الفصل الخــامس
" أمــر لايصدق "
بـدأت عيناها البـريئتان بالإدمـاع ..كـادت أن تصرخ
ولـكنها سمعت صـوت تـوماس وهـو يتمتم بـكلمات
متقاطعه ولـم تفهم منهـا شي ..إقتربت مـنه أكثر ووضعت
رأسـه فـوق قدميها وأخذت تمسح عـلى شعره الكثيف والمنساب
..تـحرك توماس قـليلا ومـد يـده نـاحية رأسه حتى أستقر عـلى
جبـينه .. امسكت دينيس بيده ..وقـالت بصوت مرتجف
" تـومـاس ...أ ..أتـ..ـسمعـ.." قـاطعها توماس وهـو يقول
بتآلم " أيتها الغــبيه ..إذهبي إلـى المطبـخ وستجدين عـده
فـي حقيبه بيضـاء أحضريها ..بدل الجلوس هكذا .." حـركت
دينيس رأسـها بنعم ..وأبعدت رأسـه بهدوء ..وهمت بالركض
بـجنون ..نـزلت درجات السـلم وهـي تقفز مـن درجـتين أو ثلاث .
كـادت تسقط عـدة مـرات ولـكنها لـم تتوقف ..دخـلت إلـى ذلك
المـطبخ الـذي طـلي باللون البـرتقالي .. وأرضيتـه كذلك ..
فـتحت الخـزانه البـنيه ...وأخذت بيدهـا حقيبه مـتوسطة
الحـجم ..بيضاء اللـون ..تتـوسطها عـلامه +حـمراء اللـون
... عـادت بنفس الطـريقه إلـى الغرفه وجـدته جـالس عـلى
السـرير وغـارس أنـامله البيضاء وسط شـعره الحريري ..
إقتربت مـنه بخطوات هـادئـه .وقـالت وهي تحتضـن الحقيبه
" لـقد أحـضرتها ..ولـكنني لاأجـيد التضميد أبدا .."
قهـقه تـوماس بصـوت عالٍ رغـم ألمه وقـال بسخريه " تـضميد
أأنـت جـادة ..؟ إن جـرحي هذا يحـتاج إلـى عـمليه كـبرى وليس
مـجرد لاصـق .." ..دمـعت عيناها بـكل براءة وقـالت بـصوت
يتـخلله الخـوف " ألهذه الدرجـه الأمـر خطير ..؟ "
تـحولت مـلامح تـوماس إلـى الملل ..وقـال بتضجـر " يـاإللهي ..
يـالك من مدللة .. " جـلست عـلى السرير ووضـعت يدها فـوق
قـدمه وقـالت بقلق " أتـتألـم ؟ " سـحب مـنها الحقيبه ..ولـم
يـجب عـلى سؤالـها فقط اكـتفى بإبـعاد خـصلات شعره عـن عينه
فـتح الحـقيبه وكـانت تـحـوي عـلى ضـمادات بيضـاء اللون
ومـقصات ..وبـعض الأبـر الطبيه ..إضافـة إلى المعقـمات ..
أخـذ مـقص وإبـره وخـيط أحـمر اللـون ..وبدأ العـمل بقدمـه
وكـانت دينيس ..كـل دقيقـه تـجلب لـه بعض الـماء أو تغيرهـا
لـه ـ ـ عـندما تمـتلئ بالدمـاء .. أنهـى عـلاج جـرحـه ..ولـفه
بـقماش أبيض اللـون ..وإستلقـى عـلى السرير برآحـه ..
وقـال وهـو مغمض عينيه بصوت خـافت " أخـيرا تـخلصت
من اللألـم .." بـعد أن قـال جـملته بـخمس ثوان ..تـفاجئ
بـحمل يتـقل عـلى صـدره ..فـتح عينه ودهش
مـن رؤيـة دينيس وهـي واضـعة رأسـها فوق صـدره وجـسدها
عـلى السرير ..وقـالت بنـبره حزينه " اعتذر إن أثقلت عليك حقـا
ولـكنني حـقا أعيش حيـاة تعيسه لـم أجد بحـياتي شـخص يهتم
بـي ..أو يسألـني عـن حآلي ..كـل حياتي كـنت أعمل كخادمـه ..
لـم أصدق الهرب من ذلك السـجن ..." قـاطعها وضـع توماس
يـده فـوق شعرها وبدأ يـمسح عـليه ..وقـال بنبره هـادئه ومبهـمه
" انت الوحيده الفتاة في حياتي "واغمض عينه مشيئة النوم
دهشت دينيس من كلمته واحمرت وجنتاها خجلا ..وامسكت بيده
الأخرى وشدت عليها وحاولت النوم هي الأخـرى ..بعد التفكير
المـطول ..خلدا إلى النوم كلاهمـا ولاأحد يعلم بمشاعر الآخر ..
....
نهضت دينيس في اليوم التالي وكانت على نفس الوضيعة ..
شعرت بالاسف عليه واقتربت منه وطبعت على خده قبله
ونزلت عن السرير بهدوء وكذلك الغرفه ..اما توماس فلم يكن
نائما وشعر بقبلة دينيس ..امسك مكان القبله وهو لازال مغمض
العينين ..ابتسم بخفه ...اما دينيس فذهبت الى المطبخ ارادت
صنع أي افطار له ..ولكنها لم تجد أي اشياء سوى بعض
اللبن ..والزبده ..وقليل من الخبز شعرت بإحباط ولكنها بدأت
بصنع شطيرتين ..وسكبت اللبن بكوبين ...أخذ شطيره واحده
وكـوب واحد وتوجهت نحو الخارج كان يوجد به كرسيان وطاوله
تتوسطهما صغيرة الحجم ..جلست بإحداهما .. ولكنها لم تتناول
شيئا فقط بقيت شاردة ..نزل توماس إلى الاسفل ودخـل إلى
المطبخ ..فقد كـان عطشا جدا ..وجد لبنـا وشطيره ..أمسك بكوب
اللبن وأخذ يتفحصـه ..رشف منه قليلا ..وقضـم قضمتين
مـن الشطيره و..لـكنه رأى دينيس تجلس على الكرسي شاردة
الدهن ..اقترب من النافذه وأخذ يحدث نفسه قـائلا "
أمن المـناسب أن اذهب للـتحدث معها الآن ..؟ " ..ضـحك
عـلى نفسه ..وتوجه نـحو باب الخـارج ... خـرج من المنزل ..
إقتربت خطواتـه مـن مكان دينيس ..قـال ببرود والهـواء البارد
يـلفح وجهه " هـل يعجبك التـواجد هـنا ..؟" ارتعش جسد دينيس
وقـالت بخـوف " لـقد أخفتني .." ونـهضت عـن الكرسي وأعطت
لـتوم ظهرهـا ..نظر توماس نـحوها ببرود ..ولـكنه عـاود إغلاق
عينيه ..أردفت دينيس وهـي تضـم جسدها بيديهـا " أليس الجـو
بـاردا قـليلا ..؟" أراد تـوماس أن يرد ..ولـكنها أكملت وقـد
إرتسمت عـلى شفتيها إبتسامه بارده " مـثل قلبي ..عـدا أن للـجو
أشـكال وفصـول ..أمـا أنا .."إبتسمت بسخريه " كـالجليد ..
لاأذوب ..فقط أجمد مـن حولي .." قـطب توماس حـاجبيه
بإنزعاج ..ووضـع كـوب اللبـن فـوق الطـاوله ..إقترب مـنها
وأحـاط ذراعـيـه حـول جسدها مـن الخلف ..وقـال وهـو يغرس
وجـهه وسط شعرها " أتشعرين الآن بالدفء ...؟ " إندهشت
دينيس مـن حـركاته الغريبه ..وقـالت مـحدثـة نفسها " أيعقل ..
أنـه تـغير في خـلال يومين ..أو أنه بدأ يشعر بالغيره ..أم فحسب
شـفقه ..؟ " قـالت أخـر كـمله وأصبحت تتردد فـي ذهنها كالصدى
دمـعت عينها ..وسـرت القشعريره فـي جسدها ..بـعد أن شعرت
بشـفتا تـوماس البـارده تلامس عـنقها الدافـئ ...أطـال توماس
القبله ..دمـعت عين دينيس وقـالت بصوت خـافت " حـقا ..تشفق
عـلي .." إستغرب توماس مـن ردهـا هذا ..إبتعد عنهـا قليلا ..
وقـال ببرود " ليست شفقه يـادينيس ..ليست شفقه صدقيني .."
إبتعد عنها ..وتـرك جسدها وتـوغل أكثر جهة الأشجار ..وأختفى
مـن ناظري دينيس ..جثت دينيس على ركبتيها وأخذت دموعها
تـسلك مجـراها .. وضعت يدها عـلى شفتيها وأخذت تبكي بشده .
سـمع توماس أنين بكائـها ,ولـكنه لـم يرد العـودة لأنـه ..
يـعلم أنه سيضعف أمـامها وأمام جمالها ..ويـظهر جـانب
لايود إظهاره مـن شخصيته ...وصـل بـعد مده ليست بطويله ..
إلـى مـنزله ...رأى شـاب ذا شـعر أشقر وآخـر بجانبـه ..أيقن
انهما بيتر وريتشـارد ..تـوجه نـحوهما ..وقـال ببرود "
مـاذا تريدان الآن ..؟ " ألتفت ريتشارد إلى الخلف وقـال
وهـو يبحث عـن شي مـا " أين دينيس ..؟ " نـظر تـوماس
نـحوه بحده وقـال بهدوء " إنها فـي الملـحق .." تـجاهله
ريتشـارد ..وتوجـه نـحو المـكان التي تـوجد به دينيس ..
وصـل إلـى دينيس ..ووجـدها تبكي ..ركض إليها ...وأمسك
رأسها بين يديه ..وقـال بقلق " مـالأمـر عزيزتي ..لـماذا تبكين..؟
" حـركت دينيس رأسـها نافية وقـالت بصوت متقطع مـن البكـاء
" لاشـي ..ريتشارد ..دعـني .." أبتعد عنها ريتشارد خـوفا منها
ان تنهار ..أما هـي فقد توقفت عن البكاء تدريجيا ..إلـى أن
هدأت ثـم قـالت بصوت متهجرش مـن البكاء " أين بيتر ..؟ لـم
لاآرآه مـعك ..؟ " ظـهر بيتر وتـومـاس سويا ..ولـم ينطقا
ببنت كـلمه ..نـظرت دينيس نـحو بيتر دمـعت عينيها ..وفتحت
ذراعـيها كالاطفـال ..إقترب مـنها بيتر وعـانقها بشده ..
وقـال بهدوء " لاتـخافي ..دينيا ..أنتِ مـع أصدقائـك ..يستحيل ..
أن نتركك وحـدك ..لاتبكي " عاودت دينيس البـكاء الشديد .وقالت
وهـي تتنفس بصعوبه " كـل مأاأريده هـو نسيان المـاضي ..بيتر
أريد أن أعـود كمـا كنا فـي الماضي ..أصدقاء فقط ..لاأريد أن
أتذكر تلك اللـحظه المتهورة التـي أعترفت فيها بـحبك ..أرجوك
أنسينياها " شـد بيتر قبـضته على جسدها النـحيل ..وقـال
وعـينه دمعت ." أتصلت بي صوفيا ..البـارحـة ..قـالت
لي أن أبني دين يريدني .." حـاولت ..أن تبتعد دينيس عـنه
ولـكنه لم يتركها تفلت مـن صدره وأردف مكـملا " ولـكنني
قـلت لها أنك عـدت إلى حياتي ..دينيس ..عـادت إلـى
حـياتي ..." تنفست دينيس الصـعداء ..وقـالت
" ......" قـالت جمـلتها تـلك ..وتـركها بـعدها ..وذهب وسط
دهـشة تـوماس وريتشارد مم قـالته ..أمـا دينيس فقـالت مـالديها
ونـظرت نـحوهما ببرود ..وتوجهـت نــحو المـنزل الريفي ..
ودخـلت مـن الباب وأغلقته خـلفها بقسوه ..وأسندت ظـهرها عـلى
البـاب وأخذت تبكي بشده وهـي تقول بصوت مـتقطع " آسـفه
بيـتر ..ولـكن كـل ذلك مـن أجـل إبنك وزوجـتك ... دست عـلى
قلبي وقـلبك ..مـن أجـل سعادة دين ..مـاذنبه كـي تتـركه مـع
أمه وحيدان ..يـا إللهـي إغفر مـافعلته بقلب بـيتر وقـلبي .."
جـثت عـلى ركبتـيها وعـاودت البـكاء الشديد ...