الموضوع: ''عالمي الخاص ''
عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 05-24-2011, 11:59 PM
 
للشاعر المبدع
ميخائيل نعيمة


يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريـر ؟

أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟

***
بالأمسِ كنتَ مرنماً بين الحدائـقِ والزهـور

تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـثَ الدهـور

***
بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريـق

واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميـق

***
بالأمس كنـتَ إذا أتيتُكَ باكيـاً سلَّيْتَنـي

واليومَ صـرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكـاً أبكيتنـي

***
بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّـدِي وتوجُّعِـي

تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي !

***
ما هذه الأكفانُ ؟ أم هذي قيـودٌ من جليـد

قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْـكَ بها يدُ البـرْدِ الشديـد ؟

***
ها حولك الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمـال

يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بـهِ ريـحُ الشمـال

***
والحَوْرُ يندبُ فوق رأسِـكَ ناثـراً أغصانَـهُ

لا يسرح الحسُّـونُ فيـهِ مـردِّداً ألحانَـهُ

***
تأتيه أسرابٌ من الغربـانِ تنعـقُ في الفَضَـا

فكأنها ترثِي شباباً من حياتِـكَ قـد مَضَـى

***

وكأنـها بنعيبها عندَ الصبـاحِ وفي المسـاء

جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَـكَ الصافي إلى دارِ البقـاء

***
لكن سينصرف الشتا ، وتعود أيـامُ الربيـع

فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يـدُ الصقيـع

***
وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحـوَ البِحَـار

حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثملى بأنـوارِ النهـار

***
وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيم

وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيـم

***

والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْـن

والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْـكَ العارِيَيْـن

***
والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائـبِ والمِـحَن

ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَـرَّ الفَنَـن

***
وتعود للصفصافِ بعد الشيبِ أيامُ الشبـاب

فيغرد الحسُّـونُ فوق غصونهِ بدلَ الغـراب

***
قد كان لي يا نـهرُ قلبٌ ضاحكٌ مثل المروج

حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهـواءٌ وآمـالٌ تمـوج

***
قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَل

واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمـل

***
فتساوتِ الأيـامُ فيه : صباحُهـا ومسـاؤها

وتوازنَتْ فيه الحياةُ : نعيمُـها وشقـاؤها

***
سيّان فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشتاء

سيّان نوحُ البائسين ، وضحكُ أبناءِ الصفاء

***
نَبَذَتْهُ ضوضاء ُ الحياةِ فمـالَ عنها وانفـرد

فغـدا جماداً لا يَحِنُّ ولا يميلُ إلى أحـد

***
وغدا غريباً بين قومٍ كـانَ قبـلاً منهـمُ

وغدوت بين الناس لغزاً فيه لغـزٌ مبهـمُ

***
يا نـهرُ ! ذا قلبي أراه كما أراكَ مكبَّـلا

والفرقُ أنَّك سوفَ تنشطُ من عقالِكَ ، وهو لا
***
__________________
رغم الحاقدين و الاعداء--- سنبقى --- كالنجمة و الهلال في كبد السماء
رد مع اقتباس