بعد ان طلبت اجازة من العمل لمدة اسبوعين ذهبت الى منزل صديقتي كلير كان الطريق مرعب حيث انها تقطن في اكثر مناطق لندن انعزالا حيث الضباب يكاد يكون كأاذرع الموت تمتد على طول الطريق لتغشي عيون الاحياء ..وقفت امام باب منزلها وقرعت الجرس وانا في عجله من امري لانني لم استطع البقاء في الخارج اكثر واريد ان تحيطني جدران المنزل لأبتعد عن الضباب ..خرجت كلير من منزلها وهي ترتدي بيجامة النوم وفوقها الرداء الخاص بها ممسكة بيدها قدح من الشاي ..كانت كلير دائما كسوله ولا تحب ان تخرج او تقوم بنشاطات خارج المنزل ومتى ما جئت اليها وجدتها بثياب النوم لكن هذا ما يميزها لذلك هي صديقتي المقربه وتكاد تكون الوحيده...
"هل انت على وشك النوم كلير؟؟"
"مرحبا ايفي عزيزتي ..لا ابدا لكني لم اجد الجدوى من ارتدائي لملابس انيقه وانا لوحدي في المنزل"
"اتعرفين انها فكره عبقريه"
"هيا ادخلي ..هل اعد لك قدح شاي؟"
"اجل لو سمحتي"
بعد ان اخبرتها عن الرسائل التي وردتني وعن مخطاطاتي للموضوع وبعد ان ابدت معارضتها للفكره توصلنا الى حل مثالي كما اطلقت عليه كلير الا وهو ...لا تنتظر اسبوع لا ...بل يومين فقط ..حيث انها اخبرتني اذما تعرضت للضرب من قبل احد ما وتركني انزف في العراء فأنه خلال يومين سوف اموت... طبعا ضحكت امامها على الموضوع لكن اجتاحني الرعب من الفكره وشغلت تفكيري كليا...اصبحت الساعه العاشره ويجب ان اعود الى المنزل لأخذ قسطا من الراحه اذ ان الغد سيكون يوم حافل بالنسبة لي حيث موعد اقلاع الطائره الساعه الثامنه ...فتحت باب منزل كلير ورأيت الضباب مره اخرى وهو يتسلل من بين افرع الشارع ومن خلف الجدران، تنفست بعمق وخطوت خطوه الى الامام فسمعت صوت كلير وهي تقول
"لقد عشتِ 21 عام في لندن والى الان لم تتخلصي من خوفك من الضباب اليس كذلك؟؟"
ابتسمت لكلير فهي الصديقه التي بدون ان انطق تفهم ما يجول في رأسي اومأت برأسي بالايجاب وابتسمت بخجل من الخوف غير المبرر
"انه ظاهره غريبه حقا وتذكرني دائما بالاشباح لا اعرف لماذا ..اخشاه بدون اي سبب"
"انتظري هنا "
غابت كلير دقيقتين تقريبا عادت وهي ترتدي جينز ازرق مع بلوز رمادية اللون
"هيا سأرفقكِ الى محطة الحافلات"
شعرت كأنني طفل في عشية عيد الميلاد من الفرحه وامسكت يدها متوجهيين الى محطة الحافلات..
لقد رن جرس منبه الساعه واستيقظت لم اتذكر انني انزعجت يوما من الاستيقاظ مبكرا فهذا الشئ لم يكن مهما بالنسبة لي.... لما انزعج وانا التي ارغب بالاستيقاظ مبكرا ..المهم في الموضوع انني غادرت المنزل واتجهت الى المطار حيث اقلعت طائرتي منه الساعه الثامنه تماما ...لم يخطر في بالي ان يكون هناك الطريق ترابي نوعا ما والكعب العالي هناك غير مجدي ..ما ان وصلت حتى واجهت هذا الكابوس انزل سائق السياره امتعتي امام احد المزارع حيث تم اخبارنا بأن مزرعة كلورنس تقع في هذه الناحيه جلست على احدى حقائبي لأبحث عن حذاء يناسب الاجواء الترابيه او بالاحرى الطينيه كانت الشمس جدا قويه وبدأت اشعر بالحر الشديد وانا ابحث بتوتر بين حقائبي عن الحذاء الرياضي الذي جلبته معي وفجاة ظهر لي شخص اقل ما استطيع القول عنه انه اوسم شخص ممكن ان اراه في حياتي نظرت له وشرد دماغي في التفكير بهذا الوسيم الذي يرتدي جينز ازرق متهرأ مع قميص ابيض من الواضح انه تم نزع اكمامه استيقظت من الشرود الذي اصابني على صوته وهو يقول لي
"مرحبا هل استطيع مساعدتك؟"
ما ان نظرت الى وجهه وجدته هو الاخر ينظر الي بأستغراب وكأني شبحا او شئ من هذا القبيل ،عقد لساني ماذا اقول او ماذا عساني ان اقول.."اجل لو سمحت اعثر لي على حذاء رياضي بين امتعتي" وبسرعه قلت
"لا شكرا .......او بالاحرى اجل ...هل تستطيع ان ترشدني الى مزرعة كلورنس"
"طبعا هيا بنا...بما انك تسالين عن مزرعة كلورنس لابد انك تعرفين احد مالكيها"
"لأصدقك القول..انا لا اعرف لماذا جئت حتى"
سرنا مع بعض بعد ان اخرجت حذائي الارياضي الذي افسد مظهري تماما حيث انني كنت ارتدي تنوره قصير ذات لون بيج مع قميص ابيض اللون بينما كان الحذاء الرياضي ازرق اللون..لقد اعجبني هذا الشاب تماما خاصة بعد ان عرض علي ان يحمل كل حقائبي ويرشدني الى مزرعة كلورنس.....وصلنا امام بوابه كبيره من الحديد الاسود انتابني شعور انني كنت هنا من قبل لكن لم اتذكر وتصورت انها مجرد اوهام لا غير...في هذه اللحظه اردت ان اسأل عن الرجل السمين القصير القامه وبيده غليونه الذي لا يفارقه ابدا فهذا ما تخيلت ان يكون شكل السيد توماس .
"هل هذه مزرعة كلورنس؟"
"لا انها مزرعة فانسي للخيول لا يوجد احد في مزرعة كلورنس منذ اكثر من خمسة عشر عاما جئت بك الى هنا لكي نخبرك عن مزرعة كلورنس حيث ان مزرعتي تقبع الى حانب مزرعة كلورنس تفضلي بالدخول"
لن اخفي خوفي وترددي من السير مع هذا الشاب الوسيم لذلك قلت بسرعه
"ارجوك ..ياسيد ..انني ابحث عن السيد توماس فلقد ارسل لي هذه الرساله طالبا فيها مني الحضور الى هنا "
نظر لي وعلى وجهه ابتسامه ساحره كأنه تأكد من شئ كان ينتظر معرفته منذ مده
"كما تصورت..... انت الانسه ايفي اونتري"
"وانت السيد ........"
"آآه ....اسف .... اين لباقتي...توماس انا ستيفن توماس انا من ارسل لك تلك الرسائل"
"حقا؟؟؟"
قلت هذا وانا اضحك من الصوره التي وضعتها في مخيلتي عن السيد توماس..قادني السيد توماس الى داخل مزرعة الخيول الخاصه به لم تكن مزروعه بأكملها لكن فيها بعض المزروعات والكثير الكثير من الخيول ومن شتى الانواع رغم انني لا اعرف انواعها لكن بدت مختلفه بالشكل...ما ان وصلنا الى المنزل حتى استقبلتنا سيدة في غاية الرقه في الخمسينيات من عمرها كما اوحى شكلها لي ...استقبلتني استقبال حار جدا وكأنها تعرفني منذ زمن طويل عرفها السيد توماس على انها والدته السيده توماس او كما طلبت مني ان اناديها مادلين ....
من طبيعتي انني لا اشعر بالراحه في مكان لا اعرف به احد لكن هنا لا اعرف لماذا شعرت كأنني في منزلي الطبيعي ربما بسبب الترحيب الذي قدم لي لكن ليس هذا السبب هناك شئ اخر.... كما انني فكرت ربما بسبب هذا الشاب الرائع المدعو ستيفن توماس..جلسنا في غرفة الاستقبال الخاصه في القصر التابع للمزرعته وقدم لي الشاي بينما انتظر حضور السيد توماس لكي يخبرني بموضوع الامانه الغريبه التي لي عنده..حضر بعد مدة قصير وكان قد غير ملابس حيث ارتدى الان قميص اسود مع بنطال اسود ووضع قبعه بنيه تناسقت بشكل جميل مع حذائه البني ..ما ان جلس امامي حتى خلع قبعته وهو يقول
"انسه اونتري اعرف انك تشعرين بالفضول لمعرفة كامل تفاصيل الموضوع هل انا على حق؟"
"اجل هذا صحيح "
"حسنا من اين ابدأ؟..لقد اكملت الـ21 من شهرين كما اعتقد"
اول كلمه خطرت على بالي كانت غريب كيف عرف هذا ..ثم تذكرت انني لم احتفل به لان والدي كان قد توفي منذ اسبوع قبل موعد عيد ميلادي ..
"اجل هذا صحيح"
"اي اصبحت قانونيا فتاة راشده"
"هذا صحيح ايضا"
"حسنا اسمعي الاتي انستي..اصبحت الان المالكه الشرعيه لمزرعة كلورنس"
صدمت ..ماذا.. انا ..امتلك مزرعه...كيف ...ومن الذي اعطاني اياها..؟ لم استطع التحدث من هول الصدمه ساد صمت بينما كنت افكر بماذا اقول وهنا سمعت صوته العميق وهو يقول بهدوء
"ألن تسأليني كيف اصبحتِ المالكه ؟"
"ا ااجل طبعا..كيف ...ومن الذي اعطاني اياها؟"
"الم يذكرك اسم كلورنس بشئ ؟"
حاولت ان اجمع ذكرياتي وان استرجع كل اسم مر بمخيلتي لكن لم يكن من بينها اسم كلورنس ..اشرت برأسي بالنفي وهو بدوره قال
"كما هو متوقع ....وكما اخبرني ابي ..انستي كلورنس هو اسم والدتك قبل الزواج اي قبل ان يصبح اونتري..كانت تدعى ...ديان كلورنس ..."
انا لا اتذكر والدتي جيدا حيث ان والدي كان قد اخذني منها وهرب لقد اخبرني هو بهذا الشئ واوعز السبب الى انها كانت ثمله على الدوام وفعل هذا عله يجبرها ان تتركه الكحول لكن لم تفعل وماتت جراء الادمان على الكحول هذا ما فكرت به ما ان ذكر اسم والدتي..
"اجل لكن والدتي ماتت منذ مده طويله منذ ان كان عمري...."
"سبع سنوات........ اجل اعرف... كنت حينها انا في الحادية عشر لم ارك ابدا بعد ان اخذك والدك من هنا وكان عمرك حينها ثلاث سنوات "
الان فهمت لماذا شعرت كأنني في منزلي ولماذا تصورت انه مكان مألوف بالنسبة لي...بينما كنت اغرق في افكاري فجاة جاء صهيل حصان وكأنه ثائر وصوت صراخ الرجال نهض السيد توماس من مكانه وتوجه مباشرة الى الخارج نظرت من النافذ ولم ارى شئ لذلك قررت ان اخرج لاعرف ما الموضوع....كان التراب في كل مكان والرجال يركضون هنا وهناك لم اجد السيد توماس بينهم ومن الاحاديث التي فهمتها ان احد الاحصنه قد رأى افعى فثار واصاب رجل في بطنه ....ولم يكتفي بهذا وانما بدأ بالركض ولم يدع احد يمسك به ....وفجاة هدأ كل شئ ولم يبقى صوت غير رجل يصرخ قائلا احضروا سيارة الاسعاف بسرعه ولا تحركوه تقدمت من هذه الجماعه بعد ان هدأ الوضع لاجد السيد توماس مطروح على الارض وملابسه اصبحت بيضاء من التراب الذي فيها ....جلست بسرعه الى جانبه واخذت اسأل عن الذي جرى ..اخبروني انه بينما كان يحقن الحصان بالمهدء ركله الحصان في صدره وسقط فاقدا الوعي ....تحسست صدره اذ انني اخذت دروس في التمريض لمدة سنتين كامله واكتشفت ان خمسة اضلع اقرب بأن تكون مهشمه اشعرني هذا بالحزن الشديد اذ ان هناك احتمال بأن يكون القلب ايضا متضرر ...لايزال لديه نبض لكنه ضعيف جدا
"اين اقرب مشفى من هنا ؟؟"
"انها على بعد ثلاثة كيلو مترات "
"هل توجد سياره هنا ؟"
"اجل انستي"
"اذهب لأحضارها وانتم احضروا شئ مسطح يصلح بأن نرفعه عليه "
لم تعرف كيف استطاعت ان تقود الرجال اجمعهم فهي ليست ذات شخصيه قياديه لكن على العموم هذا ما حصل .....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
اتمني يعجبكم وأكمل بعد الردود :wardah: :wardah: