قد كان الناس اذا التقوا ينتفع بعضهم ببعض فاما اليوم فقد ذهب ذاك الحمد لله غافر الذنوب، وكاشف الكروب، وساتر العيوب، وقابل التوب، أحمده وأشكره وأستغفره، وإليه من كل حوب أتوب، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له علام الغيوب، وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، السيد الكامل الفاتح الخاتم في الخلاق، أو اشتدت الأهوال والخطوب، وصلى الله عليه وعلى آله وأزد ذريته وصحبه الصابرين الصادقين، القانتين الذاكرين الله قياما وقعودا وعلى الجنوب، صلاة دائمة عدد ما خلق الله، وعدد ما هو خالقه، تنجي قالها من كل مرهوب، وتنيله بها كل محبوب، ومرغوب، وسلم تسليما وكرم وزاده شرفا، وتعظيما أبدا دائما سرمدا. وبعد السلام عليكم ورحمة الله اخوة الايمان تابعوا ما جاء في هذه الرسالة البليغة عن امام الحفاظ وسيد العلماء العاملين في زمانه ليت شعري ماذا عساه يقول لو عاش وراى ما نحن فيه ولد سنة 95 او 97 للهجرة بالكوفة وتوفي بالبصرة سنة 161 رضي الله عنهم اجمعين عن سعيد بن أبي سعيد، عن حفص بن عمرو - وهو ابن أخي سفيان الثوري - قال: كتب سفيان إلى عباد بن عباد: أما بعد، فإنك في زمان كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذون أن يدركوه ولهم من العلم ما ليس لنا ولهم من القدم ما ليس لنا، فكيف بنا حين أدركناه على قلة علم، وقلة صبر، وقلة أعوان على الخير، وفساد من الناس، وكدر من الدنيا؟ فعليك بالأمر الأول والتمسك به، وعليك بالخمول فإن هذا زمن خمول، وعليك بالعزلة وقلة مخالطة الناس، فقد كان الناس إذا التقوا ينتفع بعضهم ببعض، فأما اليوم فقد ذهب ذاك، والنجاة في تركهم فيما نرى، وإياك والأمراء إن تدنوا منهم وتخالطهم في شيء من الأشياء، وإياك أن تخدع فيقال لك تشفع وتدرأ، عن مظلوم، أو ترد مظلمة، فإن ذلك خديعة إبليس، وإنما اتخذها فجار القراء سلماً وكان يقال اتقوا فتنة العابد الجاهل، والعالم الفاجر، فإن فتنتها فتنة لكل مفتون، وما لقيت من المسألة والفتيا فاغتنم ذلك ولا تنافسهم فيه، وإياك أن تكون كمن يحب أن يعمل بقوله أو ينشر قوله، أو يسمع من قوله، فإذا ترك ذاك منه عرف فيه، وإياك وحب الرياسة فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة فتفقد نفسك واعمل بنية، واعلم أنه قد دنا من الناس أمر يشتهي الرجل أن يموت بسلام. |