عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-14-2011, 01:52 AM
 
مقال د. مصعب عزاوي : نصرة ليبيا الجريحة للعرب فقط !

كما يقول الأعراب في شرق أمتهم المقطعة الأوصال وغربها :
من جرب المجرب عقله مخرب، ولأنني على يقين بأن ذاكرة الأعراب في عصرنا الراهن لا زالت تختزن وعلى الرغم من العسف والقمع والإقصاء المهولين الذي تعرضت له ممن استبدل بهم وحولهم إلى قطعان من البشر بدل أن يكونوا مجتمعات طبيعية كما هو حال أقراننا في ..... الأرض الأخرى، لا زالت تختزن في حناياها مورثات ذاكرة العربي البدوي الثابتة التي كان يعرف بها رماد الصحراء وكثبانها وحتى عواصفها.
وإننا عندما نقتصر ذاكرتنا القريبة جداً سوف نستطيع استحضار عاصفة الصحراء كما يسميها فريق المحافظين الجدد في الولايات المتحدة أو كما يراها العقل .... العربي بعاصفة الموت التي قتلت شعب العراق الأبي بعدة أشكال أخطرها هو قتل مستقبل أبنائه الذين يناط بهم ..... حب العراق الأبي في المستقبل جراء ما تم إلقاءه من اليورانيوم والبلوتينيوم plutonium
والذي قدره خبراء مستقلون بـ 800 طن من المواد المشعة المنطبقة والتي تعادل من الناحية الوزنية 12500 كمية اليورانيوم المستخدمة في صناعة القنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة في أغسطس 1945 على مدينة هيروشيما اليابانية والمقدرة بـ 64 كيلو غرام من اليورانيوم وتعادل فعلياً 480 طن من اليورانيوم الطبيعي باعتبار أن القدرة الإشعاعية لليورانيوم المنضرب هو 60% من اليورانيوم الطبيعي والذي يعادل أيضاً من هذه الزاوية 7500 قنبلة ذرية من فئة لـ الولد الصغير ( Little boy ) التي ألقيت على هيروشيما من الناحية الإشعاعية. وذلك كله كان قد تم توزيعه على كافة أنحاء الأرض العربية المجهضة المستقبل في العراق والكويت والتي لا زلنا نرى بأم أعيننا كأطباء حالات الأورام والطفرات المورثية التي لم تحدث سابقاً على وجه البسيطة حتى في هيروشيما نفسها ، وكله بسبب عدالة أبناء العم سام في توزيع الموت على أبناء العرب.
ولأننا على معرفة حقة وعميقة بآلية عمل المنظومة الرأسمالية المتوحشة في العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة ومن يلف لفها من دول الاتحاد الأوربي وغيرهم فهم لا يعبثون ولا يكترثون سوى لمصالحهم حيث أن حقوق الإنسان من الناحية السياسية في ذلك الجزء من العالم محدودة في حدوده فقط حسب قوالب اللعبة السياسية الانتهازية الرأسمالية وإن حاول بعض السياسيين تزويقها ومنحها لوناً آخر ينسجم مع لون بشرتهم غير الأبيض والذي لا يغير من جوهر وظيفتهم في .... الفعل الرأسمالي المعاصر والذي تحاول فعلاً مواجهته منظمات المجتمع المدني في العالم الغربي ترويض توحشه ولكنها لا زالت غير مفلحة في ذلك خارج حدود بلدانها نظراً لقواعد اللعب الرأسمالي المتفق على تشييدها في تلك المجتمعات.
ويستدعي انتباه العقل العربي البسيط في هذه المجزرة المستجدة يومياً والتي تحدث في ليبيا الأبية سؤال بسيط عن السبب الذي يدعو .... العقلاء والطيبين إلى فرض حظر جوي على الطاغية القذافي ومرتزقته من قبل المجتمع الدولي إلى أن يصل البعض بمناشدة الولايات المتحدة إلى فعل ذلك لأن خبرنا قد ..... ولم نعد نطيق الصمود في معركة تحررية حقيقية يخوضها الشعب العربي الليبي الأبي ويصيغ بها تاريخاً جديداً له وللأمة العربية الحقة التي طالما كنا نتوجع على موتها السريري المشهر في جميع أركان المعمورة. ولأن الحقيقة مطلق لا يمتلكه أي كان فإن التنازل الطبيعي هنا يبرز عن دور تلك الجيوش العربية الجرارة التي يبلغ عددها بالملايين ابتداء من 450000 جندي مصري إلى 150000 جندي سعودي إلى 30000 جندي سوري هذه الدول هي نفسها التي تنفق أكثر من 47 بليون دولار سنوياً على شراء عتاد تكدسه في المخازن لتشغل به معامل الأسلحة في الولايات المتحدة وشركائها. ولا أظن بأن هذا التفكير يشذ عن المنطقية فهذه الدول بالتحديد كانت قد دخلت بالفعل سابقاً بالاستناد إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك في العام 1990 وكانت بالحرب على وحدات الجيش العراقي بشكل واقعي لتحرير الكويت كما زعموا وليس لأنهم يأتمرون بأمر أسيادهم الأمريكان! ولأني أظن والله أعلم بأن المواطن العربي الليبي سوف يملك لأخوته من جنود الجيوش العربية التي إن حطت في أرض ليبيا الطيبة ولكنه لن يجد يداً عاجلاً أو آجلاً مقارعة جيوش الاحتلال الأمريكي إن حطت في أرضه لأنه لم يعد يطيق الذل والهوان الذي ذاته من الطاغية ولن يستطيع أن يطيق الاستغلال والسرقة و .... الفرقة والتخلف الذي سوف يفعله أسياد وصناع ذلك الطاغية إن حطوا في أرض ليبيا ليحكموا مباشرة وليس بالوكالة.
ولأنني على معرفة حقة بأن الكثير سوف يقول بأن هذا المطلب غير قابل للتحقيق في ضوء انشغال الحكام العرب ..... في تثبيت الكراسي من تحتهم لمن تصبه الزلزلة لحد الآن أو في محاولة الالتفاف عليها لمن وقع في ..... ويجاهد ليخرج منها بأقل الخسائر راهناً ليجهضها متى ما تأتي له ذلك، فقد يكون من الصواب الطلب من جماهير الأمة العربية من محيطها إلى خليجها أن تستنهض لسانها الذي ابتلعته لعقود طويلة وتخرج إلى الشوارع والحواري العربية في مطالبة أساسية جوهرها تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وتجييش الجيوش العربية بكل عتادها المخزن وغير المستعمل والذهاب إلى ليبيا لغرض الحظر الجوي وحماية المدنيين ليستطيع الثوار أبناء ليبيا القيام بما رأوه حقاً لشعبهم وشهدائهم.
نعم إن الطغمة الرأسمالية المتوحشة في العالم العربي بكل أدواتها وهياكلها التنفيذية ابتداءً من الأمم المتحدة وملف شمال الأطلسي وصولاً إلى الدمى السياسية التي تقوم بدور الحاكم الشكلي لتلك الآلة الوحشية للرأسمالية، لا ترى في أي جزء من الوطن العربي الكبير إلا بئراً من النفط أو صحراء يعيش فيها تجمعات من البشر الذين لا يستحقون حتى أن يعيشوا، ولذلك فإن ضمير هذه الأمة حري به أن يكون منتفضاً في كل الشوارع والأزقة والساحات وهو ينادي بصوت واحد لنصرة ليبيا الجريحة لأننا شعب عرف كيف يصرخ بعد طول صمت وعرف بأنه يستحق الحياة وأن أرضه وكرامته وثرواته وصوته ملك له لا يحق لأحد أن يستبيحها أو يجيرها لنفسه كما علمنا المخلص البطل الشهيد البوعزيزي.
مصعب عزّاوي
طبيب عربي مقيم في لندن
رد مع اقتباس