليس بطبيعة الحال .. ولكن ريتشارد استطاع ان يفلت من
العقاب ببراعة..
آانت لديه تراخيص لجميع الاسلحة النارية وقد زعم انه انما آان يطلع الرصاص على الارانب
البرية وان مسز باترفيلد سيدة متقدمة بالسن متوترة الاعصاب وقد توهمت انه يطلق النار عليها
وهو امر يجافي الواقع.
صفوة القول انه آان مقنعا في دفاعه عن نفسه فصدقوه.
فقال ستارك:
- يبدو ان دعابته .. آانت تنطوي على قدر آبير من فساد الذوق..
قال ذلك واقترب من الجثة ودار حولها..
ثم استطرد قائلا:
- اذن قان وجود المسدس على مقربة منه آان امرا مألوفا؟ ولكني اتاب في انه استطاع ان يطلق
الرصاص على اي شيء الليلة بسبب الضباب..
فقالت لورا:
- آان يحب دائما ان يكون المسدس في متناول ديه، مهما آانت الاحوال الجوية.. آان المسدس
بالنسبة اليه آاللعبة بالنسبة للطفل ، واحيانا آان يطلق الرصاص في الجداؤ لغير سبب ما.. انظر
الى يسار الباب ، تحت الستار..
فأزاح ستارك الستار، ورأى في الجدار ثقوبا يتالف منها الحرفان ( ر . و ) ..
قال :
-الحرفان الاولان من اسمه، الحق انه هداف بارع..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 10
واسدل الستار وعاد الى مكانه امام لورا..وقال:
- لاشك ان الحياة معه آانت آزعجة للغاية !
فقالت وهي تنهض من مقعدها بطريقة عصبية:
- نعم.. ولكن هل يجب ان نمضي في الحديث على هذا النحو الى مالا نهاية؟ ان ذلك مجرد ارجاء
لما لا بد من حدوثه في النهاية ، الا تدرك ان من واجبك ان تتصل بالبوليس؟ افعل ذلك الان ،
فخير البر عاجله .. ام لعلك تريدني انا ان افعل ذلك؟ حسنا سأفعل!
واسرعت الى التليفون .. ولكنه هرول اليها وتناول السماعة من يدها وهو يقول :
-يجب ان نتحذث اولا.
فردت:
- اننا نحدثنا طويلا فلم يبق ما نتحدث فيه
فقال ستارك :
-بل هناك ما يستوجب الحديث ، قد اآون مغفلا ، ولكني اعتقج اننا يجب ان نجد مخرحا.
فلم تصدق لورا اذنيها.. وهتفت:
- لي انا؟
-نعم، لك انت..
ثم استادر اليها وقال:
- سنرى مبلغ شجاعتك ،،، هل تستطيعين المذب عند الضرورة؟ اعني الكذب المقتع الذي يصدقه
من يسمعه..
فصاحت لورا:
- لاشك انك مجنون..
- ربما.
- انك لا تعرف ما انت فاعل..
فقال ستارك:
- بل اعرف جديا ، ان ما افكر فيه سيجلعني شريكا لك في الجريمة!
فردت الفتاة:
- ولكن لماذا؟ لماذا؟
فأجاب وهو مشتغرق في التفكير:
- نعم .. لماذا؟ السبب بسيط فيما أظن .. هو انك امرأة فاتنة وانا لا احب لامرأة لها مثل فتنتك ان
تقضي اجمل سني حياتها في السجن او يطبق حبل المشنقة على عنقها من اجل جريمة آهذه..
وعلى آل حال فان الموقف واضح امامنا.. فقد آان زوجك رجلا مريضا آسيحا ..
فاذا آان قد اثارك الى الحد الذي فقدت فيه صوابك واطلقت عليه الرصاص !
فانت وحدك التي تستطيعين ان تذآري آيف اثارك واخرجك عن وعيك .. آلمة واحدة تكفي
لالقاء الضوء على اسباب الجريمة.. ولكنك لا تريدين ان تنطقي بهذه الكلمة ، واذا اصررت على
الصمت فان تبرئتك تصبح امرا مشكوآا فيه..
أليس آذلك؟
فأجابتك:
- الا يحتمل ان يكون آل ما قلته لك آذبا؟
فابتسم ستارك وقال:
- ربما .. وربما اآون مغفلا ، غير اني اصدقك.
فجلست لورا على احد المقاعد دون ان تنظر اليه.
وقال ستارك:
- والان .. تكلمي .. وبسرعة، غير اني اريد الولا ان اعرف الذين يقيمون في هذا البيت.
فترددت لورا لحظة.. ثم قالت:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 11
- توجد والدة ريتشارد ، ومس بنيت وهي ممرضة قديمة تعمل الان آمدبرة للبيت وسكرتيرة ..
وقد مضت في هذا البيت سنوات عديدة ، وهي تحب ريتشارد وتخلص له.
هم هناك انجل ، خادم ريتشارد الخاص وممرضة ، وليس لدينا خدم دائمون..
آه هناك أيضا جان..
فسأل ستارك بحدة:
- ومن هو جان هذا؟
فنظرت إليه بمزيج من الحيرة والارتباك قائلة:
- انه أخ غير شقيق لريتشارد وهو يقيم معنا.
فقال ستارك وهو ينهض:
- اولى بك ان تكوني اآثر صراحة ، ثمة شي او اشياء خاصة لا تريدين الافصاح عنها .. ماهي؟
فردت:
- انه انسان لطيف جدا ، غير انه ليس آسائر الناس ، اعني انه ممن يقال عنهم انهم متخلفون
عقليا..
فسأل ستارك:
- آه.. يخيل الي انك تحبينه.
- نعم.. اني احبه آثيرا واعطف عليه آل العطف، ومن اجله احاول ان اهجر ريتشارد واترك
المنزل، ذلك لان ريتشارد آان دائما من يضعه في مصحة الامراض النفسية.
- وهل هذا ما آان يهددك به؟
فردت:
- نعم .. ولو وثقت من انني استطيع ان اآسب بعرق جبيني ما يكفيني انا وجان لما ترددت ،
ولكني لم اآن على يقين ، ثم ان ريتشارد هو الوصي على أخيه..
- هل آان ريتشارد يعامله بلطف؟
- احيانا .. واحيانا اخرى آان يتحدث عن ارساله الى مصحة ويقول له : انهم سيعاملونك هناك
برفق ويعنون بك وسوف تقوم لورا بزيارتك مرة او مرتين في آل عام..
ولا يزال بالشاب المسكين حتى يدخل الذعر في قلبه فيجثو المسكين امامه ويرجوه ويتوسل اليه
فينفجر ريتشارد ضاحكا ويظل يضحك حتى تدمع عينيه.
- فهمت .. فهمت
فنهضت لتطفئ سيجارتها وقالت:
-لا ضرورة لان تصدقني بل لا ضرورة لان تصدق اية آلمة اقورها لك ، ان ما اقوله قد يكون
مجرد مجموعة اآاذيب .
فقال ستارك:
- قلت لك اني سأجازف بتصديقك، والان اي نوع من النساء تلك المرأة المسماة مس بنيت؟ هل
هي امراة ذآية؟
- انها على جانل آبير من الذآاء والكفاية..
فسألها:
- آيف اتفق ان احدا من آل هؤلاء .. لم يسمع صوت الطلق الناري؟
فردت لورا:
- ان والدة ريتشارد نصف صماء، وغرفة مس بنيت تقع في الجاتب الاخر من البيت.. وانجل
يقيم في جناح منعزل، اما غرفة جان فانها تقع فوق هذه الغرفة، ولكنه يأوي الى فراشه في ساعة
مبكرة ويستغرق في نوم عميق.
- آل هذا من حسن الحظ.
فسألته:
- ولكن ماذا يدور بخلدك؟ هل تعتقدين اننا نستطيع ان نجعل الحادث يبدو وآأنه انتحار؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 12
فهز رأسه سلبا. وأجاب:
- آلا . لا امل في ذلك.
ثم اقترب من الجثة ونظر اليها مرة أخرى.. وسأل:
- هل آان اعسرا؟
- آلا.
فقال وهو يشير الى مكان الاصابة في الجانب الايسر من الرأس :
- يستحيل ان يحدث اطلاق الرصاص باليد اليمنى مثل هذه الاصابة .. ثم انه لا يوجد اثر
لاحتراق البشرة.
وهذا يدل على ان الرصاصة اطلقت من مسافة بعيدة، آل .. يجب ان نستبعد فكرة الانتحار
نهائيا، ويبقى بعد ذلك ان يكون الحادث قد وقع قضاء وقدرا!
وصمت ... وفكر في الامر مليا..
ثم قال:
- لنفرض اني جئت الى هنا الليلة ، آما حدث فعلا .. واني دخلت من هذه الباب ، فصوب علي
ريتشارد مسدسه واطلقه .. ذلك جائز تماما على ضوء المعلومات التي ادليت بها الي..
ثم لنفترض ان الرصاصة طاشت واني هجمت عليه ، وانتزعت المسدس من يده ..
فهتفت لورا في حماسة :
- وخلال النضال بينك وبينه ، انطلقت رصاصة.
فقال ستارك:
- نعم. آلا، هذه فكرة خاطئة سيكتشف البوليس على الفور ان الرصاصة لك تطلق من مسافة
قريبة لانه لايوجد اثر لاحتراق البشرة آما قلت لك..
واذا آنت قد نجحت في انتزاع المسدس من يده فلماذا اطلق عليه الرصاص؟
آلا ... انها مسألة معقدة حقا.
وتنهد واستطرد قائلا:
- حسنا.. لتكن جريمة قتل اذن .. ولكنها جريمة ارتكبها شخص من الخارج.
قال ذلك ومشى الى الباب وامسك بالستار..
ونظر الى الخارج ..
فقالت لورا :
- تعني لصا؟
فقال ستارك بعد تفكير:
- يجوز ان يقدم اللص على ارتكاب جريمة قتل .. غير ان هذا لن يكون مقنعا .. وخير منه ان
يكون القاتل عدوا لريتشارد ، سيبدو ذلك وآأنه مسرحية مأساوية..
ولكن يخيل إلي مما ذآرتيه عن خلق زوجك وطباعه انه رجل خليق بان يكون له اعداء آثيرون
، فهل انا على صواب؟
فأجابت بهدوء:
- نعم آان لريتشارد أعداء ، انما ..
فأشعل ستارك لفافة تبغ..ثم قال:
- دعك من الاعتراضات الان ، وحدثيني عن اعداء ريتشارد .. هناك السيدة التي اقبلت لجمع
التبرعات للكنيسة ، فأطلق الرصاص عليها .. غير اني لا اعتقد ان ما حدث لها يصلح لأن يكون
حافزا للقتل .. من سواها؟ من سواها يحقد على زوجك؟
فدفنت الصبية وجهها بين آفيها واستغرقت في التفكير ..
فلم تكت على يقين ان هناك بين اعداء ريتشارد .. من يمكن اتهامه بقتله..!
قالت أخيرا:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 13
- آان لدينا بستاني منذ عام ، فطرده ريتشارد ورفض ان يعطيه شهادة سلوآه وعمله وقد ثار
البستاني ، وهدد وتوعد ، وآان عنيفافي حديثه مع ريتشارد.
فسألها ستارك:
-لا أظن .. اننا نستطيع الافادة من هذه المعلومات واآبر الظن ان هذا البستاني سوف يقيم الدليل
على انه آان في بيته وقت حدوث الجريمة .. فان لم يستطع فإنه قد يدان ويعاقب على جريمة لم
يرتكبها..
آلا ، اننا نريد عدوا من الماضي البعيد ، من العهد الذي آان فيه ريتشارد يصطاد الاسود ،
والنمور في افريقيا او الهند ، او اي مكان اخر ، يتعذر على رجال البوليس الاهتداء فيه إلى
الحقيقة بسرعة !
فقالت لورا:
- ليتني فقط استطيع ان اتذآر بعض القصص التي رواها ريتشارد عن مغامراته في افريقيا
ولكني مشوشة الذهن ولا استطيع ان اتذآر شيئا
- حتى قصص مغامراته في رحلات الصيد والقنص لن تفيدنا ، اذ ليست لدينا ادلة مادية من اي
نوع.. مثل عمامة هندية او حربة افريقية او سهم مسموم ، هل تفهمين ما أعني؟
ان ما نحن بحاجة إليه .. هو اسم عدو قديم من اعداء ريتشارد فحاولي ان تتذآري.
فراحت لورا تعصر ذهنها..
ولم تلبث ان هزت رأسها قائلة:
- لا اذآر شيئا ..
فسألها ستارك:
- انك حدثتني عن زوجك وشذوذه وغرابة أطواره .. رجل مثله لابد ان يكون في حياته احداث،
واشخاص ..
أعني اشخاصا ناصبوه العداء.. ووجهوا اليه تهديدات لها ما يبررها!
فقالت ببطء:
- هناك رجل آان ريتشارد قد صدم ابنه بالسيارة وقتله.
فصاح ستارك بسرعة :
- من هو هذا الرجل ؟
- فقد وقع الحادق منذ نحو عامين ، عندما آنا نقيم في نورفولك.. وهدد ريتشارد بالانتقام!
- هذا موضوع يمكن الافادة منه .. حدثيني بكل ما تذآرينه عنه.
- آان ريتشارد قادما بسيارته من مدينة ( آرومر ) .. وآان قد اسرف في الشراب.. فاخترق احدا
القرى الصغيرة بسرعة رهيبة.. واتفق ان آان احد الاطفال يعبر الطريق فصدمه ريتشارد وقتله
على الفور.
فسال ستارك بدهشة:
- هل تعنين ان زوجك آان في استطاعته ان يقود سيارة؟
فقالت الصبية:
- نعم، آانت لدية سيارة صنعت خصيصا ، بحيث يستطيع قيادتها بيديه فقط دون ال استعانة
بقددمه.
فرد ستارك:
- فهمت .. وماذا تم في حادث الطفل؟ ألم توجه إلى زوجك تهمة القتل الخطأ؟
فقالت بمرارة:
- حدث نحقيق طبعا.. ولكنه حفظ وبرئت ساحة ريتشارد تماما
فهتف ستارك بدهشة:
- آيف؟ ألم يكن هناك شهود؟
فتمتمت قائلة:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 14
- آان هناك والد الطفل ، وقد رأى الحادث بنفسه..
وآانت مع ريتشارد في السيارة ممرضة من المستشفى تدعى مس واربوتون..
وقد قررت هذه الممرضة ان السيارة آانت وقت وقوع الحادثة تسير بسرعة اقل من ثلاثين ميلا
في الساعة. وان ريتشارد لم يتناول من الشراب سوى قدحا واحدا من النبيذ.
وقالت ان الحادثة لم يكن من الممكن اجتنابها..
وصدقها المحقق ، ولم يصدق والد الطفل .. الذي ثار وهدد وتوعد..
وتنهدت لورا ..
واستطردت قائلة بلهجة تدل على السخط والاستهجان:
- آل شي حول الممرضة آان يوحي بالثنة في اقوالها ، فهي امرأة ناضجة رزينة .. والمعروف
عن الممرضات بصفة عامة انهن اهل للثقة.
- هل آنت معهما في السيارة؟
- آلا..
فعاد لسؤالها:
- اذن آيف عرفت ان ما قالته الممرضة غير جدير بالتصديق؟
فقالت:
- فقد استعرض ريتشارد الموضوع برمته عقب عودته هو والممرضة من التحقيق.. وقال
للممرضة وهو يتظر اليها ويضحك:
" أحسنت يا مس واربورتون.. انك قدمت لي خدمة عظيمة، وقد آان من الممكن ان اقضي
بالسجن عدة اعوام"
فأجابته الممرضة قائلة :
" انك لا تستحق هذه الخدمة يا مستر واريك، فانت تعلم انك آنت تقود السيارة بسرعة رهيبة ،
وقد ذهب هذا الطفل المسكين ضحية رعونتك"
فقال ريتشارد :
" وما اهمية طفل بالزيادة او النقصان في هذا العالم المزدحم بالسكان؟ لقد استراح الطفل من
شقاء الحياة ، واؤآد لك ان مصرعه لن يؤرقني ولن يفسد علي متعة النوم"
فانبعث ستارك واقفا..
وقال وهو ينظر من رآن عينه إلى الجثة:
- ان آل جديد اسمعه عن زوجك ، يزيدني اعتقادا بان ما اصابه الليلة آان قصاصا عادلا ، وليس
جريمة قتل .. والان .. ما اسم ذلك الشخص الذي قتل ريتشارد طفله؟
- آان اسمه يدل على انه من اصل اسكتلندي ، آان يدعى ماك .. ماآلويد او ماآري .. لا اذآر
تماما.
فقال ستارك :
- حاولي ان تتذآري .. يجب ان تتذآري .. الا يزال يقيم في نورفولك؟
- آلا .. انه لم يكن يقيم فيها .. انه اقبل من آندا خصيصا لزيارة اهل امرأته ..
فهتف ستارك:
- آندا؟ هذا بلد بعيد مترامي الاطراف والبحث فيه عن والد الطفل سوف يستغرق وقتا طويلا ..
اظن اننا وقعنا على ضالتنا، ولكن بحق السماء .. حاولي ان تتذآري اسم هذا الشخص..
اطرقت لورا برأسها واستغرقت في التفكير..
بينما راح ستارك يذرع أرض الغرفة وعلى وجهه دلائل الهم والقلق..
وفجأة .. توقف ستارك عن السير واخرج قفازه من جيبه ودس يديه فيه..
وقال يكلم لورا:
- هل لديك صحف؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 15
- صحف؟
- نعم ، لا اعني بالضرورة صحف اليوم .. اريد صحفة امس او امس الاول
فأجابت وهي تشير الى رف وراء المكتب:
- توجد هناك طائفة من الصحف القديمة.
فاسرع ستارك الى حيث اشارت وتناول احدى الصحف والقى عليها نظرة سريعه وهتف:
- رائع ، هذا ما اريده
وبسط الصحيفة على المكتب وتناول مقصا آان هناك وتأهب للعمل ..
فسألته لورا :
- ماذا تريد ان تفعل؟
- ساصنع الادلة
- ولكن .. هب ان البوليس عثر على الرجل؟
- اذا آان الرجل لا يزال يقيم في آندا فان سلطات البوليس ستجد مشقة في العثور عليه. واذا
عثرت عليه فمن المحقق ان الرجل سيكون لديه من الادلة ما يثبت انه آان وقت وقوع الجريمة
في مكان ما بعيدا عن مسرح الاحداث
وآل هذا سوف يتطلب وقتا طويلا يكفي لتهدئة الموقف هنا ، ويتيح لنا فرصة لمزيد من التفكير
والتدبير.
فهزت لورا راسها ببطء قائلة:
- اني لا اقر هذه الخطة ، ولا اوافق على اقحام شخص بريء في هذه الجريمة.
فقال ستارك :
- يا فتاتي العزيزة ، انك لست في مرآز يسمح لك بالاختيار واتما يجب ان تتذآري اسم الرجل ،
يجب .. يجب..
- قلت لك اني لا استطيع
فقال ليعاونها:
- هل آان اسمه ماآدوجال ، او ماآدونالد ، او ما آنتوش؟
- آلا
- لا حيلة لي في الامر .. مادمت لا تستطيعين تذآر الاسم فعلينا ان نعمل بدونه الا تذآرين تاريخ
الحادثة او اي شي اخر يفيدنا؟
- اذآر التاريخ ، فقد وقع الحادث في اليوم الخامس عشر من شهر مايو.
فدهش ستارك وقال:
- آيف استطعت بحق السماء ان تذآري التاريخ بهذه الدقة؟
- لأنه تاريخ يوم مولدي..
فتمتم ستارك :
- فقد خدمنا الحظ في هذا ايضا .. فتاريخ هذه الصحيفة هو الخامس عشر من الشهر..
قال هذا وقص التاريخ..
فهتفت لورا:
- ان تاريخ هذه الصحيفه هو الخامس عشر من شهر نوفمبر
- اعلم هذا .. ان ما يهمنا هو الرقم .. اما حروف مايو فيمكن تدبيرها.
وراح يقص الحروف من الصحيفة واحدا تلو الاخر ، قص حروف الميم والالف والياء والواو
وسألته لورا:
ماذا ستفعل بعد ذلكظ
فاجاب وهو يجلس امام المكتب:
هل لديك مادة لاصقة؟
فمدت لورا يدها للتناول من فوق المكتب انبوبه بها مادة لاصقة
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 16
ولكن ستارك صاح بها:
- آلا .. لا تمسيها والا ترآت عليها بصمات اصابعك.
وتناول الانبوبه وفتحها..
ووجد ورقة بيضاء من ورق الخطابات..
فقال:
هذا الورق شائع الاستعمال ويباع في جميع المكتبات .
ووضع الورقة امامه وراح يقص الحروف من الصحيفة ويلصقها على الورقة وهو يقول:
- آيف تصبح مجرما بعد درس واحد؟ هذا هو اسم العملية التي نقوم بها الان
انظري ..
ووضع امامها الورقة بعد ان فرغ من لصق الحروف.. فقرأت فيها :
15 مايو
يوم الانتقام
وتناول ستارك الورقة وقال وهو يقترب من الجثة:
- والان .. يجب ان نضع هذه الورقة في جيب ريتشارد العزيز
وطوى الورقة ودسها في جيب القتيل وعندما اخرج يده سقطت من الجيب ولاعة ذهبية..
فافلتت من فم لورا صيحة قصيرة ، واندفعت الى الامام لتلتقط الولاعة .
ولكن ستارك آان اسرع منها..
صاحت بلهفة :
- اعطنيها انها ولاعتي
فنظر ستارك الى الولاعة .. ثم الى لورا .. وارتسمت الدهشة في عينيه..
قال وهو يقدم لها الولاعة:
- حسنا .. حسنا .. انها ولاعتك ، فلماذا الانزعاج؟
ثم راح يصعدها بعينيه وقال :
- هل بدأت تفقدين اعصابك ، ام ماذا ؟
- آلا طبعا.
وبينما آان ستارك ينظم ثياب القتيل بعد ان وضع الورقة في جيبه، راحت لورا تمسح الولاعة في
ثوبها خلسة لتزيل ما قد يكون عليها من بصمات اصابع.
*
واعاد ستارك آل شي الى مكانه على المكتب ثم خلع قفازه واخرج منديله من جيبه..
وقال وهو يتظر اليها:
- انتهينا من الخطوة الاولى ، فلننتقل الان الى الخطوة الثانية ، اين القدح الذي شربت منه الان؟
فاقتربت لورا من المائدة التي بجوار المقعد المتحرك وتناولت القدح .. ووضعت الولاعة على
المائدة.
وهم ستارك بان يزيل اثر البصمات التي على القدح بمنديله..
ثم توقف وقال:
- آلا .. هذا غباء.
- لماذا؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 17
لا بد من وجود بصمات على القدح والقنينة ، بصمات الخادم وبصمات زوجك على الاق . ان
عدم وجود بصمات على الاطلاق من شأنه ان يثير ريبة البوليس..
قال ذلك وملأ القدح بالشراب واحتساه.. ثم قال:
- والان .. يجب ان ابحث عن مبرر لوجود بصماتي ان الجرائم ليست من الامور السهلة .. اليس
آذلك؟
ووضع القدح على المائدة..
فصاحت لورا بحدة :
- ارجوك الا تقحم نفسك في هذا .. حتى لا يرتاب البوليس في امرك..
فقال وهو يبتسم :
- انني مواطن مسالم محترم لا ترقى اليه الشبهات ، ثم انني اقخمت نفسي في القضية وانتهى
الامر .. فهناك سيارتي في حفرة امام البيت ، وهنا بصمات اصابعي في آل مكان..
ولكن لا تنزعجي .. ان اسوأ ما قد يحدث لي هو ان يستجوبوني عن سبب قدومي .. وعن الوقت
الذي جئت فيه .. وربما لا استجوب على الاطلاق اذا انت احسنت القيام بدورك..
فتهالكت لورا على احد المقاعد..
وبدت على وجهها دلائل الذعر والفزع.
واقترب ستارك منها وقال :
- والان .. هل انت على استعداد؟
فسألته :
- على استعداد لماذا؟
- يجب ان تتمالكي نفسك..
فقالت في حيرة :
- انني اشعر بدوار وغباء .. وآان عقلي قد اصبح عاجزا عن التفكير ..
فقال ستارك :
- انك لست بحاجة الى التفكير ، وماعليك الا ان تطيعي ، هل لديك موقد من اي نوع؟
- يوجد موقد للتدفئة..
- حسنا ..
والتقط قصاصات الورق من فوق المكتب وطوى عليها بقايا الصحيفة وقال:
- اذهبي الان الى المطبخ .. وضعي هذا الورق في الموقد ثم اصعدي الى غرفاك واخلعي هذه
الثياب وارتدي قميصا .. او غلالة مما تعودت ارتداءه عند النوم..
وصمت لحظة.. ثم سأل:
هل لديك انبوبه اسبرين؟
فاجابته والدهشة في عينيها:
- نعم..
-حسنا .. افرغي محتوياتها في البالوعة ، ثم اذهبي الى حماتك او مس بينت وقولي انك تشعرين
بصداع شديد وانك يحاجة الى قرص اسبرين..
واحرصي على ان تترآي باب حماتك .. او باب مس بينت مفتوحا، لانك ستسمعين ، وانت
تتحدثين الى احدهما طلق ناري..
فهمتفت لورا في جزع:
- صوت طلق ناري؟
فقال يتناول المسدس الذي آان قد اخذه منها ووضعه على المائدة بجوار الجثة:
- نعم ساتكفل انا بذلك..
وفحص المسدس جيدا.. ثم قال:
- يخيل الي ان هذا المسدس من صنع الخارج .. ام لعله من ذآريات الحرب
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 18
فقالت لورا :
- لا اعلم ... ان لذى ريتشارد مسدسات آثيرة مصنوه في الخارج
فسألها ستارك:
- ترى هل هذا المسدس مسجل باسمه؟
- لا اعلم . آل ما اعلمه .. ان لديه تراخيص لمجموعات من الاسلحة..
فرد ستارك :
- الترخيص شيء وتسجيل السلاح باسم صاحبه شيء اخر .. هل هناك من يعرف بصفة قاطعة
ما اذا آان زوجك قد سجل هذا المسدس باسمه؟
- ربما انجل ، هل هذا مهم؟
- ان طريقتنا في تزييف الحادث .. تعني ان القاتل تسلل الى هذه الغرفة في طلب الانتقام والدم
يغلي في عروقه .. ومسدسه في يده..
ولكننا نستطيع ان نقلب الاوضاع دون ان تتأثر الخطة في محملها ، بمعنى ان نفترض ان القاتل
دخل بينما آان ريتشارد يقاوم النعاس..
وان ريتشارد اسرع بتناول المسدس ولكن القاتل انتزعه من يده واطلقه عليه
مجرد افتراض..
والان ارجو ان نكون قد فكرنا في آل شي .. ولم يفتنا شيء، والواقع ان فارق الوقت بين اللحظة
التي قتل فيها زوجك فعلا واللحظة التي قتل فيها طبقا لروايتنا ..
اي نحو عشرين دقيقة هذا الفارق لن يكون واضحا اذا نظرنا الى طول الوقت الذي ستستغرقه
رحلة رجال البوليس الى هنا وسط الظلام والضباب
وحرك الستار ونظر الى الثقوب التي احدثتها رصاصات ريتشارد في الجدار وقال:
- لا باس من ان اضيف اليها ثقبا اخر
وتحول الى لورا..
واستطرد قائلا:
- عندما تسمعين صوت الطلق الناري ، تظاهري بالفزع ، وتعالي الى هنا ومعك مس بنيت .. او
اي اشخاص تجدينهم ..
واذا سئلت فقولي انك لا تعرفين شيئا وانك اويت الى فراشك ثم استيقظت بصداع شديد ، فذهبت
الى غرفة حماتك او غرفة مس بينت للبحث عن اسبرين .. وان ذلك هو آل ما تعرفينه .. مفهوم؟
فاطرقت برأسها علامة الايجاب..
وقال ستارك :
- اما الباقي فدعيه لي .. هل تشعرين بانك احسن حالا الان؟
- نعم
- اذهبي واشرعي في اداء دورك
- ولكن انت .. انت؟ لا يجب ان تزج بنفسك في هذا
فقال ستارك :
- لا تفسدي الامور بترددك ، انها لعبة مسلية بالنسبة لي..
قتل زوجك آان لعبتك .. وانقاذ عنقك الجميل من حبل المشنقة هو لعبتي..
آنت دائما اتمنى في قرارة نفسي ان تتاح لي فرصة لممارسة مواهبي البوليسية في جريمة
واقعية..
هل تستطيعين ان تفعلي آما قلت لك؟
فاجابت لورا :
- نعم ..
فسألها ستارك :
- آه .. ارى في معصمك ساعة ، آم ساعتك الان؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 19
فنظرت الى ساعتها وقالت:
الحادية عشرة و 50 دقيقة
فضبط ساعته على هذا الوقت وقال :
- حسنا ، سأمنحك اربع دقائق .. آلا .. خمس دقائق ، لكي تذهبي الى المطبخ لاحراق الورق في
الموقد ، ثم الصعود الى غرفتك واستبدال ثيابك ، والانطلاق الى غرفة مس بنيت لطلب قرص
الاسبرين ،،
هل تكفي هذه المهلة؟
وابتسم لها مطمئنا..
فاطرقت برأسها علامة الايجاب
قال:
- قبل ان ينتصف الليل بخمس دقائق تماما ، ستسمعين صوت الطلق الناري .. الان اذهبي ..
فسارت لورا الى الباب ، وهناك استدارت ، ونظرت اليه في قلق وجزع..
فلحق بها وفتح الباب وهو يقول في همس:
- ماذا بك؟ هل ستتخلين عني؟
- آلا ..
- هذا حسن ....
ما آادت لورا تنصرف حتى اغلق ستراك الباب ووقف يفكر فيما ينبغي عليه عمله.
نظر الى ساعته .. ثم أخرج سيجارة ومد يده الى الولاعة التي ترآتها لورا على المائدة بجوار
الجثة..
وقبل ان تصل يده اليها لمح صورة للورا فوق رف الكتب فقصد الى الرف وتناول الصورة
وتأملها وابتسم..
ثم اعادها الى مكانها وعاد الى حيث آانت الولاعة فاشعل سيجارته ووضع الولاعة على المائدة..
وقعد لحظة قصيرة اخرج منديله وازال اثر البصمات على المقاعد واطار الصورة والمكتب
وافرغ منفضة السجاير في جيبه ..
وبحث عن بقايا الصحيفة التبي مزقها ووجد قصاصة قصيرة تحت المكتب فطواها ووضعها في
جيبه ..
ثم اعاد ترتيب ادوات المكتب واعاد آل شيء الى مكانه..
وأخيرا وقف في وسط الغرفة واجال البصر حوله ليطمئن الى ان آل شي على ما يرام..
وبعد ذلك ارتدى معطفه وتناول المسدس وتحقق من انه محشو ، وبعد ان ازال عنه اثار
البصمات..
نظر الى ساعته ، ووقف في وسط الغرفة وصوب فوهة المسدس الى الجدار واطلقه..
وعلى الاثر سمع ضجة في الطابق الاول ، فوضع المسدس في جيبه واندفع على الخارج عبر
باب الحديقة ..
ولكنه ما لبث ان عاد مهرولا .. ليلتقط مصباحه الكهربائي ، ويطفئ نور الغرفة..
ثم يندفع الى الخارج ....
*
آانت لورا في غرفة مس بنيت وقرص الاسبرين في ديها عندما سمعت صوت الطلق الناري،
فنظرت الى مس بنيت وقالت وهي تتصنع الدهسة والفزع:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 20
- ماهذا؟
فقالت مس بنيت وهي تبتسم:
- انه ريتشارد بغير شك، وقد عاد الى ممارسة هوايته المفضلة.
فأسرعت لورا الى النافذرة وفتحتها واطلت منها
وقالت:
- انني لا ارى سوى الظلام والضباب، ويخيل الي انني سمعت صيحة ، هلمي بنا لنرى ما
الخبر..
واندفعت المرأتان الى السلم، وخرج جان من غرفته على الأثر وصفق الباب وراه بشده..
آان شابا رقيقا في نحو التاسعة عشرة من عمره، له وجه برئ آوجوه الاطفال . وعينان واسعتان
يتألق فيهما أحيانا بريق الخبث والدهاء..
ويبدو ان الجلبة ايقظت مسز واريك العجوز من نومها ، فقد ارتفع صوتها وهي تصيح :
- ماذا حدث يا جان؟ لماذا يهرول الجميع في البيت في منتصف الليل؟ ماذا حدث يا مس بنيت؟
هل اصابكم مس من الجنون؟ لورا .. جان .. الا يخبرني احد بما يجري في هذا البيت ؟
فصاح جان:
- انه ريتشارد .. قولي له ان يكف عن اطلاق مسدسه وايقاظنا من النوم .. آوني على حذر يا
لورا ان ريتشارد انسان خطر، وانت آذلك يا مس بنيت آوني على حذر ..
آانت مس بنيت رغم بلوغها سن الخمسين تحتفظ بالكثير من الصفات التي تتميز بها العاملات
في حقل التمريض ، فهي ذآية ، نشيطة ، ذات حيوية دافئة وذهن متوقد.
وقد وصلت مس بنيت الى قاعة الاستقبال قبل غيرها فاضاءت النور واندفعت نحو المقعد
المتحرك وهي تصيح:
- حقا انك اخفتنا يا ريتشارد، آيف تطلق الرصاص في مثل هذا الوقت بالليل؟
ودخلت لورا اعقابها.. وتبعها جان يقول:
- ماذا جرى يا مس بنيت؟
فصاحت هذه:
- يا الهي .. لقد قتل نفسه..
فهتفت لورا :
- قتل نفسه؟ آيف؟
وقال جان وهو يشير الى المائدة:
- ان مسدسه غير موجود .. لقد اختفى المسدس.
وهنا سمع ثلاثتهم صوتا في الخارج يقول :
- ماذا يجري هنا؟
فنظر جان نحو باب الحديقة .. ثم قال:
- يوجد شخص في الحديقة..
فقالت مس بنيت :
- ترى من عساه يكون؟
واسرعت الى باب الحديقة .. ولكن الباب فتح قبل ان تصل اليه. ودخل ستارك وهو يقول:
- ماذا يجري هنا ؟
ووقع بصره على ريتشارد..
فاقترب منه ، ونظر اليه مليا وقال:
- هذا الرجل ميت . انه مصاب برصاصة في رأسه..
ونظر اليهم بارتياب..
فقالت مس بنيت:
- من انت ؟ ومن اين جئت؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 21
فأجاب:
- انني ضللت طريقي وسقطت سيارتي في حفرة ، ثم رأيت هذا الباب فدخلته لاطلب المعونة ، او
لاتكلم بالتليفون ان وجد.. ولكني ما آدت اتقدم بضع خطوات حتى سمعت دوي طلق ناري ،
وخرج شخص من هذا الباب ، واصطدم بي في الظلام وسقط منه هذا ..
وبسط يده .. فاذا بها مسدس ..!
فسألت مس بنيت:
- والى اين ذهب هذا الشخص؟
- لا اعلم .. ان الظلام دامس والضباب آثيف ، ولا يستطيع الانسان ان يتبين موقع قدمه.
ووقف جان امام الجثة وراح يتأملها..
ثم صاح :
- لقد اطلق بعضهم الرصاص على ريتشارد.
فقال ستارك:
- يبدو هذا. ويحسن بكم ان تتصلوا بالبوليس على وجه السرعة.
قال ذلك ووضع المسدس على المائدة وتناول القدح وملاه بالشراب، ثم اومأ برأسه نحو الجثة
وقال:
- من هذا؟
فأجابت لورا وهي تجلس على الاريكة :
- انه زوجي!
- لابد انك صدمت.. اشربي هذا..
وقدم لها القدح..
وابتسم ابتسامة خفيفة ليطمئنها..
ثم خلع قبعته والقى بها على احد المقاعد..
ولاحظ ان مس بنيت تتفرس في الجثة وتهم بان تمد يدها اليها ، فتحول اليها بسرعة وقال :
- آلا .. لا تمسي شيئا، يخيل الي ان في الامر جريمة ، فاذا صح ذلك فيجب ان يبقى آل شي آما
هو.
فاعتدلت مس بنيت واقفة وهتفت قائلة :
- جريمة؟! مستحيل ..
ودخلت مسز واريك في هذه اللحظة..
آانت تتوآأ على عصا .. وآانت نظراتها وقسمات وجهها تنمان عن قوة شخصيتها..
قالت وهي تقف بالعتبة :
- ماذا جرى ؟
فأجاب جان :
- اطلق بعضهم الرصاص على ريتشارد.
فصاحت مس بنيت :
- صه يا جان ..
فقالت مسز واريك وهي تومئ نحو ستارك:
- ماذا آان يقول هذا السيد؟
فاجابت مس بنيت :
- آان يقول ان في الامر جريمة..
فسارعت مسز واريك حتى اقتربت من الجثة ، فوقفت امامها وقالت في همس :
- ريتشارد
فصاح جان :
- انظروا .. انني ارى ورقة تطل من جيبه ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 22
ومد يده ليتناول الورقة ..
فمنعه ستارك بقوله :
- آلا . لا تمس شيئا ..
وجثا بجوار الجثة وأطل في الورقة ، وقرأ بصوت مسموع :
15 مايو
يوم الانتقام
فهتفت مس بنيت :
- ماآجريجور
وانبعثت لورا واقفة آمن لدغتها أفعى ..
وقطبت مسز واريك حاجبيها فقالت :
- هل تعنين .. ذلك الرجل .. والد الطفل الذي دهمته السيارة ؟
فتمتمت لورا تحدث نفسها :
- ماآجريجور . نعم .. هذا هو الاسم ..
وصاح جان :
- انظروا .. ان الحروف آلها منزوعة من الصحف ..
ومرة أخرى منعه ستارك من ان يمس الورقة ، فقال :
- لا تمسوا شيئا حتى يحضر رجال البوليس..
واقترب من آلة التليفون واستطرد يقول :
- هل تسمحون لي؟
فقالت مس بنيت :
- سأتصل أنا بالبوليس ..
ولكن مسز واريك قالت بحزم :
- دعوني أفعل ذلك ..
وهكذا امسكت العجوز بزمام الموقف ..
جمعت شجاعتها ، وتناولت السماعة ..
وأدارت القرص ..
وقالت لمحدثها في هدوء ، وبصوت واضح النبرات :
- مرآز البوليس؟ هنا قصر لانجلبرت .. قصر مستر ريتشارد واريك .. لقد وجد مستر واريك
ميتا .. أصيب برصاصة قضت عليه ...
آانت الشمس مشرقة تبشر بيوم صحو يختلف تماما عن سابقه فوضع الرقيب آادوالدر ملف
الاوراق على المكتب وفتح باب الشرفة ووقف يتمطى .. ويتثائب ..
لم يكن قد غمض له جفن منذ ان تلقى مرآز البوليس نبأ مصرع ريتشارد واريك..
وعاد الرقيب الى الغرفة ليلتمس بعض الراحة ريثما يحضر المفتش توماس الذي انيطت به مهمة
التحقيق في القضية ، واماطة اللثام عن سر الجريمة..
ولكن الرقيب ماآاد يستقر في احد المقاعد حتى دخل المفتش توماس ، فوضع حقيبة اوراقه على
المائدة وخلع معطفه وتأهب للعمل .
فقال الرقيب:
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 23
- طاب صباحك يا مستر توماس.. من آان يظن ان الجو سيصفو بهذه السرعة بعد ضباب الامس
، آان اسوأ ضباب شهدته في حياتي ، ولا عجب اذا آانت الحوادث قد تفاقمت في طريق
آارديف.
فقال المفتش بايجاز:
- آان من الممكن ان تقع حوادث اسوأ.
- لقد وقع حادث اصطدام بشع بالقرب من بوتكاول ، اسفر عن مقتل رجل واصابة طفلين ، ووقع
حادث اخر في ..
فقاطعه المفتش فقال:
- هل فرغ خبراء البصمات من مهمتهم ؟
- نعم يا سيدي ، فقد احضرت صور البصمات وتقرير الخبراء..
واسرع الى الملف وفتحه .
فقال المفتش وهو يجلس امام المكتب:
- اذن لنبدأ بفحص البصمات ، هل صادفتكم متعاب في اخذ بصمات السكان؟
- آلا يا سيدي .. آانوا جميعا متعاونين.
- هذا أمر يدعو الى الارتياح ، ان اآثر الناس يعارضون في اخذ بصماتهم .. ظنا منهم اننا
سنضعها مع بصمات المجرمين..
ثم راح يتصفح اوراق الملف ويتلو اسماء اصحاب البصمات..
فقرأ:
- مستر واريك .. آه .. هذا هو القتيل .
مسز لورا واريك .. الزوجة .
مسز واريك .. الام .
جان واريك .. الاخ .
مس بنيت ..
من هذا؟ انجل؟
آه .. خادم مستر واريك حسنا
مستر مايكل ستارك..
لننظر الآن في تزويع البصمات ..
على الباب وزجاجة الشراب والقدح . توجد بصمات مستر ريتشارد واريك ، وانجل ومسز لورا
واريك .. ومستر مايكل ستارك..
وعلى الولاعه والمسدس توجد بصمات مايكل ستارك وحده ، وذلك امر طبيعي فانه – على حد
قوله – قدم قدح الشراب لمسز لورا ، واشعل لفافة تبغ بالولاعة..
ووجد المسدس في الحديقة.. فقلب الرقيب شفته…
ثم سأل بصوت ينم عن الارتياب :
- مايكل ستارك!!
فسأله المفتش :
- هل تشعر نحوه بنفور؟
- ماذا جاء يفعل هنا؟ ذلك ما اود معرفته ، اود ان اعرف لماذا دخل هذا البيت بالذات ، حيث
وقعت جريمة القتل..
فرفع المفتش رأسه عن الاوراق .
ثم قال ساخرا:
- انت نفسك آدت تودي بالسيارة في احدى الحفر ليلة امس ، ونحن في طريقنا الى هذا البيت ،
حيث حدثت جريمة القتل..
أما عن سبب وجوده في هذه المدينة فانه جاء منذ اسبوع للبحث عن منزل صغير يشتريه..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 24
وعاد الى الاوراق..
واستطرد يقول.
- يبدو ان جدته آانت تقيم في هذه المنطقة وانه آان يقضي اجازته عندها وهو صغير..
فهز الرقيب آتفيه ولم يجب..
قال المفتش:
- على آل حال، نحن ننتظر تقريرا عنه من ( عبدان ) وسيصل التقرير بين لحظة واخرى ، هل
حصلت على بصمات لمقارنتها بالبصمات التي وجدت هنا؟
- اني ارسلت اليه الرقيب جونز في الفندق الذي يقيم به ، فقيل له انه ذهب الى احد الكراجات
لاصلاح سيارته ، فاتصل به في الكراج وطلب اليه التوجه الى مرآز الشرطة في اقرب وقت
ممكن..
- هذا حسن .. والآن .. لننظر الى البصمات التي لم يعرف اصحابها..
وجدت بصمة آف على المائدة بجوار الجثة آما وجدت على الباب من الداخل والخارج بصمات
اخرى غير واضحة..
فصاح الرقيب بصوت من وفق الى حل لغز عويص:
- آه .. لا بد انها بصمات ماآجريجور..
فقال المفتش بعد تردد قصير:
- ربما .. ولكننا لم نجد مثل هذه البصمات على المسدس ، ان اي انسان على شيء من الفطنة لابد
ان يلبس قفازا في مثل هذه الظروف..
- ان رجلا مختل الشعور مثل ماجريجور لا يفكر في شيء آهذا..
فقال المفتش :
- ستصلنا اوصاف هذا الرجل من ( نورويتش ) بعد ساعات ..
- مهما اختلفت وجهات النظر فانها قصة محزنة ، رجل فقد زوجته حديثا يفاجأ بمصرع ابنه
الوحيد تحت عجلات سيارة يقودها مأفون مولع بالسرعة.
فقال المفتش في ضجر:
- لو آان مستر واريك قد قاد سيارته بجنون ، لقدمته السلطات ذات الشأن للمحاطمة بتهمة القتل
الخطأ ولكن السلطات لم توجه اليه اي تهمة ، بل ولم تسحب منه رخصة القيادة..
قال ذلك وفتح حقيلة الاوراق التي جاء بها..
واخرج المسدس منها..
أما الرقيب ، فانه لم يقتنع بمنطق المفتش ..
فقال:
- ما اآثر الكذب وشهادة الزور في حوادث السيارات..
فتجاهل المفتش هذا التعقيب.. وانصرف الى القضية التي جاء لتحقيقها.
- بصمة آف على المائدة بجوار الجثة..
ونهض والمسدس في يده وقصد الى المائدة ودقق النظر فيها وهز رأسه..
