محمد خلف
محمد خلف، اسمٌ كغيره من الأسماء التي تطرق مسامعنا صباح مساء، ربما سمع به البعض لكنهم ويا أسفاه مرّوا عليه مر السحاب، وآخرون لم يسمعوا به، لكنه اسمٌ يستحق أن نتوقف عنده، وأن نستمع لقصته، وأن ندعم موقفه، فهو موقف شرف ورجولة في زمن عزَّ فيه الرجال. محمد خلف حسن إبراهيم، 38 سنة، إسكندراني من أرض الكنانة مصر الحبيبة، أُمِر فلم يُطع، هُدد فلم يخضع، عوقب فلم يخنع، هو مواطن مصري يعمل في وزارة الداخلية برتبة أمين شرطة، صدر له أمر بالانتقال لحراسة مبنى مقر سفارة الكيان الصهيوني في القاهرة، فرفض الأمر، حادثة تُسجّل كل يوم لولا أن الأمر هذه المرة يخص سفارة الاحتلال، فكان تحويله وبشكل فوري لمجلس تأديبي. رفض محمد قرار التحويل، صرخ بكل قوة لن أحرس سفارة الغاصب المحتل، ولن أترك عائلتي لحماية القتلة والمجرمين، فتقرر حبسه 15 يوماً إلى حين تحويله للقضاء العسكري، لم يخضع محمد، أعلن إضرابه عن الطعام والشراب، وأصر أنه لن يحرس من يقتل أبناء جلدته ومن ينتهكون حرمة الحجر والبشر. محمد خلف حسن إبراهيم أُدخل مشفى أم المصريين بغرفة في قسم الباطنة / طوارئ مكبل اليدين، وتحت حراسة جندي وأمين شرطة، حالته الصحية في تدهور وعنها يقول الدكتور محمد صلاح مدير الطوارئ بالمشفى أن أمين الشرطة يُعاني من مضاعفات إضرابه عن الطعام وإصابته بالهزال، ويتم إعطاؤه محاليل و(جلوكوز) ومقويات لتعويض رفضه تناول الطعام، أوضح مدير الطوارئ أنه في حالة ازدياد سوء حالته الصحية، سيتم تسليمه إلى الداخلية لنقله إلى مشفى الشرطة أو أي مكان آخر! في يوم الأحد 25/02/2007 عاقبت محكمة عسكرية مصرية المواطن محمد خلف حسن إبراهيم بالحبس ستة أشهر لرفضه حراسة سفارة الكيان الصهيوني في القاهرة، علماً بأن الشرطة المصرية تتبع قواعد شبيهة بالجيش ولديها محاكم عسكرية خاصة بها لا تخضع قراراتها للاستئناف، وهو حكم مشدد على أمين الشرطة محمد خلف خاصة وأن القانون العسكري المصري ينص على معاقبة كل من يرفض الأوامر العسكرية بالسجن فترات تتراوح ما بين 24 ساعة إلى ثلاث سنوات. محمد خلف حسن إبراهيم، واحد من عشرات ملايين المصريين الذين كانوا ومازالوا يرفضون التطبيع مع الكيان الغاصب، رغم كل المحاولات اليائسة منذ (كامب ديفيد) التي وُقعت عام 1979 وحتى يومنا هذا، هو نموذج للمواطن البسيط الرافض لوجود الغاصب على أرض الكنانة، لم يكن رفضه الأول ولن يكون الأخير، لكنه يستحق منا أن نقف تحية له على شجاعته وموقفه، وأن ندعمه معنوياً ومادياً أيضاً، فهو بالتأكيد يرعى أسرة مصرية بسيطة كغالبية أبناء الشعب المصري العظيم، ولا أقل من رعاية أسرته حتى يخرج لها وقد زيّن وسام الشرف صدره بعد 6 أشهر من حكم عسكري جائر لموقف وطني شجاع. حتى تكتمل الصورة لا بد من التذكير أن سفارة الكيان الصهيوني بالقاهرة تقع في 6 شارع الشهيد محمد الدرة (ابن مالك سابقاً) بمحافظة الجيزة على الضفة الغربية لنهر النيل الذي تطل عليه السفارة مباشرة من ارتفاع أربعة عشر طابقاً، وقد افتُتحت لأول مرة في فبراير / شباط من العام 1980 وكانت عبارة عن فيللا بحي الدُقي ثم انتقلت إلى البناية التي تتواجد بها حالياً، ويُردد الكثيرون أن موقع السفارة ليس نتاج الصدفة، بل تعمدوا أن يكون غرب النيل نظراً لأن شعارهم الصهيوني يقول (أرضك يا إسرائيل.. من الفرات إلى النيل) وهذا لا يتحقق إلا بوجود السفارة غرب نهر النيل لأنه لا يجوز ـ حسب وجهة نظرهم ـ أن يُقيموا سفارة لهم على أرض تتبعهم!! اليوم يقضي محمد فترة عقوبته بسجن في الجيزة جنوب القاهرة، في نفس الحي الذي تجثم فيه سفارة الإرهاب! محمد خلف حسن إبراهيم: لك منا كل التحية والاحترام، ولك من كل أحرار العالم أوسمة الفخر والشرف، ومعك كل أبناء مصر الشرفاء الذين يرفضون التطبيع مع الغاصب المحتل، واعلم أنك بموقفك هذا قد ضربت مثلاً سيحتذي به الكثيرون، واعلم أنك حر في سجنك، وأننا نحن السجناء وراء قضبان الصمت والعجز والرضوخ. =============================================================== لو تحركت الشمس من الشـمال إلى اليمين،
لو تخلت الأهرام عن حجرها المتيـن،
لو عاد كل صهيوني إلى بطن أمه جنين،
لن نتنازل عن شـبر واحد من أرض فلسـطين.
بحبك بحبك يا فلسـطين