الموضوع: أخيتي الغاليه
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-25-2011, 07:27 AM
 
أخيتي الغاليه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخيتي
الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم، أرسل محمدا بالهدى والرحمة، وأشهد أن لا إله إلا الله القائل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، جاء بالرحمة للعالمين، - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الرحماء فيما بينهم.
أما بعد:


اكتب لك أختي الكريمة المسرفه على نفسك رساله, وتألمت للحالة التي وصلتي لها .

أكتب لك بلسان المشفق عليك , المحب لك كل خير .

أكتب لك وأنا أنفض يدي للتو من غبار قبر , قبرنا صاحبته قبل قليل , وقفنا عنده قليلاً ثم تركناها وحيداه فريده مرتهناً بعملها , أتدرين قبر من؟

أنه قبر أحد طالبات الصف الثالث الثانوي " وأظنك تكبرين منها " ولكنّ الموت لم يمهلها لصغر سنها . ولا أظنه سيمهلك أنت .

أكتب لك وقد قبرنا قبله بثلاثة أيام شاب في ريعان شبابه , أتدرين كم بين موته وزواجه ؟

أنها ثلاثون يوما فقط .

جاء ليشتري أغراض بيت الزوجية , ويفرح مع زوجته في عش طالما رسم له في ذهنه أمنيات , وخطط لمستقبله مع زوجه وولده تخطيطات .

فيا الله ما أقرب الموت منا !

وما أعظم غفلتنا عنه !

أخيتي:


لئن كنت تعيشين سكرة الهوى , وظلام المعصية , وران على قلبك أثر الذنوب , وغفلت كما غفل غيرك عن ربه وعن مصيره المحتوم , فلعل رسالتي هذه أن توقظ بقية الخير فيك التي أعلم بثباتها ورسوخها ولكنها الغفلة التي سرعان ما تنقشع بالتذكرة .
وأعلم بطهارة نفسك التي تحب الله ورسوله وجنته , وتخاف من ناره , ولكنها سكرة الهوى التي تعيشينها وتزول بالصدق مع النفس وتذكر الدار الآخرة .

أخيتي


لئن كنت اغتررت بشبابك فهلا اعتبرت بهؤلاء الذين ماتوا بعمر الزهور بعضهم أصغر منك .

ولئن اغتررت بجمالك , فهل تأمنين بقاء هذا الجمال ؟

إن لسعة نار واحدة , أو بخار حار قد تُذهب هذا الجمال , وتمحو تلك النضرة .

فلا تأمنين مفاجأة الأيام .

احذرك – أخيتي - نقمة الله وأنت مقيمةٌ على معصيته , فقد تجرأ قبلك خلقاً على ربهم , وتمردوا على شرعه , فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر .

أين من كانوا يُحيون الليالي الحمراء , تجمعهم الكأس والغانية , ويرأسهم إبليس بجنده , وكيف جاءهم الموت على حين غرة , فأصبحت قصصهم تُذكر ليُتعظ بها ,

فهل يسرك أن تكوني موعظة لغيرك ؟

ولئن كنت ذكرت في رسالتك أحوال زميلاتك وأنهن واقعين فيما أنت واقعة فيه من المعاصي , فلا تغتري بهم وبكثرة سوادهم - فالهالكون وربي كثير - ولكل واحد صحيفة عمل , وله حساب على حده , وليس هذا عذراً لك بين يدي الله .

وبالمقابل انظري إلى من نجت من شهوات الدنيا , فكانت لها الحياة الطيبة والذكر الجميل بين الناس , وقد وعدها الله بعد مماتها بجنات النعيم .

اغمضي عينيك الآن عندي حرفي هذا ....وتخيلي السنين تمضي عليك , وتخيلي أنه قد فات منها عشر سنوات أو عشرين وقد بلغت الأربعين أو الخمسين فقول لي بربك كيف سيكون حالك عند هذا السن ؟

هل ستكونين مع زوج في سعادة وبين يديك أطفالك تسعدين فيهم , وتهنئين ببرهم ؟

هل ستحضين برجل يفخر بك ويعتز أنه ارتبط بمثلك ؟

هل سيكون تحت قدميك أبناء بررة يجهدون لأجل برك ؟

كيف بك لو علموا أن أمهم يوماً من الأيام كانت .....؟

أخيتي


إن الله يمهل ولا يهمل , فلا تغتري بستره عليك

لا تلجي يا أختاه إلى طريق الظلام فإنه نفق موحش , صار قبلك فيه أُناس وظنوا أن فيه السعادة والأنس , فوجدوه سراباً خادعاً , وذاقوا مرارة الجراءة على حدود الله , فعضوا أصابع الندم , وبكوا بدل الدمع دماً .

تمنوا أن لو لم تلدهم أمهاتهم وقد وصلوا إلى ما وصلوا إليه , فأُعيذك بالله أن تصلي إلى ما وصلوا إليه .

أختاه


إن باب التوبة مفتوح , والكريم يبسط يده بالليل لك إن أسأت بالنهار , ويبسط يده بالنهار لك إن أسأت بالليل , فلا تحرمي نفسك هذا العطاء .

وربي إنه ليفرح بك وبغيرك من التائبين

فلا تيأسي ولا تقنطي من رحمته

فلو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتي الكريم – غفر لك –

ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استرحمتي الرحيم - صب عليك رحمته , وأفاض عليك من جوده -

فهلمي إلى رحمته , وسارعي إلى بابه جوده المفتوح .

اللهم إن أمتك بنت عبدك قد أقبلت إليك , يارب فاقبل توبتها , وامح خطيئتها , وأبدل سيئاتها حسنات . اللهم آمين .

والحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس