الدين .. بين المؤمن والملحد .. تعريف كلمة "الدِّين" هو الالتزام بالشيء قبل النتائج معتمداً على الظن، والإدانةنتيجة له ، ويوم الدين هو يوم حساب الالتزامات سواء كانت لله أو لغير الله، أي نوع ودقة هذا الالتزام . فالدين هو التزامات غير مؤكدة النتائج ، فالملحد هكذا يكون على دين ، فهوملتزم بأفكار ونظريات وخرافات غير ثابتة (كتوالد الإنسان من الأسماك ،وخروج الحيتان من الثيران كما تقول الداروينية) قبل أن يتأكد بشكل قطعيمنها ، والأخلاقداخلة في الدين ؛ لأن الأخلاق أشياء نلتزم بها قبل أن نرى نتائجها ، مثلهامثل "الدَّين المالي" وهو أن يدين أحد لآخر مبلغاً من المال ، إذاً كلالبشر لهم أديان ، فالدين ليس محصوراً بالشرائع أو أتباع الدياناتالمعروفة ، فكل تعهد دَيْن ، والملحدله التزامات كاملة بدينه القائم على عكس الدين الإلهي ، فلديه التزاماتعقدية على مبدأ الضدية؛ لأنه يكذب بوجد إله وليس لديه أدلة قطعية لهذا ،ولديه إلتزامات أخلاقية وسلوكية تفرض عليه أن يقدم المادة على الروح ،والمصلحة المادية على القيمة الأخلاقية ، وإلا لا يكون مادياً ملحداًوسيخون دينه هكذا . والملحد لا يرى الأخلاق شيئاً ثابتاً في النفس البشرية ، ويقدم المصلحـةالمادية على الأخلاق ، وهذا التزام بتنحية الأخلاق عن الصدارة وإحلالالمصالح محلها . والمؤمنلديه التزامات كالتزامه بوجود حياة بعد الموت دون دليل قطعي ، والملحديلتزم بعدم وجود تلك الحياة دون دليل قطعي أيضاً ، فكل شيء غير مادييتعامل معه البشر على أنه دين ! فشخصيؤمن بأهمية الحوار فهو يدين به ، وشخص آخر يؤمن بالقوة وأنها هي الحلالوحيد فهو يدين بها ، مع أنه لم ير النتئج النهائية لها ، وهكذا نجد كلمة "دين" غير خاصة بالعبادة أو بالمؤمنين فقط ، فهي موجودة لدى جميع البشر ،وهي موقف البشر من كل معرفة غير مادية ، أو أشياء مادية لم تصل إليهاالمعرفة العلمية ، كنهاية الكون مثلاً ، فيبقى حولها السؤال : هل تؤمن بهاأم لا ؟! فكلماقال أحد: (في اعتقادي ...) أو (حسب فلسفتي ...) أو غيرها فهو الآن يتكلمعن دينه تجاه هذه الأمور ، هذا عن الأصل اللغوي في كلمة دين ، وتجدهذه الالتزامات عند البشر ، ولكنهم لا يختلفون بالثابت عن طريق العلمالمادي كطلوع الشمس من الشرق وغيابها من الغرب ، أو أهمية الماء للحياة ،فلا تجد أدياناً ولا مذاهب ولا فلسفات أو وجهات نظر مختلفة حولها . فإحضارك لمسمار لتثبت به قطعتين من الخشب لا يعتبر ديناً لأنه معروفالنتائج ، ولا تقول أتمنى أن تلتصق هذه القطعة بالأخرى ، مع أنك ثبتمسماراً بينهما ! لكنك تقول : أكلم هذا الشخص بلطف لعله يستجيب.
{ما كان ليأخذ أخاه فيدين الملك} وهذه تشير إلى قوانين ملك مصر لذلك الزمان ، والقوانين التزامات غير علمية النتائج ، ولهذا سميت ديناً ، إذاً للملحد دين ، يثبت ذلك أيضاً منافحته عن إلحاده كما ينافح المؤمن عن دينه ، وهذه الديانة الإلحادية تقوم على عكس الديانة السماوية جملة وتفصيلاً، فالمؤمن يقول: يوجد إله ، والملحد يقول: لا يوجد إله ، المؤمن: الأخلاق أهم من المصالح ، الملحد : المصالح أهم من الأخلاق ، المؤمن : الأخلاق مرتبطةبأعماق الإنسان وثابتة الأصل ، الملحد : الأخلاق غير عميقة في النفس البشرية ومتحولة حسب المصالح لأن أساسها المصالح غير الثابتة ، وهكذا ... فكلما يقره الدين من سلوك وعبادات يأتي الإلحاد ويعاكسه .. |