في ظلّ الصراعات الكبيرة المُتناثرة في كلّ مكان من أرجاء الوطن العربي ، وعند إلمامنا بحقيقةِ واقع الضَعف العربي على كافةِ المستويات ، وازدياد عدد السهام الموجهة إليه من كلّ حَدبٍ وصَوب ، نحيا على أملِ شَفقتهم علينا بأن لا يُسكنوا أحَدَها في القلب ، أمّا القدم المبتورة واليدِ المكسورة فهذا بطبيعةِ الحال أمر اعتدنا عليهِ تماماً نتيجةً لما عوّدنا أنفسنا عليه .
تأخذني تلك الصورة الكئيبة إلى صورة أُخرى أشدّ كآبة وأثر بشاعة ، حيث أرى بعض الاجزاء التي ملّت من ذلك الجسد فبدأتْ ترقى رقيّ العظماء متناسيةً الضعف الذي يعتريها لأنها مهما ابتعدت ستبقى ذلك الجزء المُطابق تماماً لذلك الجزء المنزوع.
حينَ تُصبح غايتنا الوحيدة تحقيق انتصار على أيّ صعيد من صُعد الحياة ، بغضّ النظر عن ماهيّة الإنتصار وقيمتهِ وتأثيره فهذا الفشل بأمّ عينه ، ونبدأ بالتباهي بأنفسنا بين دول العالم ونحنُ عاجزون عن حمايةِ أنفسنا من تلك الدول .
البعض منّا استطاع التأقلم مع الوضع الراهن ، والتأقلم هنا صفة سلبيّة ، فأسمى معاني الضعف استطاعتك على التأقلم مع ضعفك المهين ، تتأقلم فقط من أجلِ العيش لا الكرامة .
ومَن يسألني منكم عن إفريقي أسود أجبرتهُ الظروف للإرتحال إلى القطب المتجمّد ، سأُخبركم : مصيرهُ الموت .
فالواقع الذي نحياه من صُنع أيدينا ، وعندما أتقنّا صنعه رفضناهُ بكلّ ما يحتويهِ من ظُلمٍ وقهرٍ ومُعاناة ، كمَن يفقأ عينيه بكلتا يديه ويتضرّع إلى ربه كي يُعيد لهُ بصره .
أمّا ذلك الجسد ، بدأ يتساقط شيئاً فشيئاً ، لا يجدُ شجرة يتفيّأ بظلالها ، ولا شُربة ماء يُطفئ بها ظمأه ، ولا لُقمة خبزٍ يسدّ بها جوعه .
يتمزّق على مرأى الجميع ولا سبيل لإنقاذه .
فجميعنا لهلاكنا منتظرون ، حتى يأتي ذلك اليوم ، سأقولُ لكم كلّ ليلة :
( تُصبحونَ على وطَن .. )
قلب إنسان