قال الرقيب :
- ربما آانت بصمة آف أحد الزائرين..
- لقد اآدت مسز واريك انها لم تستقبل احدا من الزائرين طوال يوم امس .. ولكن ربما آان
الخادم يعرف اآثر من ذلك .. جئني به..
فخرج الرقيب .. وانحنى المفتش فوق المائدة ، ووضع عليها آفه اليسرى..
ثم رفعها ، ونظر الى بصمتها ..
وبعد قليل ، خرج الى الشرفة ..
ونظر يمنة ويسرة .. ثم فحص قفل الباب ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 25
*
وعندما عاد الى الغرفة ، آان الرقيب قد احضر انجل ، وهو رجل قصير القامة ، في نحو الثامنة
والاربعين من عمره..
حسن المظهر.. هادئ الطباع..
سأله المفتش :
- هل انت هنري انجل؟
- نعم يا سيدي ..
فاشار المفتش الى الاريكة وقال :
- اجلس
واسرع الرقيب فأغلق الباب..
ثم جلس على مقعد واخرج من جيبه دفترا وقلما وتأهب لتسجيل اقوال الخادم..
قال المفتش:
- هل آنت تعمل تابعا وممرضا لمستر ريتشارد واريك؟
- نعم يا سيدي
- منذ متى؟
فرد انجل :
- منذ ثلاثة اعوام ونصف يا سيدي..
- وآيف آان العمل مع مستر واريك ؟
- آان شاقا للغاية يا سيدي..
- ألم تكن لك امتيازات خاصة؟
فأجاب انجل :
- آنت اتقاضى اجرا مجزيا يا سيدي.. واستطعت ان اقتصد بعض المال..
وسأله المفتش :
- ماذا آنت تفعل قبل ان تلتحق بالعمل في خدمة مستر واريك؟
- - نفس العمل يا سيدي .. انني ممرض مؤهل ، وسأقدم لك الشهادات التي حصلت عليها ممن
عملت في خدمتهم . آان بعضهم متعبا للغاية ، واذا على سبيل المثال سير جيمس واليسون، انه
الان نزيل احد مصحات الامراض العقلية..
ثم أردف بصوت خافت:
- آان مدمنا للمخدرات...
فسأله المفتش :
- ومستر واريك .. هل آان يتعاطى المخدرات؟
- آلا يا سيدي ، ولكنه آان مولعا بالبراندي..
- هل آان يسرف في الشراب؟
- نعم يا سيدي، ولكنه لم يكن مدمنا ، هناك فارق بين الاسراف والادمان..
- ولكن ما آل هذا الي يقال عن بنادقه ومسدساته ، واطلاق النار على الحيوانات الاليفة وغير
الاليفه؟
فرد انجل:
- تلك آانت هوايته يا سيدي.. او آما يقول الاطباء .. الهواية التي تعوضه عما فقد، آان في وقت
ما من آبار الصيادين.. وآان يحتفظ في مخدعه بترسانه من الاسلحة .. بنادق ومسدسات
وغدارات..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 26
فقال المفتش وهو يشير الى المسدس الذي وضعه على المائدة:
- انظر الى هذا المسدس .
فنهض انجل واقترب من المائدة.. ووقف مترددا..
فقال المفتش :
- لا تخف .. في استطاعتك ان تتناوله ..
فتناول انجل المسدس..
وقال المفتش :
- انظر اليه جيدا . هل سبق ان رايته؟
فأجاب انجل :
- لا استطيع ان اجزم بشيء يا سيدي.. انه يشبه بعد مسدسات مستر واريك.. ولكني لست خبيرا
في الاسلحة .. ولا يمكنني ان اقرر هل هو نفس المسدس الذي آان على المائدة بجوار مستر
واريك ليلة امس ، ام لا ..
- الا يضع بجواره نفس المسدس آل ليلة؟
- آلا يا سيدي.. انه يختار المسدس وفقا لمزاجه..
فسأل المفتش :
- وماذا آانت فائدة المسدس في ليلة آثيفة الضباب آليلة امس؟
- انها مسأله تعود الى سيدي.
- اجلس يا انجل .. اجلس .
فاعاد الخادم المسدس الى المفتش وجلس على الاريكة..
سأل المفتش :
- متى رأيت مستر واريك آخر مرة؟
- امس في الساعة العاشرة الا ربع . احضرت زجاجه البراندي والقدح ووضعتهما على المائدة
بجواره وتمنيت له ليلة سعيدة.. وانصرفت.
فقال المفتش :
- ألم يذهب الى فراشه ؟
فرد انجل :
- آلا يا سيدي .. انه يقضي الليل في المقعد المتحرك ، وفي الساعة السادسة صباحا ، احمل اليه
الشاي ، ثم ادفعه بالكرسي الى الحمام حيث يحلق ويغتسل .. وجرت العادة ان ينام بعد ذلك الى
ان يحين موعد الغذاء ، وقد فهمت انه يعاني من الارق ، ولذلك آان يفضل قضاء الليل في
مقعده..
آان رجلا غريب الاطوار.
فنهض المفتش ووضع المسدس على المائدة ووقف امام باب الحديقة وقال بعد صمت قصير :
- هل آان هذا الباب مغلقا حين ترآته؟
فرد انجل :
- نعم يا سيدي .. آان الضباب آثيفا جدا..
- هل آان موصدا بالقفل او المزلاج؟
- آلا يا سيدي انه لا يوصد ابدا..
- خل آان بوسعه ان يفتحه متى اراد؟
- نعم يا سيدي .. ان المقعد متحرك . وآان في استطاعته ان ينتقل الى الباب ..
- فهمت ، هل سمعت صوت طلق ناري ليلة امس؟
فأجاب انجل :
- آلا يا سيدي
- اليس ذلك غريبا ؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 27
- ان غرفتي في الجاتب الاخر من البيت ..
- هب ان سيدك شعر بحاجته اليك في وقت ما ، فماذا آان بوسعه ان يفعل؟
- يضغط زرا فيدق الجرس في غرفتي..
- هل ضغط الزر ليلة امس؟
فرد انجل :
- آلا يا سيدي ، ولو آان قد فعل لاستيقظت على الفور .. ان للجرس رنينا مزعجا...
- هل ..
وقبل ان يتم عبارته .. دق جرس التليفون ،،
فنظر انجل الى الرقيب .. وهرول هذا الى التليفون وتناول السماعه :
- آلو .. الرقيب آادوالدر .. آه .. نعم .
والتفت الى المفتش وقال :
- مكالمة من نورويتش..
فتناول السماعة وسأل :
- آلو . أهذا انت يا ادموندسن؟ نعم .. انا المفتش توماس ،، هل تلقيت البيانات؟ هذا حسن ؟ هذا
حسن ، ماذ؟ مدينة آالجاري بكندا؟ نعم .. نعم .. متى توفيت العمة؟ منذ شهرين؟ والعنوان رقم
18 الشارع الرابع والثلاثون ، مدينة آالجاري..
ونظر المفتش الى الرقيب واشار اليه ان يسجل هذا العنوان ، ثم استمر في الاصغاء الى محدثه ..
قال :
- نعم .. مهلا .. مهلا تقول انه متوسط القامة ، ازرق العينين ، اسود الشعر ، طويل اللحية ، انت
تذآر القضية طبعا ، رجل عنيف ، اليس آذلك؟
شكرا لك يا ادآموندسن .. ولكن ما رأيك انت ؟ نعم ،، نعم ، شكرا مرة أخرى ..
ووضع السماعة ..
وقال يكلم الرقيب :
- حصلنا على بعض البيانات بشأن ماآجريجوار ..
يبدو انه عاد من آندا عقب وقاة زوجته لكي يترك الطفل عتد احدى قريباته في ( والسهام ) ..
لأنه آان يزمع السفر الى ( الاسكا ) ، ولا يستطيع اصطحاب الطفل معه .. والظاهر ان مصرع
الطفل ترك في نفسه اثرا بالغ السوء ، لانه راح يقسم في آل مكان بانه سوف يثأر لاينه وينتقم
من واريك ..
وهذه التهديدات امر مألوف في الحوادث المماثلة..
ومهما يكن الامر فان ماآجريجور عاد الى آندا وقد حصلت ادارة البوليس على عنوانه وابرقت
الى آالجاري للوقوف على مزيد من المعلومات عن نشاطه وتحرآات..
أما العمة التي آان في نيته ان يترك الطفل عندها فانها توفيت منذ شهرين..
ثم التفت الى انجل فجأة وسأل:
- أظن انك آنت تعمل هنا وقت وقوع الحادث يا انجل؟ اي مصرع الطفل تحت عجلات السيارة
في (ولسهام)..
فقال انجل:
- نعم يا سيدي.. وانا اذآره جيدا..
- ماذا جرى بالضبط؟
- آان مستر واريك يقود سيارته في الطريق الرئيسي عندما خرج طفل من احد المنازل واجتاز
الطريق رآضا ، فلم يستطع مستر واريك ان يتفاداه.
- هل آان مسرعا بالسيارة؟
- آلا يا سيدي .. لقد ثبت في التحقيق بما لا يدع مجالا للشك انه آان يسير في حدود السرعة
المقررة
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 28
- وذلك ماقاله هو ..
فرد انجل:
- انه الحقيقة يا سيدي .. وقد ايدته الممرضة وابرتون.. التي آانت معه في السيارة .. قالت ان
سرعته آانت تتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين ميلا في الساعة.. وعلى ذلك قرر المحقق
عدم مسؤوليته عن الحادث...
- ولكن والد الطفل آان له رأي آخر
- هذا امر طبيعي يا سيدي..
- آل آان مستر واريك ثملا؟
فاجاب انجل :
- اطن انه شرب قدحا من النبيذ يا سيدي..
والتقت عيون الرجلين..
وادرك المفتش على الفور ان الخادم قد آذب..
قال:
- يكفي هذا الان..
فنهض الخادم وسار الى الباب وفتحه..
ووقف مترددا لحظة ..
ثم استدار وقال :
- معذرة يا سيدي .. هل قتل مستر واريك بمسدسه؟
- ذلك ما سوف نعرفه ، ان الشخص الذي اطلق عليه الرصاص اصطدم بمستر ستارك الذي جاء
الى هنا في طلب المعونه .. وآانت نتيجة الاصطدام ان سقط المسدس من يد القاتل فالتقطه مستر
ستارك..
واشار نحو المائدة ..
فقال انجل :
- شكرا لك يا سيدي..
وهم الخادم بالانصراف . ولكن المفتش ابتدره بقوله :
- بهذه المناسبة .. هل جاءآم زائرون امس.. وخاصة في المساء؟
فتردد انجل ..
ثم اجاب دون ان ينظر الى المفتش :
- لست اذآر الان يا سيدي .. وخرج ، وأغلق الباب وراءه ..
- هذا رجل قذر .. وانا امقته ، انه آالزئبق لا تستطيع ان تضع اصبعك عليه ..
فقال الرقيب :
- لقد ذآرت لك رأيي يا سيدي المفتش ، وما زلت اعتقد ان وراء حادث الطفل امورا تزآم
رائحتها الانوف..
- وأنا اعتقد ان هذا الرجل انجل لم يصارحنا بكل ما يعرفه عن مصرع سيده ...
*
وفي هذه اللحظة ، فتح الباب ودخلت مس بنيت.
قالت:
- مسز واريك ترغب في مقابلتك يا سيدي.. اعني مسز واريك العجوز والدة ريتشارد ..
- طبعا .. طبعا .. دعيها تدخل ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 29
فأطلت مس بنيت من الباب واومأت الى مسز واريك ..
ودخلت السيدة الوقور وهي تتوآأ على عصاها..
فحياها بقوله :
- طاب صباحك سيدتي..
- أخبرني ايها المفتش ، الى اي مدى وصل التحقيق ؟
- اننا مازلنا في البداية يا سيدتي ، ولكن ثقي باننا سنبذل قصارى جهدنا ..
فقالت وهي تجلس على الاريكة وتضع العصا بجانبها :
- وذلك الشخص المدعو ماآجريجور.. هل شوهد مؤخرا في هذه المنطقة ؟
- اننا نقوم بالتحريات اللازمة يا سيدتي ، ولم يثبت بعد وجود غرباء في المنطقة ..
فقالت العجوز :
- يخيل الي ان مصرع الطفل الذي دهمتع سيارة ريتشارد قد اطاح بعقل الرجل ، فقد قيل لي انه
ثار ثورة عارمة ، وانه هدد وتوعد على مسمع من الكثيرين ، وطبيعي ان يفعل الاب الحزين
ذلك وهو في ثورة غضبه ، اما بعد انقضاء عامين على الحادث..
من غير المعقول الا يكون غضبه قد انفثأ خلال هذه الفترة الطويلة ..
- نعم ، انها فترة طويلة حقا ..
فقالت العجوز:
- ولكنه اسكتلندي ، آما يدل على ذلك اسمه ، والاسكتلنديون مشهورون بالصبر والاصرار..
- اخبريني يا سيدتي ، الم يتلق ابنك رسالة تحذير او تهديد؟
- آلا . لو انه تلقى مثل هذه الرسالة لاخبرنا ولضحك منها ساخرا ..
- ألم يكن لينظر اليها بعين الجد؟
فردت العجوز :
- لقد تعود ريتشارد ان يسخر من الاخطار..
- بعد مصرع الطفل هل عرض ابنك والد الطفل مبلغا ما على سبيل التعويض؟
- طبعا .. ان ريتشارد لم يكن بخيلا .. ولكن العرض رفض باحتقار ..
- آه ..
وقالت العجوز :
- قيل لي ان زوجة ماآجريجور آانت قد توفيت وان الرجل لم يبق له في الدنيا سوى ولده ، حقا
انها مىساة..
- ولكن الذنب ليس ذنب ابنك ..
فصمت العجوز ولم تجب ..
قال المفتش :
- آنت اقول ان الذتب ليس ذنب ابنك ..
- لقد سمعتك ..
- يخيل الي انك لا توافقينني على هذا الرأي ..
فقالت العجوز في شيء من الحيرة :
- آان ريتشارد مسرفا في الشراب ، ومن المؤآد انه آان ثملا في ذلك اليوم ..
- ايثمله قدح من النبيذ؟
فأجابت مسز واريك وهي تضحك :
- قدح نبيذ؟ قلت لك انه يشرب بغير حساب .. هل ترى هذه الزجاجة؟
اشارت الى زجاجة البراندي ..
واستطردت قائلة :
- انها تقدم اليه مملوءة آل مساء .. فيترآها فارغة في الصباح .
- اذن انت تعتبرين ابنك مسئولا عن الحادث؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 30
فأجابت العجوز :
- طبعا مسئول ، لم يخامرني قط اي شك في ذلك ،
- ولكن المحقق لم يجد ما يدعو الى مؤاخذته ..
فضحكت العجوز مرة أخرى وقالت :
- ذلك بفضل تلك الممرضة الحمقاء ، مس واربرتون ، آانت مخلصة لريتشارد واعتقد انه آافأها
بسخاء..
فقال بحدة :
- هل انت واثقة مما تقولين؟
- انا لست واثقة من شيء ، آل ذلك مجرد استنتاج واجتهاد شخصي انما حدثتك بهذا لانك تبحث
عن الحقيقة ، وتريد ان تتأآد من وجود حافز للقتل ، والرأي عندي ان الحافز موجود ، ولكني لا
اتصور بعد مرور آل هذا الوقت ان ..
فقاطعها المفتش قائلا :
- هل سمعتي شيئا ليلة امس؟
فردت العجوز :
- أنا نصف صماء آما تعلم ، ولم اآن اعرف شيئا ، الى ان سمعت جلبة ، ووقع اقدام آثيرة امام
غرفتي ، فاردت استطلاع الامر ، وجئت الى هنا فاستقبلني جان بقوله . لقد اطلق بعضهم
الرصاص على ريتشارد ..
وظننت في البداية انها مزحة سخيفة ..
- هل جان هو ابنك الاصغر؟
- آلا .. انه ليش ابني ..
فوجم المفتش ونظر اليها متسائلا ،،
فقالت :
- انني طلقت زوجي منذ سنوات طويلة ، فتزوج مرة اخرى وآان جان ثمرة زيجته الثانية ..
وحين مات زوجي جاء الصبي للاقامة هنا ، وآان ريتشارد قد اقترن بلورا ، فعطفت على
الصبي وشملته برعايتها ..
- وماذا عن ابنك ريتشارد ؟
- انني آنت احبه ايها المفتش ، ولكني لم اآن اتجاهل عيوبه واخطاءه .. وهي عيوب واخطاء
سببها في الغالب ذلك الحادث الذي اقعده وجعله آسيحا...
انه آان شابا رياضيا مليئا بالحيوية والنشاط .. فلما اقعده الحادث وشل حرآته ، امتلات نفسه
بالمرارة ..
- هل آان سعيدا في حياته الزوجية ؟
فقالت العجوز:
- ليست لدي ايه فكرة عن ذلك .. هل ثمة اسئلة اخرى يا حضرة المفتش ؟
- آلا .. شكرا لك يا مسز واريك ، هل استطيع التكلم الى مس بنيت ؟
فاجابت العجوز وهي تنهض :
- نعم .. ولعلها الشخص الذي يستطيع امدادك بكل ما تريد من معلومات .. انها امرأة عملية .
.وعلى جانب آبير من الكفاية والذآاء ..
- هل تعمل عندك منذ وقت طويل ؟
فاجابت العجوز :
- نعم ،، منذ سنوات طويلة ، آانت تعني بجان وهو صغير ، وتسهم في رعاية ريتشارد .. بل
انها شملتنا جميعا برعايتها .. نعم ، انها المثل الاعلى في الامانة والوفاء ..
وانصرفت العجوز ..
وشيعها الرقيب ببصره حتى توارت ، ثم هو رأسه وقال يكلم المفتش :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 31
- رجل سكير يعبث بكل هذه البنادق والمسدسات .. لابد انه آان معتوها ..
- ربما ..
ودق جرس التليفون ..
فتناول المفتش السماعة :
- نعم .. انا المفتش توماس . تقول ان ستارك وصل؟ هل اخذتم بصماته ؟ هذا حسن .. نعم ، نعم
.. قل له ان ينتظرني ، سأحضر بعد نصف ساعة على الاآثر .. نعم .. اريد ان القي عليه بعض
الاسئلة ، الى اللقاء ..
دخلت مس بنيت وهو يضع السماعة..
فابتدرته بقولها :
- هل انت بحاجة الي ايها المفتش؟ انني مشغولة آثيرا في هذا الصباح..
فقال وهو ينهض من مقعده :
- نعم يا مس بنيت أنا بحاجة اليك ، اريد ان اسمع روايتك عن حادث السيارة التي دهمت الطفل
في ( نورفولك)..
- تعني طفل ماآجريجور؟
- نعم .. وقد قيل لي انك تذآرت الاسم بسرعة ليلة امس..
فأجابت وهي تغلق الباب:
- ان ذاآرتي قوية فيما يختص بالاسماء..
- لا شك ان الحادثة آان لها انطباعها الخاص في نفسك، هل آنت في السيارة وقت وقوعها؟
فقالت مس بنيت:
- آلا .. التي آانت بالسيارة مس واربروثون، ممرضة ريتشارد بالمستشفى في ذلك الوقت.
- هل حضرت التحقيق؟
- آلا ، ولكن ريتشارد روى لنا بعد عودته ما جرى ، وقال ان الرجل هدده بالانتقام، ولكننا لم
نحفل بالتهديد في ذلك الوقت ، ولم نأخذه ماخذ الجد..
- هل آان لك رأي خاص في الحادث؟
فسألت مس بتيت:
- أعني هل وقع الحادث لان وستر واريك آان ثملا؟
- أطن ان مسز واريك قالت لك ذلك : ولكن لا ينبغي ان تصدق آل ما قالته.. انها تلقي اللوم دائما
على الخمر ، لان زوجها آان سكيرا..
فسألها المفتش :
- أتصدقين اذن ما قاله ريتشارد واريك ، من انه آان يقود السيارة في حدود السرعة المسموح
بها.. وانه لم يكن من الممكن ان يتجنب تلك الحادثة؟
فأجابت مس بنيت:
- لا اريى سببا يدعو الى الارتياب في صدقه ، خاصة وان الممرضة قد ايدته..
- هل يمكن الرآون الى نزاهة الممرضةظ
- أظن ذلك، ان الناس لا يكذبون ببساطة في مثل هذه الامور.
وهنا لم يستطع الرقيب ضبط شعوره..
فتمتم يقول:
- لا يكذبون حقا! ان طريقتهم في وصف الحادث احيانا لا تدل فقط على انهم آانوا يقودون
السيارة في حدود السرعة المسموح بها بل تكاد توحي بانهم آانوا يسيرون الى الوراء.
فنظر المفتش اليه مؤنبا..
ورمقته مس بنيت في دهشة.
وقال المفتش بعد صمت قصير :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 32
- ما اريد الوصول اليه ، هو ان الانسان في سورة غضبه وسخطه يمكن ان يهدد بالانتقام من
الشخص الذي تسبب في مقتل طفله .. ولكنه اذا فكر في هدوء بعد ذلك ، وآان ما قيل في التحقيق
هو الحقيقة ، فانه لا بد ان يدرك ان ريتشارد لا ذنب له في تلك الحادثة..
فرد الرقيب :
- آه .. فهمت ماذا تعني .
- اما اذا آان قائد السيارة قد قادها بسرعة جنونيه ، او لم يكن في تمام وعيه..
فسألت مس بنيت:
- هل قالت لك لورا ذلك؟
- لماذا تظنين انها هي التي قالت ذلك؟..
فاضطربت وارتبكت وقالت:
- لا اعلم .. انه مجرد سؤال.
ثم نظرت الى ساعتها وقالت :
- هل ثمة اسئلة اخرى يا سيدي؟ قلت لك انني مشغولة آثيرا في هذا الصباح.
فقال المفتش :
- هذا آل ما هنالك في الوقت الحاضر يا مس بنيت..
فتهضت واسرعت الى الباب ..
وقبل ان تفتحه .. قال المفتش :
- اريد ان اتكلم الى جان.
فاستدارت مس بنيت تقول:
- اآون شاآرة اذا عدلت عن ذلك يا سيدي ، انه متوتر الاعصاب اليوم ، فقد نجحت في تهدئته
بعد جهد آبير ..
فقال المفتش :
- انا اسف يا مس ينيت ، ولكن لا مناص من استجوابه ..
فاغلقت مس بنيت الباب باحكام..
وعادت ادراجها الى المفتش . وقالت :
- لماذا لا تبحث عن ماآجريجور وتستجوبه ؟ انه لا يمكن ان يكون قد ذهب بعيدا..
- سوف نجده، فاطمئني.
فردت مس بنيت :
- ارجو ذلك .. الانتقام! ان الاديان السماوية لا تقر الانتقام..
فقال المفتش بلهجة لها مغزاها:
- سيما وان مستر واريك غير مسؤول عن الحادثة ، ولم يكن بوسعه ان يتجنبه ..
فنظرت اليه مس بنيت بحدة .. وتلاقت عيونهما طويلا ..
واخيرا قال المفتش مرة أخرى :
- ارجوك .. اريد التكلم الى جان..
فاجابت وهي تتحرك نحو الباب :
- لا أعلم اذا آنت سأجده ام لا ، ربما يكون قد خرج ..
فنظر المفتش الى الرقيب .. ونهض هذا على الفور ،وخرج للبحث عن الشاب..
فقالت مس بنيت للرقيب:
- حاول الا تضايقه ..
ثم عادت الى الغرفة ، فقالت للمفتش :
- لا تضايقوا هذا الشاب فانه سريع الانفعال..
- هل يلجأ عادة الى العنف؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 33
- آلا ،انه لطيف ووديع آالحمل ، ولكني لا اريدآم ان تزعجووه ، ان الحديث عن جرائم القتل
يزعج الاطفال ، وجان بتكوينه وتخلفه العقلي لا يعدو ان يكون طفلا..
فقال المفتش وهو يجلس امام المكتب :
- اطمئني يا مس بنيت .. اؤآد لك اني افهم الموقف حق الفهم ..
وفتح الباب..
ودخل جان والرقيب ..
وواصل الشاب السير حتى وصل الى حيث المفتش وسأله :
- هلا طلبتني؟ هل قبضت على القاتل؟
فقالت مس بنيت تحذره :
- مهلا يا جان ، مهلا .. اجب فقط على ما يلقى عليك من اسئلة.
فتحول اليها الشاب واجاب :
- سأفعل ذلك، ولكن الا استطيع ان القي شيئا من الاسئلة؟
فاجابه المفتش في رفق :
- طبعا تستطيع .
فجلست مس بنيت على طرف الاريكة وهي تقول :
- سأنتظر هنا .
فنهض المفتش على الفور وسار الى الباب وفتحه..
وقال يكلم مس بنيت :
- آلا يا مس بنيت ، وشكرا لك .. فاننا لن نحتاج اليك ، وبعد ألم تقولي انك مشغولة آثيرا اليوم؟
فقالت مس بنيت :
- اني افضل البقاء هنا .
فقال بحدة :
- انا اسف ، نحن نفضل استجواب الناس فرادى..
فنظرت اليه مس بنيت ، وادرآت من ملامح وجهه الا سبيل الى المناقشة ..
فتنهدت في ضيق ، وغادرت الغرفة ..
وأغلق المفتش الباب ،، بينما تأهب الرقيب لتسجيل اقوال الشاب وعاد المفتش الى مكانه امام
الكتب ..
ثم قال يسأل جان :
- اظن انك لم تشهد قبل الان حادثة قتل ..
فأجاب جان بحدة :
- آلا .. آلا . وانه لشيء مثير ، هل عثرت على اي اثر او بقعه دم ، او بصمات اصابع؟
- هل يثيرك منظر الدم؟
فأجاب الشاب بهدوء تام وبلهجة جدية :
- آثيرا . انني احب الدم ومنظره الجميل وحمرته القاتمة .. آان ريتشارد يطلق الرصاص على
الحيوانات والطيور فتنزف دما .. اليس مما يبعث على الضحك ان يطلق أحدهم الرصاص على
ريتشارد ، آما آان هو يطلق الرصاص على الحيوانات والطيور؟
فأجاب المفتش في هدوء:
- ذلك من سخرية القدر . ولكن حدثني ، هل ازعجك آثيرا موت اخيك؟
فرد جان :
- ازعجني .. موت ريتشارد، ولماذا انزعج؟
فقال المفتش :
- ظننت انك آنت تحبه .
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 34
فقال الشاب في دهشة :
- احبه ؟ احب ريتشارد ... آلا .. لا احد آام يمكن ان يحبه ..
- أطن ان زوجته آانت تحبه ..
فأجاب الشاب:
- لورا؟ لا اعتقد ذلك .. انها آانت دائما تقف الى جانبي ..
- الى جانبك؟
فرد جان :
- نعم .. عندما آان ريتشارد يريد ابعادي .
- ابعادك؟ الى اين؟
- الى احد تلك الاماآن ، حيث يغلقون عليك الابواب ولا تستطيع الخروج .. قال لي ان لورا
ستزورني هناك احيانا، ولكنني لا احب ان تغلق علي الابواب..
أحب الابواب المفتوحة والنوافذ المفتوحة حتى اشعر بانني استطيع الخروج حينما اشاء..
والان .. وقد مات ريتشارد ، ولن يستطيع احد ان يغلق علي الابواب .. اليس آذلك؟
فقال المفتش :
- نعم يا بني .. ولكن لماذا اراد ريتشارد ان يفعل بك ذلك؟
فقال جان:
- قالت لي لورا انه آان يقول ذلك فقط لمضايقتي .. وان آل شيء سيكون على ما يرام .. وانها
لن تسمح بابعادي طالما هي في هذا البيت..
انني احب لورا .. احبها آثيرا ، واشعر بسعادة لا حد لها حين العب معها.. وحين نطارد
الفراشات الجميلات ونبحث عن بيض العصافير معا..
فقال المفتش بلطف:
- أظن انك لا تذآر شيئا عن حادثة وقعت خلال اقامتكم في نورفولك .. حادثة طفل دهمته سيارة
..
- انني اذآر هذه الحادثة جيدا ، واذآر انهم استدعوا ريتشارد للتحقيق..
- حقا؟
- آنا ذلك اليوم نتناول غذاء السمك ، وعاد ريتشارد والممرضة ، وآانت الممرضة واجمة ، اما
ريتشارد فكان يضحك ..
- تعني بالممرضة مس واربرتون؟
فأجاب جان :
- نعم ، اني لا احبها آثيرا ، ولكن ريتشارد آان راضيا عنها في ذلك اليوم وقال لها ( احسنت )
...
* * *
وفتح الباب في هذه اللحظة ودخلت لورا ..
ورآها جان .. فاشرق وجهه وابتسم لها وصاح :
- ها هي لورا ..
فقالت متعذرة :
- هل ازعجتكم؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 35
فأجاب المفتش :
- آلا يا سيدتي .. تفضلي بالجلوس.
فقالت وهي تجلس على طرف الاريكة :
- هل جان ..
- آنت اسأله عما اذا آان يذآر شيئا عن حادث الطفل في نورفولك ، اعني طفل ماآجريجور!
فسألته لورا :
- هل تذآر هذه الحادثة يا جان..
- طبعا اذآره .. انني اذآر آل شيء .. ألم أحدثك عنها ايها المفتش؟
فقال المفتش :
- ماذا تعرفين انت عن الحادثة يا سيدتي؟ هل ناقشتموه على مائدة الطعام في ذلك اليوم، عقب
التحقيق؟
فأجابت لورا :
- لست اذآر !
فوثب جان من مقعده بسرعة وصاح :
- هل نسيت يا لورا ! هل نسيت عندما قال ريتشارد ( ما أهمية طفل بالزيادة أو بالنقص في هذا
العالم المزدحك ) ..
فقالت لورا وهي تنهض :
- أرجوك يا سيدي المفتش ..
- مهلا يا سيدتي ، ان من المهم جدا ، آما تعلمين – ان نعرف حقيقة الحادث لصلته الوثيقة
بمصرع زوجك ، فالفكرة السائدة هي ان حادثة الطفل هو الدافع الى جريمة القتل ..
فقالت لورا :
- أعلم ذلك .
- المفهوم مما قالته حماتك ان زوجك آان ثملا..
فتمتمت لورا :
- لا غرابة في ذلك ، فقد آان مولعا بالشراب.
- هل رأيت ذلك الرجل المدعو ماآجريجور؟
- آلا ، لم اره ، لانني لم احضر التحقيق..
فقال المفتش :
- قيل انه آان ثائرا ومصمما على الانتقام..
- يبدو ان الصدمة اثرت على قواه العقلية.
وآان جان يصغي الى ما يقال باهتمام شديد ، ويزداد انفعالا من لحظة لاخرى ..
فلما تكلم المفتش عن الانتقام ..
وثب من مقعده وصاح في حماسة :
- لو آان لي عدو لانتظرت ، وقتا طويلا مثله ، ثم تسللت تحت جنح الظلام والمسدس في يدي ..
و..و...
وبسط يده وحرك سبابته مرارا.. آما لو آان يصوب مسدسا ويطلقه ..
فصاحت به لورا :
- اصمت يا جان .
- هل انت غاضبة مني يا لورا؟
- آلا ايها العزيز .. انني لست غاضبة ، ولكني لا اريدك ان تنفعل ..
فأجابها جان :
- اني لست منفعلا..
قال المفتش :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 36
- لنعد الان الى ..
ولم يتم عبارته ، فقد حدثت جلبة في الخارج وقال صوت عرفت لورا على الفور انه صوت
ستارك.
آان يقول :
- طاب يومك يا مس بنيت.. اين المفتش توماس؟ اني اريد التكلم اليه .. هل هو في قاعة
الاستقبال؟
فأجابته مس بنيت :
- طاب يومك يا مستر واريك ، طاب يومك ايها الرقيب ، نعم . انه في قاعة الاستقبال ولا اعلم
ماذا يجري هناك ..
فقال صوت آخر لم تعرف لورا صاحبه :
- طاب يومك يا سيدتي .. اني احضرت هذه الاوراق للمفتش .. ارجوك ان تسلميها اليه ، او الى
الرقيب آادوالدر ..
فنظرت لورا الى المفتش .. وسألت :
- من هذا؟
فأجاب المفتش :
- انه الرقيب جونز ، ويبدو انه احضر بعض الاوراق
ثم تحول الى آادوالدر وقال له :
- أرجو ان تتسلم منه الاوراق ايها الرقيب ..
وقبل ان يبرح الرقيب مقعده .. فتح الباب بعنف ودخل ستارك.
آان انطباع لورا عن مايكل ستارك انه رجل هادئ الطباع ايجابي التفكير ، عملي في تصرفاته
وسلوآه .
ولذلك آانت دهشتها لا حد لها حين وجدته يدخل ثائرا، وشرر الغضب يتطاير من عينيه.
آان يصيح وهو يجتاز الغرفة في طريقه الى المفتش :
- اصغ الي ايها المفتش توماس ، اني لا استطيع ان اقضي النهار آله في مرآز الشرطة .. طلبوا
الي ان اذهب اليهم فذهبت، ثم طلبوا بصمات اصابعي فوافقت..
واخيرا طلبوا الي ان انتظرك بضع دقائق فانتظرتك ساعة، ان لدي اعمالي الخاصة ، وانا الان
على موعد مع اثنين من سماسرة البيوت .. ولا يسعني التخلف عن هذا الموعد..!
وآف عن الكلام ليلتقط انفاسه..
وعندئذ فقط وقع بصره على لورا ..
فقال في هدوء :
- طاب يومك يا مسز لورا .. انا اسف..
- طاب يومك يا مستر ستارك..
فقال المفتش :
- لقد اردت ان اسألك يا مستر ستارك ، هل حدث ليلة امس انك وضعن احدى يديك على هذه
المائدة وفتحت الباب المؤدي الى الحديقة باليد الأخرى؟
فرد ستارك :
- لا اعلم .. ربما فعلت ذلك، لا اذآر تماما
وعاد الرقيب وبيده ملف ..
فقدمه الى المفتش وهو يقول :
- جاء الرقيب جونز بهذا الملف، وهو يتضمن بصمات مستر ستارك وتقرير خبير الاسلحة..
فقال المفتش :
- دعني ارى ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 37
وتناول المفتش الملف ، وتصفحه بسرعة ، وقال :
- تماما .. الرصاصة التي قتلت مستر ريتشارد واريك اطلقت فعلا من هذا المسدس ، اما بصمات
مستر ستارك فسابحثها فورا .
وأخرج من حقيبة اوراقه تقرير خبراء البصمات .
بينما نظر جان الى ستارك في فضول ..
وسأله :
- هل انت قادم من ( عبدان) ما رأيك فيها ؟
فأجابه ستارك :
- حرها شديد..
ثم التفت الى لورا وسألها :
- آيف اصبحت اليوم يا مسز لورا؟ أراك أفضل حالا مما آنت بالامس ..
- نعم شكرا لك ، فقج مرة الازمة.
وهنا رفع المفتش رأسه وقال :
- هذا يحسم الموضوع .. انها ليست بصماتك يا مستر ستارك .
فأجاب ستارك :
- أية بصمات تعني ؟
- ان بصماتك واضحة على الباب والزجاجة والقدح والولاعة ، أما بصمة الكف التي على المائدة
فانها ليست لك ، ولا لأي واحد ممن حصلت على بصماتهم .. وهذا يحسم الموضوع ، وحيث انه
لم يأت زائرون ليلة أمس ..
ونظر الى لورا ، فقالت :
- آلا.. لم يأت زائرون ليلة امس ..
فمضى المفتش في حديثه .. قال :
- وحيث انه لم يأت زائرون ليلة امس ، فلابد ان تكون هذه هي بصمة ماآجريجور.
فهتف ستارك وهو ينظر الى لورا :
- بصمة ماآجريجوار؟
فقال المفتش :
- هل يدهشك ذلك؟
فأجاب ستارك :
- نعم ، اذ المفروض انه استخدم قفازا.
- انه استخدم القفاز عندما استعمل المسدس..
فالتفت ستارك الى لورا وسألها :
- هل سمعتم ما يوحي بوقوع شجار بين القاتل وضحيته . ام انكم لم تسمعوا سوى الطلق الناري؟
فقالت لورا :
- الواقع اننا .. اعني انا ومس بنيت .. لم نسمع سوى الطلق الناري ، ولو قد حصل شجار لما
وصل الى اسماعنا في الطابق الاول ..
* * *
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 38
وفي هذه اللحظة ، فتح الباب المؤدي الى الحديقة ودخل رجل وسيم في نحو السادسة والعشرين
من عمره تدل مشيته وحرآاته على انه من العسكريين.
ولم يكد جان يرى الزائر حتى ابتهج وصاح :
- جوليان ، جوليان !
فنظر اليه جوليان بسرعة .. ثم تحول الى لورا وقال في حزن :
- آم انا اسف يا لورا !! لم اعلم بما حصل الا منذ لحظات ..
فقال المفتش :
- طاب يومك يا ميجور فارار..
فالتفتت اليه جوليان وقال :
- حادث مؤسف حقا ايها المفتش، مسكين ريتشارد!
فصاح جان :
- آان ميتا في مقعده ، وفي جيبه ورقة ، هل تعرف ماذا آان مكتوبا فيها .. آان مكتوبا فيها : (
يوم الانتقام) .. اليس ذلك مثيرا...
فقال جوليان وهو ينظر الى جان متسائلا:
- طبعا .. طبعا !
ولاحظ المفتش نظرة جوليان الى ستارك..
فقام بمهمة التعريف ، قال :
- مستر مساآل ستارك ، ميجور جوليان فارار، المرشح لعضوية النواب في الانتخابات الفرعية
التي تجري الان ..
فشد آل من الرجلين على يد الاخر ..
وقال المفتش :
- ان مستر ستارك رأى القاتل وهو يفر من الحديقة ليلة أمس .
فقال ستارك:
- الواقع ان سيارتي سقطت في حفرة .. فدخلت هذا البيت في طلب النجدة..
فسأل جوليان :
- في أي اتجاه فر القاتل ؟
- ليس لدي ايه فكرة ، انه اختفى في الضباب آما لو آان ذلك بسحر ساحر ..
فقال جان :
- ألا تذآر يا جوليان انك قلت لريتشارد ان شخصا ما سوف يقتله رميا بالرصاص في احد الايام؟
فساد صمت عميق ، وتحولت آل الانظار الى جوليان الذي رد بعد لحظة :
- أنا قلت له ذلك .. لا اذآر ..
فقال جان :
- حدث ذلك حول مائدة العشاء ، وآنتما تتناقشان ، فقلت له : سوف يطلق احد الناس الرصاص
على رأسك يوما ما يا ريتشارد ..
فقال توماس :
- يا لها من نبوءة عجيبة ..
فتنهد جوليان .. وقال وهو يجلس على أحد المقاعد :
- الواقع ان الناس ضاقوا بريتشارد وسلوآه ومسدساته ، آان مصدر ازعاج للكثيرين..
هل تذآرين ( غريفيث ) يا لورا؟ ذلك البستاني الذي طرده ريتشارد في العام الماضي؟ انه قال
لي اآثر من مرة : " سأذهب يوما لاى مستر واريك واقتله بمسدس " .
فقالت لورا :
- ان غريفيث لا يقدم على عمل مهذا.
فقال جوليان بسرعة :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 39
- آلا .. آلا ، لا اعني انه الذي ارتكب هذه الجريمة ، انما اردت فقط ان اعبر عن شعور الناس
نحور ريتشارد ، وان اقدم نموذجا مما يقولونه عنه ، ويضمرونه له ..
وحاول أن يخفي ارتباآه..
فاخرج من جيبه علبة تبغ ، وتناول منها سجارة ، واستطرد قائلا وهو ينظر الى لورا..
- ليتني اتييت الى هنا ، ليلة الامس .. آان في نيتي ان افعل ذلك..
فقالت لورا في هدوء :
- لم يكن في استطاعتك ان تسير وسط ذلك الضباب الذي لم يسبق له مثيل ..
فقال جوليان:
- آلا .. الواقع اني دعوت اعصاء لجنتي الانتخابية لتناول العشاء عندي ، وبعد العشاء مباشرة ،
لاحظوا بوادر الضباب فانصرفوا مبكرين وخطر لي عندئذ ان اجئ لزيارتكم ثم عدلت.
آان يتكلم ويبحث في جيوبه عن شيء ..
ثم قال وهو يجيل البصر حوله:
- الا اجد مع أحدآم عود ثقاب؟ يبدو انني اضعت ولاعتي في مكان ما.
وفجأة ، رأى الولاعة على المائدة ، حيث ترآتها لورا ، في الليلة السابقة ..
فهتف :
- آه .. ها هي هناك ، م أآن ادري اين ترآتها.
ونهض ليتناول الولاعة.
ولم يفت ستارك ملاحظة ذلك آله.. ولكنه لم ينطق بكلمة ..
وقالت لورا فجأة .. ولعلها ارادت ان تصرف الاذهان عن موضوع الولاعة :
- جوليان..
ومدت اليه يدها في طلب لفافة تبغ، فقدم لها سيجارة وهو يقول :
- لشد ما آلمني هذا الذي حصل يا لورا .. هل استطيع عمل شيء؟
فقالت لورا :
- شكرا ، شكرا .. أنا ادرك شعورك ..
وآان جان طوال الوقت يتطلع الى ستارك بفضول واعجاب ، ولم يلبث ان يساله :
- هل تجيد اطلاق النار يا مستر واريك؟ انا اجيده فقد آان ريتشارد يسمح لي بالتدريب احيانا ..
ولكني لم اربع في ذلك مثله ..
- أحقا ؟ بأي سلاح آنت تتدرب؟
وبينما آان ستارك منصرفا الى الحديث مع جان ، وتوماس والرقيب في شغل بأوراقهما ..
انتهزت لورا الفرصة للتكلم الى جوليان.
فقالت له بصوت خافت :
- يجب ان اتكلم اليك يا جوليان .. يجب !
فهمس قائلا :
- آوني على حذر
وقال جان ردا على سؤال ستارك :
- بندقية عيار 22 ، انني اجيد اصابة الاهداف ،اليس آذلك يا جوليان؟ هل تذآر يوم ذهبنا الى
مدينة الملاهي وصوبت البندقية على قنينتين واصبتهما؟
فرد جوليان :
- ذلك صحيح ، انك قوي البصر وهذا هو المهم..
فارتسمت على شفتي الشاب ابتسامة سعيدة ، واستدار ليراقب المفتش وهو يتصفح اوراقه ..
أما ستراك فانه تناول لفافة تبغ ..
وقال يستأذن لورا :
- هل تسمحين لي بالتدخين؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 40
فقالت له بصوت خافت :
- طبعا .. طبعا ،
فالتفت الى جوليان وقال :
- هل تسمع لي بالولاعة ؟
- بلا شك .. ها هي ..
وتناول ستارك الولاعة وتأملها وقال :
- ولاعة جميلة ..
واشعل سيجارته .. وهمت لورا بان تقول شيئا ثم امسكت ..
وقال جوليان:
- نعم .. انها من النوع الجيد..
ففحص ستارك الولاعة مرة اخرى ، ثم نظر الى لورا بسرعة ورد الولاعة لصاحبها قائلا:
- اشكرك..
وقال جان يكلم المفتش :
- هل تعلم ان لدى ريتشارد مجموعة آبيرة من البنادق .. وان بينها بنادقة خاصة تستعمل فقط في
صيد الافيال ، هل تريد ان تراها ؟ انه يحتفظ بها في غرفة نومه..
فقال المفتش وهو ينهض :
- لا بأس من ان القي نظرة .. هلم بنا .
ونظر اليه وابتسم ، واستطرد يقول :
- هل تعلم يا جان انك ساعدتنا آثيرا ، يخلق بنا ان نضمك الينا لتعمل معنا !
ثم تحول الى ستارك وقال :
- لا اظن اننا سنحتاج اليك الان يا مستر ستارك ، وفي استطاعتك ان تذهب لمباشرة اعمالك ،
فقط ارجوك ان تظل على اتصال بنا ..
قال ذلك وانصرف مع جان وتبعهما رقيب الشرطة ..
وتظر ستارك الى لورا وقال :
- يجب ان اذهب الان لارى ماذا فعلوا بالسيارة ، انني لم ارها ونحن في طريقنا الى هنا الان ..
ويبدو ان العمال اخرجوها من الحفرة ..
قال ذلك وخرج من باب الحديقة الى الشرفة ، ونظر حوله ، وهتف في دهشة :
- لكم يبدو آل شيء مختلفا في ضور النهار ..
ولم يكد ستارك يتوارى في الشرفة حتى اسرعت لورا الى جوليان وقالت له هامسة :
- جوليان .. تلك الولاعة ، انا قلت انها ولاعتي.
- قلت انها ولاعتك؟ لمن قلت ذلك؟ .. للمفتش؟
- آلا .. له .
وأومأت برأسها نحو الشرفة .
فسألها جوليان :
- لذلك . لذلك الرجل..
ولم يتم عبارته ...
فقد رأى ستارك يروح ويغدو في الشرفة
ورفعت اصبعها الى سفتيها وقالت محذرة :
- صه .. اخشى ان يسمعنا
فقال جوليان هامسا :
- من هو؟ هل تعرفينهظ
- آلا . لا اعرفه . وقع حادث لسيارته ليلة أمس ، فدخل البيت عقب !
فقال وهو يضع يده على مسند الاريكة ، فوق يدها :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 41
- دعك من ذآر ذلك الحادث المروع يا عزيزتي ، آل شيء سيكون على ما يرام فاطمئني..
- والبصمات يا جوليان..
- اية بصمات ؟
- البصمات التي وجدت على المائدة .. وعلى زجاج الباب ، هل هي بصماتك؟
فرفع جوليان يده من فوق يدها بسرعة ، وأشار نحو الشرفة .
فقالت بصوت مرتفع دون ان تنظر خلفها :
- شكرا لك يا جوليان .. انا اعلم انك تستطيع ان تفعل الكثير من اجلنا ..
قالت ذلك وقعدت على مقعد امام جوليان ، ونظرت الى باب الحديقة ولم ترى ستارك..
فقالت في همس :
- هل هي بصماتك يا جوليان؟ فكر جيدا
- على المائدة؟ أظن انها بصماتي ..
- يا إلهي ، وماذا سنفعل ؟
ومر ستارك بالشرفة .. فصمتت وارسلت من فمها سحابة من الدخان ، وانتظرت حتى توارى
ستارك نرة اخرى ..
ثم قالت :
- ماذا سنفعل؟ فقد ظن المفتش انها بصمات ماآجريجور
- هذا حسن ، ربما سيظل يظن ذلك
- ولكن هب ان ..
- يجب ان اذهب الان ، ان لدي موعدا هاما ..
ونهض وقال وهو يربت على آتفها :
- سيكون آل شيء على ما يرام يا عزيزتي ، فلا تنزعجي ..
ودخل ستارك في هذه اللحظة ، والتقى بجوليان امام باب الشرفة وهتف :
- هل ستذهب الان؟
- نعم .. اني مشغول هذه الايام بسبب الانتخابات الفرعية التي ستجري بعد اسبوع ..
- معذرة عن جعلي ، فاني لا اتابع انباء السياسة الداخلية ، مع اي حزب انت؟ حزب المحافظين
..
- آلا .. حزب الاحرار .
- الا يزال هذا الحزب على قيد الحياة ؟
وابتسم ساخرا ..
فنظر اليه جوليان بامتعاض وانصرف ...
* * *
وساد الصمت لحظة ..
وسرعان ما تلاشت الابتسامة على شفتي ستارك ، وقال وهو يهز رأسه وينظر الى لورا بحدة :
- الان بدأت افهم ..
- ماذا تعني؟
- هذا الشخص عشيقك ، اليس آذلك ؟ .. .تكلمي
فردت في تحد :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 42
- مادمت قد سألت ، فالجواب هو نعم
- يبدو ان هناك اشياء آثيرة لم تصارحيني بها ليلة البارحة ، اليس آذلك ، لهذا خطفت الولاعة
بسرعة ، وزعمت انها ولاعتك .
منذ متى بدأت العلاقة بينك وبين هذا الشخص ؟
- منذ بعض الوقت
- لماذا لم تهربي معه اذن؟
- لاسباب آثيرة ، اهمها الحرص على مستقبله السياسي
فجلس ستارك على مقعد ، وبدا الضيق واضحا على وجهه..
قال :
- لم تعد لهذه الاعتبارات اهمية في هذه الايام ، اآثر الساسة يرتبكون الفحشاء بمثل البساطة التي
يدخنون بها لفافة تبغ.
- هناك اعتبارات خاصة ، فقد آان جوليان صديقا لريتشارد، وآان ريتشارد آسيحا ..
- آه.. حقا .. انها اعتبارات تسء الى سمعة صاحبك ومرآزه،
- هل آان ينبغي ان احدثك بكل هذا ليلة البارحة ..
فقال ستارك :
- آلا ، لم يكن ذلك ضروريا ..
- الواقع اني لم ارى له ايه اهمية ، فقد آان اهم منه بالنسبة الي اني قتلت ريتشارد..
فقال دون ان ينظر اليها :
- نعم ، نعم .. انا ايضا لم افكر الا في ذلك .
ثم اردف بعد صمت قصير :
- هل لديك مانع من القيام بتجربة بسيطة .. اين آنتي تقفين عندما اطلقت الرصاص على ريتشارد
؟
فقالت في حيرة :
- اين آنت اقف؟!
- نعم
- هناك
واشارت نحو باب الشرفة .
فقال :
- اذهبي وقفي حيث آنتي تقفين امس عندما اطلقت الرصاص على ريتشارد.
فقالت وهي تنهض ببطء :
- انا لا اذآر اين آنت اقف ، لا تطالنبي بان اتذآر .. آنت .. آنت في اشد حالات الاضطراب .
فقال ستارك :
- لقد قال لك زوجك شيئا اثارك .. فاختطفت منه المسدس .
ونهض واقفا .. ووضع سيجارته في المنفضة وقال :
- دعينا نعيد تمثيل الحادثة .. ها هي المائدة .. وها هو المسدس ..
قال ذلك وتناول السيجارة من يدها ووضعها ايضا في المنفضة ، ثم اخرج مسدسه ووضعه على
المائدة وقال :
- آنتما تتشاجران ، فتناولت المسدس .. هيا تناولي المسدس .
فمدت يدها ..
ثم احجمت وقالت :
- آلا . لا اريد
فرد ستارك :
- لا تكوني حمقاء ، انه غير محشو ، هلمي تناوليه..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 43
فاطاعت لورا ، وتناولت المسدس
فقال ستارك :
- انك لم تتناوليه هكذا ببطء ، بل اختطفته لسرعة واطلقت الرصاص ، والان اريني آيف فعلتي
ذلك ..
فتراجعت لورا بضع خطوات الى الوراء ، وهي ممسكة بالمسدس بطريقة تدل على انها لم تمس
مسدسا قبل تلك اللحظة
وصاح ستارك يستحثها :
- هلمي .. اريني آيف فعلت
فحاولت ان تصوب المسدس ..
وصاح بها ستارك :
- اطلقي المسدس ، انه غير محشو ..
ولكنها وقفت مترددة ، ولم تطلق المسدس ..
فتناول ستارك المسدس من يدها ..
وقال وفي عينيه نظرة انتصار :
- هذا ما ظننته ، انك لم تطلقي مسدسا طول حياتك ، بل ولا تعرفين آيف يطلق المسدس .
ونظر الى المسدس واستطرد :
- وايضا لا تعرفين آيق يرفع الزناد .
ووضع المسدس على المائدة ..
وجلس على الاريكة وقال في هدوء ..
- انك لم تطلقي الرصاص على زوجك ..
- بل اطلقته
فرد ستارك :
- آلا .. آلا ، انت لم تطلقيه
فارتسمت على وجهها دلائل الخوف قائلة :
- لماذا اعترفت اذن بقتله اذا لم اآن قد قتلته؟
فتحول اليها بغته وقال :
- لان جوليان فارار هو الذي قتله .
- آلا ..
- نعم ..
- آلا ..
- اؤآد انه القاتل .
- اذا آان جوليان هو القاتل حقا ، فلماذا اعترف انا بالجريمة ؟ فأجاب ستارك وهو يصعدها
بعينيه في قدوء :
- لانك ظننت ، وبحق ، انني ساتستر عليك واحميك .. نعم .. انك خدعتني بمهارة ، ولكن آل
شيء قد انتهى الان .. هل سمعتي؟ آل شيء قد انتهى . ولن استمر بعد الان في هذه الاآاذيب
لانقاذ الميجور جوليان فارار من حبل المشنقة.
فنظرت اليه لورا وابتسمت ..
ثم سارت في هدوء الى حيث آانت المنفضة على المائدة ، فتناولت سيجارتها وتحولت اليه
وردت ببطء :
- بل شتشتمر .. يجب ان تستمر ، فليس في ا ستطاعتك ان تتراجع الان ، انك ادليت باقوالك الى
مفتش البوليس ولا يمكنك الان ان تعدل عنها او تغيرها .
فبهت ستارك وهتف :
- ماذا قلت؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 44
فجلست على مسند الاريكة ..
وقالت في هدوء :
- مهما تكن معلوماتك عن الجريمة ، او ظنونك واوهاوك بشانها ، فأنت ملتزم بالقصة التي
رويتها للمفتش ، لانك اصبحت شريكا في الجريمة، انت نفسك قلت ذلك .
وأرسلت من فمها سحابة من الدخان..
فاتبعث ستارك واقفا ، ونظر اليها وقد الجمته جرأتها ،، ثم تمتم وهو ينظر اليها شذرا
- أيتها ال...
آانت الشمس قد اوشكت على المغيب حين خرج جوليان الى الشرفة ونظر الى الحديقة بعينين
شاردتين!
آانت تبدو على وجهه دلائل الانزعاج والقلق الشديد..
ولم يلبث ان نظر الى ساعته وعاد ادراجه الى قاعة الاستقبال ،، وانه يذرع ارض القاعة جيئة
وذهابا، اذ وقع على صحيفة فوق المكتب .
آانت احدى الصحف المحلية ، وقد نشرت في صدرها بحروف آبيرة نبأ مصرع ريتشارد
واريك.
فتناولها وجلس على مقعد وراح يقرأ ما ورد فيها عن الحادث ..
وقبل ان يفرغ القراءة فتح باب الغرفة ..
فانبعث واقفا وهتف في لهفة ..
- لورا
وارتسمت خيبة الامل على وجهه حين وقع بصره على انجل ..
تهالك على المقعد مرة اخرى .. ليستأنف القراءة ..
قال الخادم ستحضر مسز لورا بعد لحظة يا سيدي ..
فلم يجب جوليان ..
واستغرق في القراءة ..
فقال الخادم بعد قليل :
- معذرة يا سيدي ، هل استطيع ان اتحدث اليك لحظة؟
فاستدار اليه جوليان ..
ثم سأله :
- نعم يا انجل .. ماذا تريد؟
فاقترب انجل بضع خطوات وقال :
- اني قلق على مرآزي هنا يا سيدي ، وقد خطر لي ان استشيرك .
فقال جوليان بغير اهتمام ، لانه آان في شغل بمتاعبه الخاصة :
- ماذا يقلقك يا انجل؟
فقال انجل :
- يقلقني اني اصبحت بلا عمل بعد موت مستر واريك.
- هذا امر طبيعي ، ولكني اعتقد انك ستجد عملا اخر بسهولة ، اليس آذلك؟
فرد انجل :
- ارجو ذلك يا سيدي.
- انك فيما اعلم شخص مؤهل ومدرب
- نعم يا سيدي ، وتوجد اعمال آثيرة في المستشفيات وبيوت العظماء لمن آان مثلي ..
- ماذا يزعجك اذن؟
فقال انجل :
- ان الظروف التي انتهى بها عملي هنا لا تدعو على الارتياح.
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 45
فسأله جوليان:
- معنى ذلك انك تشعر بالاستياء ، لان عملك هنا قد انتهى بسبب جريمة قتل؟
فتمتم انجل قائلا :
- ذلك ما اعنيه يا سيدي
- هذا امر لا يستطيع احد ان يصنع شيئا حياله ، ولكن مما لا شك فيه ان مسز لورا سوف تعطيك
شهادة مريضة..
قال ذلك واخرج علبة سجائره، وتناول منها سيجارة .. ثم اعاد العلبة الى جيبه..
فقال انجل :
- لن تكون هناك صعوبة من هذه الناحية يا سيدي ، فمسز لورا سيدة لطيفة ، وظريفة ..
وآان في لهجة الخادم شيء اثار ريبة جوليان وقلقه ، فاستدار اليه وقال بحزم:
- ماذا تعني؟
- اني لا اريد ان اآون مصدر ازعاج من اي نوع لمسز لورا.
- تعني انك تنوي البقاء بعض الوقت للعمل في البيت ارضاء لها؟
فقال انجل :
- اني اتعاون فعلا في اعمال البيت ، ولكن ليس ذلك ما اعنيه ، ان ضميري يعذبني يا سيدي.
فصاح جوليان بحدة:
- ضميرك؟ ماذا تعني بحق الشيطان ؟
فقال انجل :
- لا اظن انك تدرك حقيقة موقفي يا سدي ، اقصد موقفي من البوليس ، ان واجبي آمواطن
يفرض علي ان اعاون البويس بكل طريقة ممكنة ،ولكني في الوقت نفسه اريد ان اظل مخلصا
للاسرة التي اخدمها.
فقال جوليان وهو يشعل سيجارته :
- انك تتكلم آما لو آان هناك تضارب بين واجبك آمواطن ، وولائك للاسرة.
فقال انجل :
- اذا فكرت في الامر مليا يا سيدي ،، انك ستفطن الى هذا التضارب .
- الى ماذا تهدف بالضبط يا انجل؟
فقال انجل بتؤده:
- ان رجال البوليس يا سيدي ليسوا في مرآز يتيح لهم رؤية الخلفيات .. والخلفيات قد تكون لها
اهمية قصوى في قضية آهذه.. يضاف الى ذلك انني آنت اعاني من ارق شديد في الفترة الاخيرة
.
فقال جوليان في دهشة :
- وما الصلة بين ارقك وهذه القضية؟
فرد انجل :
- من سوء الحظ يا سيدي اني اويت الى فراشي مبكرا ليلة البارحة ولكني لم استطع النوم ..
فسأله جوليان :
- هذا امر يؤسف له.. ولكن
- ونظرا لموقع غرفتي ، فقد استطعت ان اعرف اشياء ربما غابت عن فطنة رجال البوليس .
- ماذا تريد ان تقول؟
- المفهوم يا سيدي ان مستر واريك آان مريضا وآسحيا ،، فمن الطبيعي والحالة هذه ان تكون
لزوجته الشابة الفاتنة علاقات اخرى ..
فقال جوليان بخشونة:
- اهذا ما تعنيه؟ ان لهجتك لا تعجبني يا انجل ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 46
- ارجو الا تتسرع في الحكم علي ياسيدي .. واذا فكرت في الامر مليا ، فستجد ني في مرآز بالغ
الدقة والصعوبة ، فانا اعرف اشياء لم ابح بها بعد لرجال البوليس ، بينما الواجب يحتم علي ان
ابوح بها ..
فاعتدل جوليان في جلسته وقال :
- اعتقد ان ما ذآرته عن معلوماتك وواجبك والبوليس هو مجرد هذيان والحقيقة انك تريد ان
توحي الي بانك في مرآز يتيح لك ان تثير الغبال ما لم ..
وصمت قليلا .. ثم قال :
- ما لم ، ماذا؟
- اني آما سبق ان ذآرت ، ممرض مؤهل ، ومن السهل ان اجد عملا في مستشفى او في بيت
احد العظماء .. ولكني اتوق احيانا لان يكون لي عمل خاص بي ، آمحصة صغيرة تتسع لخمسة
او ستة من المرضى .. او المدمنيين الذين يثيرون المتاعب لذويهم..
وقد استطعت ان ادخر بعض المال ، ولكنه لسوء الحظ لا يكفي ، لذلك خطر لي ..
- خطر لك اني او مسز لورا او آلينا معا قد نتقدم لمساعدتك ماليا لتنفيذ مشروعك ؟
فقال انجل :
- ذلك مجرد خاطر خطر لي يا سيدي .. فاذا تحقق آان ذلك آرما عظيما..
فقال جوليان ساخرا :
- نعم .. سيكون آرما عظيما حقا..
فتمتم انجل قائلا :
- انك المحت في شيء من الخشونة يا سيدي ، الي اني اهدد باثارة الغبار او بمعنى اخر اهذذ
باثارة فضيحة وذلك غير صحيح لاني لا افكر في امر آهذا اطلاقا
فنهض جوليان واقفا وقال :
- انك تهدف الى شيء معين يا انجل ؟ ماهو ؟
فرد انجل بهدوء:
- قلت لك يا سيدي ، انني لم استطع النوم ليلة البارحة وقد ظللت مفتوح العينيين ، وصوت نفير
الانذار بالضباب يدوي في اذني ..
ثم خيل الي اني سمعت صوت نافذة تفتح وتغلق بفعل الريح وتكرر هذا الوت مرارا، وهو صوت
مزعج لشخص مؤرق يحاول ان ينام ، فنهضت من فراشي ونظرت من النافذة ولقيت ان ذلك
الصوت المزعج ينبعث من نافذة حظيرة الدجاج ، التي تقع تحت غرفتي مباشرة .
فسأله جوليان :
- وبعد ذلك ؟
فقال انجل ببرود :
- بعد ذلك قررت ان اذهب الى الحظيرة واغلق النافذة لاتخلص من ذلك الدوي المزعج .
وبينما آنت اهبط السلم سمعت صوت طلق ناري فقلت لنفسي هوذا مستر واريك قد عاد الى صيد
القطط ، ولكني لا اظنه يستطيع ان يتبين هدفه في هذا الضباب .
وتسللت الى الحظيرة واغلقت النافذة من الداخل وقبل ان اهم بمغادرتها سمعت وقع اقدام في هذه
الشرفة ..
ثم تحرآت الاقدام من الشرفة الى الطريق الذي يمتد منها في محاذاة الجدار ، حتى يدور حول
الرآن الايمن للبيت ..
وهو طريق شبه مهجور لا يستعمله احد سواك يا سيدي آلما اتيت الى هذا البيت او غادرته لانه
في الواقع اقصر طريق بين بيتك وهذا البيت ..
فقال جوليان ببرود :
- امض في حديثك .
فقال انجل بتؤدة :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 47
- الحق يا سيدي اني شعرت بالخوف والقلق عندما سمعت وقع الاقدام اذ خشيت ان يكون لص قد
تسلل الى البيت ولكن شد ما آان سروري وارتياحي عندما رايتك تمر امام نافذة الحظيرة ، وانت
تسرع الخطى وتهرول عائدا الى البيت .
فصمت جوليان لحظة .. ثم هز رأسه وقال :
- لم افهم بعد غرضك من رواية هذه القصة هل هناك مسألة معينه تحاول ان تبرزها ؟
فسعل انجل آمن يشعر بالحرج .. ثم قال :
- اني اتسائل يا سيدي هل ذآرت للبوليس انك اتيت ليلة امس لمقابلة مستر واريك؟ وعلى فرض
انك لم تذآره ، وان رجال البوليس ، اقبلوا ليلقوا علي مزيدا من الاسئلة عن احداث الليلة الماضية
..
فقاطعه جوليان قائلا :
- هل تعرف ان الابتزاز جريمة؟ وان جريمة الابتزاز عقوبتها في منهى الصرامة ؟
ففر اللون من انجل . ولكنه تمالك نفسه بسرعة فقال :
- الابتزاز ؟ ماذا تعني يا سيدي؟ ان المسألة –آما سبق ان قلت – هي مسألة التمزق الذي اشعر
به امام واجبين متعارضين .. والبوليس ؟
فقاطعه جوليان مرة اخرى وقال وهو يطفئ سيجارته :
- ان قاتل مستر واريك قد فضح نفسه ، ورجال البوليس يعرفونه الان جيدا ولا اعتقد انهم
سيعودون لاستجوابك مرة اخرى .
فقال انجل في ذعر :
- اؤآد لك يا سيدي اني لم اقصد الا ...
فقاطعه للمرة الثالثة قائلا :
- انت تعلم تماما انه لم يكن في مقدورك ان تتعرف على اي شخص وسط الضباب الكثيف ليلة
البارحة . ولكنك اخترعت هذه القصة لكي ..
وقبل ان يتم عبارته .. فتح الباب ، ودخلت لورا ..
وبدت عليها الدهشة حين رأت انجل ، ولكنها تحولت الى جوليان وقالت :
- يؤسفني انني ترآتك تنتظر يا جوليان .
فقال انجل استعدادا للانصراف :
- ربما تحدثت اليك في هذا الموضوع البسيط مرة اخرى ، فيما بعد يا سيدي .
فقال ذلك وحنى قامته للورا وانصرف ..
وأغلق الباب وراءه ...
وانتظرت لورا لحظة .. ثم اسرعت الى جوليان وهي تهتف:
- جوليان !!
فقال في شء من الاستياء :
- لماذا ارسلت في طلبي يا لورا؟
فاجابته في دهشة :
- لقد انتظرتك طول النهار..
- آانت مشاغلي منذ الصباح ، اجتماعات ، ولجان ، ومقابلات ، وسوف يستمر ذلك حتى تنتهي
الانتخابات ، وعلى آل حال ، أفلا ترين من الأفضل يا لورا ان نكف عن هذه اللقاءات؟
- ولكن هناك أمورا يجب ان نناقشها ..
فقال وهو ينظر الى الباب :
- هل نعلمين ان انجل يحاول ان يمارس معي عملية ابتزاز؟
فاجابت مستغربة :
- انجل؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 48
- نعم ، ومن الواضح انه يعرف الكثير عن علاقتنا ، آما يعرف اني آنت هنا ليلة البارحة.
- هل تعني انه رآك؟
فأجاب وهو ينظر عبر باب الحديقة :
- يقول انه رآني
- لم يكن في استطاعته ان يراك في الضباب
- لقد روى لي قصة عن نافذة في حظيرة الدجاج آانت مفتوحة فذهب لاغلاقها ورآني امر امام
الحظيرة في الطريق الى بيتي ..
آذلك قال انه سمع قبل ذلك صوت طلق ناري غير انه لم يعر الامر اهتماما..
- يا إلهي ! وما العمل؟
- لا اعلم ، يجب ان نفكر في الامر
- ستعطيه نقودا؟
فتمتم قائلا :
- آلا .. آلا .. اذا فعلت ذلك آانت بداية النهاية ، ومع ذلك ... ماذا بوسعنا ان نفعل ؟
ومسح جبينه بيده وقال :
- ليس هناك من يعلم اني اتيت الى هنا ليلة البارحة ، ان خادمتي نفسها لا تعلم .. والمسألة الان
هي ، هل رآني انجل حقا ، ام انه يزعم ذلك؟
- هب انه ذهب الى البوليس ، فماذا يكون ؟
فأجاب وهو يمسح جبينه بيده مرة اخرى ..
- لا اعلم ، يجب ان افكر ، فليس امامي الى ان اقول انه آاذب ، او ازعم اني لم اغادر منزلي
ليلة البارحة ..
- والبصمات ؟
فسألها مستفهما :
- أية بصمات ؟
- هل نسيت؟ البصمات التي وجدت على المائدة وزجاج النافذة ، ان مفتش البوليس يعتقد انها
بصمات ماآجريجور ، ولكن اذا ذهب اليه انجل وروى له تلك القصة فان المفتش لا بد ان يطلب
بصماتك ، وعندئذ..
فبدت على وجه جوليان دلائل الهم والانزعاج..
ثم قال :
- نعم .. نعم.. حسنا اذن ، سأعترف لمفتش البوليس اني اتيت الى هنا ليلة البارحة ، وانتحل عذرا
لذلك آأن ازعم اني اتيت لمقابلة ريتشارد لامر ما ، واننا تحدثنا معا
فقالت بسرعة :
- تستطيع ان تقول انه آان في خير حال عندما ترآته .
فنظر اليها بمرارة .. وقال بحدة:
- ما ابرعك في تبسيط الامور ! أتعتقدين اني استطيع ان اقول ذلك؟
- يجب ان يقول الانسان شيئا ..
فاقترب من المائدة وقال :
- نعم .. اني وضعت يدي على هذه المائدة عندما انحنيت لانظر الى ..
وتذآر المنظر الذي رآه !
وارتسمت في عينيه نظرة ذعر ..
فقالت لورا :
- طالما انهم يعتقدون انها بصمات ماآجريجور ..
فصاح في غضب :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 49
- ماآريجور! ماآجريجور! ماذا جعلك تفكرين في تلك الورقة وتضعينها في جيب ريتشارد ،
بحق السماء؟ ألم يكن عملك هذا مجازفة خطيرة؟
فردت في ارتباك :
- نعم .. لا .. لا أعلم !
فقال لها وهو ينظر اليها بنفور:
- ما أشد جرأتك في الاجرام ..
- آان يجب ان نبحث عن وسيلة ،وآنت عاجزة عن التفكير ، ان هذه هي فكرة مايكل ..
- مايكل؟
- مايكل ستارك ..
فسألها مندهشا :
- تعنين انه الذي عاونك؟
فصاحت في ضجر :
نعم، نعم، نعم .. لذلك اردت مقابلتك لاوضح ذلك ..
فقال والغيرة تأآل قلبه :
- ما علاقة مايكل ستارك بهذا؟
- انه جاء ورائي والمسدس في يدي .. و ..
فصاح في اشمئزاز :
- وبطريقة ما .. استطعت ان تقنعيه بأن ..
- وهو الذي اقنعني .. اصغ الي يا عزيزي ..
وحاولت ان آتفيه بيديها ، ولكنه دفعهما عنه في رفق وجلس امام المكتب ..
وقال دون ان ينظر اليها :
- قلت لك اني سأبذل قصارى جهدي .. ولكن لا تظني أن..
فقاطعته قائلة في هدوء :
- انك تغيرت يا جوليان !
فرد عليها بهدوء :
- اني لا استطيع ان اشعر بنفس الاحاسيس بعد هذا الذي حدث ، لا أستطيع .
- اما انا فاستطيع ، فلن تتغير مشاعري نحوك مهما فعلت ..
فرد عليها جوليان :
- دعينا من العواطف الان ، ولننظر الى الحقائق .
- على رسلك .. هل تعلم اني قلت لستارك اني التي ارتكبت الجريمة؟
فنظر اليها آمن لا يصدق اذنيه وصاح :
- أنت قلت له ذلك؟
- نعم ..
- ووافق على مساعدتك ، رغم انه لا يعرفك ولا تعرفينه؟ لا بد انه مجنون .
فعضت على شفتها قائلة :
- ربما آان مجنونا .. ولكنه انسان ، وقد ادخل الطمأنينة على نفسي ..
فقال جوليان في غضب :
- هل معنى ذلك ، انه لا يوجد رجل يستطيع مقاومة فتنتك واغرائك؟
ثم تنهد وقال :
- مهما يكن فان القتل جريمة بشعة .
- سأحاول الا افكر فيها ، المهم انها لم تكن متعمدة ..
فقال بحدة :
- لا ضرورة للخوض في الموضوع ، خير من ذلك ان نفكر فيما ينبغي علينا عمله..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 50
- نعم ، يجب ان نفكر في موضوع البصمات والولاعة .. لا بد ان الولاعة سقطت مني عندنا
انحنيت لانظر الجثة .
فاجابت لورا بهدوء :
- ان ستارك يعلم انها ولاعتك ، ولكنه لا يستطيع ان يفعل شيئا ، انه تورط ولا يمكنه تغيير اقواله
.
فقال جوليان في نوبة من الشهامة :
- على آل حال يا عزيزتي ، انا على استعداد لتحمل المسئولية آلها عند الضرورة ..
- آلا .. لا اريدك ان تفعل ذلك ..
- اني ادرك آيف وقع الحادث ، واآاد اراك بعين الخيال وانت تتناولين المسدس وتطلقينه دون ان
تعي ما تفعلين ..
فدهشت لورا وقالت :
- هل تريد ان تحملني على القول باني انا التي قتلت؟ ألم تقل انك تعرف آيف وقع الحادث؟
فأجاب جوليان :
- اصغي الي يا عزيزتي ، انا واثق انك لم تتعمدي قتله ، وانك حين اطلقت عليه الرصاص ..
- أنا اطلقت عليه الرصاص؟ أتحاول اقناع نفسك بأني التي أطلقت عليه الرصاص؟
فصاح جوليان في غضب وهو يوليها ظهره :
- بحق السماء يا عزيزتي .. دعينا على الأقل نكن أمناء مع أنفسنا ..
فقالت في ثبات واصرار ..
- أنت تعلم اني لم اقتله ..
- من قتله اذن؟
ثم فطن فجأة إلى ما تنطوي عليه عبارتها الأخيرة من معان ، وتبلجت له الحقيقة ..
صاح :
- لورا .. هل تريدين ان تقولي اني قتلته؟
فردت بهدوء :
- آل ما اعلمه اني سمعت صوت الطلق الناري ثم سمعت وقع اقدامك في الشرفة ، وعلى
الطريق الموصل الى بيتك فهرعت الى هنا ووجدته جثة هامدة .
فرد جوليان :
- وأنا لم اطلق عليه الرصاص ، اني جئت لكي اقول له اننا يجب ان نتفق على اجراءات الطلاق
عقب انتهاء الانتخابات ، وسمعت صوت الطلق الناري قبل وصولي ، فظننت انه عاد الى العبث
بمسدسه وعندما دخلت ، وجدته ميتا ، وجثته لا تزال دافئة .
فبدت الحيرة على وجه لورا
ومضى جوليان في حديثه قال :
- واآبر الظن انه لم يكن قد مضى على موته اآثر من دقيقة او دقيقتين ، فاعتقدت بطبيعة الحال
انك انت التي اطلقت عليه الرصاص اذ من سواك آان يستطيع ان يفعل ذلك؟
- لا اعلم .. انه لامر محير ..
- من يدري ، فلعله انتحر !
- آلا .. لان ..
وامسكت عن الكلام فقد سمعت وقع اقدام تقترب ثم فتح الباب على الفور .
ودخل جان سرعا وهو يصيح :
- لورا .. لورا .. الان بعد ان مات ريتشارد .. الا تؤوول اسلحته الي بصفتي اخوه ، والرجل
الوحيد في اسرته ؟
ان مس بنيت تنكر علي ذلك ، ولا تسمح لي بالاستيلاء عليها ، فقد وضعت الاسلحة في الدولاب
.. واغلقته ... قولي لها ان تعطيني المفتاح .
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 51
- اصغ الي ايها العزيز ..
ولكنه ابى ان يقاطعه احد .. ومضى يقول :
- انها تعاملني آما لو آنت طفلا .. غير اني اصبحت رجلا .. ومن حقي ان استولي على اسلحة
ريتشارد ، وان اطلق النار على الطيور والقطط ، آما آان يفعل .. بل واطلق النار آذلك على
الناس الذين لا احبهم ..
- هدئ من روعك يا جان ، ولا تنقعل
فقال بعصبية :
- اني غير منفعل ، ولكني لا اريد ان يضايقني احد ، انا الان رب البيت ويجب على الجميع ان
يطيعوني !
- اصغ الي يا عزيزي جان .. اننا جميعا نمر بوقت عصيب ، وحاجيات ريتشارد لن تؤوول الى
احد قبل ان يحضر المحامون ويفضوا الوصية .. ذلك هو الاجراء الذي يتبع عادة عندما يموت
احد الناس ، هل فهمت ؟
قالت ذلك بصوت يفيض لطفا وحنانا ، فهدأت ثائرته واحاط خصرها بساعده ، وقال :
- اني افهم آل ما تقولينه لي .. لاني احبك
- وانا ايضا احبك يا جان !
- انك سعيدة ، لان ريتشارد مات ، اليس آذلك؟
فبهتت واجابت :
- آلا يا جان ، اني غير سعيدة .
فقال بخبث :
- بل انت سعيدة ، لانك تستطيعين الان ان تقترني بجوليان ، انك آنت تريدين الاقتران به منذ
وقت طويل ، اليس آذلك؟ ان الجميع يعتقدون اني لا الاحظ شيئا ولكني الاحظ آل شيء.
وهنا ارتفع صوت مس بنيت في الخارج ..
وهي تصيح :
- جان .. أين أنت؟ فقال الشاب :
- ها هي مس بنيت الحمقاء..
فقالت لورا :
- آن لطيفا معها يا جان .. ان اعباءها ثقيلة ، ومسئولياتها آثيرة ، فحاول ان تساعدها ، ألست
أنت رب الاسرة الان؟
ففرح الشاب وقال :
- حسنا .. سأآوون لطيفا معها ..
وانطلق الى خارج الغرفة
فقالت لورا :
- لم اآن اعلم انه يعرف آل شيء عنا ..
فقال جوليان:
- هذه هي المشكلة مع من آانوا مثله ، انهم لغز لا يعرف الانسان آنهه ، هل هو سهل القياد؟
- ليس في جميع الظروف ، انه سريع الانفعال ، غير اني اتوقع بعد موت ريتشارد الذي آان
يهدده ويضايقه ان يهدأ ويتحسن حاله ويتماثل للشفاء ، وربما يصبح طبيعيا مثل غيره من الشباب
..
لم تسمع لورا وقع اقدام في الشرفة..
ولذا بهتت حين رأت ستارك يطل من باب الحديقة ، وتراجعت خطوة مبتعدة عن جوليان..
قال ستارك بصوته الهادئ المألوف :
- طاب مساؤآما
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 52
وبوغت جوليان الذي لم يكن قد شعر به ،، فاستدار ورآه وأجاب :
- آه. طاب مساؤك يا مستر ستارك..
- آيف تسير الامور ؟ هل آل شيء جميل ومبهج؟
ثم ابتسم ابتسامة ذات مغزى وتابع آلامه :
- أظن اني اتيت في وقت غير مناسب وما آان ينبغي ان ادخل من هذا الباب ، الشخص المهذب
يذهب عادة إلى الباب الرئيسي ويدق الجرس ، ولكني لست شخصا مهذبا ..
فخفت اليه لورا وهي تقول :
- آل ابوابنا مفتوحة لك يا مستر ستارك
فقال وهو يخطو الى الداخل:
- الواقع اني اتيت لسببين..الاول لكي اودعكم فقد وردت برقية من السلطات العليا في ( عبدان )
تزيل آل شك في امري ، وتقول اني رجل مستقيم وعلى خلق عظيم وعلى ذلك فليش ثمة ما
يمنعني من الرحيل ..
فقالت لورا بشعور صادق :
- يؤسفني ان ترحل بهذه السرعة يا مستر واريك
فقال بشيء من المرارة:
- انه لكرم منك ان يكون هذا شعورك بعد ان اقحمت نفسي اقحاما في جريمتكم العائلية..
ونظر اليها طويلا.. ثم استطرد :
- ولكني جئت من باب الحديقة لسبب اخر ذلك اني حضرت مع رجال الشرطة في سيارتهم ،
ولاحظت من حرصهم على الصمت والكتمان ان في الامر شيئا..
فقالت في هلع:
- هل جاؤا مرة اخرى؟
فقال ستارك :
- نعم ..
- ولكني ظننتهم قد انهوا مهمتهم صباح اليوم..
- هذا ما جعلني اعتقد ان وراء الاآمة ما وراءها..
فتحولت لورا الى جوليان .. والتقت عيونهما ..
وفتح الباب في هذه اللحظة ودخلت مسز واريك .. آانت منتصبة القامة ، مرتفعة الرأس ..
متمالكة نفسها تماما ، قائلة :
- أهذه انتي يا عزيزت؟ آنا نبحث عنك
فخف اليها جوليان ليرافقها الى احد المقاعد ، فقالت :
- ما اآرمك يا جوليان .. اتيت مرة اخرى رغم مسؤوليات ومشاغلك الكثيرة..
فاجاب وهو يساعدها على الجلوس:
- آنت اريد القدوم قبل الان.. غير انه آان يوما عصيبا بالنسبة لي ..
ولم يكد يكمل عبارته حتى دخلت مس بنيت وتبعها المفتش حاملا حقيبة اوراقه..
ونظر ستارك الى المفتش آما لو آان يريد ان يقرا خواطره وافكاره ، ثم تنهد واشعل سيجارته
وجلس امام المكتب ..
ولم تمض لحظة اخرى .. حتى دخل رقيب الشرطة ومعه انجل ..
واغلق انجل الباب ..
بينما قال الرقيب محدثا المفتش :
- لم استطع العثور عل ىلاشاب جان واريك
فردت مس بنيت :
- لا بد انه خرج للنزهة
فقال المفتش :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 53
- لا باس فلسنا في حاجة اليه الان
* * *
وساد القاعة بعد ذلك صمت عميق ، وراح المفتش ينقل بصره بينهم واحدا بعد الاخر ..
آانت على وجهه مسحة من الجد والصرامة ، لم يكن لها وجود في الليلة السابقة او في صباح
ذلك اليوم ..
وآان التغيير الذي طرأ عليه واضحا للجميع .. وأخيرا
التفتت اليه مسز واريك وقالت ببرود :
- هل افهم من دعوتك لنا ايها المفتش ان لديك اسئلة اخرى تريد ان تلقيها علينا ؟
- نعم يا مسز واريك
- الم تصلكم بعد انباء عن ذلك الرجل المدعو ماآجريجور؟
- جائتنا انباء عنه يا سيدتي..
فقالت باهتمام :
- هل وجدتموه؟
فقال المفتش :
- نعم ...
وآان رد فعل هذه الاجابة سريعا وواضحا ..
فتبادلت لورا وجوليان نظرة خاطفة ، وبدا عليهما آانهما لا يصدقان ما سمعا ..
اما ستارك فانه تحرك في مقعده بقلق .. غير انه لزم الصمت ..
واما مس بنيت فانها سألت باهتمام :
- هل قبضتم عليه؟
فنظر اليها المفتش طويلا قبل ان يجيب:
- هذا مستحيل يا مس بنيت..
- مستحيل؟ لماذا؟
فقال المفتش :
- لانه مات ...
فهتفت لورا :
- مذا ؟
وامتقع لونهما .. بينما تهالك جوليان على اقرب مقعد ..
قال المفتش :
- لقد مات ماآجريجور في ( الاسكا ) منذ اآثر من عامين
فغمغمت لورا بصوت المحتضر :
- مات !!
فقال المفتش ببطء وهو يضغط على آل آلمة :
- هذا يغير الوضع تماما ، لانه يدل على ان ماآجريجور ليس هو الذي وضع الرسالة بجيب
مستر واريك ، وان واضع الرسالة شخص يعرف آل صغيرة وآبيرة عن قصة ماآجريجور
وحادث نورفولك .
قال هذا ووضع حقيبة اوراقه على احد المقاعد .. واستطرد في حديثه قائلا :
- وهذا الشخص بالتحديد لا بد ان يكون احد افراد الاسرة ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 54
فصاحت مس بنيت :
- آلا .. هذا الشخص لا يمكن ان يكون ..
وصمتت!..
فقال المفتش يستحثها :
- نعم يا مس بنيت؟
ولكنها لزمت الصمت ..
فالتفت المفتش توماس الى مسز واريك فقال:
- ها انت ترين يا سيدتي ان الموقف تغير آليا ..
فاجابت وهي تنهض :
- نعم .. أرى هذا ، هل انت بحاجة الي ايها المفتش ؟
- في الوقت الحاضر لا ..
- شكرا لك ..
واسرع جوليان لمساعدتها على السير ..
بينما فتح لها انجل باب الغرفة ..
وفتح المفتش حقيبة اوراقه واخرج منها المسدس.. ثم حانت منه التفاته .
فرأى انجل يهم بالخروج في اثر سيدته .. فصاح به :
- تعال يا انجل ..
فبهت الخادم ودار على عقبيه وقال :
- نعم يا سيدي ..
فقال المفتش :
- أريد ان احدثك عن هذا المسدس .. انك لم تبد بشأنه رأيا قاطعا صباح اليوم ، فهل تستطيع ان
تؤآد بصفة قاطعة هل هو مسدس سيدك ام لا ؟
فقال انجل :
- لا استطيع ان اؤآد شيئا يا سيدي ، فقد آان لديه عدد آبير من المسدسات ..
فقال المفتش توماس :
- انه مسدس اوروبي الصنع ولعله تذآار من أيام الحرب ..
- آانت لديه اسلحة آثيرة مستوردة ، وآان يعني بها بنفسه ، ولا يسمح لي بأن امسها ..
فتحول توماس الى جوليان وسأله :
- ميجور فارار ، انك طبعا ضابطا بالجيش ولا بد ان لديك مجموعة من الاسلحة التذآارية ، فهل
يدلك هذا المسدس على شيئ؟
فنظر جوليان الى المسدس وهو رأسه سلبا ، وقال :
- آلا ..
فقال توماس وهو يضع المسدس في حقيبته :
- اريد ان اذهب مع الرقيب لالقاء نظرة على اسلحة مستر واريك ، أظن انه آانت لديه تراخيص
بها ؟
فقال انجل :
- نعم يا سيدي .. والتراخيص موجودة في درج مائدة بغرفة نومه ..
وعندما هم توماس بالخروج .. استوقفته مس بنيت قائلة :
- صبرا لحظة . لتك ستحتاج الى مفتاح الدولاب ..
واخرج المفتاح من جيبها ..
فرمقها توماس بنظرة ارتياب وقال :
- لماذا أغلقت الدولاب؟
فاجابت بلهجة الاستنكار ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 55
- ماآان اغناك عن هذا السؤال يا سيدي .. هل توقعت ان اترك الدولاب مفتوحا وبه آل تلك
الاسلحة والذخائر الخطرة؟
فابتسم الرقيب خلسة ..
وقال توماس يدحث الخادم :
- تعال معنا يا انجل ، فقد نحتاج اليك
فتبعه انجل بضع خطوات .. ثم قفل عائدا ، واقترب من جوليان ..
وقال له بصوت خافت :
- بشأن الموضوع البسيط الذي حدثتك عنه يا سيدي ، يهمني جدا ان اعرف جوابك ، وحبذا لو
امكن تسوية الموضوع ..
فقل جوليان على آره منه :
- أظن .. أظن اننا نستطيع التفاهم ..
- شكرا لك يا سيدي ،، شكرا جزيلا ..
واسرع انجل للحاق بالمفتش .. ولكن جوليان استوقفه بقوله :
- آلا .. انتظر ..
ثم صاح يدعو المفتش :
- مستر توماس .. ايها المفتش توماس ..
ولم يكن توماس قد ابتعد .. فقفل عائدا وسأل :
- هل دعوتني يا ميجور؟
- نعم ، قبل ان تنغمس في اعمالك الروتينية ، اريد ان اقول لك شيئا آان يجب ان اشير اليه
صباح اليوم ، ولكننا جميعا آنا في حالة يرثى لها من الاضطراب والانزعاج ..
لقد قالت مسز لورا في التو واللحظة انك وجدت على المائدة بعض بصمات يهمك انت تعرف
صاحبها ، هذه البصمات يحتمل جدا ان تكون بصماتي ايها المفتش ..
فصعده توماس بعينه ..
ثم اقترب منه ببطء..
وقال بلهجة فيها معنى الاتهام :
- هل آنت هنا ليلة امس يا ميجور فارار؟
- نعم ، اني اتيت آما تعودت احيانا ان افعل بعد العشاء لكي اتجاذب اطراف الحديث مع ريتشارد
فسأه توماس :
- ووجدته ؟
فقال جوليان :
- وجدته مهموما ضيق الصدر ، ولذا لم امكث طويلا ..
- آم آانت الساعة وقتذاك يا ميجور؟
- في الحق لا اذآر ، ربما آانت العاشرة او العاشرة والنصف ،، حوالي ذلك ..
فسأله توماس :
- ألا تستطيع تحديد الوقت بشيء من الدقة ؟
- انا اسف ، لا اظنني استطيع .
فقال توماس :
- هل قام بينكما خلاث ، او تبادلتما بعض الالفاظ الخشنة ؟
فاجاب بسرعة :
- اطلاقا ..
ثم نظر الى ساعته وقال :
- لقد تأخرت، اني على موعد لالقاء خطاب انتخابي في دار البلدية ، ارجو المعذرة ..
واسرع للانصراف من باب الحديقة .
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 56
فقال المفتش وهو يتبعه الى الباب :
- آلا .. لا ينبغي ان تتخلف عن موعدك وانما يجب ان احصل منك على اقرار عن تحرآاتك ليلة
امس ، وليكن ذلك غذا صباحا اذا شئت وانما ارجو ان يكون مفهوما ان هذا الاقرار اختياري
وليس الزاميا وان بوسعك ان تصطحب معك محاميك اذا شئت ..
وآانت مسز واريك قد اقبلت منذ لحظة وسمعت المفتش يتطلم ، فوقت بالباب تنصت ..
ثم دخلت .. وترآت الباب مفتوحا ..
أما جوليان فانه فهم ما ينطوي عليه آلام المفتش من مغزى..
تنهد وقال :
- حسنا .. فهمت ، فليكن لقاؤنا غدا في الساعة العاشرة صباحا وسيكون محامي معي
وخرج الى الشرفة .. ومنها الى الحديقة ..
وتحول الممتفش الى لورا وسألها :
- هل رأيت الميجور فارار ليلة امس؟
فأسقط في يدها .. فلم تدر ماذا تقول :
أجابت متلعثمة :
- أنا .. أنا .. في الواقع اني ..
وفجأة وثب ستارك من مقعده ومشى بخطى واسعة وقف بين المفتش ولورا ، فقال :
- لا أظن ان مسز لورا على استعداد للاجابة على اية اسئلة في هذه اللحظة ..
فصاح توماس في غضب :
- حقا؟ وما شأنك انت في هذا يا مستر ستارك؟
فأجابت مسز واريك :
- ان مستر ستارك على حق ..
فنظر ستارك الى المفتش توماس وابتسم .. وعض هذا على شفته وغادر الغرفة ..
وتبعه الرقيب وانجل ...
وعندئذ نظرت لورا الى مسز واريك وقالت :
- آان يجب ان اتكلم ماذا سيظن الان؟
فردت العجوز :
- ان مستر ستارك على حق يا لورا .. آلما قل آلامك الان ، آان هذا افضل ..
ثم اطرقت برأسها وتمتمت :
- يجب ان نتصل بمستر ادمز فورا،.
ونظرت الى ستارك واستطردت تقول :
- ان مستر ادمز هو محامي الاسرة ، اتصلي به الان يا مس بنيت.
فاسرعت مس بنيت الى التلفون .. ولكن العجوز استوقفتها وقالت :
- آلا .. اتصلي به من الوصلة التي بالطابق الاول .. اذهبي معها يا لورا ..
فنهضت لورا .. ولكنها وقفت مترددة .. فقالت العجوز :
- اريد ان اتحدث مع مستر ستارك على انفراد ..
- ولكن ..
- اطمئني يا عزيزتي ، سيكون آل شي على ما يرام
وما ان خرجت لورا ، وتبعتها مس بنيت ، واغلقت هذه الاخيرة الباب حتى استدارت العجوز
نحو ستارك ، وراحت تتحدث اليه بسرعة وانما بوضوح تام..
قالت :
- لا ادري هل سيتسع الوقت لحديثنا ام لا .. اني اريدك ان تساعدني يا مستر ستارك ..
- آيف؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 57
فتريثت العجوز قليلا ..
ثم قالت :
- انك شخص ذآي وغريب عنا جئتنا من حيث لا ندري .. ودخلت حياتنا .. اننا لا نعرف شيئا
عنك ، وانت لا شأن لك بأحد منا ، فانت غريب عنا بكل ما في هذه الكلمة من معنى ..
فقال وعلى شفتيه ابتسامة حزينة :
- أنا الزائر غير المنتظر .. فقد قيل لي ذلك قبل الان ..
فردت العجوز :
- ولأنك غريب عنا ، سأرجوك ان تفعل شيئا من اجلي ..
وقالت عذا وسارت ببطء الى الشرفة ، ونظرت يمينا ويسارا .. ثم عادت ادراجها ..
فقال ستارك :
- انني في خدمتك يا مسز واريك ..
فأجابت العجوز :
- حتى هذا المساء آان هناك تفسير معقول لمأساة التي حدثت في هذا البيت ، رجل فقد طفله ،
فجاء وانتقم ممن آان سببا في مصرع الطفل .. حادث ميلودرامي ، ولكنه ليس نادر الوقوع ..
ونحن نقرأ احيانا عن حوادث مماثلة ..
- تماما..
- وانما هذا التفسير اصبح غير ذي موضوع وثبت بصفة مؤآدة ان قاتل ابني لا بد ان يكون احد
افراد الاسرة ..
وتنهدت..
واستطرت تقول :
- هناك شخصان انا على يقين انهما لم يطلقا الرصاص على ابني .. هذا الشخصان هما زوجته
ومس بنيت ،، فقد آانتا معا عندما دوى الطلق الناري ..
فرمقها ستارك بنظرة سريعة وقال :
- هذا صحيح
واآملت العجوز :
- ولكن رغم انه ليس من الممكن ان تكون لورا قد قتلت زوجها ، الا انه من الممكن انها تعرف
القاتل ..
- اي انها آانت شريكته؟ اي اتفقت مع جوليان على الجريمة؟ أهذا ما تعنينه؟
فردت العجوز :
- أنا لا اعني هذا ، ان جوليان لم يطلق الرصاص على ابني
- آيف تأآدت من ذلك ؟
- أنا متأآدة ، سأقول لك انت الغريب ما لا يعلمه احد من افراد اسرتي ، اني امرأة أيامها معدودة
..
- أنا آسف ..
فاسكتته باشارة من يدها وقالت :
- لم أقل هذا لاستدر عطفك وشفقتك ، وانما قلته توضيحا لموقف يتعذر توضيحه بغير ذلك ،
هناك ظروف تحتم على الانسان ان يتخذ قرارا ما آان بيتخذه لو ان امامه فسحة من العمر ..
- مثل؟
فأجابت العجوز :
- سأقول لك شيئا عن ابني يا مستر ستارك ، اني آنت احبه من آل قلبي .. آان في طفولته
ويفاعه يتميز بكثير من الصفات الرائعه ، آان ناجحا وذآيا وشجاعا ، ومرحا .. وانما هذه
الصفات الطيبة ، آان يقابلها بعض العيوب ، آالقسوة والبجاحة والتمر على القيود ، بيد ان
محاسنه آانت ارجح من سيئاته ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 58
الا انه بفطرته ، ونشأته وتكوينه لم يكن الانسان الذي يستطيع الصمود للنكبات ..
ولقد راقبته عن آثب في السنوات الاخيرة ولاخظت انه ينحدر يوما بعد يوم نحو القاع ..
وصمتت قليلا ..
ثم قالت :
- اذا قلت انه اصبح وحشا .. فقد تظن اني ابالغ .. والواقع انه آان في بعض النواحي وحشا بكل
مافي هذه الكلمة من معنى ، آان وحشا في قسوته ، وفي آبريائه ، وفي انانيته .. ولانه اوذى في
صحته وجسده .. فقد تملكته رغبة شيطانية في ايذاء الاخرين ، وهكذا بدأ الاخرون يعانون
ويتعذبون بسببه .. هل فهمتني ؟
فأجاب ستارك :
- اظن اني فهمت
- والان .. ارد ان تعلم اني لا اآن للورا سوى الحب والتقدير ، انها تمتاز بالذآاء والشجاعه ،
ودماثة الخلق ..
وقدرتها على الاحتمال لا حدود لها .. وانا لست على يقين من انها احبت ريتشارد حين تزوجته ،
او بعد ان تزوجته ، ولكني اؤآد لك انها فعلت اقصى ما تستطيع زوجة ان تفعله لتخفيف الام
زوجها ، ولكي تجعل من مرضه وعجزه شيئا محتملا ..
غير انه آان يضيق بها ويرفض معونتها وآان يخيل الي احيانا انه يكرهها وذلك رد فعل طبيعي
اآثر مما نتصور ..
ولهذا اعتقد انك ستفهم ما اعني حين اقول لك ان ما آان لابد منه قد حدث.. فقد وقعت لورا في
حب رجل اخر ، وبادلها الرجل حبا بحب ..
فسألها ستارك :
- ولكن لماذا تقولين لي آل ذلك ؟
فأجابت بحزم :
- لانك غريب عنا .. وحوادث الحب والكراهية في هذا البيت لا تعني شيئا بالنسبة لك .. وفي
مقدورك ان تسمعها دون ان تتأثر بها ..
فتنهد وتمتم بصوت خافت :
- ربما ..
ومضت العجوز في حدثها ، وقالت :
- وهكذا جاء وقت بدا فيه ان شيئا واحد فقط يمكن ان يحل جميع المشكلات وهو موت ريتشارد
..
فقال ستارك مستفهما :
- ولهذا مات ريتشارد ؟
فردت العجوز :
- نعم ..
وساد صمت قصير . .
ثم نهض ستارك فاطفأ سيجارته وقال في هدوء :
- معذرة عن صراحتي يا مسز واريك ، ولكن هل هذا اعتراف منك بارتكاب الجريمة ؟
فقالت بحدة :
- سألقي عليك سؤالا . هل تعتقد ان من يمنح الحياة له الجق في ان يقتلها؟
ففكر في ذلك واجاب :
- لقد سمعنا عن امهات قتلن اولادهن ، ولكن بدافع الانانية في ابشع صورها ، آالحصور على
مبلغ التأمين او التخفيف من اعباء الامومة ، هل موت ريتشارد يفيدك ماليا؟
فردت العجوز :
- آلا ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 59
- معذرة عن صراحتي ..
- هل فهمت ما اريد قوله ؟
- اظن اني فهمت ، تريدين ان تقولي ان الام يمكن ان تقتل ابنها ، وانه من الممكن ان تكوني قد
قتلت ابنك ، ولكن هل هذا مجرد نظرية ام حيقية ؟
- اني لا اعترف بشيء ، ولكني فقط اطرح امامك وجهة نظر ، وقد تطرأ ظروف حين لا اآون
على قيد الحياة لاحسمها ولذا اريدك ان تأخذ هذا ..
واخرجن من جيبها مظروفا قدمته اليه ، فقال :
- آل هذا حسن ،ولكني لن اآون هنا ، اني سأعود الى ( عبدان ) لمباشرة عملي ..
- ان عبدان ليست في عزلة عن العالم ولا بمنأى عن المدينة لا بد ان بها صحفا واذاعة..
- نعم ، نعم .. آل هذا موجود فيها ..
فتمتمت العجوز :
- احتفظ اذن بهذا المظروف ، هل قرأت العنوان ؟
فنظر الى المظروف وقرأ العنوان : ( إلى مدير الشرطة ) ..
ثم قال :
- الحق انك بارعة آل البراعه في آتمان اسرارك ، فانا لا اعرف بوضوح ماذا في ذهنك ، او
ماذا يدور بخلدك ، هناك امران لا ثالث لهما ، اما انك ارتكب الجريمة بنفسك ، واما انك تعرفين
من ارتكبها ، فهل انا على صواب؟
- لا اريد مناقشة هذا الموضوع ..
- ولكني اشعر بفضول شديد الى معرفة ما يدور بخلدك ..
- يؤسفني اني لا استطيع ان اشبع فضولك ، اني آما قلت امرأة تعرف آيف تكتم اسرارها جيدا ..
فحاول ستارك الوصول الى هدقه من زاوية اخرى قال :
- هذا الرجل الذي آان يقوم على خدمة ابنك ..
- تعني انجل؟
- نعم ،، هل تحبينه ؟
- آلا .. ولكنه آفء في عمله .. ولم يكن ريتشارد مريضا سهل القياد ..
- ألم يكن انجل يضيق به ؟
- ولماذا؟ فثد آان ريتشارد يكافئه بسخاء..
- هل آان ابنك يعرف عن ماضي انجل ما يشينه ؟
- تعني شيئا آان يمكن ان يهدده به ؟
- نعم
- لا اظن
- آنت اتسائل عما اذا آان انجل ؟
- اذا آان هو الذي قتل ابني؟ اني ارتاب في هذا ، اني اتراب في هذا آثيرا ..
فتنهد ستارك وقال :
- ارى انك لم تقعي في الفخ ، وهذا يبعث على الاسف ، ولكن ما باليد حيلة ..
فتهضت العجوز وهي تقول :
- شكرا على انك افسحت لي صدرك يا سيدي ..
وانبعثت واقفة .. ومدت يدها ..
واستغرب ستراك حين رآها تنهي الحديث فجأة ، غير انه تناول يدها وشد عليها بقوة ..
ومشت الى الباب ..
فتبعها ، واغلق الباب بعد انصرافها . ..
ثم هز رأسه وتمتم قائلا :
- يا لها من امرأة
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 60
ونظر الى المظروف وقرأ عنوانه مرة أخرى ... ( إلى مدير البوليس ) ..
وارسل بصره عبر باب الحديقة ، وتساءل
" ترى ماذا آتبت العجوز في رسالتها الى مدير البوليس واي شخص اتهمت بقتل ابنها ؟ "
وانه يفكر في هذا ويضرب اخماسا لاسداس ، اذا بباب الغرفة يفتح وتدخل مس بنيت ...
آانت دلائل القلق والانزعاج تبدو على محياها ..
ابتدرته بقولها :
- ماذا قالت لك ؟
فبهت ستارك وهتف :
- من تعنين؟
- مسز واريك ، ماذا اخبرتك ؟
- اراك منزعجة ، لماذا؟
- لاني اعرف ماذا يمكنها ان تفعل
- ماذا يمكنها؟ ان ترتكب جريمة قتل؟
- هل هذا ما اردت ان تقتعك به ؟ هذا ليس صحيحا ، يجب ان تدرك انه ليس صحيحا ..
- انه جائز
- اؤآد لك انه ليس صحيحا
- لماذا ؟
فقالت وهي تتهالك على احد المقاعد :
- لاني اعلم .. هل تظن ان هناك شيئا لا اعلمه عن هؤلاء الناس؟ اني اعمل معهم منذ سنوات
عديدة ، ويهمني امرهم جميعا ..
- بما فيهم ريتشارد واريك !
- اني آنت احبه في وقت ما ..
وصمتت ..
فقال وهو يتفرس فيها :
- امضي في حديثك ..
فردت مس بنيت :
- آلنه تغير ، تغيرت عقليته ، واختل تفكيره ، فكان في بعض الاحيان شيطانا مريدا ..
- الجميع متفقون في هذا ..
- ليتك عرفته آما آان قبلا ..
فقال ستارك :
- انا لا اصدق ذلك .. فالناس لا يتحولون الى النقيض على هذا النجو ..
فأجابت مس بنيت :
- انه تحول الى النقيض
فصاح ستارك وهو يذرع ارض الغرفة :
- آلا .. آلا .. انه لم يتحول ، انك لم تفهمي الامر على حقيقته ، الحقيقة انه آان في قرارة نفسه
دائما شيطانا ..
انه احد اولئك الناس الذين لا يظهر معدنهم الحقيقي الا حينما يتخلى الحظ عنهم . . فهو سعيد
ومعقول طالما هو ناجح وفي مقدوره ان يصل الى ما يريد ..
فاذا قلب له الدهر ظهر المجن ،، يسطر عليه الشر وطغت القسوة التي آانت ترسب في اعماقه ..
آانت القسوة دائما هناك .. واراهن انه آان فظا وهو طالب في المدرسة ..
احبته النساء ، لان النساء دائما يحببن الاجلاف ..
واحب هو الصيد والقنص لانه وجد فيها متنفسا لقسوته ولعه بتعذيب الاخرين ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 61
تلك هي انطباعاتي عنه ، على ضوء ما قاله الاخرون ..
ولعله استطاع ان يظهر امام الناس في صورة الرجل الكريم الناجح المهذب ..
ولكن الضعه والقسوة والنذاله آانت هناك دائما ..
وآل ما حدث عندما اصيب هو ان الواجهو الجميلة البراقة تحطمت وانهارت فظهر هو على
حقيقته ..
فقالت مس بنيت وهي تنهض :
- لا اعلم بأي حق تكلم هكذا .. انك غريب عن هذا البيت ولا تعرف شيئا عنه ..
فأجاب ستارك :
- بل أعرف عنه الكثير ، لاني سمعت الكثير ، آل واحد هنا آان يريد التحدث الي لسبب او لآخر
.
- هذا صحيح ، وهأنذا اتحدث اليك ، هل تعرف لماذا؟ لان احدا منا لا يجرؤ على التحدث الى
الاخرين .. ثم نظرت اليه متوسلة وقالت :
- آم اتمنى الا ترحل ..
فقال بتؤذة :
- الواقع اني لم افعل شيئا ذا اهمية .. آل ما فعلته هو اني دخلت هذا البيت بغير استئذان ..
واآتشفت وجود جثة رجل مقتول ..
- أنا ولورا اآتشفنا الجثة ..
وتمهلت قليلا ..
ثم قالت مستدرآة :
- بل أطن ان لورا وحدها التي اآتشفتها
فنظر اليها وابتسم وقال :
- انت امرأة ذآية يا مس بنيت .
- انك تصديت لمساعدتها ، اليس آذلك ؟
- انت تتوهمين اشياء لم تحص ..
- آلا .. الواقع اني لا اريد للورا سوى السعادة .. اريدها ات تكون سعيدة جدا ..
فتحول اليها وقال بحدة :
- انا ايضا اريد لها السعادة ..
- في هذه الحالة ..
ولم تتم عبارتها ..
فقد سمعا وقع اقدام في الشرفة ..
وشاهدا جان يعبث بمسدس ، فافلتت من فم مس بنيت آهه ذعر ، ولكن ستارك رفع اصبعه الى
فمه محذرا ..
وهمس قائلا :
- صه ..
ثم اقترب من جان وسأله :
- ماذا تفعل يا جان ؟
ولم تطق مس بنيت صبرا ..
واسرعت الى الشاب وهي تصيح :
- اعطني هذا المسدس يا جان .
ومدت يدها لتتناول المسدس ، ولكن الشاب قهقه ضاحكا وانطلق يعدو في الحديقة وهو يصيح :
- تعالي خذيه ان استطعتي ..
فانطلقت في اثره وهي تصرخ :
- جان . جان ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 62
ووقف ستاارك يراقبهما من بعيد ..
وهم بالخروج الى الشرفة ولكنه سمع صوت باب الغرفة يفتح ، فاستدار فرأى لورا ..
نظرت لورا حولها وسألت :
- أين المفتش اذن؟
فأشار ستارك باصبعه نحو الطابق الاول ، فقالت :
- اريد التكلم اليك يا مايكل ، ان جوليان لم يقتل ريتشارد ..
فقال ببرود :
- احقا ؟ هل لك ذلك ؟
- الا تصدقني؟ هذه هي الحقيقة ..
- لعلك تريدين ان تقولي ان هذا ما تعتقدين انه الحقيقة ..
- انا اعلم انها الحقيقة ، انه آان يظن اني قتلت ريتشارد .
- لا غرابة في ذلك ، انا ايضا ظننت هذا
- انه صدم عندما ساوره الشك في اني ارتكتبت الجريمة ، وتغير شعوره نحوي تماما ..
فارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وقال :
- هذا في حين انك عندما ظننت انه هو القاتل ، آنت على اتم استعداد لتحمل المسؤولية آلها ..
ثم هز رأسه واستطرد قائلا :
- الحق انك امرأة رائعة ، وآن ماذا حمله على الادلاء بهذا الاعتراف المدمر ، لماذا اعترف بانه
آان هنا ليلة امس .. لا شك ان السبب ليس حبه للحقيقة وحرصه على اعلانها ..
فأجابت لورا :
- السبب هو انجل ، فقد رأى ، او زعم انه رأى جوليان هنا ..
- الواقع اني اشتممت رائحة ابتزاز ، وآنت اشعر بنفور من هذا الرجل المدعو انجل ..
فتمتمت لورا :
- فقد قال انه رأى جوليان ينصرف مسرعا عقب انطلاق الرصاصة .. يا إلهي ، آم انا خائفة ،
انني اشعر بالحلقة تضيق من حولنا ..
وتهالكت على أحد المقاعد ،،
فاقترب منها ، وقال وهو يضع يديه على آتفيها :
- آلا .. لا تخافي سيكون آل شيء على ما يرام ..
فصاحت في يأس :
- ولكن آيف ، آيف؟
فقال وهو يسير نحو باب الشرفة :
- اؤآد لك ان آل شيء سيكون على ما يرام ..
فقالت لورا :
- هل سنعرف يوما ما من قتل ريتشارد ؟
فنظر ستارك الى الحديقة آمن يرى شيئا مسليا ..
ثم قال :
- ان مس بنيت على يقين من انها تعرف ..
فتنهدت لورا وقالت :
- مس بنيت تصيب حينا وتخطئ احيانا ..
فمد ستارك يده نحوها ..
وقال وهو لا يزال يطل على الحديقة :
- تعال .. بسرعة . .
فهرولت اليه .. وامسكت بيده ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 63
قال وهو يراقب ما يجدث في الحديقة :
- نعم يا لورا ،، هذا ما ظنته .
- ماذا ؟
- - صه ..
ودخلت مس بنيت مسرعة ، وقالت وهي تلهث :
- مستر ستارك .. لورا .. اخرجا بسرعة .. الى الغرفة المجاورة ،، المفتش هناك ..
فهرول ستارك ولورا الى الغرفة المجاورة ...
* * *
بينما نظرت مس بنيت الى الحديقة وقالت :
- تعال ، تعال يا جان وآفى مضايقة ..
فدخل جان من باب الشرفة ببطء . وفي عينيه نظرة تجمع بين التمرد والانتصار ..
وسألته مس بنيت وهي تشير الى المسدس الذي بيده :
- آيف حصلت على هذا ؟
فأجاب وهو يبتس بدهاء :
- هل ظننت انك آنت بارعة حين اغلقت الدولاب؟ فقد وجدت مفتاحا يفتحه واخذت هذا المسدس
، وسوف استعمله في اطلاق الرصاص آما آان يفعل ريتشارد .
قال ذك وصوب المسدس نحوها فجأة واردف :
- حذار يا مس بنيت ، فقد اطلقه عليك ..
فأجفلت ..
ولكنها قالت في هدوء :
- لا شك انك لن تفعل هذا يا جان .. أنا واثقة من انك لن تفعل ..
فظل يصوب المسدس نحوها لحظة ..
ثم خفصه ..
وتنهدت المرأة واطمأنت قليلا ..
وقال جان بلطف :
- آلا يا مس بنيت ، لن افعل هذا ..
- هذا لانك اصبحت رجلا الان ، ولن تتصرف آالصغار .. اليس آذلك ؟
فأجاب وهو يجلس امام المكتب :
- نعم انا رجل الان ، وبعد موت ريتشارد اصبحت الرجل الوحيد في الاسرة ..
- ولهذا آنت على يقين من انك لن تطلق الرصاص علي ، انك لن تطلقه الا على العدو ..
- طبعا ،،
فقالت وهي تقترب من المكتب بحذر :
- خلال الحرب آان رجال المقاومة اذا قتل واحدا من الاعداء حفر علامة في ماسورة مسدسه ..
فنظر جان الى ماسورة المسدس وقال :
- أحقا؟ هل آانت على مسدساتهم علامات آثيرة ؟
- نعم ، بعضهم آانت على مسدساتهم علامات آثيرة
- يا لها من لعبة مسلية
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 64
- وطبعا آان بعضهم ينفر من القتل ، بينما آان البعض الاخر يستطيبه ويتلذذ به ..
- مثل ريتشارد
- نعم ، آان ريتشارد يحب قتل الحيوان والطير ، فهل انت آذلك يا جان ؟
فاخرج جان من جيبه مطواة ، وراح يحفر بها علامة على فوهة المسدس ..
وقال ببساطة :
- ان القتل متعة
فقالت مس بنيت :
- انك لم تشأ ان يبعث بك ريتشارد الى احد المصحات .. اليس آذلك ؟
فقال جان :
- آان دائما يهدد بابعادي من هنا ، فقد آان وحشا
فقالت مس بنيت وهي تدور حوله ببطء :
- اذآر انك قلت له مرة بانك ستقتله اذا حاول ابعادك
- هل قلت له ذلك حقا !
فقالت مس بنيت :
- ولكنك لم تقتله
- آلا .. انا لم اقتله
- آان ذلك ضعفا منك
فقال جان :
- أحقا ..
- نعم .. لانك هددته بالقتل ولم تنف تهديدك ، اذا حاول انسان ان يسجنني في مصحة فاني لن
اتردد في قتله ..
فرد جان :
- أنا ايضا افعل ذلك
فقالت في دهاء :
- هذا مجرد آلام ، لانك لم تقتله ، بل قتله ضخص اخر
فسأل جان :
- من قال ان شخصا اخر قتله ، ربما اآون انا الذي قتلته ..
فقالت مس بنيت :
- آلا ، لا يمكن ان تكون قد قتلته .. لانك آنت مراهقا صغيرا ولا تجرؤ على القتل ..
فوثب من مقعده وصاح :
- اتظننين اني لم اآن اجرؤ ؟ اهذا ما تظنينه ؟
- طلعا لم تكن تجرؤ على قتل ريتئارد ، آان لا بد ان تكون آبيرا وشجاعا لكي تفعل ذلك ..
فقال وهو يضحك :
- انك لا تعرفين شيئا يا مس بنيت
- هل هناك شيء لا اعرفه ؟ اتضحك مني يا جان ؟
فقال جان :
- نعم ، اضحك منك لاني ابرع منك
ثم استدار اليها فجأة وقال :
- اني اعرف اشياء لا تعرفينها ..
فأجابت مس بنيت :
- مالذي تعرفه ولا اعرفه؟
فارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة وجلس دون ان يجيب ..
فقالت وهي تقترب منه :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 65
- الا تريد ان تحبرني ؟ الا تثق بي .. ؟
فأجاب في مرارة :
- لا يجب ان يثق الانسان في احد ..
- لقد بدأت الان اشعر بأنك بارع ، وان هناك أشياء لا اعرفها
- هل بدأت تدرآين مدى براعتي؟
فتمتمت مس بنيت :
- نعم ، هل هناك اشياء آثرة اخرى لا اعرفها عنك ؟
فرد جان بهدوء :
- أشياء آثيرة جدا ، ثم اني اعرف اشياء آثيرة عن آل واحد هنا ، ولكني لا اتكلم ، اني في بعض
الاحيان استيقظ ليلا واتجول في البيت فأرى واسمع غير اني لا اتكلم ..
- لابد انك تعرف الان آثيرا من الاسرار الخطيرة ..
فضحك وقال :
- أعرف اسرارا سيقف شعر راسك ذعرا اذا حدثتك عنها ..
فردت وهي تتفرس في وجهه :
- ذعرا منك يا جان
فقال جان متمهلا :
- نعم مني أنا ..
- انني لم اآن اعرفك على حقيقتك يا جان ، اما الان فانني بدأت افهمك ..
فقال وقد اثمله الاطراء :
- لا أحد يعرفني على حقيقتي او يعرف ما استطيع عمله .. مسكين ريتشارد ، آان يجلس هنا
آالابله ويطلق الرصاص على الارانب الحمقاء ..
ثم انثنتى الى مس بنيت قائلا :
- ترى ، هل خطر بباله ان شخصا ما قد يطلق عليه الرصاص هو ايضا ؟
- طبعا لا ، وقد اخطأ اذ لم يفعل في ذلك .
- نعم ، انه اخطأ آثيرا ، وآان اآبر اخطائه انه اراد ان يبعدني غير اني عرفت آيف امنعه ،،
- احقا . ؟ ماذا فعلت آي تمنعه
فنظر اليها بخبث ودهاء . .
ثم هز آتفيه واجاب :
- لن اخبر احدا
- ربما آنت على حق ، اني اعرف ماذا فعلت آي تمنعه ، ولكني لن اقول لاحد ، آي يظل سرك
في حرز امين ..
- نعم انه سري وحدي ..
ثم تألقت عيناه وقال :
- لا أحد يعرفني على حقيقتي .. اني خطير .. ويحسن بالجميع ان يحذروني ...
- ان ريتشارد لم يكن يعرف مدى خطورتك ، ولا شك انه دهش ..
- دهش؟ وايه دهشة ! فقد امتقع وجهه ، ثم سقط رأسه فوق صدره ، وسال الدم على قميصه ولم
يتحرك بعدئذ ، فقد منعته من تهديدي ، فلن يهددني احد بعد الان ..
ثم اقترب من مس بنيت ..
وقال وهو يعرض المسدس امامها :
- انظري ، لقد وضعت علامة على ماسورة المسدس ..
- هذا امر مثير ، دعني أرى ..
ومدت يدها لتتناول المسدس ، ولكنه آان اسرع منها فتراجع خطوة وقال :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 66
آلا ، لن اسمح لاحد بأن يأخذ مسدس ، واذا حاول رجال البوليس ان يقبضوا علي فسأطلق عليهم
الرصاص ..
فردت مس بنيت :
- لا ضرورة لذلك ، لا ضرورة اطلاقا ، فأنت ماهر جدا ، فلن يساورهم شك في امرك ..
فضحك وقال :
- انهم بلهاء ، بلهاء جدا ، بل واآثر بلاهة من ريتشارد ..
وصوب المسدس نحو المقعد المتحرك الذي آان يجلس عليه اخوه ،،
وفي هذه اللحظة ، فتح الباب ودخل المفتش والرقيب ..
وما أن رآهما جان حتى دار على عقبيه .. ووثب نحو الشرفة ، بينما ارتمت مس بنيت على احد
المقاعد واجهشت بالبكاء .
وصاح المفتش بالرقيب :
- اسرع خلفه ، ولا تدعه يفلت منك ..
فانطلق الرقيب في اثر جان ..
ودخل ستارك ولورا ..
وتبعهما انجل ..
ثم ظهرت مس واريك على عتبة الباب بقامتها الطويلة المستقيمة ، ووجها الجامد الذي لا يعبر
عن شيء ..
واقبل المفتش على مس بنيت .. وقال لها بلطف وهو يربت على آفتها :
- خيرا ما فعلت يا مس بنيت .. هدئي اعصابك ورفهي عنك ، ولا تحزني ..
فقالت بصوت متهدج :
- آنت اعلم منذ البداية ، اني اعرف جان آما لا يعرفه احد سواي ، آان ريتشارد يتحداه ويثيره
بلا هواده ، وقد لاحظت في الفترة الاخيرة ان جان اصبح انسانا خطرا ..
فهافا لورا في حزن وجزع:
- جان .. مستحيل !
- وارتمت على مقعد امام المكتب ..
ونظرت مسز واريك الى مس بنيت مؤنبة ..
وقالت تعاتبها :
- لماذا فعلت هذا يا مس بنيت ؟ لماذ؟ ظننت انك ستكونين مخلصة على الاقل .
فقالت مس بنيت بلهجة التحدي :
- هناك ظروف تكون فيها الحقيقة أهم من الاخلاص ، انك لم تلاحظي ولا احد لاحظ انه يزداد
خطورة يوما بعد يوم ، انه شاب لطيف ولكن ..
وغلبها الحزن ..
فلم تكمل عبارتها ..
وتقدمت مسز واريك ببطء وحزن وجلست على أحد المقاعد ..
فقال المفتش :
- ان امثاله يصبحون خطرا على انفسهم وعلى سواهم عندما يصلون الى سن معينه ، انهم يفقدون
الادراك والتمييز والسيطرة على انفسهم ، وعلى تصرفاتهم ..
ثم التفت الى مسز واريك وقال :
- لا تبتئسي يا سيدتي .. فانني اعدك بانه سوف يعامل برفق وعطف .. ان موقفه واضح ، شاب
متخلف عقليا وغير مسؤل عما يفعل ..
وهذا معناه انه سوف يحجز في مكان تتوفر فيه اسباب الراحة ووسائل العلاج ، وهو ما آنتم
ستفعلونه به على اي حال ان عاجلا او آجلا ..
فقالت مسز واريك :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 67
- نعم .. نعم .. انك على حق ..
ثم التفتت الى مس بنيت وقالت :
- أنا آسفة يا مس بنيت .. انك قلت ان لا أحد آان يعرف انه اصبح خطرا . أنا آنت أعرف ،
ولكن لم يكن في استطاعتي ان افعل شيئا ..
فقالت مس بنيت :
- آان لابد ان يفعل احد شيئا...
وهنا سمعوا صوت طلق ناري فوجموا ، وجمدوا في أماآنهم لحظة ..
ونظر بعضهم الى بعض ..
ثم اندفع الرجال نحو الشرفة ..
ولكنهم ما آادو يبلغونها حتى سمعوا صوت طلق اخر ..
وصرخة مخيفة ...
آصرخة وحش جريح ..
جعلت الدم يجمد في عروقهم ....!
قبل ان يتبين المفتش والحاضرون مصدر الطلقين والصرخة ، برز الرقيب من بين اشجار
الحديقة وهو يترنح ..
آان ممسكا بيده اليسرى ، والدم ينزف منها بغزارة ..
فصاح به المفتس :
- ماذا حدث؟
ولم يجب الرقيب على الفور ، ورأى المفتش من تقلص وجهه انه يتألم ، فخف اليه ، وأحاطه
بساعده ، وعاونه على ارتقاء درج السلم المؤدي الى الشرفة ..
ثم اجلسه على أحد المقاعد وقال لانجل :
- علي بضمادة اعصب بها جرحه ..
فغادر الخادم الغرفة مسرعا ..
بينما قال ستارك :
- هل ادعو سيارة الاسعاف؟
فقال الرقيب وهو لا يزال يتألم :
- آلا .. لا ضرورة لذلك ، انه جرح بسيط !
فسأله المفتش :
- ماذا حدث؟
وتعلقت الانظار بشفتي ارقيب..
فقال هذا :
- اني عدوت خلفه ، وآان الضباب قد بدأ ينتشر ، فراح يحاورني بين اشجار الحديقة ، ثم اطلق
علي رصاصة اصابت يدي ، ولكني واصلت مطاردته وانقضضت عليه لانتزع المسدس من يده
فانطلقت من المسدس رصاصة اصابت قلبه وقتلته ..
فوضعت لورا يدها على فمها لتمنع صرخة آادت ان تفلت منها ، ثم سارت مترنحه حتى تهالكت
على مقعد امام المكتب ...
أما مس بنيت ، فانها اجهشت بالبكاء بصوت مسموع ..
وعاد انجل بالضماده ..
فتناولها المفتش وقال وهو يعصب يد الرقيب :
- هل أنت واثق من انه مات ؟
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 68
- نعم يا سيدي ..
ثم هز رأسه في أسى وقال :
- مسكين هذا الصبي ، آان يحاورني بين أشجار الحديقة ويضحك آما لو آان الامر آله مجرد
مزحة .
- وأين هو ؟
- تعال أدلك على مكانه ..
- آلا ، خير لك ان تبقى هنا
- اني احسن حالا الان ..
ونهض واقفا ، ومشى الى الشرفة ..
ونظر المفتش الى من جوله وقال :
- اني جد آسف على ما حدث ، ولكن لعل ذلك هو أفضل الحلول !
وغادر المكان في أثر الرقيب ..
وهزت مسز واريك رأسها في حزن .. تمتمت قائلة :
- أفضل الحلول ..!
فصاحت مس بنيت :
- نعم .. نعم .. ذلك أفضل الحلول ، انه جنبي الصبي آثيرا من المتاعب ..
ثم اسرعت الى مسز واريك ، وقاتل وهي تأبط ذراعها لتساعدها على السير :
- هلمي ايتها العزيزة ، آفا ما عانيت اليوم .
وقبل ان تغادر مسز واريك الغرفة ، لحق بها ستارك وقال وهو يخرج المظروف من جيبه :
- اظم انه يحسن بك الان ان تستردي هذا ..
- نعم ، نعم ... لم تبق له ضرورة الان ..
وانصرفت مسز ورايك ومس بنيت ، ولم يبق بالغرفة سوى ستارك وانجل ، ولورا .. التي دفنت
وجهها بين آفيها ، وقد برح بها الحزم والاسى ..
ووقف انجل مترددا لحظة ، ثم اقترب من المكتب حيث آانت تجلس لورا وقال :
- لا أعرف آيف اعبر لك عن اسفي وحزني سيدتي ، فاذا آان هناك ما استطيع عمله ..
فقاطعته بأن قالت دون ان ترفع رأسها :
- نحن لم نعد بحاجة الى خدماتك يا أنجل ، سأعد لك شيكا بمستحقاتك وعليك ان تغادر هذا البيت
اليوم ..
- شكرا يا سيدتي ..
ودار على عقبيه ، وغادر الغرفة ..
فأغلق ستارك الباب وراءه وقال يحدث لورا :
- ألا تريدين اتهامه بالابتزاز؟
- آلا
- هذا أمر يؤسف له
ثم أردف بعد قليل :
- أظن انه يحسن بي الان ان اودعك وارحل ..
فملم ترفع لورا رأسها ، ولم تتكلم .
قال :
- لا يجب ان تحزني ..
فأجابت بشعور صادق :
- اني حزينة
- من أجل ذلك الصبي ؟
فنظرت اليه وقالت :
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 69
- نعم ، ولاني آنت السبب ، فقد آان ريتشارد على حق ، وآان يجب ارسال جان الى احدى
المصحات حيث لا يستطيع ان يؤذي احدا ، ولكني عارضت في ذلم بقوة ، ولهذا آنت السبب في
مقتل زوجي ..
فقال ستارك بشيء من الخشونة :
- دعي هذه الحساسيات يا لورا ، ولنكن واقعيين ، فقد لقي زوجك حتفه بطبعه وحفر قبره بنفسه
.. آان بوسعه ان يعامل الصبي بشيء من الرفق والحنان ، اليس آذلك ؟ لا ينبغي ان تنحي
باللائمة على نفسك ، ان من حقك الان ان تكوني سعيدة ، وان تنعمي بالراحة والاستقرار ..
فاجابت بمرارة :
- مع من؟ مع جوليان؟ انت ترى انه قد تغير آثيرا ولم يعد آالعهد به ..
- لماذا ؟
- عندما ظننت ان جوليان هو الذي قتل زوجي ، لم يؤثر ذلك على شعوري نحوه ، ولم يضعف
حبي له ، بل على العكس ، آنت على استعداد للاعتراف بالجريمة ومواجهة التبعات ..
- أعلم هذا ، وتلك هي الحماقة بكل معانيها ، يا إلهي ، لماذا يطيب للنساء دائما ان يجعلن من
انفسهن شهيدات ؟
فاستطرت لورا قائلة بحنق :
- اما عندما ظن جوليان انني التي ارتكبت الجريمة تغير تمام ، وتبدل شعوره نحوي ، صحيح انه
ابدى شهامة حين التزم الصمت ولم يدل باقوال تزيد من موقفي سوءا ، ولكن هذا آل ما فعله ،
نعم ، نعم ، نعم ، انه تغير آثيرا ..
- اصغي الي يا لورا ، يجب ان تعلمي ان رد الفعل عند الرجال يختلف عنه عند النساء ، والواقع
ان الرجال هم الجنس الاآثر حساسية ، اما النساء فانهن اآثر شراسة واصلب معدنا ، والمرأة
تستطيع ان ترتكب جريمة قتل بمثل البساطة التي تصبغ بها شفتيها .. والنتيجة هي ان المرأة قد
تنظر باآبار الى الرجل الذي يرتكب جريمة قتل من اجلها ، اما الرجل فان شعوره وردة الفعل
عنده يختلفان تماما ..
- ولكن شعورك انت لم يكن آذلك ، عندما ظننت اني قتلت زوجي تقدمت لمساعدتي دون تردد .
.
فأجفل وصمت لحظة .. ثم قال :
- ان موقفي يختلف ، آان لزما علي مساعدتك ..
- ولماذا آان هذا الالتزام بمساعدتي؟
فأجاب بهدوء :
- اني ما زلت اريد مساعدتك ..
فقالت لورا وهي تتفرس في وجهه :
- الا ترى اننا عدنا من حيث بدانا ؟ واني ما زلت المسؤولة عن مصرع ريتشارد .. لانني
عارضت في ارسال جان الى احدى المصحات ؟.
فجلس ستارك من طرف الاريكة وقال :
- هل هذا هو آل ما يزعجك ؟ أيزعجك ان يكون جان هو الذي اطلق الرصاص على زوجك ؟
،... الا يحتمل ان تكون الحقيقة غير ذلك ؟.
فتمتمت لورا :
- آيف تقول آلاما آهذا ؟ اني سمعته ، بل آلنا سمعناه حين اعترف بالجريمة وتفاخر بها ..
فقال مايكل بهدوء :
- أعلم هذا ، ولكن هل تعرفين شيئا عن قوة الايحاء؟ فقد استدجته مس بنيت بلباقة ، وعرفت آيف
تثير حقده تارة ، وتغذي خيلاءه مرة اخرى ، وآان الصبي تربة صالحة للايحاء ، فراقته آما
تروح أغلب المراهقين فكرة ان يكون قاتلا ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 70
فقد لوحت له مس بنيت بالطعم فابتلعه ، وتصور انه قتل زوجك ، فوضع علامة على ماسورة
مسدسه ، آما آان يفعل رجال المقاومة وتصور نفسه بطلا ..
ونهض واقفا ، وأخذ يذرع أرض الغرفة..
ثم قال :
- انك لا تعلمين ولا احد يعلم هل قال الحقيقة ام لا
- ولكنه اطلق الرصاص على الرقيب ..
فقال ستارك :
- نعم .. انه انسان خطر ما في ذلك شك ، ويحتمل جديا يكون هو الذي اطلق الرصاص على
زوجك ، غير انك لا تستطيع ان تؤآدي بصفة قاطعة انه فعل هذا ، يحتمل ان يكون من اطلق
الرصاص شخصا اخر ..
- من؟
فأجاب بعد صمت قصير :
- مس بنيت مثلا .. انها تحبك ، انها تحبك فربما ظنت انك ستكونين سعيدة اذا تخلصت من
زوجك . او مسز واريك نفسها ، او صديقك جوليان .. ريما آان جوليان قد اطلق الرصاص على
ريشارد ، ثم زعم بعد ذلك انه ظن انك القاتلة ، وهي لعبة بارعة خدعتك تماما ..
- لا شك انك غير مؤمن بما تقول .. انت تقول هذا فقط لترفه عني وتخلصني من وخز الضمير ..
فصاح ستارك في ضيق :
- يا فتاتي العزيزة ، اي شخص يمكن ان يكون هو الذي اطلق الرصاص على زوجك ، ولا
استثني ماآجريجور نفسه ..
فبهتت وصاحت :
- ماآجريجور؟ ولكن ماآجريرجور مات .
- طبعا .. المفروض انه مات ، اصغي الي ، في مقدوري ان اطرح القضية امامك بطريقة لا تدع
مجالا للشك في ان ماآجريجور هو القاتل ..
هي انه قرر قتل زوجك على سبيل الانتقام ، فماذا يفعل؟ اول شيء يفعله هو ان يتخلص من
شخصيته ، فليس من العسير عليه ان يزيف حادث وفاة في مكان قصي من بلد بعيد مثل الاسكا ،
هذا يكلفه بعض المال ، وشهادة زور ولكنه ممكن ..
ثم ينتحل اسما جديدا ويبني لنفسه شخصية جديدة ، ويزاول مهنة جديدة في بلد آخر .
غير انه يظل بطريقة او باخرى على اتصال بما يجري هنا ، حتى اذا علم انكم غاردتم (
نورفولك ) ، وجئت الى هذا البيت ، شرع في وضع خطته ..
ثم يزيل لحيته ويصبغ شعره ويفعل آل ما من شأنه ان يغير ملامح وجهه ، وفي ليلة آثيفة
الضباب ، يأتي الى هنا ..
وصمت ستارك قليلا .. ثم نهض ووقف أمام الشرفة وقال وهو يطل على الحديقة :
- لنفرض اذن انه جاء الى هنا ، ووجد زوجك في مقعده ولم يشأ ان يقتله غدرا فقال له : ان معي
مسدسي ، ومعك مسدسك ، سأعد من واحد الى ثلاثة ثم يطلق آل منا مسدسه على الاخر ، اني
جئت لانتقم لولدي آما تعلم ..
ومضى في حديثه ، فقال :
- لنفرض ايضا ان زوجك ليس شخصا رياضيا بكل معنى الكلمة آما تتوهمين ، وانه ينتظر
غريمه حتى يفرغ من العد ..
واذآر انك قلت عن زوجك انه آان بارعا في اصابة الهدف ..
فلنفترض انه اخطأ الهدف هذه المرة، وطاشت رصاصته في الحديقة ..
حيث يوجد آثير من الرصاصات التي سبق ان اطلقها ..
بينما لم يخطئ ماآجريجور واصابت رصاصته الهدف ، وقتلت زوجك ..
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 71
ولنتصور بعد ذلك ان ماآجريجور وضع مسدسه بقرب الجثة ، واخذ مسدس زوجك ، وغادر
البيت عن طريق الحديقة ، ثم عاد بعد قليل .
- عاد؟ لماذا ؟
- لنفرض ان سيارته وقعت في حفرة ، فلم تستطع الابتعاد ، فناذا يفعل؟ انه يفعل الشيء الطبيعي
الوحيد ، وهو ان يدخل البيت ويكتشف وجود الجثة ..
فقالت في دهشة :
- انك تتكلم آما لو آنت تعرف ما حدث تماما ..
فقال ستارك بحدة :
- انا اعرف ما حدث .. ألم تفهمي .. أنا ماآجريجور .!
ولم تصدق لورا اذنيها ..
ونهضت من مقعدها وهي تغمغم :
- أنت ..
وحملقت نحوه بعينين مفعمتين بالدهشة والذهول ..
فقال بصوت اجش :
- وداعا يا لورا ..
وخرج الى الشرفة ..
واختفى بين أشجار الحديقة ..
وعندما افاقت من دهشتها ..
أسرعت تعدو خلفه وتصيح :
- صبرا يا مايكل .. صبرا ..
ووقفت في الشرفة تهتف :
- مايكل .. عد يا مايكل ..
ولكن صوتها ضاع في زئير النفير ، الذي دوى في تلك اللحظة ليحذر الصيادين من آثافة
الضباب ...
تم إعداد الرواية من : معتز السلال المكتبة العربية
http://abooks.tipsclub.com
الحادث – من أروع روايات أغاثا آريستي 72[/COLOR]



النهاية

انتظر ردودكم :88: