وصفة أمريكية للتطبيع (إسرائيلي) خليجي!
صالح النعامي
يبدو أن كلاً من الإدارة الأمريكية والإتحاد الأوروبي يعكفان على إعداد مبادرة تتضمن رزمة من المقترحات الهادفة إلى تطبيع العلاقات بين العالم العربي بشكل يسمح بإجراء مفاوضات شاملة تؤدي إلى حل الصراع على أساس المبادرة العربية، لكن بعد أن يتم غربلتها من البنود التي يؤكد الكيان الصهيوني أنه لا يمكنه الموافقة عليها. وضمن هذا التوجه كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أوسع صحف الكيان انتشاراً في عددها الصادر اليوم الأحد أن كلاً من وزيرة الخارجية الأمريكية (كوندليزا رايس) ومفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي (خافيير سولانا) اتفقا على إقناع قادة كلاً من السعودية والدول الخليجية بالمشاركة في قمة عربية (إسرائيلية) تحضرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتم الاتفاق بينهما على أن يتولى (سولانا) مهمة إقناع قادة الدول الخليجية والسعودية بحضور القمة، في حين أخذت رايس على عاتقها إقناع قادة الكيان الصهيوني بالموافقة على حضور القمة، التي سيُشارك فيها قادة كل من مصر والأردن ورئيس السلطة الفلسطينية. وأكدت الصحيفة أن (سولانا) قال في محادثات مغلقة أن هناك بالفعل خطة مشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتنظيم مثل هذه القمة. وحسب الصحيفة، فأنه في حال وافقت الأطراف على حضور القمة، فأنها من المقرر أن تُعقد في نهاية نيسان القادم، أو مطلع أيار. ونوهت الصحيفـة إلى أن (رايـس) توجهت لوزراء خارجيـة وقادة الأجهزة الاسـتخباريـة في الدول العربيـة الذين التقتهم في أسـوان مؤخراً بأن يشـرعوا في خطوات للتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ وضمن ذلك وقف ما اسـمته (رايـس) بـ "الدعايـة المعاديـة" والتحريض ضد الكيان الصهيوني في وسـائل الإعلام ودور العبادة في العالم العربي، وفتح مكاتب تجاريـة، فتح ممثليات دبلوماسـيـة في الخليج وفي الكيان وإقامـة علاقات، ولو على مسـتوى منخفض. واعتبرت "يديعوت أحرونوت"، أن (رايس) تبنت في الواقع وجهة نظر الكيان الصهيوني التي عرضتها مؤخراً وزيرة خارجية الكيان (تسيفي ليفني) أكثر من مرة، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة ضرورية لحث عملية التسوية. ونوَّهت الصحيفة إلى أنه في حال تم عقد القمة، فأنها ستكون المرة الأولى التي يُعقد فيها لقاء "علني" بين مندوبين من الكيان الصهيوني وسعوديين. ونوَّهت الصحيفة الى أن (رايس) التي ستصل غداً الإثنين إلى الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية ستُطلع قادة الكيان على توجهها بعرض أُفق سياسي يتضمن خطوات محدودة من جانب الدول العربية المعتدلة؛ كإرسال مبعوثين من السعودية، الأردن، مصر إلى الكيان لعرض المبادرة السعودية. شروط الكيان المسبقة من ناحيتها شـددت قيادة الكيان الصهيوني على أنها سـتُبلغ (رايـس) بأنها تُطالب الدول العربيـة عشـيـة عقد القمـة العربيـة بشـطب البند المتعلق بقضيـة اللاجئين في المبادرة العربيـة، إلى جانب إلتزام العالم العربي بمقاطعـة حكومـة الوحدة الفلسـطينيـة حتى تقوم بالإعتراف بالشـروط التي وضعتها اللجنـة الرباعيـة. ونوَّهت المصادر الى أن (أولمرت) سـيُبلغ (رايـس) أن قيادة الكيان ترى في إشـارة المبادرة العربيـة إلى قرار مجلـس الأمن رقم 194 أمراً إشـكالياً بشـكل خاص، إلى جانب "بند إشـكالي" آخر يتطرق إلى إنسـحاب من مناطق تحتلها قوات الكيان الصهيوني في جنوب لبنان. إلى ذلك قال (تسفي بارئيل) معلق الشؤون العربية في صحيفة "هارتس" أن السياسة الأمريكية والصهيونية الساعية إلى خلق شرق أوسط جديد فشلت فشلاً ذريعاً. وأشار (بارئيل) إلى أن وزراء الخارجية وقادة الأجهزة الاستخبارية العربية الذين التقوا (رايس) في أسوان مؤخراً لم يتمكنوا من إعطاء (رايس) أية وصفة لحل مشكلة العراق، ولم يعرفوا ماذا يقولون لها بشأن مشروع إيران النووي، أو كيفية حل المشكلة اللبنانية التي تُهدد بالإنفجار من جديد. ووجه (بارئيل) انتقاداً حاداً لسياسة تل أبيب وواشنطن وتعاملها بشكل فوقي مع دول المنطقة. وقال أن الكيان الصهيوني وأمريكا "يحملان ملفات جاهزة لأوامر سـلوكيـة يتوجب على دول المنطقـة أن تُنفذها قبل دراسـة أي بديل؛ مثل شـروط الرباعيـة الدوليـة للحكومـة الفلسـطينيـة، وشـروط مسـبقـة للحوار مع سـوريا، وشـروط لإيران، معتبراً أن طرح هذه الشـروط بحد ذاتـه هو اسـتعراض للقوة". ونوَّه (بارئيل) إلى أن كلاً من الكيان الصهيوني وأمريكا يضعان الشروط على الدول العربية من أجل السماح بإحراز أي تقدم في العملية التفاوضية، مشيراً إلى أن أمريكا لا ترغب في استئناف المفاوضات بين الكيان الصهيوني وسوريا حتى لا تتضرر مكانة أمريكا في مواجهة إيران وسوريا، وقيادة الكيان الصهيوني لا تُريد أن تستأنف واشنطن إتصالاتها مع السلطة الفلسطينية. من ناحية ثانية حذَّر البرفسور (موطي كريستال) أستاذ علم المفاوضات في معهد "هرتسليا" متعدد الإتجاهات من مغبة عدم إسراع الكيان الصهيوني لخوض غمار التسوية بشكل جدي قبل أن تُعلن الولايات المتحدة فشلها فيه، معتبراً أن فشل الولايات المتحدة في العراق سيُمثل ضربة قوية لمصالح الكيان. وأشار في مقال نشرته صحيفة "هارتس" في عددها الصادر اليوم الأحد إلى أن الفشل الأمريكي في العراق يعني فرض قيود استراتيجيةعلى استخدام القوة في الساحة الدولية. وأضاف "أن فشل الولايات المتحدة في بلورة منظومة سياسية مستقرة في العراق، وتدهور العراق والخليج إلى حالة من الفوضى الإقليمية، سيُؤدي إلى إضعاف الشرعية الدولية لاستخدام القوة كأداة للتصدي للدول "العاقة"." ================================================================ طالع بقية المقالات على موقع صالح النعامي: www.naamy.net