الــبـدايـة ( الفصل الأول ) الساعة الثانية عشر ليلا جلست ماري على كرسي المائدة قرب جدتها ونظرت من خلال النافذة إلى الأوراق المتساقطة في الخارج ابتسمت وهمست بصوتها الرقيق: ما أروع فصل الخريف! ثم أمسكت بطنها وهي تشعر بالجوع وسألت جدتها : جدتي هل يوجد طعام أكله؟ ابتسمت جدتها وردت : يوجد خبز لكنه قديم بإمكانك تحميته. نظرت ماري إلى الخبز القليل الذي في السلة لم تود أن تأكل من الخبز فقد فكرت برغبة جدتها المريضة والمسنة فربما تجوع جدتها وتأكل منه فجأة بدأت قطرات المطر تهطل فرحت ماري وقالت لجدتها : جدتي المطر يهطل. تبسمت الجدة بصوت خفيف وقالت: عندما كنت في عمرك كنت أخرج إلى الشارع أثناء سقوط المطر وألعب فيه وأحيانا أشطف شعري بالمطر لكن هذا مضر للصحة. نظرت ماري بلطف وقالت : جميلة قطرات المطر تشعرني بالسكينة. بدأ صوت الرعد يأتي فخافت ماري وضمت يداها على صدرها وبدأت الجدة تسعل بشدة ويداها ترتجف من مرض الرعاش ولا يوجد لديها دواء بسبب شدة فقرهما أشفقت ماري على جدتها ونظرت بحزن ممزوج بالقهر وقالت في نفسها : جدتي لن أسمح لنفسي أن أتركك من دون دواء وأنت مريضة.. سأعمل لأشتري دواء لك ولأحضر طعاما لنا. ثم نظرت بقلق إلى جدتها وسألتها برقة : جدتي ما رأيك أن أعمل؟ نظرت الجدة بغضب وقالت : ماري مستحيل أن أجعلك تعملين أنت صغيرة على العمل. قالت ماري راجية: أرجوك جدتي إذا عملت سأشتري دواء لك وحأضر طعاما لنا سوف يتحسن حالنا. غضبت الجدة وتنهدت وقالت بهدوء : اذهبي نامي ولا تفكري بالعمل مرة أخرى أنت صغيرة على العمل ولن تقوين عليه. نهضت ماري من الكرسي وهي حزينة ومخفضة رأسها وذهبت إلى غرفة النوم استلقت على السرير وهي تفكر أن تبحث عن عمل وكانت مصرة على ذلك. في صباح اليوم التالي استيقظت ماري وهي تتثاءب كانت الجدة في الخارج تطعم العصافير فتات الخبز جلست ماري على كرسي المائدة دخلت الجدة المنزل وتركت الباب مفتوحا خلفها قالت الجدة ببهجة لماري : صغيرتي ها قد استيقظتِ! كان يوجد في المائدة خبزا وكوبا ماء بارد جلست الجدة على كرسي مواجه لماري وبدأتا تأكلا الخبز معا وبينما ماري تمضغ الخبز قالت لجدتها : جدتي أنا مصرة على العمل. ردت الجدة : ماري لن تستطيعين العمل أنت صغيرة عيشي طفولتك العمل شاق ومتعب. قالت ماري : بلا جدتي بإمكاني أن أعمل لم أعد صغيرة. ردت الجدة : ماري أخبرتك لن أسمح لك بالعمل. قالت ماري وهي حزينة: أرجوك جدتي أنت دائما تقولين لي أن العمل أهم شيء في الحياة وها أنا أود أن أعمل ألم تقولي أن الحياة كفاح. حينها عطفت الجدة على ماري البريئة وسألتها : ماري لماذا تريدين أن تعملي؟ ردت ماري : أود أن أعمل لأدرس ولأحقق أمنيتك بأن أتعلم وأيضا أود شراء دواء لك. شعرت الجدة باللوم على نفسها وقالت لماري بعطف :ماري أنا آسفة لأنني لا أستطيع توفير متطلباتك, فأنا لا أريد رؤيتك تتعذبين. نظرت ماري بلطف وقالت : لا بأس جدتي لن أتعذب أنا أود فقط أن أعمل لم أعد صغيرة. تنهدت الجدة بحزن وقالت لماري: صغيرتي ليتك تفهمين أنا أعلم أنك تودين العمل من أجلي .. لا أود أن أتعبك معي بسبب مرضي وكبر سني. نظرت ماري بلطف وقد ظهر بريق في عينيها وقالت للجدة : جدتي أنت فعلت لي الكثير وحان دوري الآن أود أن أرد لك الجميل لا أستطيع رؤيتك مريضة ومن دون دواء أرجوك جدتي أود أن أعمل. حزنت الجدة وابتسمت بلطف وقالت : ما أطيبك يا ماري! وصمتت قليلا وهي تفكر بحيرة ثم قالت : صغيرتي لا يمك.. وقبل أن تكمل الجدة حديثها أخفضت ماري رأسها وهي حزينة لم تكن الجدة تستطيع رؤية ماري حزينة فقالت لماري : حسنا ماري .. أنا موافقة على أن تعملي. فرحت ماري كثيرا وقالت ببهجة : شكرا جدتي .. حسنا أنا ذاهبة لأبحث عن عمل. ثم نهضت ماري وهممت بالخروج أمسكت الجدة يد ماري وقالت بتعجب : الآن .. لكن الوقت مبكر جدا! عاودت ماري الجلوس على الكرسي وقالت : أنا أود الذهاب الآن الأفضل أن أذهب مبكرا كي أعود مبكرا لا تقلقي علي فقد ابتلج النور. ردت الجدة : حسنا ماري اذهبي و لكن لا تتأخري عودي مبكرا سوف أنتظرك. وقفت ماري من كرسيها ونظرت الجدة بحزن إلى ماري وقالت لها بصوت منخفض : رافقتك السلامة ماري. ابتسمت ماري وقالت : لا تقلقي علي سأعود مبكرا. وخرجت ماري وأغلقت الباب ورائها عندما خرجت وقفت الجدة من كرسيها وفتحت الباب ونظرت إلى ماري وهي تغدو ذاهبة تبحث عن عمل قالت الجدة وهي حزينة تحدث نفسها : مسكينة حفيدتي ليست كبقية الأطفال يلهون ويدرسون لا أعلم كيف أسعدها لا أودها أن تعمل لتوفر لي الدواء والعناية ليتها تفهم أنني أشعر بالظلم تجاهها حينما تفعل ذلك من أجلي لا أود أن أكون حِمْلٌ عليها .. كم أتمنى أن تصبح حفيدتي في المستقبل امرأة متعلمة و ناجحة ليت حلمي هذا يتحقق. سارت ماري كثيرا وذهبت إلى أول محل رأته وهو محل لبيع الورود تعمل فيه امرأة سألت ماري المرأة: سيدتي هل يمكنني أن أعمل معك؟ نظرت إليها المرأة بذهول ثم ضحكت بصوت عال وقالت لها : أنت مضحكة أيتها الصغيرة أنصحك أن لا تبحثي عن عمل لن تجدي أي عمل لأنك صغيرة عليه ساعدي والدتك في المنزل هذا أفضل لك هيا اذهبي من هنا عودي إلى منزلك. ابتعدت ماري من قرب محل الورود وغدت وهي تبحث عن عمل في كل مكان و للأسف لم تجد ماري أي عمل فكل مكان تذهب إليه لا يقبل بها لصغر سنها ولكن ماري كانت تقول لهم : سوف أفعل كل ما تطلبونه مني سوف ترون بأنني سأكون عاملة مجتهدة. وبرغم كل توسلاتها لم يكترث لها أحد, إلى أن حل الظلام وهي لم تجد عملا بعد خافت ماري كثيرا فلقد ابتعدت كثيرا عن منزلها ولا تعلم أين هي الآن وكانت قلقة على جدتها وتتسائل في ذهنها : ربما الآن جدتي قلقة علي! .. كيف أعود إلى المنزل؟ قبضت ماري يديها على صدرها وهي تنظر بقلق يمينا ويسارا فلا أحد في الشارع غيرها فجأة هطل المطر فرحت ماري ونظرت بتأمل إلى المطر وهو يهطل وقالت ببهجة : المطر .. المطر يهطل! .. لكنه سيكون أجمل إن كنت مع جدتي. نظرت الجدة من خلال النافذة إلى الخارج وهي قلقة لأن ماري تأخرت والمطر بدأ يهطل قالت الجدة وهي حزينة : أين أنت يا ماري! أخبرتك ألا تبحثي عن عمل. فكرت ماري أن تشطف شعرها بالمطر كما كانت تفعل جدتها وأمسكت شعرها الأجعد وهي تمرره على قطرات المطر فجأة هبت رياح شديدة وأتى صوت رعد قوي خافت ماري كثيرا وقالت : يا إلهي أنقذني! فجأة إذ بامرأة عجوز تقترب من ماري بخطوات بطيئة تنذر بالشؤم وهي تصفر بهدوء كصوت الرياح إلتفتت ماري إلى الخلف ورأت تلك المرأة لكنها لم تراها جيدا لأن الرياح شديدة والمطر غزير تبدو تلك المرأة طويلة القامة وعريضة المنكبين ومظهرها جدا قبيح ومريب وترتدي معطفا بني طويل بدأت تلك المرأة تقترب من ماري أكثر خافت ماري كثيرا لأن تلك المرأة كانت تحدق النظر عليها ضحكت المرأة وقالت لماري : لا تخافي صغيرتي لن أفعل لك مكروه. بدأ قلب ماري يدق بشدة فلم تطمئن لتلك المرأة أمسكت تلك المرأة كتف ماري وسألتها بلطف : أيتها الصغيرة ماذا بك أمازلت خائفة مني؟ ردت ماري : لا أنا لست خائفة منك. قالت المرأة : إذن لماذا أنت خائفة؟ أرى في عينيك البريئتين نظرة الخوف والقلق. ردت ماري : أنا خائفة لأنني كنت أبحث عن عمل فأنا وجدتي محتاجتان جدا و قد أضعت الطريق والآن أنا تائهة عن منزلي. قالت المرأة: لا تقلقي فأنا سأساعدك, هل تعملي عندي؟ أجابت ماري : أريد الذهاب إلى جدتي الآن إن جدتي مريضة وتحتاج إلي. وضعت المرأة ذراعها فوق كتفا ماري وقالت بلطف : لا تقلقي سأبحث عن جدتك فأنت ليس لديك مكان تنامين فيه ولا تعلمين أين يقع منزلك .. هيا تعالي معي. آلتكملة بعد الردود
التعديل الأخير تم بواسطة ابتسآآآم نآصر ; 04-28-2011 الساعة 09:27 PM |